مفهوم التذوق الأدبي :
ارتبط مفهوم التذوق الأدبي بمفهوم الأدب ، وإذا كان الأدب قد عرف بأنه كافة الآثار اللغوية التى تثير إحساسات جمالية وانفعالات عاطفية (محمد مندور ، 1974 ، 4)
كما عرف بأنه الكلام الجيد من الشعر أو النثر الذى يثير شعور المتلقي قارئاً كان أو مستمعاً ، ويحدث فيه لذة كاللذة التى تحس عند سماع الغناء أو الموسيقي أو رؤية الجمال . (محمد عبد المنعم خفاجي ، عبد العزيز شرف ، 1980 ، 7) .
فإن التذوق الأدبي يتمثل فى تلك الملكة التى يستطيع من خلالها الفرد تقدير الأدب والمفاصلة بين شواهده ونصوصه وعرض عيوبه ومزاياه . (عبد العليم إبراهيم ، 1970 ، 273) .
فالتذوق الأدبي عملية يقوم بها متلقى العمل الأدبي ، ويشتمل على الإحساس بالجمال والقبح فيه أى التمييز بين حسنات العمل الأدبي وعيوبه وإصدار حكم عليه . (حسن النداري ، 1989 ، 9) .
ويشير فلود ولاب (flood and lapp, 1994, 76) إلى أن التذوق الأدبي يعنى بيان النواحى الموضوعة والذاتية فى النصوص الأدبية ، وأن الموضوعية تعني استقلال حكم الفرد أو اتجاهه نحو النص الأدبي أما الذاتية فقيمة الاعتماد فيها على حكم الشخص أو اتجاهه ويتمن التقييم القائم على الاستجابة العاطفية للمواقف المتضمنة فى النص الأدبي .
ويشير فرانك (Frank, 1998, pp 3-4) إلى أن التذوق الأدبي نوع من السعادة التي تنتج من التطابق والإعجاب مع تجربة الأديب التى يضمنها فى النص الأدبي ، كما أنه مزيج من الشعور والعقل لفهم النص الأدبي نوع من السعادة التي تنتج من التطابق والإعجاب الداخلي مع تجربة الأديب التى يضمنها النص الأدبي ، كما أنه مزيج من الشعور والعقل لفهم النص الأدبي خارج الألفاظ والعبارات والجمل التى تكون المعلومات المتضمنة فيه الأمر الذي يكشف عنه وجدانياته وجمالياته التى تزيده ثباتاً واستمراراً .
ويعتمد التذوق الأدبي على فهم عناصر العمل الأدبي والإحساس بجمال أسلوبه وتؤكد ذلك (ثريا محجوب محمود ، 1991 ، 41) حين عرفت التذوق الأدبي بأنه نوع من السلوك الذي ينشأ من فهم المعاني المتضمنة فيه النص الدبي والإحساس بجمال أسلوبه ، والقدرة على الحكم عليه والتأثر بالصورة البيانية المتضمنة فيه .
ويتطلب التذوق الأدبي تفاعلاً ونشاطاً إيجابياً لاستنباط أساليب الجمال المتضمنة فى العمل الأدبي ، ويؤكد ذلك (عبد الشافي أحمد رحاب ، 1994 ، 232) حيث يري أن التذوق الأدبي نشاط إيجابي يقوم به التلميذ استجابة لنص أدبي بعد تركيز اهتمامه وتفاعله معه ويتمثل هذا النشاط إيجابي يقوم به التلميذ استجابة لنص أدبي بعد تركيز اهتمامه وتفاعله معه ويتمثل هذا النشاط فى أشكال متنوعة من السلوك مثل فهم الفكرة العامة للنص ، والتعبير عن معاني الأبيات بأسلوبه مع توضيح سر الجمال فى اللفظ والتركيب والصورة .
وبالنظر إلى هذه التعريفات يمكن القول أن التذوق الأدبي عبارة عن عملية إصدار أحكام موضوعية على النص الأدبي من حيث الأفكار والخيال والعاطفة والمعاني ويتطلب التذوق الأدبي معايشة الأعمال الأدبية من خلال الاطلاع والخبرة والتثقيف .
وفي ضوء التعريفات السابقة للتذوق الأدبي نجد أنه يتسم بمجموعة من السمات من أهمها أن نشاط يقوم به المتعلم ، وهذا النشاط يستلزم الإيجابية والتفاعل مع العمل الأدبي لتبين ما يشمله ذلك العمل الأدبي من سمات جمالية فى الأفكار والخيال والعاطفة والألفاظ والتراكيب ، كما يستلزم التذوق الأدبي فهم العمل الأدبي ونقده .
تعد مهارة التذوق الأدبي من أبرز المهارات الأدبية التى يمكن تنميتها من خلال دراسة الأدب ، لذا أكد خبراء تعليم اللغة العربية على ضرورة تنميتها لدى طلاب المراحل الدراسية المختلفة باعتبارها من الأهداف التى يجب تحقيقها فى مناهج تعليم اللغة العربية بصفة عامة ، ومناهج تعليم الدب بصفة خاصة ، فالتذوق يهتم بتنمية قدرة الفرد على إدراك ما في النص الأدبي من ضعف وقوة ، وقيم وجمال ، بناء على مقومات البلاغة والنقد الأدب الأمر الذي يسهم فى استمتاع الفرد بالنصوص الأدبية . (حسين سليمان قورة ، 1972 ، 227)
ويشير (رشدي طعيمة ، 1971 ، 2) إلى أن القدرة على التفكير العلمي والقدرة على تذوق جمال الكون والاستمتاع بالفنون أمران أساسيان فى حياة كل فرد ، وضروريان لتكامل شخصيته واستمتاعه بآدميته ، ومخطئ من يطن أن الحضارة الحديثة علم وتكنولوجيا فقط أو تقاس بهما فحسب ، فالحارة الحديثة كما تقاس بهما ، نقاس بمدي تذوق شعبها للفن واستمتاعه به وإبداعه له .
ويؤكد (أحمد الشايب ، 1994 ، 145) على أن التذوق الأدبي يعد من الدوافع القوية إلى تهذيب الأفكار والسمو بها وتنسيق الألفاظ وجعلها أخاذة بالألباب حسنة الوقع على النفس ، كما يسهم التذوق الأدبي فى فهم الآثار الفنية والأدبية والاستمتاع بالجمال المتضمن فيها ، والشعور بالمتعة والسرور فضلاً عن إدراكه ومحاولة محاكاته فى الأعمال والأقوال والأفكار .
ويشير (وحيد حافظ ، 1997 ، 94) إلى أننا نحتاج الآن أكثر من أى وقت مضي إلى جيل ذواق يقدر القيم الإنسانية ، ويعمل بها ، ويتذوق الجمال ، ويستمتع به ، ويتلمسه فى كل شىء ، فإن لم تجده أوجده ، ولن يتأتى ذلك إلى إذا دربنا طلابنا فى مراحل التعليم المختلفة على إتقان مهارات التذوق الأدبي ، وكيفية التعامل مع النص الأدبي قراءة وتحليلاً وتذوقاً ، لأن التدريب على إتقان مهارات التذوق الأدبي يكون لدى الطلاب ذوقاً حساساً يدفعهم إلى قراءة المزيد من الأدب – من خارج المنهج – قراءة نقدية تذوقية .
ويري (ماهر شعبان ، 2002 ، 70) أن التذوق له أهمية كبري بالنسبة للمبدع والمتلقي على حد سواء ، فتكمن أهمية التذوق بالنسبة للمبدع من حيث أنه أول متذوق لعمله عندما يقف من نفسه موقف المتأمل لما أبدعه خياله ، وما حققه من روائع ، فبعد أن ينتج القصيدة يعود فيتأملها ، ويشعر بنشوة أكبر عندما يتذوقها ، أما أهمية التذوق الأدبي بالنسبة للمتلقي فتكمن فى أن تذوق الأدب يستثير عاطفة القارئ وانفعالاته ، فيجعله يتفاعل مع الجو النفسي المسيطر فى العمل الأدبي ، فيفرح لفرح الأديب ، ويحزن لحزنه ، ويتفاءل لتفاؤله ، كما أن تذوق العمل الأدبي يمكنه من الوقوف على ما العمل الأدبي من أفكار تحمل فى طياتها خبرات الأديب واتجاهاته وثقافته ونظرته نحو الكون والحياة .
ويؤكد ما سبق فرانك (Frank, 1998, 4-5) حيث يشير إلى أن التذوق الأدبي ليس فضلاً اجتماعياً أو إنجازاً أو مجرد تسلية أو لهواً بل إنه ضرورى للحياة ، فمؤلفو الأديبات هم الذين رأوا وشعروا بالتشويق العجيب للحياة وهم أصحاب النظرة الواسعة والأكثر تأثيراً فى الشعور ، ويجب على المتعلمين أن يضعوا أولاً من بين الأشياء المرغوبة أن التقييم يجب أن ينتج ويطور ويؤمن من عقولهم لتكون لهم ردود أفعال بقلة أو بكثرة للنصوص التى يقرءونها فى حياتهم مما يؤدى إلى تنمية إحساسهم بالقيمة المتضمنة فى النص الأدبي .
ساحة النقاش