الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

الأخطاء الشائعة في اللغة العربية

من كتاب الأخطاء الشائعة في اللغة العربية
تأليف محمد العدناني عضو شرف في مجمع اللغة العربية الأردني

باب الهمزة

(1) لم يدرِ أوسيمٌ جاء أم تميمٌ
يقولون: لم يدرِ أجاء وسيمٌ أم تميمٌ . والصواب: لمْ يدرِ أوسيمٌ جاء أم تميمٌ؛ لأن همزة الاستفهام هنا هي لطلب التصور، وهو إدراك التعيين. والتعيين هنا بين وسيم وتميم، وليس بن المجيء وتميم.
ومثله قولهم: سواء أكان الخطيب مهندساً أم طبيباً. والصواب: سواءٌ أمهندساً كان الخطيب أم طبيباً. فالهمزة هنا للتسوية بين المهندس والطبيب، وأحدهما يجب أن يأتي بعد الهمزة مباشرة.

(2) لابد للعرب من استرداد فلسطينَ، طال الزمن أم قصر
لابد للعرب من استرداد فلسطينَ، سواءٌ أطال الزمن أم قصُر
ويخطئون من يقول: لابد للعرب من استرداد فلسطين، طال الزمن أم قصر. ويقولون إن االصواب هو: لابد للعرب من استرداد فلسطين، سواءٌ أطال الزمنُ أم قصُر. ويستشهدون بقوله تعالى في الآية 193 من سورة الأعراف:{سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون}. وقد جاء ( سواء ) متلوة بالهمزة وأم ست مرات أخرى في القرآن الكريم.
ولكن:
(أ) جاء في النحو الوافي: "يصح في الأسلوب المشتمل على (أمْ) المتصلة الاستغناء عن الهمزة بنوعيها ( همزة التسوية وهمزة التعيين )، إن عُلِم أمرُها، ولم يوقع حذفها في لبس، فمثال حذف همزة التسوية: سواءٌ على الشريف راقبه الناس أم لم يراقبوه؛ فلن يرتكب إثما، ولن يقع في محظور".
(ب) أما مثال حذف همزة التعيين، فقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة:
بدا ليَ منها مِعصمٌ حين جمَّرت ** وكفٌّ خضيبٌ زُيِّنتْ ببنانِ
فوالله ما أدري، وإن كنت دارياً ** بسبعٍ رميتُ الجمرَ أم بثمانِ
يريد: أبسبعٍ أم بثمانٍ. (التجمير: رمي الحصى، وهو من مناسك الحج).
(ج) يقول ابن مالك في ألفيته في حذف الهمزة:
وربما أُسقِطتْ الهمزةُ إنْ ** كان خفا المعنى بحذفها أُمِنْ
(أُسقِطتْ: حُذِفت). يريد: قد تُحذف الهمزة بشرط ألا يؤدي حذفها لخفاء المعنى، والوقوع في اللبس.
(د) تُحذف الهمزة إذا كانت (أمْ)، التي تأتي بعدها، منقطعة تفيد الإضراب، مثل (بلْ)، كقوله تعالى في الآيتين 2 و 3 من سورة السجدة: {تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين، أم يقولون افتراه}. وقد جاء في تفسير الجلالين: "تنزيل القرآن لا شك فيه من رب العالمين، بل يقولون افتراه محمد".
(ه) قال الأخطل:
كَذَبَتْكَ عينُك أم رأيتَ بواسطٍ ** غلسَ الظلامِ من الرَّبابِ خيالا
أي: أكَذَبَتْكَ عينُك.
(و) قال ساعدة بن جُويّة:
يا ليت شعري، ولا منجى من الهرَم ** أم هل على العيشِ بعد الشيب أم ندمِ؟
وفي رواية أخرى: ألا منجى، وعليه تكون (أمْ) متصلة لا منقطعة.
وأنا أفضل أن نستعمل أولى الجملتين المذكورتين في صدر المادة رقم (2)، لأنها أكثر اختصاراً، ولا يوقع حذف الهمزة فيها في لبس.

(3) مِنَ الآنَ، مِنَ الآنِ
ويخطّئون من يقول: منَ الآنِ، وإلى الآنِ، وحتى الآنِ؛ بجر الآن بالكسرة. ويقولون إن الصواب هو: منَ الآنَ وإلى الآنَ وحتى الآنَ، معتمدين على قول الخليل بن أحمد الفراهيدي، أستاذ سيبويه: "الآنَ مبني على الفتح. تقول: من الآنَ نحن نصير إليك، فتَفتحُ الآنَ؛ لأن الألف واللام إنما يدخلان لعهد. والآنَ لم نعهده قبل هذا الوقت، فدخلت الألف واللام للإشارة إلى الوقت، والمعنى: نحن من هذا الوقت نعمل".
ومعتمدين أيضا على قول العالم النحوي إبراهيم بن السّري الزَّجّاج، المتوفى سنة 311 ه : "الآن منصوبة النون في جميع الحالات، وإن كان قبلَها حرف خافض (جارّ)، كقولك: منَ الآنَ".
ولكن جلال الدين السيوطي ذكر في الجزء الأول من "همع الهوامع" (باب الظرف ، صفحة 207)، جميع الآراء المختلفة حول الظرف (الآن)، ثم قال ما نصه: "المختار عندي القولُ بإعرابه؛ لأنه لم يثبت لبنائه علة معتبرة، فهو منصوب على الظرفية، وإن دخلته "مِن" جُرَّ. وخروجه عن الظرفية غير ثابت".
وفي شرح الألفية لابن الصائغ: إن الذي قال إن أصله "أوان" يقول بإعرابه، كما أن "أواناً" معرب.
أما في القرآن الكريم، فقد جاء ظرف الزمان (الآنَ) وعلى نونه فتحة ثماني مرات. منها قوله تعالى في الآية 9 من سورة الجن: {َمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً}.
لذا أرى أن الأفضل إبقاء ظرف الزمان (الآنَ) مبنياً على الفتح: لأن ظرفيته غالبة لازمة، أي: لا يخرج عنها إلا في القليل المسموع. ولكنني لا أرى وجهاً لتخطئة من يقول بإعراب (الآنَ)، ما دام السيوطي وابن الصائغ يقولان بذلك، وما دام ابنُ مالك يقول: ظرفية (الآنَ) غالبة لازمة، وقد يخرج عنها إلى الاسمية.

(4) الإناء وَ الآنِيَة
ويقولون: وضعتُ الوردة في الآنيةِ. والصواب: وضعتُ الوردة في الإناء، لأن الآنية هي جمع إناء. أما كلمة الأواني فهي جمع الجمع. وقال تعالى في الآية 15 من سورة الدهر: {وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا}.

(5) أوان
ويقولون: يزورنا فلان في هذه الآونة من كل صباح. والصواب: يزورنا في هذا الأوان من كل صباح؛ لأن (آونة) هي جمع (أوان). و (الأوانُ) هو: الوقتُ والحينُ. وكسر الهمزة في (أوان) لغة. ويجمع سيبويه الأوانَ على: أوانات.
ويجمع بعضهم كلمة (أوان) على (آئنة) و (آينة).
ولا أستحسن استعمال هذين الجمعين الغريبين.
أما قولهم: فلانٌ يصنعه آونةً، فيعني: أنه يصنعه مراراً ويدعه مراراً.
وربما صح أن نقول: يزورنا فلانٌ في هذه الآونة من كل صباح، إذا كان يزورنا كل صباح مرة ثم ينصرف، ثم يزور وينصرف ثلاث مرات على الأقل في الصباح الواحد. وهذا النوع من الزيارة المتكررة في صباح واحد يكاد يكون مستحيلاً. وهذا حملني على تخطئة مثل هذا القول.

(6) يا أبتِ
ويقولون: يا أبتي ! والصواب: يا أبتِ ! لأننا عندما حذفنا الياء من: يا أبي ! عوضنا عنها بالتاء، ولا يجمعُ بين العِوَض والمُعوَّضِ عنه. والمختار في نداء الأم والأب، أن يُقال: يا أمّهْ ويا أبهْ ! موقوفاً عليهما بالهاء. ويستحسن أيضا أن نقول: يا أبتِ ! ويا أمّتِ ! بكسر التاء في الكلمتين، ويا أبتَ ! ويا أبتاهْ !
ويقال في نداء الأب أيضا: يا أبتا ! ويا أباتَ ! كقول الشاعر:
تقول ابنتي لما رأتنيَ شاحباً ** كأنكَ فينا يا أباتَ غريبُ
أراد يا أبتا، فقدم الألف وأخر التاء، وهو قلب مكاني.

(7) لنْ أزورَه أبداً
ويقولون: ما زرته أبداً. والصواب: ما زرته قطُّ (راجع قطُّ في حرف القاف)، أو لنْ أزورَهُ أبداً؛ لأن (أبداً) ظرف زمان للمستقبل، ويدل على الاستمرار، كما جاء في الآية 22 من سورة التوبة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً}. وقد يقيّد هذا الاستمرار بقرينة، كقوله تعالى في الآية 27 من سورة المائدة: {قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا}.
وقد أخطأ الأمير عبيد الله الميكالي حين قال:
لك في المحاسن معجزات جمّة ** أبداً لغيرك في الورى لم تُجمعِ
(يتيمة الدهر، الجزء الرابع، صفحة 355).

(8) هذا الإبطُ، هذه الإبطُ
ويخطّئون من يقول: هذه الإبطُ تؤلمني. ويقولون إن الصواب: هذا الإبطُ يؤلمني.
ولكن المعجم الكبير نقل عن اللحياني قوله: إنّ الإبطَ مذكر، وقد يؤنث، والتذكير أعلى.
وكسر الباء في الإبط لغة (إبِط). وجمعه: آباط. وهو باطنُ المنكب للناس والدواب.
وفي الحديث: "ما من عبدٍ يرفعُ يديه حتى يبدوَ إبْطُهُ، يسأل اللهَ مسألةً، إلا آتاه إياها ما لم يعجلْ"

(9) لا يؤبه له وبه
ويخطّئون من يقول: فلان لا يؤبه به. ويقولون إن الصواب: فلانٌ لا يؤبه له. أي لا يُحتفلُ به لحقارته، استناداً إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ربَّ أشعثَ أغبرَ ذي طِمرَين، لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرَّه". واستناداً إلى قول المعاجم أيضا؛ فقد جاء في اللسان والتاج والمعجم الكبير: إذا أردنا بالفعل أبِـَه (بفتح الباء وكسرها): فَطِنَ، يجوز أن نقول: أبِـَه له وأبِـَه به. واللام أفصح. ولكنّ الوسيط يجيز أبِـَه له و به إذا حمل الفعلُ معنى: لا يلتفت إليه لخموله أو حقارته. (راجع مادني "لا يخفى على القراء" و "أعتقد").

(10) المأتم
ويطلقون كلمة (المأتم) على النساء يجتمعن في الأحزان. والصواب أن تُطلق على النساء يجتمعن في الخير والشر، كما قال الصحاح والتاج ومدّ القاموس والمعجم الكبير. وقد قال الأساس: غلب (المأتم) على جماعتهن في المصائب.
واستشهد الصحاح والتاج والمد بقول أبي عطاء السندي:
عشية قام النائحات وشقِّقتْ ** جيوب بأيدي مأتمٍ وخدودُ
أي: بأيدي نساء. واستشهدوا أيضا بقول أبي حية النميري:
رمتهُ أناةُ من ربيعة عامر ** نؤوم الضحى في مأتم أي مأتمِ
يريدُ: في نساء أي نساء. ويقول المصباح: "المأتم: اسم مصدر وزمان ومكان من الفعل (أتَمَ ، أتِمَ): أقام. ومنه قيل للنساء يجتمعن في خير أو شر (مأتم) مجازاً، تسميةً للحال باسم المحل. قال ابن قتيبة: والعامة تخصه بالمصيبة فتقول: كنا في مأتم فلان، والأجود: في مناحته". ولست أرى أن كلمة (المأتم) عامية، وأرى كما يرى التاج أنّ المأتم هو: كل مجتمع من رجال أو نساء، في حزن أو فرح. أما جمع المأتم فهو: مآتم، وأنا أوثر استعماله في الحزن.

(11) الأثاثُ
يقول الفرّاء: الأثاثُ هو متاع البيت، ولا واحد له. ويرى معظم المعاصرين رأي الفرّاء. ولكنّ أبا زيد والأزهري والجوهري وابن سيده والفيروزأبادي يرون أنّ الأثاثَ يشمل المتاع والعبيد والإبل والغنم. والواحدة: أثاثةٌ. قال تعالى في الآية 74 من سورة مريم: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً} . وجاء في تفسير الجلالين: هم أحسنُ مالاً ومتاعاً ومنظراً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 174 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,633,136