ومع دُخول الأمم في الإسلام أفواجًا، ومع انتشار الفُتوحات الإسلاميَّة، زادت الرَّغبة في فَهْم القرآن الكريم وتعاليم الإسلام الحنيف، مِمَّا كان له دَورٌ بارز في إقبال النَّاس على تعلُّم اللغة العربية، حتَّى يقوموا بالشَّعائر والعبادات على الوجه الصحيح الذي تَقْضيه الشَّريعة، يَدْفعهم إلى هذا السَّعيُ إلى إقامة دين الله، ونوال مرضاته.
وهو ما عبَّر عنه أبو منصورٍ الثَّعالبِيُّ قائلاً: "مَن أحبَّ الله - تعالى -أحبَّ رسولَه محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - ومن أحبَّ الرسول العربِيَّ أحبَّ العرب، ومن أحبَّ العرب أحب العربية التي بها نَزل أفضلُ الكتب على أفضل العرب والعجم، ومن أحبَّ العربية عُنِي بها، وثابرَ عليها، وصرفَ هِمَّته إليها، ومَن هداه الله للإسلام، وشرحَ صدره للإيمان، وآتاه حسن سريرة فيه، اعتقد أنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خيرُ الرُّسل، والإسلامَ خيرُ المِلَل، والعربَ خيرُ الأمم، والعربيةَ خير اللُّغات والألسنة، والإقبالَ على تفهُّمِها من الدِّيانة؛ إذْ هي أداةُ العلم، ومفتاح التفقُّه في الدِّين، وسبب إصلاح المعاش والمعاد.
ورغم ذلك؛ فإنه لَم تكن الرَّغبة الدينيَّة هي الحافِزَ الوحيد، أو الدَّافع الفريد لتعلُّم اللغة العربية، وإن كانت سببًا رئيسيًّا، إلاَّ أن الدوافع الدنيويَّة كان لها عظيمُ الأثر أيضًا في الإقبال على اللُّغة العربية تعلُّمًا وتعليمًا، فلمَّا كانت العرب أمَّة فاتحة، ولها السِّيادة والعزَّة على سائر الأمم المغلوبة؛ كانت لُغتُهم العربيَّة ذاتَ شأنٍ وعلوٍّ يَطْمح إليها جُمهورُ النَّاس؛ لِيتَّصِلوا بالخُلَفاء والأمراء، وقد رأَوْا "هؤلاء الخلفاء وعمَّالهم يُجْزِلون العطاء لِمَن يجود شِعرًا أو نَثرًا، ويُقرِّبونَهم إليهم ويُولُّونَهم مناصب في الدَّولة، كل ذلك له أثَر أيَّ أثرٍ في إقبال النَّاس على اللُّغة، حتى إنَّ الرجل ليَدْفع بابنه إلى تعلُّمِها رجاءَ أن يَجنِيَ ثَمرة، أو يُحرِز جاهًا"، وقال ابن شُبْرُمة: "إذا سرَّكَ أن تَعْظُم في عينِ مَن كنتَ بعينه صغيرًا، ويصغر في عينك مَن كان في عينك عظيمًا فتعَلَّم العربيَّة؛ فإنَّها تُجريك على المنطق، وتُدْنِيك من السُّلطان".
نشرت فى 20 إبريل 2012
بواسطة maiwagieh
الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية: ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م. دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م. ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
2,660,595
ساحة النقاش