استراتيجيات التفكير الناقد:
قام العديد من المربين باقتراح مجموعة من استراتيجيات التفكير الناقد والتي تساعد على تنمية مهارات التفكير الناقد وليست الاستراتيجية في معناها العام إلا إطاراً موجهاً لأساليب العمل ودليلاً يرشد حركته
ومن أهم هذه الاستراتيجيات
الاستراتيجية الاستنتاجية لتطوير مهارة التفكير الناقد (Beyer):
يمكن أن نقدم هذه الاستراتيجية بطريقة استنتاجيه وذلك من خلال فسح المجال للطلبة أن يحددوا أجزاء هذه المهارة الرئيسة عند استعمالها وعند مناقشة هذه الأجزاء يقوم الطلبة بتطبيق هذه الاستراتيجية ومراجعة أجزائها، ومن الضروري عند طرح أي مهارة فان فهم محتوى المهارة أمر لازم للمضي في استخدامها، وتمر هذه الاستراتيجية بخمس مراحل رئيسة، هي:
أ- تقديم المدرس للمهارة أمام الطلبة
ب- قيام الطلبة بتطبيق هذه المهارة
ج- متابعة وتخمين ما يدور في أذهان الطلبة وهو يطبقون هذه الإستراتيجية.
د- تطبيق استنتاجات الطلاب لهذه المهارة لاستخدامها مرة أخرى
هـ- مراجعة ما يدور في أذهان الطلاب وهم يطبقون هذه المهارة.
وتسمح هذه الاستراتيجية بالمشاركة في عملية التعلم بصورة فعالة وتلقي عليهم مسؤولية التعلم من خلال تقديم المهارة وتطبيقها من قبل الطلبة وإدراكهم ما يدور في أذهانهم عند التطبيق ثم تكرارها من قبلهم عدة مرات إلى أن يصلوا مرحلة الإتقان.
استراتيجية Smith لتقدير صحة المعلومات:
يرى "سميث" أن هذا العصر قد كثرت فيه المؤلفات وزادت وسائل الإعلام وتطورت سبل الاتصال وكثر فيه متعاطو السياسة وازدادت الإشاعات والدعايات والمصادر المروجة للإخبار الصادقة والكاذبة، وإمام هذا الزخم الهائل من المعلومات فان الحاجة أصبحت ملحة للحكم على مصداقية هذه المصادر كالصحف والمجلات والأخبار، وهذا لا يتم إلا من خلال التفكير الناقد الذي يميز بين الذين يعتمدون على الخطب وإثارة المشاعر وبين الذين يعتمدون على الأدلة والبراهين. وهذه الاستراتيجية تساعد الطالب في الرجوع إلى المصادر المعتمدة أو الموثوقة التي من الممكن أن يقبلها دليلاً أو محكاً عند سماعه لخبر أو حاجته لمعرفة صدق معلومة وذلك لان هذه الاستراتيجية تركز على صحة الأخبار وصدقها ومصداقية المعلومات، وهذا بدوره يؤدي إلى تنمية التفكير الناقد فعلى سبيل المثال: يعد القاموس مصدراً موثوقاً لمعاني الكلمات، إلا أن هذه الاستراتيجية لم تقدم خطوات محددة وواضحة من اجل تعلم المهارة
استراتيجية Munro & Slater للتفكير الناقد:
يرى هذان المربيان أن غالبية المعلمين أثناء قيامهم بالعملية التعليمية يستعملون كتباً تركز على معلومات حقيقية محدودة، وأنهم يقدمون لتلاميذهم معلومات واسعة وغير محدودة داخل الصف وان غالبية اختباراتهم مبنية على محتوى أساسه التذكر واسترجاع المعلومات، وان من أهم الخطوات لتعليم مهارة التفكير الناقد وفقاً لهذه الاستراتيجية هو التمييز بين الحقيقة والرأي، وان على التلاميذ استعمال عدداً من المهارات الأساسية في المدرسة وان يحددوا المفاهيم لكي يتمكنوا من التمييز بين الحقائق والآراء، وان يعرف التلاميذ مزايا وخصائص المفاهيم التي يستعملونها في أداء هذه المهارة النقدية. وفي هذه الحالة يجب عليهم معرفة خصائص مفاهيم الحقائق والآراء، إذ ان هذه الخصائص تزودهم بإطار يجعلهم قادرين على التمييز بين جمل الحقيقة وجمل الرأي، لأن جمل الحقيقة عبارة عن صورة عقلية مرسومة في الدماغ، وتعد الملاحظة الخطوة الأساسية الأولى في هذه الاستراتيجية التي يتم بموجبها تحديد خصائص الحقيقة.
استراتيجية Oreilly للتفكير الناقد:
يعتقد "اورايلي" أن مؤرخي الأحداث لا يتفقون بدرجة كبيرة في وجهات نظرهم حول الشخصيات والحوادث التي تحدث في فترة زمنية محدودة، وتدور بينهم الكثير من المناقشات عند تحليلهم وتقويمهم للقضايا التاريخية، وتشكل مناقشتهم اتجاهاً فعالاً في تنمية مهارة التفكير الناقد، ولكي يصبح الفرد مفكراً ناقداً فعليه أن يكون يقظاً بصورة دائمة، ويستطيع المعلمون تعميق هذا الاتجاه من خلال تقديم مناقشة مقنعة حول موضوع داخل الصف يدور حول شيء يعتقد به الطلبة، ثم إظهار نقاط الضعف في المناقشة، وفي حالات كثيرة يلجأ المدرس إلى تعليم الطلبة مهارة تحديد الدليل وتقويمه حيث تبرز أهمية الدليل المقنع في دعم النظر أثناء المناقشة
استراتيجية التفكير الناقد لجورج هول( Gorge Holl, 1991 ):
وضع الاستيراتيجية الحالية جورج هول (Gorge Holl,1991)وتقوم على إعطاء بنية أساسية للتفكير حول حياة المتعلم وذاته.
ويشمل العناصر التالية:
• أسئلة أساسية لكشف الهوية.
• توضيح المعاني.
• كشف الافتراضات.
• التفكير في البدائل ووجهات النظر.
• تقويم الأسباب والحجج.
• تحديد النتائج المتوقعة.
والهدف من هذه الاستراتيجية هو ممارسة التفكير المنطقي لتنشيط النظرة الناقدة والنافذة في حياة الفرد من خلال ما يدرس في المقرر. وتقوم الاستيراتيجية على فلسفات ثرية ومتعمقة من أجل تنشيط النظرة في الطبيعة والقيم والمشكلات المختلفة التي تتطلب ممارسة التفكير المنطقي فيها، ومقارنتها بالفلسفات والآراء التقليدية بصرف النظر عن استطاعة التلاميذ الدراسة الأكاديمية، وممارسة التلاميذ التفكير المنطقي وممارسته لإحداث تغيير في حياتهم وتحدى مواجهة قوية لشخصياتهم وأحيانا يتأملون ذواتهم ويتصارعون من خلال النكوص الذاتي والمواقف التي تدفعهم إلى التحدي والاختيار من الاتجاهات والأفكار التي تكسبهم القدرة على التفكير، وبذلك يبدأ التلاميذ في تفجير التغيير في حياتهم والوصول إلى الحقيقة بأن حياتهم الخاصة تكون صعبة التمييز والفهم.
ويبدأ في تنفيذ إستراتيجيته بتقديم درس أو درسين من دروس المادة في الفصل الدراسي لممارسة التفكير المنطقي فيها ثم يقدم تجربته وقد سماها تجربة لأنه يرى أنها مثل التجارب الحاسمة في العلوم، تقوم على أساس اختبار صحة الافتراضات.
وهى مجموعة من التمارين الجديرة بالاهتمام ويذكر أنها كانت مثيرة للتلاميذ غيرت مفهوم الذات لديهم، وكانت مفعمة بالحيوية، كانت مناقشات التلاميذ حول الاختيارات، الآمال، لجذبهم لأسلوب التفكير المتروي عن البدء بتغيير مفهوم الذات.
وبالنسبة للزمن المخصص لذلك فقد اقترح حوالي يومين إلى خمسة أيام لرد الفعل والتفكير في السلوكيات التي يرغبون في تغييرها، ثم طلب منهم اختيار واحد وإنجازه في خلال أسبوعين، وكان التغيير الذي يحدده التلميذ يتطلب أكثر من فعل، ثم خصص الأسبوع الأخير لردود الأفعال وكتابة النتائج وفقا لتنفيذ المهمة وذلك كما يلى:
أ: يطلب من المتعلم أن يقوم بما يلي:
• أحداها والتي إذا تم تغييرها يشعر بأهمية حياته وتقديره لذاته
• يرسم خطة تفصيلية يكون قادر على تنفيذها ومستعد لفعلها لإحداث التغيير المرغوب فيه
• يحدد العقبات والصعوبات التي يتنبأ بها في تنفيذ الخطة وأن يحدد المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها.
• يحدد الدوافع الذاتية التي يمكن أن تساعده على تنفيذ الخطة. (تجربته)
• يحدد النتائج المتوقعة عند تنفيذ الخطة. (تجربته)
• يضع كل تلميذ سؤال فلسفي يوضح أسباب انجذابه لتنفيذ الخطة(تجربته)
أمثلة:
• هل أنا حر؟
• ما تعريف الخلق السليم؟
• كيف يعرف الشخص الأشياء الصائبة الذي يجب عليه فعلها؟
• لماذا يجب أن نكون صادقين؟
إن الأهمية التربوية لذلك أن التلاميذ يملكون تحديدا لأسئلتهم بالإضافة إلى بناء خطة يقومون بتنفيذها كتجربة للبدء في إجاباتهم.
ب: أن يصف كل تلميذ كيفية تنفيذ الخطة
ج: على كل تلميذ أن يحاول تقييم نتائج تنفيذ الخطة (التجربة) ومدى تحقيق الأهداف المراد تحقيقها.
وعليه أن يحاول أن يجعل معايير التقييم واضحة.
د: أن يحدد كل تلميذ وفقا لخطته الموقع أو المكانة التي يحتلها إذا ما وضع في الاعتبار السؤال رقم (6).
هـ: بعد تنفيذ الخطة يحدد كل تلميذ ما الذي اكتسبه سواء من رؤى داخلية أو مبادئ عامة عن نفسه وأن يجيب على سؤال ما هي تجاربه مع تنفيذ الخطة والتغيير في سلوكه ؟ وما الذي تعلمه من تنفيذ الخطة؟
يطلب المعلم من التلاميذ أن يذكروا بالتفاصيل ثم يكونوا كذلك على وعى كامل بردود أفعالهم من أجل تضمين الثلاثة مواثيق ألا وهى:
• التساؤل.
• الصدق مع النفس.
• الموضوع الذي يطرحه الطلاب.
ويرى جورج هول أنه يجب أن تكون موضوعات التفكير جذابة للطالب حتى يعبر حاجز التفكير النقدي، وحتى تكون التجربة نوعا من التصادم بين الطلاب ومعتقداتهم الشخصية.
فالطلاب يتجنبون فحص ومقارنة القيم والمعتقدات بعضها البعض بسبب مخاوف كثيرة لديهم، و أثناء القيام بالتجارب يجد الطلاب خلفية تؤدى إلى أشياء لا يمكن إنكارها فيسبب التفكير النقدي الصراع المرير ضد الرغبة في تحقيق الأمل وتقدير الذات وتشجيعها على صنع القرار.
ويرى أنه عندما يتأمل الطلاب وينصرفوا إلى النتائج المحصلة من تجاربهم ويهتمون بحياتهم ويتمكنون من تحليلها، تكون المودة(تقبل الذات) وليس الاغتراب هو الشعور المهيمن على التفكير والتجارب.
مزايا الاستراتيجية:
1-تعد هذه الاستراتيجية أسلوبا مناسبا لتجديد المناخ داخل الفصل يهذب ويطور من سلوك الطالب.
إن المدارس الخالية من المشكلات السلوكية هي المدارس القادرة على:
• إحداث تجديدات جوهرية في المناهج الدراسية.
• إحداث تغييرات جوهرية في المناخ المدرسي.
• تعديل اتجاهات الطلاب والوالدين وصانعي السياسة التعليمية (محمد السيد حسونة 1999، ص 53)
2- توسع الاستراتيجية الحالية من أدوار المعلم فلا يقتصر دوره على نقل مادة الدراسة وتوضيحها بل يكون مرشدا وموجها لسلوك الطالب، فكل طالب له طبيعة متفردة مثل تفرد بصمات الأصابع. فهو مختلف عن الآخر بتجاربه الشخصية، وميوله، ومشاعره، وقدراته، وإمكاناته، وظروفه البيئية، ومراعاة هذه الاختلافات ضرورة لتعديل السلوك.
3 - تساعد الاستراتيجية الحالية على فهم إمكاناته بما فيها من جوانب قوة وجوانب ضعف، فيتقبل ذلك ويعمل على الاستفادة من جوانب القوة وتحسين جوانب الضعف عنده.
4 - تساهم هذه الاستراتيجية في إشباع الحاجات الأساسية للطالب من حيث اهتمامها بتغيير مفهومه لذاته وتنمية تقديره لها فقد أشار ماسلو (1970) Maslow إلى حاجات خمس أساسية للإنسان هي: الحاجات الجسمية والفسيولوجية PSYCHOLOGY والحاجة إلى الحبLOVE، والحاجة إلى تقدير الذات، وتعنى الحاجة إلى تقدير الذات حاجة كل فرد إلى أن يكون رأيا طيبا عن نفسه وعن احترام الآخرين له، وإلى الشعور بالجدارة وأن يتجنب الرفض أو النبذ أو عدم الاستحسان. ( حسين عبد العزيز الدريني، ومحمد أحمد سلامة، 39).
5 - تهتم بتنشيط بصيرة الطالب والنظرة الناقدة والنافذة في حياة الطالب وفي ذاته من خلال ما يحدث في الفلسفة فهي تساعد الطالب على توافقه النفسي والاجتماعي " فيرى العديد من الباحثين أن الذات هي أساس التوافق بالنسبة للفرد، وأنه يسعى إلى تحقيق ذاته عن طريق إشباع حاجاته المختلفة دون حدوث تعارض مع متطلبات وظروف البيئة المحيطة بهم. وبمدى نجاح الفرد فلا تحقيق هذا التوازن ينمو لديه قدر مقبول من مفهوم الذات أي صورة عن نفسه يحبها ويرضاها، وعندئذ يتكون لديه تقدير موجب لذاته بدرجة مرتفعة، والمرونة في عملية التوافق مع أنفسهم لا تفهم إلا في ضوء افتراض مفهوم كلى عن الذات، فالتوافق ليس عملية جزئية ناتجة عن إشباع هذا الدافع الخاص أو ذاك بل هي عملية كلية تتوقف على أن يجد الشخص نجاحا في مجال ما.
إن النظرة الإيجابية إلى الذات تهيئ لصاحبها التعامل الناجح مع الحياة، لأن الفرد الإيجابي في مفهومه لذاته والمتوافق، ويتوقع النجاح بدرجة أكبر من غيره صاحب النظرة السلبية للذات، ولأنه يتوقع النجاح فإنه يسلك طرقا تقوده إلى النجاح (أمان أحمد محمود، 1988، 253).
ساحة النقاش