الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

استراتيجيات التفكير الناقد

يعد التفكير الناقد من المواضيع الهامة والحيوية في استراتيجيات التعليم الحديث، لذلك فان جميع العاملين في مجال التعليم يهتمون بتدريس التفكير الناقد لطلبتهم، كما تولي معاهد إعداد المعلمين اهتماما بالغا في تدريس مهارات التفكير الناقد.  

ففي عالم يتطور بشكلٍ هائل ناقلا إلينا كماً هائلاً من المعلومات والمعارف تبرز الحاجة إلى تحلي الإنسان بنوع من التفكير الممحص والناقد والمقوم لهذه المعلومات والتطورات والتي ترد إلينا. وتبرز أهمية التفكير الناقد لما له من دور مهم في تمكين المتعلمين من مهارات أساسية في عملية التعلم والتعليم, إذ أن الهدف الأساسي من تعليم وتعلم التفكير الناقد هو تحسين مهارات التفكير لدى الطلاب, والتي تمكنهم بالتالي من النجاح في مختلف جوانب حياتهم, كما أن تشجيع روح التساؤل والبحث و الاستفهام, وعدم التسليم بالحقائق دون التحري أو الاستكشاف يؤدي إلى توسيع آفاق الطلبة المعرفية، ويدفعهم نحو الانطلاق إلى مجالات علمية أوسع, مما يعمل على ثراء أبنيتهم المعرفية وزيادة التعلم النوعي لديهم. 

أولا: مفهوم التفكير الناقد: 

تعددت تعاريف التفكير الناقد، إذ يعرف بأنه: " عملية استخدام قواعد الاستدلال المنطقي وتجنب الأخطاء الشائعة في الحكم.  

وعرفه باحث آخر بأنه التفكير " الذي يعتمد على التحليل والفرز والاختيار والاختبار لما لدى الفرد من معلومات بهدف التمييز بين الأفكار السليمة والخطأ. 

ويمكن تعريفه بأنه: عبارة عن سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله عن طريق واحدة، أو أكثر من الحواس الخمس، وهو مفهوم مجرد ينطوي على نشاطات غير مرئية وغير ملموسة، وما نلاحظه، أو نلمسه هو في الواقع نواتج فعل التفكير سواء أكانت بصورة مكتوبة، أم منطوقة، أو حركية، أم مرئية.  

ويفترض أحد العلماء أن التفكير يتضمن ثلاثة جوانب، هي: 

أ ـ الحاجة إلى أدلة وشواهد تدعم الآراء والنتائج قبل الحكم عليها 

ب ـ تحديد أساليب البحث المنطقي التي تسهم في تحديد قيم، ووزن الأنواع المختلفة من الأدلة 

ج ـ مهارة استخدام كل الاتجاهات والمهارات السابقة. 

ويأتي التفكير الناقد في قمة هرم بلوم، وهو من أرقى أنواع التفكير، ويكون من وجهة نظر بلوم القدرة على عملية إصدار حكم وفق معايير محددة

يعرف التفكير الناقد بأنه: " تفكير تأملي معقول يركز على ما يعتقد به الفرد أو يقوم بأدائه "، وهو فحص وتقويم الحلول المعروضة من أجل إصدار حكم حول قيمة الشيء. 

ثانيا: قابليات التفكير الناقد: 

يتضمن التفكير الناقد القابليات الآتية: 

• يبحث عن صيغة واضحة لموضوع السؤال 

• يبحث عن الأسباب 

• تصل إليه المعلومات الضرورية 

• يستخدم مصادر هامة ويذكرها 

• يحاول أن يكون ملتصقاً بالنقطة الرئيسية 

• يأخذ بعين الاعتبار الموقف بكامله 

• يحتفظ في ذهنه بالقضية الأساسية 

• يبحث عن بدائل 

• يحاول أن يكون متفتح الذهن على النحو التالي: 

• يهتم بوجهات النظر الأخرى غير وجهة نظره تفكير حواري. 

• يتجنب إصدار الحكم عندما تكون الأدلة والأسباب غير كافية 

• يأخذ موقفاً ( ويغير الموقف ) عندما تكون الأدلة والأسباب كافية لعمل ذلك. 

• يبحث عن الدقة عندما يسمح الموضوع بذلك

• سير بطريقة منتظمة في معالجة الأجزاء ضمن المشكلة المعقدة ككل. 

• حساس تجاه مشاعر، ومستوى المعرفة، ودرجة حكمة الآخرين. 

• يستخدم قدرات التفكير النقدي 

ثالثا: قدرات التفكير الناقد: 

وتشمل: 

• التركيز على السؤال 

• تحديد وصياغة السؤال 

• تحديد وصياغة المعيار للحكم على الأسئلة المحتملة 

• الاحتفاظ بالموقف في الذهن 

• تحليل المناقشة في الموضوع 

• تحديد الاستنتاجات 

• تحديد الأسباب المصوغة 

• تحديد الأسباب غير المصوغة 

• ملاحظة الفروق والتشابهات 

• تحديد ومعالجة المواضيع غير المرتبطة 

• ملاحظة ورؤية بناء المناقشة

• التلخيص 

رابعا: مهارات التفكير الناقد: 

يعد تصنيف واطسون وجليسر من أشهر التصنيفات التي وضعت لمهارات التفكير الناقد، والتي هي: 

التعرف على الافتراضات: وتشير إلى القدرة على التمييز بين درجة صدق المعلومات محددة وعدم صدقها، و التمييز بين الحقيقية والرأي، والغرض من المعلومات المعطاة. 

التفسير: ويعني القدرة على تحديد المشكلة والتعرف على التفسيرات المنطقية، وتقرير فيما إذا كانت التعميمات والنتائج المبنية على معلومات معينة مقبولة أم لا. 

 الاستنباط: ويشير إلى قدرة الفرد على استخلاص نتيجة من حقائق معينة ملاحظة أو مفترضة، ويكون لديه القدرة على إدراك صحة النتيجة أو خطأها في ضوء الحقائق المعطاة. 

تقويم الحجج: وتعني قدرة الفرد على تقويم الفكرة، وقبولها أو رفضها، والتمييز بين المصادر الأساسية و الثانوية، والحجج القوية و الضعيفة، وإصدار الحكم على مدى كفاية المعلومات. 

خامسا: خصائص المفكر الناقد: 

 يتوقع من المفكر الناقد أن يتقن جميع مهارات التفكير الناقد، وقد ذكر فتحي جروان (2002) أهم الصفات والخصائص التي يتمتع بها المفكر الناقد وهي: 

• منفتح الذهن نحو الأفكار والخبرات الجديدة. 

• لديه الاستعداد نحو التغيير عند ثبوت الخطأ بالأدلة الكافية و المقنعة. 

• لا يجادل في أمور لا يعرف عنها شيئاً. 

• يعرف متى يحتاج إلى معلومات أكثر عن شيء ما، فهو مبتكر ومتجدد. 

• يعرف أنَّ لدى الناس أفكاراً مختلفة نحو معاني الكلمات

• واعٍ لما يجري في أذهان الآخرين. 

• يعرف الفرق بين النتيجة التي قد تكون حقيقية، والنتيجة التي يجب أن تكون حقيقية. 

• يمتلك القدرة على تحدي أفكار الآخرين وعرضها وتدقيقها على محك العقل. 

• يحاول تجنب الأخطاء الشائعة في تحليل الأمور. 

• يبتعد عن الأحكام الذاتية على الأمور.  

• يحاول الفصل بين التفكير العاطفي و التفكير المنطقي. 

• يحاول بناء مفرداته و زيادتها باستمرار. 

• لديه مهارات اتصال عالية. 

• يتسأل عن كل شيء لا يفهمه. 

• يأخذ بالاعتبار الجوانب المختلفة في الموضوع. 

• لديه القدرة على اتخاذ قرارات صائبة في حياته، ويحاكم الأنظمة السياسية و الاجتماعية السائدة وفق معايير محددة. 

سادسا: مهارات التفكير الناقد: 

لخص بعض الباحثين مهارات التفكير الناقد في الآتي: 

1 ـ التمييز بين الحقائق التي يمكن إثباتها.  

2 ـ التمييز بين المعلومات والادعاءات.  

3 ـ تحديد مستوى دقة العبارة.  

4 ـ تحديد مصداقية مصدر المعلومات.  

5 ـ التعرف على الادعاءات والحجج.  

6 ـ التعرف على الافتراضات غير المصرح بها.  

7 ـ تحديد قوة البرهان.  

8 ـ التنبؤ بمترتبات القرار أو الحل.  

سابعا: أهمية التفكير الناقد: 

يعد التفكير الناقد من المسائل التربوية التي بدأ التربويون وعلماء النفس يولونها اهتماماً كبيراً في العقود الأخيرة، وذلك باعتباره أحد المفاتيح الهامة لضمان التطور المعرفي الفعال الذي يسمح للفرد باستخدام أقصى طاقاته العقلية للتفاعل بشكل ايجابي مع بيئته، ومواجهة ظروف الحياة التي تتشابك فيها المصالح وتزداد المطالب، وتحقيق النجاح والتكيف مع مستجدات هذه الحياة. 

ومهارات التفكير الناقد مهارات يحتاج إليها كل فرد من أفراد المجتمع، ولقد أظهرت معظم الدراسات التجريبية والتي تم من خلالها استخدام برامج خبرات لتنمية مهارات هذا النوع من التفكير، أن هذه المهارات تعود بالفائدة على المتعلمين من عدة أوجه، حيث وجد أنها: 

• تؤدي إلى فهم أعمق للمحتوى المعرفي المتعلم. 

• تقود المتعلم إلى الاستقلالية في تفكير وتحرره من التبعية والتمحور حول الذات

• تشجع روح التساؤل والبحث وعدم التسليم بالحقائق دون تحر كاف. 

• تجعل من الخبرات المدرسية ذات معنى وتعزز من سعي المتعلم لتطبيقها وممارستها

• ترفع من المستوى التحصيلي للمتعلم

• تجعل المتعلم أكثر إيجابية وتفاعلاً ومشاركة في عملية التعلم. 

• تعزز من قدرة المتعلم على تلمس الحلول لمشكلاته واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها. 

• تزيد من ثقة المتعلم في نفسه وترفع من مستوى تقديره لذاته. 

• تتيح للمتعلم فرص النمو والتطور والإبداع. 

ويمكن القول إن تنمية مهارات التعليم الناقد باتت مهمة وضرورية في عالمنا هذا السريع التغير، لأنها تساعد على المشاركة الفعالة في المجتمع، وتكسب المتعلمين التجارب المختلفة التي تعدهم للتكيف مع مقتضيات الحياة الآنية وتهيؤهم للنجاح في المستقبل، وإذا كان التعليم يهدف إلى إعداد مواطنين لديهم القدرة على اتخاذ القرارات واختيار ما يريدون بناء على حقهم في الاختيار الحر، فإن هذا يستدعي من التربويين الاهتمام بتنمية هذا النوع من التفكير.  

ثامنا: الإجراءات التمهيدية للتفكير الناقد: 

إن تدريب المتعلمين على ممارسة التفكير الناقد في الخبرات التي يواجهونها سواء كانت تعلمية تعليمية أو حياتية، تستدعي أن يدرب الطلبة على ممارسة مهارات بسيطة تمهيدية حتى يتحقق لديهم الاستعداد لممارسة التفكير الناقد أو التدرب عليه 

ويتم تعلم الطلبة مهارات التفكير الناقد وفق المواد الدراسية الصفية التي يتفاعل معها الطلبة وفق منهاج مقرر. 

إن تدريب الطلاب على ممارسة التفكير الناقد وفق وسط محدد ومنظم ومسلسل له عدد من المزايا 

ـ يزيد من استعداد الطلبة على ممارسة التفكير الناقد 

ـ يزيد من فاعلية أدوار المعلمين في الموقف الصفي. 

 ـ يتيح أمام المعلم الفرصة لممارسة دور أكثر فاعلية وأكثر أهمية من دور العارف والخبير 

 ـ يزيد من إقبال الطلبة على التعلم الصفي والمواقف والخبرات الصفية المختلفة. 

 ـ يحبب الطلبة بالجو الصفي الذي سيسوده جو من الأمن والديمقراطية والتسامح والتقبل. 

 ـ يزيد من حيوية الطلبة في تنظيم الخبرات التي يواجهونها، ويتيح أمامهم فرص اختبارها والتفاعل بطريقة آمنة تحت إشراف المعلم وتوجيهه

 ـ يدرب الطلبة على ممارسة مواقف قيمة يمكن نقلها إلى مواقف الحياة المختلفة. 

 ـ يسهم في إعداد الطلبة للحياة، ويتيح أمامهم فرصة ممارسة الحياة بأقل قدر من الأخطاء 

الخطوات التي يمكن أن يسير بها المتعلم بتنمية  مهارات التفكير الناقد: 

يمكن تحديد الخطوات التي يسير بها المتعلم لكي تحقق لديه مهارات التفكير الناقد على النحو التالي: 

• جمع سلسة من الدراسات والأبحاث والمعلومات والوقائع المتصلة بموضوع الدراسة. 

• استعراض الآراء المختلفة المتصلة بالموضوع. 

• مناقشة الآراء المختلفة لتحديد الصحيح منها وغير الصحيح. 

• تمييز نواحي القوة ونواحي الضعف في الآراء المتعارضة. 

• تقييم الآراء بطريقة موضوعية بعيدة عن التحيز والذاتية. 

• البرهنة وتقديم الحجة على صحة الرأي الذي تتم الموافقة عليه. 

• الرجوع إلى مزيد من المعلومات إذا ما استدعى البرهان والحجة ذلك

• ويتطلب هذا النوع من التفكير القدرات التالية: 

• الدقة في ملاحظة الوقائع والأحداث. 

• تقييم موضوعي للموضوعات والقضايا.  

• توافر الموضوعية لدى الفرد والبعد عن العوامل الشخصية. 

• وحتى يمكن تنمية هذا النوع من التفكير، فإن ذلك يتطلب مراعاة عدد من العوامل المتصلة، وهي: 

• النقد العلمي، وعدم الانقياد للآراء الشائعة التي يتناقله الناس. 

• البعد عن النظر إلى الأمور من وجهة النظر الخاصة والتعصب لها. 

• البعد عن أخذ وجهات النظر المتطرفة. 

• عدم القفز إلى النتائج. 

• التمسك بالمعاني الموضوعية، وعدم الانقياد لمعان عاطفية مهارات التفكير الناقد.  

• تحديد المشكلات والمسائل المركزية.  

• تمييز أوجه الشبه وأوجه الاختلاف. 

• تحديد المعلومات المتعلقة بالموضوع. 

• صياغة الأسئلة التي تسهم في فهم أعمق للمشكلة. 

• القدرة على تقديم معيار للحكم على نوعية الملاحظات والاستنتاجات. 

• القدرة على تحديد ما إذا كانت العبارات أو الرموز الموجودة مرتبطة معاً ومع السياق العام. 

• القدرة على تحديد القضايا البديهية والأفكار التي لم تظهر بصراحة في البرهان والدليل. 

• تمييز الصيغ المتكررة 

• القدرة على تحديد موثوقية المصادر. 

• تمييز الاتجاهات والتصورات المختلفة لوضع معين. 

• تحديد قدرة البيانات وكفايتها ونوعيتها في معالجة الموضوع. 

• التنبؤ بالنتائج الممكنة أو المحتملة، من حدث أو مجموعة من الأحداث. 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 409 مشاهدة
نشرت فى 2 إبريل 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,653,251