الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

authentication required

لقد أكرم الله الإنسانية ببعثة نبيه الكريم محمد -y - وبما أنزله عليه من الكتاب الذي هو دستور الحياة وقانون المجتمع وهداية الله لخلقه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لما يتضمنه من الأوامر والنواهي والقواعد والأسس التي تنظم صلة العبد بخالقه وبكل ما يحيط به من إنسان وحيوان ونبات وجماد ، وما يتقلب فيه من مجتمع محيط.

لقد  اختار الله – سبحانه وتعالي- أفضل خلقه محمد-y - ليكون رسولا إلى خلقه كافة . فأوحى – تعالى- إليه ، وقد بلغ الرسول -y -ما أوحي إليه من ربه . ومع التبليغ كان يعمل على تكوين الأفراد الذين استجابوا له تكوينا جسميا ونفسيا من جميع جوانب الشخصية. واستمرت هذه المرحلة حوالي ثلاثة عشر عاما تكن خلالها أفراد هم أفضل الخلق بعد رسول الله -y - فكانت بهم انطلاقة التربية الإسلامية حتى استتب لها الأمر وحصل لها التمكين، ولمن آمن بها.والسيرة النبوية ـ على صاحبها الصلاة والسلام ـ هي في الحقيقة عبارة عن الرسالة التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المجتمع البشرى قولًا وفعلًا، وتوجيها وسلوكًا، وقلب بها موازين الحياة، فبدَّل مكان السيئة الحسنة، وأخرج بها الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله(صفي الرحمن المباركفوري،2007: 23)

وهى تعنى أيضا : مجموع ما ورد لنا من وقائع حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته الخُلقية والخَلقية، مضافا إليها غزواته وسراياه -y - (عبد الملك بن هشام،1991: 12).

كما يعرفها عبد اللطيف عبد القادر أبو بكر(2007: 52) بأنها تاريخ حياه النبي -y - منذ ولادته حتى لحوقه بالرفيق الأعلى، وما يتخلل هذه الحياة من نشأة وشباب وحياة قبل المبعث وبعده، وما اشتملت عليه حياته بعد المبعث من دعوة ، وما لاقاه من إعراض وإيذاء في مكة ، وهجرة إلي المدينة  ، وما أعقب هذه الحياة من جهاد وغزوات في سبيل دعم عقيدة الإسلام ونشرها والعمل على إقامة دولة الإسلام وإعلاء صرحها دينيا وسياسيا واجتماعيا.

ومما سبق يمكن تعريف السيرة النبوية بأنها: دراسة حياة النبي الكريم سيدنا محمد -y - مستقاة من الكتاب والسنة ومن أقوال الصحابة والتابعيين -y - ، عبر ما وصل لنا من كتب التاريخ والسيرة.

لقد كانت وما تزال حياة النبي -y - الشغل الشاغل لكثير من المؤرخين والمفكرين طيلة أربعة عشر رنا من الزمان؛ وذلك الاهتمام يرجع إلي أهمية شخص النبي-y - الدينية والإنسانية والقيادية والسياسية والفكرية ، وللدور الاجتماعي التاريخي الذي شغله في تاريخ وحياة أمتنا العربية الإسلامية ؛ حيث شكلت شخصيته وحياته معينا لا ينضب يستمد منها المعاني الطيبة والكريمة والقدوة الحسنة والسياسية الرشيدة.

‏وللسيرة النبوية أهمية ومكانة تتمثل فيما يلي:

§ ‏ تساعد على فهم شخصية الرسول -y - ، من خلال حياته وظروفه التي عاش فيها، للتأكد من أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرد عبقري سمت به عبقريته، ولكنه قبل ذلك رسول أيده الله بوحي من عنده.

§ ‏ تجعل السيرة النبوية بين يدي الإنسان صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة، يتمسك به ويحذو حذوه، فقد جعل الله تعالى الرسول محمدًا -y - قدوة للإنسانية كلها.

§ ‏ تعين على فهم كتاب الله وتذوق روحه ومقاصده، فكثير من آيات القرآن الكريم إنما تفسرها وتجليها الأحداث التي مرت برسول الله -y -.

§ ‏  تجسد مجموع مبادئ الإسلام وأحكامه، فهي تكوّن لدى دارسها أكبر قدر من الثقافة والمعارف الإسلامية، سواء ما كان منها متعلقًا بالعقيدة أو الأحكام أو الأخلاق.

§ ‏ نموذج حي عن طرائق التربية والتعليم، يستفيد منه المعلم والداعية المسلم. فقد كان الرسول محمد -y - معلمًا ناجحًا ومربيًا فاضلاً، لم يأل جهدًا في تلمس أجدى الطرق الصالحة في التربية والتعليم، خلال مختلف مراحل دعوته.

§ ‏ نتعرّف من خلالها على جيل الصحابة الفريد، الذي كـان صدى للقرآن، وكان التطبيق العملي لحكم الله أمرًا ونهيًا.

§ ‏ تمتاز سيرة الرسول -y - بأنها نُـقلت إلينا كاملة في كلياتها وفي جزئياتها، ولا تملك الإنسانية اليوم سيرة شاملة لنبي غير السيرة النبوية على صاحبها صلوات الله وتسليمه.

ويهدف تدريس السيرة في التعليم الأزهري –بشكل عام-إلى تحقيق ما يلي(قطاع المعاهد الأزهرية،2002):

·بناء نفسية الطالب على حب العظمة من خلال تقليده لشخص رسول الله في سلوكه وعقيدته وأخلاقياته

·فهم الطالب نظم الإسلام المختلفة من مثل وعبادات ومعاملات وآداب وأحكام .

·إكساب الطالب اتجاهات إيجابية مثل الاتحاد والتعاون .

·تنمية اعتزاز الطالب بإسلامه من خلال توضيح شخصية الأمة الإسلامية وسماتها المميزة.

وعند دراسة السيرة وتاريخ الأنبياء ينبغي على الإنسان أن يتخذ منها العظة والعبرة وأن يستمد منها القيم الأخلاقية التي توجه حياته الدنيا توجيها سليما ومن ثم انتهاج الطريق المستقيم إلى الحياة الآخرة (عماد الدين خليل 1978: 13).

كما تسهم دراسة سير الصالحين، وتاريخ الأمم في إكساب المتعلمين القدوة الصالحة المتخلقة بالقيم الإيمانية؛ مما يساعدهم على تهذيب أخلاقهم وغرس القيم السامية في نفوسهم ويحكم تصرفاتهم وذلك من خلال ما تقدم من مواقف تضرب فيها أروع الأمثلة في العدل والأمانة والشورى والشجاعة والحكمة والتواضع والتسامح وتحمل المسئولية والصدق وغيرها من متطلبات القدوة( نادية أمبابي،1997: 3).

وقد استخدم المربون(القدامى والمحدثون ) القدوة من خلال سير القادة والزعماء على وجه العموم وسير الأنبياء والصالحين بشكل خاص لتكون أداة أساسية لغرس القيم والمثل العليا في نفوس الأبناء ليثبتوا على الشجاعة والصدق والانتماء لمجتمعاتهم. إذ يقصد بها طلب موافقة الغير في فعله (محمد بن علي الشوكاني، 2003: 137) .

ويبرز دور التربية في مواجهة التطور ومسايرة التقدم الحالي من خلال البرامج التي تقدمها الجامعات لأبنائها، فهي كمؤسسة تربوية تلعب دوراً مهماً في صقل مهارات الطلبة وتطوير قدراتهم كي يستطيعوا مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، ولهذا سعت الأنظمة التربوية إلى إحداث تغيرات جذرية في الجامعات بحيث تخرج طلاب لديهم القدرة على المنافسة في مجتمع متطور تتطلب المواطنة الصالحة فيه قدرات عالية للتعامل مع التقنيات والتجهيزات الحديثة(منال سطوحي وآخرون،2008: 259).

كما أن رفع مستوى عمليتي التعليم والتعلم يتطلب الخروج من الجمود التعليمي القائم على التلقين وحفظ المعلومات واسترجاعها، إلى حيوية التعلّم الناتج عن الاستكشاف والبحث والتحليل والتعليل وصولاً إلى حلّ المشكلات، وهذا لا يتحقق إلا بإحداث تطوير نوعي في مصادر التعلّم ووسائطه المتنوعة، وتوظيف ما وصل إليه التقدم الهائل في تقنيات المعلوماتية الحديثة، فلا أحد ينكر ما لاستخدام البرمجيات من تأثير إيجابي لدى المتعلم، أو للشبكة العالمية للمعلومات "الإنترنت" وموقعها المتميز المتعـدد التقنيات، المسمى الشبكة العالمية الواسعة النطاق"Web"  التي أصبحت تشكل بيئة مناسبة للتعليم والتعلم في أي نظام تعليمي (أحمد السيد،2005 :211)؛ خاصة وأن التقدم التقني أَثّر وسيؤثر في المناهج لأن المعلومات التقانية قد فرضت نفسها فاستأثرت بجزء من الخبرات المرغوب تعلمها، فأصبحت الخبرات المتعلقة بالحاسب الآلي جزءاً مهماً بالنسبة لمنهج المدرسة .

وقد أكدت العديد من الدراسات التربوية ضرورة تفعيل التعليم الإلكتروني في التدريس ، ومن هذه الدراسات:

دراسة علي الدويدي (2006: 118)التي أوصت بإجراء دراسات تتناول مقارنة أثر استخدام برمجيات الحاسب الآلي في تنمية التفكير والتقنيات التعليمية الأخرى .

دراسة نبيلة عبد الحافظ ( 2006) التي أوصت  بضرورة تقديم مناهج تعليمية جديدة تستخدم الوسائل التعليمية الحديثة؛ لأن التعليم الحقيقي لا يقتصر على حشد المعلومات، وإنما يركز على  كيفية تحليلها واستخدامها، وهذا ما تقدمه تكنولوجيا التعليم الحديثة  عبر الحاسب الآلي ، حيث تساعد على تطوير وتسهيل التعليم و اكتسابه بأقل وقت ممكن.

دراسة أريج حكيم(2009) والتي  هدفت تعرف  أثر التعليم الإلكتروني لمفاهيم السيرة النبوية في التحصيل المعرفي لطالبات المرحلة الجامعية بالمدينة المنورة.                           

ومما سبق يتضح أن جل الدراسات والمؤتمرات العلمية تؤكد ضرورة البحث العلمي في مجال يُفعل التكنولوجيا بشكل تربوي، مع الأخذ بعين الاعتبار تبني منهجية علمية تُفعل البناء المعرفي بشكل يحقق الأهداف المرجوة للتطوير المنشود؛ لذلك يجب أن تكون نوعية حديثة من أساليب التعلم؛ وذلك يستلزم التفكير في طرائق تعليمية غير السائدة والحديثة ، لتؤدي إلى تعليم أفضل لأعداد أكبر من الطلاب والطالبات، وبإمكانات تتناسب مع الحاجات القائمة ، مما يجعل دور كليات التربية والباحثين في الدراسات العليا القيام بالبحث ، والتجريب ، والابتكار ، لاختيار أفضل الأساليب وتجريبها لمعرفة مدى فاعليتها(رضوان الشيخ ، 1994 : 301-302) .

المصدر: دكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 188 مشاهدة
نشرت فى 1 يونيو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,660,181