الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

تعريف المفهوم العقائدى :

يعرف لغة بأنه : مجموعة من الصفات والخصائص الموضحة لمعنى كلى. (المعجم الوسيط 1973: 72)

بينما يختلف علماء التربية وعلم النفس فى تعريفه حيث يرى البعض أنها : مجردات تنظيم عالم الأشياء والأحداث والظواهر المختلفة فى عدد صغير من الأقسام أو المجموعات أو الفئات، وهذه بدورها يمكن أن تضم عدداً آخر من الأقسام أو الفئات الفرعية فى مراتب متسلسلة بحيث يمكن لعدد محدود نسبياً من المفاهيم العلمية أن يتضمن قدراً كبيراً من المعرفة العلمية .

(أحمد كاظم، سعد يسى، 1973: 72)

كما يعرف المفهوم بأنه : ما يتكون لدى الفرد من معنى وفهم يرتبط بكلمة (مصطلح) أو عبارة أو عملية معينة ،فالمفهوم العلمى تصور عقلى مجرد يعطى اسما أو لفظاً ليدل على ظاهرة علمية ويتكون عن طريق تجميع الحقائق والخصائص المشتركة لعناصر هذه الظاهرة.

(عايش زيتون، 1994: 78)

أنواع المفاهيم  :

 تصنف المفاهيم إلى خمسة أنواع ، وذلك على النحو التالى:

أ ـ  المفاهيم المجمعة (الرابطة) Conjunctive Concepts :وهى المفاهيم التى تتضمن مجموعة من العناصر المشتركة بين مجموعات من المواقف أو الأشياء، ويجمع المفهوم بين حقيقتين وفى هذه الحالة يكون على الفرد أن يصل بين الأجزاء التى يتكون منها المفهوم .

ب ـ  المفاهيم الفاصلة (المفرقة ) Desconjunctive Concepts :وهى عبارة عن مجموعة من المواقف أو الأشياء أو الأحداث تختلف فى خواصها وطبيعتها، ويتضمن هذا النوع من المفاهيم مجموعة من الخصائص المتغيرة من موقف لآخر ولا نحتاج فيه كل الخصائص الخاصة بالمفهوم وإنما تكون موجودة بدرجات مختلفة .

جـ ـ  المفاهيم العلاقية Relational Concepts : وهى المفاهيم التى تتضمن وجود علاقات بين المواقف والأشياء والأحداث، ويذهب هذا النوع من المفاهيم إلى أبعد من مجرد تقسيم الأشياء أو الأحداث أو الظواهر وتصنيفها والتعرف على العناصر المشتركة فيما بينها ، وإنما يقرر بعض أنواع العلاقات بين مفهومين أو أكثر .

د ـ  مفاهيم محسوسة Empirical Concepts : وهذه المفاهيم يمكن ملاحظتها ولمسها عن طريق الحواس وهى أسهل المفاهيم اكتساباً.  

هـ ـ  مفاهيم مجردة أو نظرية Theoretical Concepts :وهذه المفاهيم لا يمكن ملاحظتها أو لمسها بالحواس ويتم تعلمها باستخدام التركيبات اللغوية المختلفة مثل التحديد وسياق الجمل والأمثلة الوصفية والترادفات.

    (سامى الأصبحى، 1993: 58)

تعلم المفهــوم الدينى :

يقصد بتعلم المفهوم قدرة المتعلم على التمييز بين الأشياء والأحداث بتصنيف أو تجميع الأشياء التى تتشابه خصائصها تحت اسم عام.

(سامى الأصبحى، 1993: 89)

فتعلم المفهوم نشاط عقلى يقوم به الفرد ليجمع بين شيئين أو حادثتين أو أكثر بهدف القيام بعملية التصنيف التى تؤدى إلى تعلم المفاهيم بشكل يمكنه من تصنيف أمثلة المفهوم وتمييزها عن غيرها من الأمثلة. ويرتبط تكوين المفاهيم الدينية والعقائدية بالمفاهيم بصفة عامة فى طرائق تكوينها ومراحلها، ويتم عرض بعض النظريات التى تناولت تكوين المفاهيم بهدف الخروج بكيفية تكوين المفاهيم الدينية والعقائدية .

  فتكوين المفاهيم عند فيجوتسكى Voygtosky وهو يمثل البنائية الاجتماعية – يحتاج إلى عمليات متتابعة يمارسها المتعلم من خلال وجوده فى مواقف تعليمية تعد لهذا الغرض ، وبناء على ذلك يقسم مراحل الارتقاء إلى تكوين المفهوم إلى ثلاث مراحل هى (دنيس آدمز1999) :

-       التشكيل العفوى لمفاهيم الحياة قبل دخول المدرسة :

-       مرحلة التفكير المركب .

-       مرحلة التفكير التجريدى وتشكيل المفاهيم .

أما بياجيه Piaget – وهو يمثل البنائية المعرفية – فيرى أن هناك ارتباطاً بين تكوين المفاهيم ومراحل نمو الطفل ولهذا فهو يصنف مراحل تكوين المفاهيم على أساس مراحل النمو لدى الطفل ويتكون المفهوم فى رأيه تبعاً لأربع مراحل .(دنيس آدمز1999) :

المرحلة الأولى : (مرحلة الإحساس والحركة) وتمتد من الميلاد وحتى نهاية السنة الثانية تقريباً،وفيها يقوم الطفل قبل تعلمه اللغة برسم صورة أو نموذج للعالم الخارجى عن طريق حواسه وتحركاته المختلفة ، وفى هذه المرحلة تظهر المفاهيم فى بادئ الأمر كأحاسيس عامة .

المرحلة الثانية : ( مرحلة ما قبل التفكير ) وتمثل الفترة من سنتين إلى ست سنوات تقريباً ، حيث تبدأ اللغة فى ظهور وتترجم على أساسها الحركات والأحاسيس المختلفة إلى أفكار ورموز ، ويكون تفكيره فى هذه المرحلة سطحياً ومرتبطاً بالمظاهر الإدراكية .

المرحلة الثالثة : مرحلة العمليات المحسوسة : وتمتد من سبع سنوات إلى إحدى عشرة سنة ، وفيها يستطيع الطفل أن يربط بين المفاهيم المختلفة بعلاقات إما رياضية أو منطقية ، وأن يفر تفكيراً منطقياً غير مجرد فى أشياء ملموسة أو محسوسة .

المرحلة الرابعة : مرحلة العمليات المحددة " وتمتد من إحدى عشرة سنة إلى خمس عشرة سنة ، وفيها يبلغ أقصى مراحل النمو فى التفكير على أساس العمليات المجردة التى ذروتها فى سن خمس عشرة سنة ويكون تفكير الطفل " البالغ فيها على أساس منطقى قائم على وضع الفروض والاستنتاج الاستدلالى .

المرحلة الواقعية : وتبدأ من ذهاب الطفل إلى المدرسة حتى بداية فترة المراهقة فمفهوم الطفل فى هذه المرحلة عن الإله أو الملائكة أو الجنة أو النار مفهوم مشتق ، ومن الواقع الملموس ، فالله عنده بمثابة إنسان جبار ، قادر قوى ، وتختلف فكرة الطفل عن الله سبحانه وتعالى اختلافاً بينا من طفل لآخر نتيجة للبيئة الدينية التى تهيمن على سلوك الطفل .

 (فؤاد البهى 1975  : 249)

المرحلة الفردية : تبدأ من فترة المراهقة فالمفهوم الدينى يبدو فى نظر المراهق متغير ومتنوع وتبدو فكرة الجنة والنار والملائكة والشياطين متنوعة (صلاح الدين مجاور1983 : 56)

وفى هذه المرحلة يجرد الله سبحانه وتعالى من صفات التجسيد والتجسيم التى أن سبق أن خلعها عليه سبحانه وتعالى عندما كان فى مرحلة الطفولة فهو يتصور الله سبحانه وتعالى تصوراً معنوياً ويشغل فى التفكير فى صفاته وأفعاله ومكانته أكثر من انشغاله بشكله وصورته .

(كاميليا عبد الفتاح 1998 : 80)

أهمية تعليم مفاهيم العقيدة الإسلامية :

ترجع أهمية تعلم المفاهيم الدينية والعقائدية إلى أنها :

·  تضم المفاهيم الدينية التى يجب تعلمها لتكوين العقيدة اللازمة لأداء الشعائر الدينية .

· تكون القيم والسلوكيات التى يسلك على أساسها الفرد المسلم فى حياته فالمفاهيم السابقة تقوم بوظيفة بارزة فى تكوين سلوك الطالب.

 (على خليل1988 : 77 : 39) .

· تثبت مفاهيم العقيدة الإسلامية الصحيحة للفرد حيث يرتبط تكوين المفهوم بالتفكير فتكوين المفهوم خاصية تميز السلوك البشرى وهى التى تجعل الإنسان قادراً على التفكير بأنماطه ، فيعترف من خلال تلك المفاهيم المثال واللامثال ما يتفق وما لا يتفق مع العقيدة الصحيحة ، فالمفاهيم الدينية الخطأ لها تأثيرها عل عقيدة المسلم وعلى سلوكياته .

· تهدف فى النهاية تعرف المقاصد الشرعية من وراء الألفاظ ودلالاتها وإيقاظ العواطف والمشاعر الدينية ، لذا فإن المفهوم الدينى يمثل أداء معرفية جيدة لتنمية القيم الدينية . (حسن جابر1981 : 146)

المفاهيم الخطأ وتأثيرها على العقيدة الإسلامية :

تشير المفاهيم الخطأ لدى الأفراد فى العقيدة الإسلامية إلى المفاهيم التى تتكون لدى الفرد، والتى تحمل صياغة معتقدات وأفكار غير مطابقة لحقيقة العقيدة الإسلامية والدين الإسلامى ، وتأتى خطورة المفاهيم الخطأ لدى الأفراد فى العقيدة الإسلامية إلى أمرين :       

الأول : الناحية المفاهيمية أو المعرفية نفسها فى حقائق العقيدة : فالإسلام يريد من الأفراد عقائد إسلامية صحيحة فيما يتصل بالإلهيات والنبوات والغيبيات فالإنسان قد يفعل كل أمور الخير ولكن عقيدته غير صحيحة فيفعل هذه الأمور رياء أو اتفاقاً ، فقد قال سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [ الزمر 65] .

 فالإنحراف السلوكي ليس هو الإنحراف الوحيد في حياة أولئك المسلمين ، ولا هو الانحراف الأخطر في حياتهم لو كان الأمر مقصورا علي الانحراف السلوكي وحده  لكان الأمر علي سوئه – أهون بكثير . ولكن الأمر تجاوز ذلك إلي الانحراف في المفاهيم . (محمد قطب1997 : 21 ) .

الثانى : أن المفاهيم الخطأ لدى الفرد فى العقيدة الإسلامية تؤثر على سلوكه : لذا فالقرآن الكريم قوله سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) [ الكهف : 107] ، فجعل التكامل بين الإيمان والعمل سبيل أعلى مكان فى الجنة الفردوس الأعلى " فالعقيدة تبنى عليها نظرة الإنسان إلى الحياة وما فيها ، كما يترتب عليها سلوك الإنسان فى المجتمع ومن فيه ، كما يترتب عليها من سلوك الإنسان فى المجتمع سواء أكان هذا السلوك خيراً أو شراً صالحاً أو طالحاً ، حسناً أو قبيحاً ، صواباً أو خطأ . (محفوظ عزام1987 : 425)

 فإذا ما اعتقد المسلم أن التوكل هو عدم السعى والعمل وانتظار الرزق فيؤثر هذا فى سلوكه فلا يسعى فى الأرض طلباً للرزق اعتقاداً منه أنه متوكل على الله ، لهذا فمن الأهمية تصحيح مفاهيم العقيدة الإسلامية لدى التلاميذ فى سن مبكرة حتى لا تنمو تلك المفاهيم الخطأ مع نموه وبالتالى تؤثر على سلوكهم ويصعب تعديلها أو تغييرها " فالفرد لديه استعداد للاعتقاد فى سن مبكرة وهذا الاستعداد نستطيع تثقيفه وتوجيهه نحو الاعتقاد الصحيح وإبعاده عن الاعتقادات الخرافية والأوهام الباطلة وتحصينه بالاعتقاد الصحيح ضد الاعتقادات البطالة حتى لا يتأثر بها الناشئ إن صادفها فى حياته ، وكذلك نستطيع تطهير عقول الناس وقلوبهم من الشبهات والشكوك التى تزعزع سلوك الإنسان وتصرفاته . (محفوظ عزام 1987: 431)

ولكى تنمو مفاهيم العقيدة الإسلامية لدى طلاب المرحلة الجامعية ، لابد أولاً من التعرف على المفاهيم العقائدية الموجودة فى بنيتهم المعرفية ، ويترتب على هذا معرفة المفاهيم الصحيحة والمفاهيم الخطأ ، ثم  اختيار استراتيجية تدريسية مناسبة ويقترح الباحث استخدام أنشطة تربوية بهدف تقوية هذه المفاهيم ، مع تصويب المفاهيم الخطأ يتم تصويبها من خلال هذه الأنشطة .

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 743 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,643,459