الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

إذا كان التطوير بوجه عام يعنى الوصول بالشىء المراد تطويره إلى أفضل صورة ممكنة ، فإن مفهوم تطوير المنهج لا يبتعد كثيرا عن هذا الفهم ؛ إذ لا ينفصل مفهوم التطويرعن مفهوم المنهج ذاته ، فعندما كانت التربية القديمة تنظر إلى المنهج تلك النظرية الضيقة وأنه يقتصر على المقررات الدراسية، ومن ثم كان التطوير يقتصر على تعديل تلك المقررات بطرق وأساليب مختلفة، وأما فى ظل المفهوم الواسع للمنهج والذى ينظر إلى المنهج على أنه الحياة المدرسية الهادفة ، فإن التطوير قد أختلف معناه واتسع مجاله لكى يتناول جميع جوانب المنهج من؛ أهداف تحدد معالم العملية التربوية وتساعد على رسم خطاها إلى مادة تمثل جانب المعرفة من التراث الثقافى إلى طريقة ووسيلة يراد بهما مساعدة التلميذ إلى أقصى درجة ممكنة على استيعاب الخبرة وتمثلها والاستفادة بها إلى تقويم يراد به تحديد مدى ما بلغته العملية التربوية من نجاح فى تحقيق رسالتها وتحديد المشكلات واقتراح أساليب التغلب فيها .

والتطوير بهذا المفهوم الواسع عملية شاملة ترتبط أشد الارتباط ، بما تقدمه المدرسة إلى التلميذ وإعدادهم لحمل رسالته وحل مشكلاته والارتفاع بمستواه إلى أقصى الدرجات الممكنة ، بل بالثقافة ونموها المطرد والتربية وفلسفتها .

وإذا كان التطوير يرتبط بهذه الجوانب جميعا وبغيرها فإن الصلة بينه وبين هذه العوامل جميعا إنما هى صلة معقدة أشد التعقيد . أنها صلة التفاعل الدائم بين هذه العوامل على نحو يجعل تغير أحد هذه العوامل بحيث يؤثر فى العملية التربوية بجميع أبعادها ، فليس من الممكن أن تطور الأهداف والمادة أو الطريقة دون أن نتناول النظام التعليمى كله بتغيير وتبديل وحدوث نتائج مختلفة سواء أردنا أم لم نرد وسواء خططنا لهذا التغيير ونتائجه أم تركنا الأمور نجرى فى أعنتها على غير هدى وإلى غير نهاية مرسومة .

والتطوير بهذا المفهوم يتناول أمور لها صلة قوية بالعملية التربوية ، فليس الأمر مجرد تعديل أو تغيير فيما تقدمه المدرسة إلى التلميذ ، إنه يتناول فيما يتناوله المدرس الذى تعهد له بتنفيذ المنهج ، ويتناول فيما يتصل بالمدرس طريقة اختياره وأسلوب إعداده قبل الخدمة وتدريبه والإشراف عليه أثناء الخدمة وتهيئة الظروف المناسبة أمامه لتنفيذ التعديل بالروح التى وضع من أجلها ، كما يتناول المدرسة بإمكانياتها المختلفة من فصول ومعامل وردهات ووسائل وأدوات وكتب واتصالات بالبيئة والحياة خارج المدرسة ، بل يتناول كثيرا من الأمور التى تشارك المدرسة فى أداء رسالتها ، فالمدرسة لم تعد ، بل لم تكن فى يوم من الأيام مستقلة بتربية التلميذ وتكوينه ، فهناك الأسرة وجماعة الأصحاب والمجتمع الواسع بعادات وتقاليد ، وفلسفته وضغوطه ، وهناك وسائل الإعلام من الإذاعة المرئية والمسموعة ومن الصحف والمجلات والكتب الثقافية ومن السينما والمسرح ومن كل ما يؤثر على تكوين التلميذ وبناء عقله وجسمه وشخصية مما ينبغى أن يؤخذ فى الاعتبار عند تطوير المناهج .

ومن كل ذلك نرى أن تطوير المناهج  يتضمن مجموعة من العمليات الكبرى التى لا تتناول ما تقدمه إلى التلميذ فى المدرسة فحسب ، بل جميع العوامل والمؤثرات التى تؤثر فى العملية التربوية وتحدد أثارها ونتائجها .

الفرق بين التطوير والتغيير :

يتجه التغيير إما إلى الأفضل أو إلى الأسواء ،فهو أحيانا قد يؤدى إلى تخلف عن الوضع المأمول وأحيانا قد يؤدى إلى تحسين للوضع القائم .أما التطوير القائم على أساس علمى فإنه يؤدى بالضرورة إلى الرقى والتقدم ،وأيضا فإن التطوير لابد وأن يتم بإرادة الإنسان ورغبته فى تحسين الحال وتجاوز السلبيات ومسايرة التقدم والتغيير على الضد من ذلك فقد يتم بدون إرادة الإنسان .ومما لا شك فيه أن التطوير بتم يشكل شامل يقع على جميع جوانب العملية التعليمية بينما التغيير يقع بشكل جزئى  .

ولقد شهدت الفترة الأخيرة فى مصر محاولات كبيرة لتطوير المناهج امتدت لتشمل مناهج المرحلة الابتدائية والإعدادية ،ويجرى الأن دراسات لتطوير التعليم الثانوى تطويرا يشمل الأهداف والمحتوى وطرائق التدريس والتقويم .

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 777 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,503