تطورت شبكة الإنترنت في السنوات الأخيرة بشكل مذهل وسريع جدا وأصبحت كتابا مفتوحا للعالم أجمع. فهي غنية بمصادر المعلومات إلى درجة الفيضان،فلقد أصبح الحاسوب وتطبيقاته جزءاً لا يتجزأ من حياة المجتمعات العصرية. وقد أخذت تقنية المعلومات المبنية حول الحاسوب تغزو كل مرفق من مرافق الحياة. فاستطاعت هذه التقنية أن تغيّر أوجه الحياة المختلفة في زمن قياسي. ثم ولدت شبكة الإنترنت من رحم هذه التقنية فأحدثت طوفاناً معلوماتياً. وأصبحت المسافة بين المعلومة والإنسان تقترب من المسافة التي تفصله عن مفتاح جهاز الحاسوب شيئاً فشيئاً. وأما زمن الوصول إليها فأصبح بالدقائق والثواني. فكان لزاماً على كل مجتمع يريد اللحاق بالعصر المعلوماتي أن ينشئ أجياله على تعلّم الحاسوب وتقنياته ويؤهلهم لمجابهة التغيّرات المتسارعة في هذا العصر. لذا فقد قامت بعض الدول بوضع خطط معلوماتية استراتيجية ومن ضمنها جعل الحاسوب وشبكة الإنترنت عنصراً أساسياً في المنهج التعليمي. "وتختلف خطط إدخال المعلوماتية في التعليم تبعاً لاختلاف الدول. إن التوجه العام حالياً هو الانتقال من تدريس علوم الحاسب الآلي إلى الاهتمام بالتخطيط لزيادة التدريس المعتمد على المعلوماتية عبر المناهج الدراسية"..
وإذا نظرنا إلى التعليم من زاوية حاسوبية، فإن هناك ثلاثة أنواع من التعليم وجدت عبر الزمن حتى وقتنا الحاضر: التعليم التقليدى، والتعليم باستخدام الحاسوب، والتعليم باستخدام الإنترنت.
1- التعليم التقليدى:يرتكز التعليم التقليدي على ثلاثة محاور أساسية، وهى: المعلم والمتعلّم والمعلومة. وقد وجد التعليم التقليدى منذ القدم وهو مستمر حتى وقتنا الحاضر. ولا نعتقد أنه يمكن الاستغناء عنه بالكلّية لما له من إيجابيات لا يمكن أن يوجدها أي بديل آخر. فمن أهم إيجابياته التقاء المعلم والمتعلّم وجهاً لوجه. وكما هو معلوم في وسائل الاتصال فهذه أقوى وسيلة للاتصال ونقل المعلومة بين شخصين. ففيها تجتمع الصورة والصوت بالمشاعر والأحاسيس، "حيث تؤثر على الرسالة والموقف التعليمي كاملاً وتتأثر به وبذلك يمكن تعديل الرسالة وبهذا يتم تعديل السلوك ويحدث النمو (تحدث عملية التعلّم)". ولكن في العصر الحاضر يواجه التعليم التقليدي منفرداً بعض المشكلات مثل:
1- الزيادة الهائلة في أعداد السكان وما ترتب عليها من زيادة في أعداد الطالب.
2- قلة أعداد المعلمين المؤهلين تربوياً.
3- الانفجار المعرفي الهائل وما ترتب عليه من تشعب في التعليم.
4- القصور في مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب. فالمعلم ملزم بإنهاء كم من المعلومات في وقت محدد، مما قد لا يمكّن بعض المتعلّمين من متابعته بنفس السرعة. ومع بروز مثل هذه المشكلات، فإن الحاجة تدعو إلى استخدام وسائل تعليمية تساعد على التخفيف من آثارها.
2- التعليم باستخدام الحاسوب:يمثل الحاسوب قمة ما أنتجته التقنية الحديثة. فقد دخل الحاسوب شتى مناحى الحياة بدءاً من المنزل وانتهاء بالفضاء الخارجي. وأصبح يؤثر في حياة الناس بشكل مباشر أو غير مباشر. ولما يتمتع به من مميزات لا توجد في غيره من الوسائل التعليمية فقد اتسع استخدامه في العملية التعليمية. ولعل من أهم هذه المميزات: التفاعلية حيث يقوم الحاسوب بالاستجابة للحدث الصادر عن المتعلّم فيقرر الخطوة التالية بناءاً على اختيار المتعلّم ودرجة تجاوبه. ومن خلال ذلك يمكن مراعاة الفروق الفردية للمتعلّمين. وفي مقابل هذه المميزات هناك سلبيات لاستخدام الحاسوب في التعليم من أهمها افتقاده للتمثيل (الضمني) للمعرفة. فكما هو معلوم فإن وجود المتعلم أمام المعلم يجعله يتلقى عدة رسائل في اللحظة نفسها من خلال تعابير الوجه ولغة الجسم والوصف والإشارة واستخدام الإيماء وغيرها من طرق التفاهم والتخاطب (غير الصريحة) والتي لا يستطيع الحاسوب تمثيلها بالشكل الطبيعي.
لقد تباينت وتشعبت الآراء حول استخدام الحاسوب في التعليم بصفة عامة. ولعل علاج الأخيرة يكون بتوطين المحتوى، أى أن نستخدم الجهاز كأداة ونصمم له البرامج التي تتناسب مع ثقافتنا. وأما الأولى وما يصاحبها من سلبيات فلعل علاجها يكون بالاقتصار على استخدام الحاسوب بوصفه وسيلة مساعدة للمعلم. وهذا أحد الأشكال الثلاثة التي يستخدم فيها الحاسوب في التعليم وهى:
1- التعلم الفردي: حيث يتولى الحاسوب كامل عملية التعليم والتدريب والتقييم أي يحل محل المعلم.
2- التعليم بمساعدة الحاسوب: وفيها يستخدم الحاسوب كوسيلة تعليمية مساعدة للمعلم.
3- بوصفه مصدراً للمعلومات: حيث تكون المعلومات مخزّنة في جهاز الحاسوب ثم يستعان بها عند الحاجة.
وقد يكون من الأفضل قصر استخدام الحاسوب في التعليم العام على الشكلين الأخيرين حيث أن المتعلم لا يزال في طور البناء الذهني والمعرفي.
لقد أجريت دراسات في الدول المتقدمة حول مستوى التحصيل عند استخدام الحاسوب في العملية التعليمية، فتوصلت مجمل النتائج إلى أن المجموعات التجريبية (التي درست باستخدام الحاسوب) قد تفوقت على المجموعات الضابطة (التي لم تستخدم الحاسوب في التعلم). وقد توصلت دراسات عربية إلى النتائج السابقة نفسها.
4- التعليم باستخدام شبكة الإنترنت:بدأت شبكة الإنترنت في الولايات المتحدة الأمريكية شبكة عسكرية للأغراض الدفاعية. ولكن بانضمام الجامعات الأمريكية ثم المؤسسات الأهلية والتجارية – في أمريكا وخارجها – جعلها شبكة عالمية تستخدم في شتى مجالات الحياة. لذا كانت هذه الشبكة المساهم الرئيسي فيما يشهده العالم اليوم من انفجار معلوماتي. وبالنظر إلى سهولة الوصول إلى المعلومات الموجودة على الشبكة مضافاً إليها المميزات الأخرى التي تتمتع بها الشبكة فقد أغرت كثيرين بالاستفادة منها كل في مجاله. من جملة هؤلاء، التربويون الذين بدءوا باستخدامها في مجال التعليم. حتى أن بعض الجامعات الأمريكية وغيرها، تقدم بعض موادها التعليمية من خلال الإنترنت إضافة إلى الطرق التقليدية. ولعل من أهم المميزات التي شجعت التربويين على استخدام هذه الشبكة في التعليم، هى:
1- الوفرة الهائلة في مصادر المعلومات.ومن أمثال هذه المصادر:
- الكتب الإلكترونية (Electronic Books).
- الدوريات (Periodicals).
- قواعد البيانات (Date Bases).
- الموسوعات (Encyclopedias).
- المواقع التعليمية (Educational sites).
2 - الاتصال غير المباشر (غير المتزامن):
يستطيع الأشخاص الاتصال فيما بينهم بشكل غير مباشر ومن دون اشتراط حضورهم في نفس الوقت باستخدام:
- البريد الإلكتروني (E-mail): حيث تكون الرسالة والرد كتابياً.
- البريد الصوتي (Voice–mail):حيث تكون الرسالة والرد صوتياً.
3- الاتصال المباشر (المتزامن): وعن طريقه يتم التخاطب في اللحظة نفسها بواسطة:
- التخاطب الكتابي (Relay–Chat) حيث يكتب الشخص ما يريد قوله بواسطة لوحة المفاتيح والشخص المقابل يرى ما يكتب في اللحظة نفسها، فيرد عليه بالطريقة نفسها مباشرة بعد انتهاء الأول من كتابة ما يريد.
- التخاطب الصوتي (Voice–conferencing) حيث يتم التخاطب صوتياً في اللحظة نفسها هاتفياً عن طريق الإنترنت.
- التخاطب بالصوت والصورة (المؤتمرات المرئية) Video-conferencing) حيث يتم التخاطب حياً على الهواء بالصوت والصورة. هذه أبرز إيجابيات شبكة الإنترنت. أما السلبيات فسنعرض لها لاحقاً تحت "المحاذير".
الإبداع والتعلم الفعال:
ومن خلال التجارب السابقة فى هذا المجال مثل تجربة سنغافورة وغيرها، نستخلص بعض الفوائد التي يمكن أن تجنى من التعليم الشبكي. وكذلك يمكن التعرف على المشكلات والعقبات التي يمكن أن يواجهها هذا النوع من التعليم، والمحاذير التي يجدر الانتباه لها.
وهناك أمور ينبغي أخذها في الاعتبار عند التخطيط للتعليم الشبكي منها:
· ضرورة اتخاذ القرار على المستوى السياسي مصحوباً بخطة متكاملة.
· اعتبار شبكة الإنترنت وسيلة أساسية من وسائل التعليم.
· دمع النموذج التعليمي القائم على بيئة شبكات المعلومات الحديثة ضمن عملية تطوير طرق التدريس.
· يمكن جني الفائدة الحقيقة من استخدام الإنترنت وتقنيات المعلومات في التعليم بتبني مبدأ "الوجود النشط" للإدارات التعليمية. ويعني ذلك أن تقوم الإدارات التعليمية المختلفة بتوفير مصادر المعلومات الخاصة بها على الشبكة.
· لابد من توفير مكتبات غنية بأنواع المعرفة بلغة المعلمين والمتعلمين.
أثر استخدام التعليم الشبكي في عمليتي التعلم والتعليم:
لقد أثر استخدام التعليم الشبكي في عمليتي التعلم والتعليم، ويلاحظ ذلك من خلال الأمور التالية):
·تأثر وتأثير دور المعلم في العملية التعليمية. فبدل أن يكون المعلم هو الكل – موفر المعلومة والمتحكم فيها – سيصبح موجهاً لعملية التعلم ومتعلماً في الوقت نفسه.
· زيادة مستوى التعاون بين المعلم والطلاب.
·البيئة التي يوفرها التعليم الشبكي تقلل من الفروق بين التعليم التقليدي والتعليم عن بعد.
·وجود المرونة في التعلم، فالطالب يتعلم متى وكيفما شاء.
· تحول الطالب من التعلم بطريقة الاستقبال السلبي إلى التعلم عن طريق التوجيه الذاتي.
·تعلم الطالب بشكل مستقل عن الآخرين يبعده عن التنافس السلبي والمضايقات.
·زيادة الحصيلة الثقافية لدى الطالب.
·ارتفاع مستوى التحصيل الدراسي بدرجة ملحوظة.
·تنامي روح المبادرة واتساع أفق التفكير لدى الطالب.
·حل مشكلات الطلاب الذين يتخلفون عن زملائهم لظروف قاهرة، كالمرض وغيره، من خلال المرونة في وقت التعلم.
ولقد مرت التجارب السابقة بمشكلات وعقبات منها ما هو عام ومنها ما هو خاص بكل تجربة حسب الظروف المحيطة بها، ولكنها قد تتكرر في أماكن أخرى ومن هذه المشكلات والعقبات:
التحدي التقني ويكون على صور مختلفة منها:
· الحاجة لتعلم كيفية التعامل مع هذه التقنيات الحديثة.
· صعوبة مواكبة التطور السريع لتقنيات الحاسوب.
· ضعف البنية التحتية للاتصالات في بعض الدول مما يؤثر سلباً على الاتصال بشبكة الإنترنت.
· الطبيعة الجغرافية لبعض البلدان قد تشكل عقبة أمام استخدام التقنيات الحديثة.
· حاجز اللغة حيث أن اللغة المستخدمة بنسبة كبيرة في المنتجات التقنية والمعلوماتية في شبكة الإنترنت هي اللغة الإنجليزية.
العامل الاقتصادي.
1- على مستوى تمويل المشروع.
2- على المستوى الفردي من حيث القدرة الشرائية.
3- وجود الممانعة وعدم التقبل للتقنيات الحديثة في مجال التعليم لدى بعض المعلمين ورجال التعليم.
4- طبيعة النظم التعليمية، مثل:
· أساليب التعليم المرتبطة بأطر وأنظمة يجب التزامها من قبل المعلمين والهيئات التعليمية.
· عدم وجود الرابط بين المناهج وتقنية المعلومات لحداثة الأخيرة.
· قد لا يستطيع الطالب التعبير عما في نفسه باستخدام الحاسوب – كما في التعليم التقليدى– مما قد يسبب له إحباطاً.
· عدم استقرار وثبات المواقع والروابط التي تصل بين المواقع المختلفة على شبكة الإنترنت. فقد نجد الموقع أو المعلومة اليوم ولا نجدها غداً.
إن نجاح العملية لا يتم إلا بمساعدة المعلم؛ فللمعلم ما يتصف به من كفاءات وما يتمتع به من رغبة وميل للتعليم هو الذي يساعد الطالب على التعلم ويهيئه لاكتساب الخبرات التربوية المناسبة. صحيح ان الطالب هو محور العملية التعليمية و أن كل شيء يجب أن يكيف وفق ميوله واستعداداته وقدراته ومستواه الأكاديمي والتربوي، إلا أن المعلم لا يزال العنصر الذي يجعل من عملية التعلم والتعليم ناجحة وما يزال الشخص الذي يساعد الطالب على التعلم والنجاح في دراسته ومع هذا فان دور المعلم اختلف بشكل جوهري بين الماضي والحاضر فبعد ان كان المعلم هو كل شيء في العملية التعليمية هو الذي يحضر الدروس وهو الذي يشرح المعلومات وهو الذي يستخدم الوسائل التعليمية وهو الذي يضع الاختبارات لتقييم التلاميذ فقد أصبح دوره يتعلق بالتخطيط والتنظيم والإشراف على العملية التعليمية أكثر من كونه شارحا. لمعلومات الكتاب المدرسي.
لقد تغير دور المعلم تغيرا ملحوظا من العصر الذي كان يعتمد على الورقة والقلم كوسيلة للتعلم والتعليم إلى العصر الذي يعتمد على الحاسوب والانترنت وهذا التغير جاء انعكاسا لتطور الدراسات في مجال التربية وعلم النفس وعلم النفس التعليمي بخاصة وما تمخضت عنه من نتائج وتوصيات، حيث كانت قديما تعتبر المعلم العنصر الأساسي في العملية التعليمية والمحور الرئيسي لها، ولكنها الآن تعتبر الطالب المحور الأساسي، وتبعا لذلك فقد تحول الاهتمام من المعلم الذي كان يستأثر بالعملية التعليمية إلى الطالب الذي تتمحور حوله العملية التعليمية وذلك عن طريق إشراكه في تحضير وشرح بعض أجزاء المادة الدراسية، واستخدام الوسائل التعليمية والقيام بالتجارب المخبرية والميدانية بنفسه والقيام بالدراسات المستقلة وتقييم أدائه أيضا. هذا التغير لم يحدث بشكل مفاجئ ولكنه جاء بشكل متدرج ومر بعدة مراحل متداخلة نوجزها في النقاط التالية:
1- دور الملقن وحشو ذهن الطالب بالمعلومات:كان دور المعلم قديما يركز على تلقين المعلومات وحشو ذهن الطالب حيث كان يقدم معلومات نظرية تتعلق بالفلسفة والخيال وما وراء الطبيعة ولم يكن لها ارتباط بالواقع العلمي. ونادرا ما كانت تتضمن فائدة عملية تطبيقية. علاوة على انه لم يكن للطالب أي دور في العملية التعليمية باستثناء تلقيه لهذه المعلومات سواء كانت هذه المعلومات ذات معنى وفائدة بالنسبة له ام لا وما كان على الطالب في نهاية الأمر الا حفظها صما بهدف استرجاعها وقت الامتحان.
2- دور الشارح للمعلومات: أخذ دور المعلم يتطور رويدا رويدا وخاصة بعد ان ثبت ان عملية التلقين ليس لها جدوى في تعليم الطالب وبناء شخصيته و إعداده للحياة ليصبح المعلم في هذا الدور شارحا للمعلومات مفسرا لها متوقفا عند النقاط الغامضة فيها، وبهذا التطور فقد سمح المعلم للطالب المساهمة في العملية التعليمية عن طريق إتاحة الفرصة له بطرح بعض الأسئلة حول المعلومات التي لا يفهمها بحيث لا يتعدى ذلك سلطة المعلم.
ومع محدودية هذه الفرصة للطالب إلا أنها ساعدته على استجلاء أهمية التعلم و إدراك معنى المادة الدراسية وقيمتها وفائدتها.
3- دور المستخدم للوسائل التعليمية: لقد شعر المعلم ان تلقين المعلومات وشرحها للطالب ليس كافيا لتوصيل ما يريد توصيله ما لم يستخدم بعض الوسائل التعليمية التوضيحية من صور وملصقات ومجسمات وخرائط وغيرها، ولكن دون أن يرافقها تخطيط لاستخدامها، أو معرفة الهدف من إجراءها أو حتى توقيت استخدامها ومناسبتها للطالب. وكان استخدامها عشوائيا وعلى مزاج المعلم، وقد تستخدم وقت حضور المفتش لعرض دروس جيدة أمامه، ومع هذا فقد ساعد هذا الدور على إدراك ضرورة شرح المادة بشيء من التوضيح وربط ما يدرسه المعلم من مادة نظرية بالواقع المحسوس، وأهمية أن يوظف الطالب حواسه أثناء تعلمه، ومع هذا فقط ظل المعلم هو المسيطر على العملية التعليمية المهين على مجريات أمورها، المستخدم لوسائلها والمقيم لأداء طلبتها.
4- دور القائم بالتجارب المخبرية:لقد ساعد تطور العلم والمعرفة على تطور دور المعلم من الشارح للمعلومات والمستخدم للوسائل التعليمية إلى دور المجري للتجارب المخبرية والميدانية وذلك نظرا لأهمية الخبرة المنظورة المباشرة في إغناء تعلم الطالب وأكثر من ذلك فقد اخذ المعلم يفكر في إشراك الطالب بإجراء هذه التجارب بنفسه بهدف إكسابه بعض المهارات العلمية المباشرة التي تفيده في الحياة. وهذه المرحلة التطورية لدور المعلم وافقت التطور في أبحاث التربية وعلم النفس أيضا والتي أخذت تنادي بضرورة ان يكون الطالب محور العملية التعليمية بدل المعلم إذ أنهم أدركوا أن الطالب هو الذي يجب ان يتعلم وهو الذي يجب أن يحقق الأهداف التربوية وهو الذي يجب أن يكتسب الخبرات والمهارات وليس المعلم، وبالتالي فان كل شيء في البيئة التعليمية بما فيها المعلم والمنهاج يجب ان يكيف واستعدادات الطالب وقدراته وميوله واتجاهاته ويكفل له التعلم الناجح.
5- دور المشرف على الدراسات المستقلة:مع تطور العصر وازدياد النمو السكاني المتمثل في ازدياد عدد الطلاب، وتغير ظروف الحياة والمجتمع والتي على ضوئها تغير مفهوم التربية من تزويد الطالب بالمعلومات التي تساعده على الحياة إلى تزويده بالمهارات التي تعده للحياة، فقد نشأت الحاجة إلى تطوير دور المعلم من مزود بالمعلومات إلى مكسب الطالب بالمهارات العملية وأساليب البحث الذاتي التي تعده للحياة وتنمي استقلاليته وتوثق اعتمداه على نفسه. من هنا فقد اخذ دور المعلم يتجلى في إتاحة الفرصة للطالب القيام ببعض الدراسات المستقلة تحت إشراف المعلم وبتوجيه منه إذ ان مثل هذه الخبرة التعليمية من شأنها ان تزود الطالب بمهارات البحث الذاتي وترشده إلى كيفية الحصول على المعرفة من تلقاء ذاته إذا لم يوجد المعلم بقربه كما في التعليم عن بعد.
6- دور المخطط للعملية التعليمية: شهد الربع الأخير من القرن العشرين تطور في مجال تطبيق العلوم النفسية والتربوية ووافق هذا التطور استخدم الحاسوب التعليمي في العملية التعليمية. ومع انتشار الحاسوب التعليمي في جميع مجالات الحياة بما فيها العملية التعليمية نشأت الحاجة إلى تصميم البرامج التعليمية بطريقة مدروسة تتفق وخصائص المتعلمين وما يتصفون به من استعدادات وذكاء وقدرات وميول واتجاهات وغيرها. وتراعي الفروق الفردية، وتساعدهم على تحقيق الأهداف التعليمية المنشودة في اقل وقت وجهد وتكلفة. و قد ظهر الوعي في أوساط المربين بان الطالب هو الذي يجب ان يستخدم الحاسوب بإشراف المعلم وبتخطيط منه فالطالب في مثل هذا التعلم ينظر إليه على انه إنسان نشيط، قادر على القيام باستجابات مستمرة فعالة ولديه القدرة على تحليل المعلومات وتنظيمها والمشاركة في عملية التعلم جنبا إلى جنب مع المعلم وتحت إشرافه وتوجيهه كما يحصل في التعليم عن بعد (Distance learning )
دور المعلم في عصر الانترنت والتعليم عن بعد:
تعد شبكة الإنترنت نظام لتبادل الاتصال و المعلومات اعتمادا على الحاسوب ,حيث يحتوي نظام الشبكة العالمية على ملايين الصفحات المترابطة عالميا و التي يمكن من خلالها الحصول على الكلمات و الصوت و أفلام الفيديو و الأفلام التعليمية و رسائل الدكتوراة و الماجستير و الأبحاث التعليمية المرتبطة بهذه المعلومات من خلال الصفحات المختارة.
ان الاستخدام الواسع للتكنولوجيا و شبكة الإنترنت العالمية أداء إلى تطور مذهل وسريع في العملية التعليمية كما اثر في طريقة أداء المعلم و المتعلم و إنجازاتها في غرفة الصف حيث صنع طريقة جديدة للتعليم ألا و هي طريقة التعليم عن بعد والذي يعتبر تعليم جماهيري يقوم على أساس فلسفة تؤكد حق الأفراد في الوصول الى الفرص التعليمية المتاحة بمعنى انه تعليم مفتوح لجميع الفئات لا يتقيد بوقت و فئة من المتعلمين و لايقتصر على مستوى او نوع معين من التعليم، فهو يتناسب و طبيعة حاجات المجتمع و أفراده وطموحاته وتطور مهنهم ولا يعتمد على المواجهة بين المعلم والمتعلم و إنما على نقل المعرفة و المهارات التعليمية الى المتعلم بوسائط تقنية متطورة و متنوعة مكتوبة و مسموعة ومرئية تغني عن حضوره إلى داخل غرفة الصف.
وتتطلب هذه الطريقة من المعلم أن يلعب ادوار تختلف عن الدور التقليدي المحصور في كونه محددا للمادة الدراسية، شارحا لمعلومات الكتاب المدرسي منتقيا للوسائل التعليمية، متخذا للقرارات التربوية وواضعا للاختبارات التقويمية فأصبح دوره يرتكز على تخطيط العملية التعليمية وتصميمها وإعدادها، علاوة على كونه مشرفا ومديرا وموجها ومرشدا ومقيما لها.
فالمعلم في هذه الطريقة يحاول أن يساعد الطلاب ليكونوا معتمدين على أنفسهم نشطين، مبتكرين وصانعي مناقشات ومتعلمين ذاتيين بدل ان يكونوا مستقبلي معلومات، فهي بذلك تحقق النظريات الحديثة في التعليم المعتمدة والمتمركزة على المتعلم وتحقق أسلوب التعلم الذاتي له.
و للمعلم في عصر الانترنت والتعلم عن بعد دور مرتبط بمجالات واسعة هى:-
1- تصميم التعليم:مع تطور هذا العصر وانتشار الحاسوب التعليمي أصبح لزاما على المعلم ان يتزود بمهارات المصمم التعليمي لكي يتسنى له تصميم المادة الدراسية التي يدرسها وتنظيمها وإعدادها سواء كانت هذه المادة معدة للطالب الذي يدرس في نظام التعليم التقليدي المحصور والمقيد بدوام أو الطالب الذي يدرس في نظام التعليم الذي لا ينحصر بجدران ولا يتقيد بدوام وانتظام كنظام التعليم عن بعد. وهذا يتطلب من وزارات التربية والتعليم في كل مكان العمل على تدريب المعلمين على التزود بمهارات التصميم التعليمي ليواكبوا العصر التقني المتطور الذي يعيشون فيه والذي يعتمد في جوهره على التخطيط والتنظيم.
وقبل أن نتعرف على دور المصمم التعليمي والنشاطات التي ينخرط بها لا بد لنا ان نتطرق لتعريف علم تصميم التعليم والذي نستمد منه تعريف دور المصمم التعليمي ونشاطاته.
1- علم تصميم التعليم: حقل من الدراسة والبحث يتعلق بوصف المبادئ النظرية (Descriptive) والإجراءات العملية(Prescriptive ) المتعلقة بكيفية إعداد البرامج التعليمية والمناهج المدرسية والمشاريع التربوية والدروس التعليمية والعملية التعليمية كافة بشكل يكفل تحقيق الأهداف التعليمية المرسومة ومن هنا فهو علم يتعلق بطرق تخطيط عناصر العملية التعليمية وتحليلها وتنظيمها وتصويرها في أشكال وخرائط قبل البدء بتنفيذها وسواء كانت هذه المبادئ وصفية أم إجرائية عمليه فهي تتعلق بسبع خطوات أساسية هي:
1 – اختيار المادة التعليمية. 2 - تحليل محتواها. 3- تنظيمها.
4- تطويرها. 5- تنفيذها. 6- إدارتها.
7- تقويمها.
في حين يعرّف دور المصمم التعليمي بأنه كافة النشاطات التي يقوم بها الشخص المكلف بتصميم المادة الدراسية من مناهج أو برامج أو كتب مدرسية أو وحدات دراسية أو دروس تعليمية وتحليل الشروط الخارجية والداخلية المتعلقة بها بهدف وضع أهدافها وتحليل محتواها وتنظيمها واختيار الطرائق التعليمية المناسبة لها واقتراح الأدوات و المواد والأجهزة والوسائل التعليمية اللازمة لتعليمها واقتراح الوسائل الإدراكية المساعدة على تعلمها وتصميم الاختبارات التقويمية لمحتواها.
ويمارس مصمم النظام التعليمي تصميم المواد المطبوعة واستخدام التقنيات الحديثة التي أصبح لها الدور الأهم لكل معلم وخاصة لمعلمي التعليم عن بعد، وبالتالي يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في الإلمام بكل ما هو حديث في مجال التربية، من نظريات ومدارس وأفكار وطرق تدريس وعرض التعليم وأساليب التقييم ونظريات علم النفس وكيفية عرض التعليم بطريقة ممتعة ومناسبة لمستوى المتعلم مثيرة لدافعيته وإخراج المادة العلمية بأسلوب شيق وشكل متناسق و ألوان وأشكال متناسقة و الإلمام بعلم النفس التربوي إلى جانب ذلك عليه الإلمام بكل ما هو جديد في عالم الانترنت وخاصة في مجال التصميم للمواقع والصفحات والوسائط المتعددة بكافة أنواعها و أخر المستجدات في عالم الاتصالات وكيفية استخدامها وكيفية جمع المعلومات والمعارف من مصادر جيدة، و قدرة المصمم التعليمي على تحليل النظام التعليمي بشكل متكامل.
وهذا بالطبع سينعكس بشكل مباشر على انجاز الطلاب الاكاديمي لأن المعلمين الذين يمارسون تصميم التعليم سيكون لديهم جودة عالية في طريقة التعليم وهذا يؤدي إلى جودة عالية في مستوى الطلاب وتحصيلهم ويمكن التعبير عن ذلك بالعلاقة الموضحة في الشكل.
وعلم التصميم يحتوي على ست مجالات تعليمية هي قواعد لنشاطات المصمم التعليمي وهى:
- تحليل النظام التعليمي: ( Instructional Analysis )
وهو المجال الذي يتعلق بتصنيف الأهداف التعليمية إلى مستويات مختلفة وفق التصنيفات التربوية المعروفة في التربية كتصنيف " بلوم " وتصنيف " جانبه " وتحليل المادة التعليمية إلى المهام التعليمية الرئيسية والثانوية والمتطلبات السابقة اللازمة لتعلمها كما يتضمن هذا المجال تحليل خصائص الفرد المتعلم وتحديد مستوى استعداداته وقدراته وذكائه ودافعته واتجاهاته ومهاراته … الخ، وتحليل البيئة التعليمية الخارجية وتحديد الإمكانيات المادية المتوفرة وغير المتوفرة والمصادر و المراجع والوسائل اللازمة للعملية التعليمية ثم تحديد الصعوبات التي قد تعترض سير العملية التعليمية.
- تنظيم النظام التعليمي ( Instructional Design )
و هو المجال الذي يتعلق بتنظيم أهداف العملية التعليمية ومحتوى المادة الدراسية وطرائق تدريسها ونشاطاتها وطرائق تقويمها بشكل يؤدي إلى أفضل النتائج التعليمية في اقصر وقت وجهد وتكلفة مادية ويتعلق هذا المجال ايضا بوضع الخطط التعليمية سواء كانت أسبوعية أو شهرية أو فصلية أو سنوية.
- تطبيق النظام التعليمي ( Instructional Implementation )
وهو المجال الذي يتعلق بوضع كافة الكوادر البشرية والأدوات والمصادر والوسائل التعليمية واستراتيجيات التعليم المختلفة بما فيها طرائق التدريس والتعزيز وإثارة الدافعية ومراعاة الفروق الفردية وغيرها موضع التنفيذ والتطبيق.
- تطوير النظام التعليمي: (Instructional Development )
هو المجال الذي يتعلق بفهم وتطوير التعليم وتحسين طرق التعليم عن طريق استخدام الشكل والخارطة أو الخطة التي يقدمها المصمم التعليمي حول المنهاج التعليمي الذي من شأنه ان يحقق النتائج التعليمية المرغوبة وفق شروط معينة.
- إدارة النظام التعليمي ( Instructional Management )
وهو المجال الذي يتعلق بضبط العملية التعليمية والتأكد من سيرها في الاتجاه الذي يحقق الأهد�
ساحة النقاش