لا توجد طريقة تدريسية واحدة تصلح لتدريس النحو في المراحل التعليمية المختلفة، إذ أن لكل مرحلة عمرية خصائصها المميزة لها، كما أن لكل مرحلة مناجحها المناسبة لكل، والمختلفة عن مناهج المراحل الأخرى ومن ثم فإن طريقة تدريس النحو في المرحلة الابتدائية تختلف عن طريقة تدريسة في المراحل الأخرى وفيما يلى عرض لطرق تدريس النحو ف المراحل التعليمية المختلفة 0
1- في الدرسة الابتدائية :
يبدا تدريس النحو في الصفين الثالث والرابع، وذلك بطريقة التدريب اللغوى للأساليب اللغوية وسبيل ذلك هو الأسئلة والمحادثات، وذلك خلال دروس القراءة والتعبير وذلك بغرض تدريب التلاميذ على الأساليب اللغوية مثل الاستفهام والجواب وبعض الضمائر، ويمكن للمعلم استخدام بعض البطاقات والألعاب اللغوية في تنظم هذا التدريب، ولكن يجب عليه في هذه المرحلة الا يستخدم المصطلحات ولا يصوغ قاعدة حتى لا ينشغل التلاميذ بحفظها وفي حالة استخدام المعلم للبطاقات بغرض التدريب على بعض الأساليب كالاستفهام والجوائب مثلا، عليه أن يعد بطاقات بعدد التلاميذ نصفها يحمل أسئلة مع تنوع أدوات الاستفهام ونصفها يحمل أجوبه عن هذه الأسئلة وتوزع البطاقات على التلاميذ ثم يكلف تلميذ بأن يقرا ما في بطاقته فإن كان سؤالا يقف التلميذ الذى في بطاقته جواب هذا السؤال ويقرا هذا الجواب وفي استعمال الألعاب اللغوية يكتب المدرس نموذجا لسؤال يمكن التلاميذ مثل أنا رسمت كذا وأنت ماذا رسمت ؟ وهنا بقصد تدريب التلاميذ على استعمال الأساليب استعمالا صحيحا.
وفي الصفين الخامس والسادس يجب أن يكون محور الدرس قصة شائقة قصيرة أو موضوعا طريقا قصيرا ويسير المدرس على حسب الخطوات التالية :
-التمهيد للدرس وذلك بربط الدرس المالى بالسابق أو باستثارة التلاميذ ببعض الأسئلة أو باستخدام بعض النماذج الصحيحة لما يخطئ فيه التلاميذ في قاعدة معينة.
- عرض الدرس على سبورة إضافية.
- يطلب من التلاميذ قراءتها قراءة صامتة.
- يناقشهم الدرس في أخطارها ومعاينها العامة بأسئلة قليلة.
- يوجههم المدرس إلى بعض الكلمات أو الجمل ويناقشهم في استعمالاتها.
- يستنبط مهم القاعدة العامة.
- يدرسهم على هذه القاعدة بأستخدام أمثلة كثيرة ومتنوعة.
2- تدريس النحو في المرحلتين الإعدادية والثانوية :
مر تدريس النحو في المرحلتين الإعدادية والثانوية بثلاث مراحل تدريسية، ففى بداية القرن كانت الطريقة القياسية، ثم الطريقة الاستقرائية، ثم ظهرت أخيرا الطريق المعدلة القائمة على تدريس النحو من خلال النصوص المتكاملة والان نبحث كل طريقة هذه الطريقة بغية تعرف الأسس التى تقوم عليها والخطوات التى تتبعها في تدريس النحو مبتدئين بأقدمها.
أ- الطريقة القياسية :
وهى أقدم الطرق الثلاث وقد احتلت مكانة عظيمة في التدريس قديما ويشير في خطوات ثلاث : يستهل المدرسى الدرس بذكر القاعدة أو التعريف أو المبدأ العام، ثم يوضح هذه القاعدة بذكر بعض الأمثلة التى تنظبق عليها ليعقب ذلك التطبيق على القاعدة أم الأساس الذى تقوم عليه فهو عملية القياس، حيث ينتقل الفكر فيها من الحقيقة العامة إلى الحقائق الجزئية، ومن القانون العام إلى الحالات الخاصة ومن الكلى إلى الجزئى، ومن المبادئ إلى النتائج، وهى بذلك إحدى طرق التفكير التى يسلكها العقل في الوصول من المعلوم إلى المجهول، ولقد كانت سائدة في تدريس النحو في مطلع هذا القرن، فيعمد المدرس إلى ذكر القاعدة مباشرة موضحا إياها ببعض الأمثلة، ثم يأتى بالتطبيقات والتمرينات عليها، وقد ألفت بعض الكتب النحوية على هذا الأساس، ككتاب قواعد اللغة العربية لحفنى ناصف وأخرين معه.
ويؤخذ على هذه الطريقة البطء والتأنى في إيصال المعلومات، وقلة الأمثلة التى قد يعرضها المعلم، والتسرع فى الوصول إلى القاعدة.
ب- الطريق الاستقرائية ( الارستنباطية ) :
نشأت هذه الطريقة مع مقدم أعضاء البعثات التعليمية من أوربا، فقد نشأ هؤلا في ظل الطريقة القياسية، إلا أنهم تأثروا لدى وجووهم فى أوربا بالثورة التى قام بها المربى الألمانى يوحنا فردريك هربارت في طريقة تدريسهم للمواد ومنها النحو حيث يرتب الدرس إلى عدة نقاط يسميها هربارت " خطوات الدرس ".
وهى المقدمة، العرض، الربط، القاعدة أو الاستنباط، التطبيق.
ففي المقدمة يهيئ المدرس طلابه لتقبل المادة العلمية الجديدة وذلك عن طريق القصة والحوار أو بسط الفكرة بحيث تثير في نفوس الطلاب الذكريات المشتركة فتشدهم إلى التعلق بالدرس، وهى أساسية لأنها واسطة من وسائط النجاح وسبيل إلى فهم الدرس وتوضيحة، ثم ينتقل المدرس بعد هذه الخطوة إلى العرض.
والعرض هو لب الدرس، وعليه يتحدد الموضوع بحيث يعرض عرضا سريعا الهدف الذى يريد المدرس أن يبلغ بالطلاب |ليه، فهو مادة دسمة مغذية تصل ما سبقها بما لحقها وهو يدل على براعة المدرس ثم ينتقل بعد ذلك إلى الربط.
والربط هو الموازنة بين ما تعلمه الطالب اليوم، وبين ما تعلمه مالأمس القريب والبعيد فالهدف منه أن ترتبط المعلومات وتتسلسل في ذهن الطالب، ثم يصل المدرس بطلاقه إلى الاستنتاج.
وهنا يقف المدرس ليستنتج من عرضه للموضوع مادة يسجلها الطلاب قاعدة، على أن يفسح المجال أمام الطلاب لاستنتاج زبدة ما بلغ اليه السعى من الدرس ثم تأتى الخطوة الأخيرة وهى التطبيق.
والتطبيق تعلق عليه الأهمية الكبرى لأن دراسة القواعد لا تؤتى ثمارها الا بكثرة التطبيق عليها، وتدريب التلاميذ تدريبا كافيا على الأبواب التى يدرسونها فالألمام بالقواعد يمثل الجانب النظرى من الخصائص اللغوية في حين أن التطبيقات تمثل الجانب العملى الذى تبدو فائدته في القراءة السليمة والتعبير السليم.
والطريقة الاستقرائية من طرق التفكير الطبيعية التى يسلكها العقل فى الوصول من الحكم على حقائق مشاهدة أو معلومة إلى حقائق غير مشاهدة أو مجهولة، وفيما ينتقل الفكر من الجزئى إلى القانون العام ومن حالات خاصة إلى أحكام عامة وهى تنطوى على أن يكشف التلاميذ المعلومات والحقائق بأنفسهم، كما أن اتباعها في التدريس يتطلب من المدرس جمع كثير من الأمثلة التى تنطبق عليها القاعدة العامة، ثم الانتقال من مثال إلى آخر ومناقشته، بغية استنباط القاعدة العامة، فيعبر عنها الطلبة بأنفسهم ولقد ألفت بعض الكتب النحوية على هذا الأساس، ككتاب " النحو الواضح " لعلى الجارم ومصطفى أمين.
ج-الطريقة المعدلة :
وهى أحدث الطرق الثلاث من جهة الترتيب التاريخى، وقد نشأت نتيجة تعديل فى طريقة التدريس السابقة، ولذا أسميناها الطريقة المعدلة، وهى تقوم على تدريس القواعد النحوية فى خلال الأساليب المتصلة لا أساليب المنقطعة ويراد بالأساليب المتصلة قطعة ن القراءة فى موضوع واحد، أونص من النصوص يقرؤه الطلاب ويفهمون معناه، ثم يشار إلى الجمل وما فيها من الخصائص، ويعقب ذلك استنباط القاعدة منها، وأخيرا تأتى مرحلة التطبيق .
ومن الصور التى أخذتها هذه الطريقة " معالجة بعض أبواب منهاج النحو بطريقة التطبيق العملى دون حاجة إلى شرح قواعدها، أما ما عداها من الأبواب فيجب أن يدرس على الطريقة الاستنباطية، ولكن ليس فى ظل هذه الأمثلة المتكلفة المبتورة التى تنتزع من أودية مختلفة لا يجمع شتاتها جامع، ولا تمثل معنى يشعر الطالب أنه فى حاجة اليه، بل يجب أن تدرس فى ظلال اللغة والأدب خلال عبارات قيمة كتبت فى موضوع حيوى يهم الطلبة تختار من كتبهم في المطالعة، أو من دروسهم فى التاريخ، أو غيره من مواد الدراسة، أو من صحف اليوم ومجلات الأسبوع مما يتصل بالحوادث الجارية بين سمعهم وبصرهم " .
ولقد رئى أن تعليم القواعد وفق هذه الطريقة انما يجارى تعليم اللغة نفسها إذ أن " من الثابت الذى لا جدال فيه أن تعليم اللغة انما يجئ عن طريق معالجة اللغة نفسها ومزاولة عباراتها، فليكن تعليم القواعد اذن على هذا النهج الذى ترتكز فيه على اللغة الصحيحة ومعالجتها وعرضها على الاسماع والأنظار وتمرين الألسنة والأقلام على استخدامها ".
ولقد تبنت المناهج المشتركة بين البلاد العربية هذه الطريقة إذا أبانت أن " الغرض من تدريس القواعد هو أن يكون وسيلة تعين الدارس على تقويم لسانة وعصمة أسلوبه من اللحن والخطأ، وأن الطريق لتحقيق هذه الغاية هو أن تدرس القواعد فى ظل اللغة، وذلك بأن تختار أمثلتها وتمريناتها من النصوص الأدبية السهلة التى تسمو بأساليب التلاميذ وتزيد في ثقافتهم وتوسع دائرة ممارفهم، بالاضافة إلى ما توضحه من القواعد اللغوية وأن تربط المادة اللغوية التى تختار لشرح القواعد والتطبيق عليها بميولهم ومصادر اهتمامهم، ونواحي نشاطهم فى هذه المرحلة 0
وظهرت الكتب المدرسية للصفوف الإعدادية فى أواخر الخمسينات وفقا لهذه الطريق وأول كتبا مدرسي اصطنع هذا الأسلوب كان كتابة النحو الجديد وقد استخدم فى الصف الأول الإعدادي 1959م.
النظرية البنائية " Constructivism " وتدريس النحو:
تتمتع النظرية البنائية بشعبية كبيرة لدي المنظرين التربويين باعتبارها نظرية جديدة في التربية ، تحول التركيز فيها من العوامل الخارجية التي تؤثر في تعلم الطالب ، ليتجه هذا التركيز إلي العوامل الداخلية التي تؤثر في هــذا التعلم .وفقـًا لهذا التيار البنائي فإن المتعلم يبني المعرفة بصورة تتسم بالفردية الشديدة معتمدًا علي معارفه الموجودة بالفعل ، ومعتمدًا على خبرات التدريس الرسمية ، ويركز هــذا الاتجاه أيضـًا علي أن التعلم ذا المعني يعتمد علي الخبرة الشخصية ، وأن المعلومة يزداد احتمال اكتسابها والاحتفاظ بها واسترجاعها مستقبلاً إذا كانت مبنية بواسطة المتعلم ومتعلقة به ، ومتمركزة حول خبراته السابقة .وقد تعددت الاستراتيجيات والنماذج التدريسية القائمة علي النظرية البنائية ، وسوف يقتصر البحث الحالي على أحد هذه النماذج وهو نموذج التعلم البنائي من منظور بايبي (Rodger Bybee)
لقد طور روجر بايبي نموذجاً تعليمباً قائماً على أفكار وفروض النظرية البنائية ، وقام بتطبيقه في مشروع تدريس العلوم البيولوجية (BSCS) ( Biological Science Curriculum Study )، ويتكون هذا النموذج من خمس مراحل يبدأ كل منها بحرف (E)لذا أطلق على هذا النموذج "the Five E"s Constructivist Learning Model وهي:
1- التهيئة Engagement –
2- الاستكشاف Explaration
3- التفسير Explanation
4- التوسيع Elaboration
5- التقويم Evaluation
إن المضمون الأساسي للنموذج البنائي "the Five E"s Constructivist Learning Model هو أن الأفراد الذين يشتركون في تعلم نشط ، وفي مجموعات تعاونية بإمكانهم اكتساب المعرفة وبناء المعنى بأنفسهم ، ولذلك يركز هذا النموذج على أن يكون التعلم عملية نشطة تتم في بيئة تعاونية ، ولا شك أن التعلم التعاوني جانب أساسي في أغلب مراحل النموذج .
ووفقاً للمنظور البنائي فإن هذا النموذج يساعد التلاميذ علي بناء مفاهيمهم ومعارفهم وربطها بالمفاهيم والمعرفة السابقة وفق خمس مراحل متتالية ، يتم من خلالها تنمية القدرة علي استرجاع المعلومات وربط المعرفة الجديدة بالمعرفة السابقة ، وتنمية مهارات التفكير العليا ، ومهارات حل المشكلات .
ساحة النقاش