هناك أربعة عوامل رئيسة تؤثر بشكل كبير في استعداد الأطفال للقراءة، ولايمكن دراسة كل عامل بمعزل عن العامل الآخر، فهي جميعًا عوامل تتداخل في بعضها البعض وتشكل أثرًا كبيرًا على مدى استعداد الطفل للقراءة. وهذه العوامل هي:
<!--العامل العقلي:
يتطلب النجاح في القراءة قدرًا معينًا من النضج العقلي، وعملية تحديد مقدار هذا النضج ونوعيته مصدر اختلاف كبير بين أصحاب التجارب في ميدان تعليم القراءة, فمنهم من يرى أن هناك علاقة ارتباطية بين العمر العقلي والنجاح في القراءة، إذ لا بد من وصول الطفل إلى سن معينة حتى يبدأ بتعلم القراءة، وحتى عملية تحديد ذلك السن أصبحت محل اختلاف لدى أصحاب هذا الرأي، فبينما يرى البعض منهم بأنه لا بد أن يكون عمر الطفل بين خمس سنوات ونصف وست سنوات ونصف كي ينجح في تعلم القراءة، يزيد البعض الآخر هذا العمر إلى ما بين ست سنوات ونصف إلى سبع سنوات. ومن العلماء من ربط النجاح في تعلم القراءة بمستوى الذكاء، ويستدلون على ذلك بأن معظم الأطفال الذين يفشلون في تعلم القراءة في الصف الأول هم من ذوي الذكاء المنخفض، بينما هناك فريق آخر يؤكد على عدم وجود علاقة ارتباطية بين القدرة على القراءة ومستوى الذكاء, لذلك فإنه من الصعب تحديد عمر عقلي معين لازم لتعلم القراءة ذلك لأن عملية القراءة تتطلب توافر عدة عوامل مجتمعة، فوجود قدرة عقلية في السنوات الأولى عند الطفل ليست ضمانًا لنجاحه في تعلم القراءة، كما أن تعثر الطفل في تعلم القراءة لا يعني بالضرورة أن قدرته العقلية محدودة، فهناك الكثير من العوامل التي تؤثر في عملية الاستعداد للقراءة بجانب العمر والنضج العقلي، وينبغي أن لا يكون العامل العقلي هو المعيار الوحيد للحكم على استعداد الطفل للقراءة. (أبو مغلي, سلامة, 2017، 145)
<!--العامل الجسمي:
تعتمد عملية تعلم القراءة بشكل أساسي على استعمال الحواس كالسمع والنطق والإبصار، كما تتأثر بشكل كبير بالصحة العامة للطفل. وللتعرف على هذا العامل بشكل أكثر، لا بد من التعرف على فروعه الأساسية وهي:
<!--سلامة البصر: إن البصر السليم عامل هام لنجاح الطفل في تعلم القراءة، لأن عملية القراءة تتطلب من الطفل رؤية الكلمات والحروف بشكل واضح، وأي انحراف أو ضعف في البصر قد يؤدي إلى عدم وضوح رؤية الحروف والكلمات وقراءتها بشكل خاطئ. وتأتي مهمة المعلمة في اكتشاف الأطفال الذين يعانون من مشاكل في البصر فيتم تحويلهم إلى الفحص الطبي لاتخاذ ما يلزم لمساعدتهم، مع ضرورة مساعدة هؤلاء الأطفال داخل الروضة قدر الإمكان، مثل توفير مصدر إضاءة كافٍ بجانبهم، مع استخدام ورق جيد وأحرف كبيرة عند تعليمهم، وإبعادهم عن الأنشطة التي تتطلب منهم تركيز العينين لفترة طويلة وإجهادها. وقد يكون البصر سليمًا ولكن تمكن الطفل من بعض المهارات البصرية لم يصل بعد إلى النضح المطلوب، فهناك العديد من مظاهر عدم النضج البصري الشائعة التي تظهر عند الأطفال وتختفي بتقدمهم في العمر ومرورهم بخبرات مناسبة تساهم في نضج مهاراتهم البصرية. (أبو مغلي, سلامة, 2017،155 )
هذا ما أشارت إليه دراسة (Mati-zissi, et. Al, 2013,23 ) والتي هدفت إلى اختبار الإدراك البصري والذاكرة قصيرة المدى والمهارات الحركية لدى أطفال الروضة ذوي صعوبات الاستعداد القرائي، باستخدام التصميم المعقد (إعداد الباحث) عن طريقه يمكن تسجيل الحركة البصرية ومهارات الذاكرة ومراقبة مراحل الرسم. وتكونت العينة من (306) بنين وبنات تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 7 سنوات، وقسمت إلى ثلاث مجموعات: الأولى (102) من الأطفال ذوي صعوبات القرائي، (102) من الأطفال العاديين، (102) لديهم صعوبات عامة في التعلم، وشكلت هذه العينة مجموعة تجريبية ومجموعات ضابطة على التوالي. وبعد تطبيق التصميم عليهم, وأسفرت نتائج الدراسة عن النتائج التالية: أن المجموعة التجريبية كان أدائها ضعيف بشكل ملحوظ عن المجموعات الضابطة في الظروف المختلفة، وهذا يدل على قصور في الإدراك البصري والذاكرة قصيرة المدى.
<!--سلامة السمع: إن لسلامة حاسة السمع لدى الطفل أهميتها في مقدرة الطفل على سماع الأصوات والأحاديث من حوله، وإذا كان الطفل غير قادر على السمع الجيد، فإنه سيجد صعوبة في ربط الأصوات المسموعة بالكلمات المرئية التي تقدم له كمادة للقراءة، كما سيجد صعوبة في تعلم النطق الصحيح وفي اتباع التوجيهات التي يتلقاها من المعلمة. لذلك يجب عرض الطفل الذي يعاني من صعوبة في السمع على المختصين حتى تتم مساعدته قدر الإمكان ليستفيد من البرنامج التعليمي. وأحيانًا قد يكون سمع الطفل ضعيفًا ولكنه يستطيع تمييز الأصوات إلى الحد الذي يمكنه من تعلم القراءة بدون فشل. وهنا ينبغي التفريق بين ضعف السمع وبين عدم نضج المهارات السمعية، فأحيانا يكون سمع الطفل سويًا ولكن يعوزه التدريب ليصل إلى مستوى مناسب من الدقة في التفريق بين الأصوات بقدر يمكنه من تعلم القراءة بيسر (الحسن, 2015، 80)
ساحة النقاش