مداخل حديثة في بناء وتدريس مناهج تفسير القرآن الكريم :
تتعدد منطلقات التفسير للقرآن الكريم لتشمل المدخل المقاصدي والمدخل الفقهي والمدخل الموضوعي ومن هذه المداخل المدخل الأدبي لتفسير القرآن ويعد مدخل التفسير الأدبي أو البياني بالجوانب البلاغية مدخلا لتجديد مناهج التفسير في العصر الحديث، حيث يرى الخولي: أن القرآن هو “كتاب العربية الأكبر” وأن المقصد الأسبق والغرض الأبعد هو النظر في القرآن من حيث هو “كتاب العربية الأكبر، وأثرها الأدبي الأعظم، فهو الكتاب الذى أخلد العربية، وحمى كيانها وخلد معها ، ومن يتتبع الدراسات النقدية والبلاغية في التراث العربي يجد أن دراسة الخصائص الأسلوبية للنص القرآني قد أفادت تلك الدراسات وأثْرَتْها بنظراتها وتأملاتها. حيث يلاحظ إن محاولة إدراك المعجز في العبارة القرآنية قد هيأت الأذواق والأفهام لتقويم التجربة الفنية الإنسانية. وتعددت قراءات النص القرآني في العصر الحديث وتنوعت ألوان تفسيره في ضوء قضايا العصر، وما يضطرب فيه من مشاكل، وما يحفل به من قضايا، وارتبطت حركات التجديد في عصر النهضة العربية بالقرآن الكريم.
وتتضح ملامح التفسير الأدبي للنص القرآني في أواسط القرن العشرين، على إيدي جماعة الأمناء وهي جماعة أنشأها أمين الخولي (1895 - 1966م) وحاول الأمناء أن يتميزوا بمنهج في تحليل النص القرآني غير أن جهودهم بقيت محدودة، ولم يخل بعضها من ادعاءات وانحرافات، كمن حاول تطبيق نظرية الرواية التاريخية على القصة القرآنية أو من ادعى أنه اكتشف ما لم تعرفه الأوائل.
ويمكن تحديد الأهداف الأساسية للتفسير الأدبي، والتى ترمى إلى تحقيق مجموعة من التأثيرات النفسية والاجتماعية والتى عن طريقها تتحقق أهداف الرسالة الإسلامية، وتتمثل أهداف التفسير الأدبي فيما يلي:):
– نها تهدف إلى التدبر النفسي والاجتماعي في القرآن للحياة الإنسانية، وهذا هو المجال الخاص للقرآن وهو السبيل لتحقيق أهداف الرسالة الإسلامية وتأثيرها على الحياة… وإنكار التفسير العلمي هو من كبريات قضايا المنهج الأدبي في التفسير.
– تعمد إلى معاني الآيات القرآنية التى تؤديها ألفاظها العربية المبنية، كما كان يفهما أهل العربية في عهد نزول القرآن ولا تجاوز ذلك فتحمل ألفاظ القرآن شيئاً من المعاني الباطنية أو الإشارة، أو التأويلات المذهبية، أو الصناعات التي تنشط لها علوم العربية من نحو منطقي بعيد عن الطبيعة اللغوية، أو بلاغة فلسفية نظرية نائية عن الأجواء الفنية.
– يهدف التفسير الأدبي – أيضاً – إلى تفسير القرآن موضوعات، لا سوراً، وأجزاء، وقطعاً متصلة، على ضرب من الترتيب.
ويعتمد التفسير الادبي للقرآن أولا على فكرة الوحدة الموضوعية لسور القرآن الكريم للوصول إلى رؤية متكاملة نحو موضوع ما في الحياة أو الكون أو الإنسان، أو عالم الغيب أو الشهود. ثم النظر في المفردات من حيث بيان معانيها في الاستعمال القرآني حسب ورودها، والتعرف على معانيها المتعددة – إن وجدت لها معان متعددة. ثم يلى ذلك النظر في المركبات من خلال الاستعانة بالعلوم الأدبية من نحو وبلاغة، باعتبارها أداة من أدوات بيان المعنى والجمال القولي في الأسلوب القرآني. أما ما حول القرآن من دراسة عامة، فهو ما يتصل بالبيئة المادية والمعنوية، التى نزل فيها القرآن الكريم.
وتعتمد منهجية التفسير الأدبي على بعدين أساسيين
أولاً – البعد النفسي، حيث توكد صلة البلاغة بعلم النفس القول بالإعجاز النفسي للقرآن، بما عرف العلم من أسرار حركات النفس البشرية في الميادين التى تناولتها دعوة القرآن الدينية، وجدله الاعتقادي، ورياضته للوجدان والقلوب.
ثانياً- البعد الاجتماعي، ويتمثل ذلك في العلم بأحوال البشر وهو ما لا يتم التفسير إلا به.
ومن تطبيقات المدخل الادبي في تفسير القرآن الكريم ما ذهبت إليه عائشة عبد الرحمن من أن طبيعة النص القرآني من حيث هو كتاب هدى ودين، تقتضي توجيه كل لفظ وآية إلى مناط الهداية والاعتبار. حيث تبدأ تفسيرها حول موضوع “الإنسان” بتتبع اللفظة وورودها واستقرائها في السور المتعاقبة، توضح المعنى المشترك، والخصائص ومقصدها الإصلاحي في كل موضوع.
وتنقسم الأنساق التفسيرية في المنحى الأدبي لما يلي:
– إبراز جماليات النص القرآني
– البحث في أسرار البلاغة والأسلوب
– النظرة السياقية للنص القرآني ( مادية ومعنوية ولغوية).
وقد أضاف اتجاه التفسير الادبي العديد من الإضافات الفكرية لاتجاه تفسير القرآن ما يلي:
أولا: فيما يتعلق بالمرجعيات المقصاة والاهتمامات المهمشة.
– الموقف من الإسرائيليات .
– الإيجاز في البحوث اللغوية .
– اجتناب التفاصيل في آيات الأحكام .
– الضبط والاعتدال في الأخذ بالروايات .
ثانيا: فيما يتعلق بربط القرآن بحركة الأمة وواقعها:
– بروز عنصر الواقعية واتجاه التفاسير نحو الواقع.
– اتساع الموضوعات القرآنية لدى المفسرين.
– إبراز دور القرآن في العلم والنهضة العلمية, وإحياء القيم والمرتبطة بهذه القضية.
– تقديم رؤية متماسكة ( متكاملة) للموضوعات التي تشكل الرؤية الأساسية للمسلم.
– تحقيق الانسجام بين القرآن ومستجدات العصر ومتطلباته وتحدياته .
– تحقيق الانسجام بين المسلم المعاصر وبين التفاسير القرآنية من خلال إيضاح المعنى للآيات القرآنية بلغة العصر .
وقد كشفت مدرسة التفسير الأدبي عن بلاغة علوم القرآن وإعجازه وأوضحت معانيه ومراميه وأظهرت ما فيه من سنن الكون الأعظم. ووقفت بين القرآن وما أثبته العلم من نظريات صحيحة وجلت للناس أن القرآن هو كتاب الله الخالد الذي يستطيع أن يساير التطور الزمنيّ والبشريّ. كما دافعت ما ورد من شبه على القرآن وفنّدت ما أثير حوله من شكوك وأوهام كل هذا بأسلوب شيّق جذّاب يستهوي القارئ ويستولي على قلبه ويحبب إليه النّظر في كتاب الله ويرغّبه في الوقوف عند معانيه وأسراره ولم تشوه التفسير بالإسرائيليّات والرّوايات الخرافيّة المكذوبة, ولم تتطرّق إلى الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
وقد دعا أمين الخولي إلى اعتماد المنهج الأدبي في التفسير، ورأى أن أول ما ينبغي القيامُ به هو النظر إلى القرآن من حيث هو كتاب العربية الأكبر، وأثرها الأدبيّ الأعظم، كم حدد قواعد المنهج الأدبي في مادة التفسير ومن هذه القواعد :
أ - التأمل في الظروف العامة التي أحاطت بالنص القرآني، أي الانفتاح على علوم القرآن ( وكانت المرحلة متأثرة بالمنهج التاريخي(.
ب - تحليل النص بالنظر في مفرداته وتتبع أصولها ومعانيها في العصر الذي نزل فيه القرآن، مع القيام باستقراء لتلك المعاني، بمختلف استعمالاتها في القرآن.
ج - الدراسة الأسلوبية: أي الاستعانة بالصنعة النحوية بقصد بيان المعنى وتحديده والنظر في اتفاق القرارات المختلة للآيات.
د - النظرة البلاغية: والمراد بها تلك "النظرة الأدبية الفنية التي تتمثل الجمال القولي في الأسلوب القرآني، وتستبين معارف هذا الجمال، وتستجلي قسماته في ذوق بارع قد يستشف خصائص التراكيب العربية لمعرفة المزايا الخاصة بها بين آثار العربية".
ومما سبق يتأكد أن التفسير هو الدراسة الأدبية الصحيحة وأن المقصد الأول للتفسير مقصد أدبيٌّ محضٌ، صِرْفٌ، غيرُ متأثر بأي اعتبار وراء ذلك. وأن فهم مفردات القرآن وأساليبه يقومان أساساً على الدرس الأدبي الدقيق، المتذوق للأقصى ما يقدمه إيحاء التعبير في ضوء دلالتها السياقية، وما توحيه من ظلال وأبعاد في النفس والفكر.
ويدخل في المنهج الأدبي: التفسير اللغوي والبلاغي والبياني، وقد ينظر في هذه الدراسات، بما هي صنعة لغوية أو بلاغية أو نحوية، على أنها عمل مقصود لذاته، كما كان الحال قديماً في بعض التفاسير، كتفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي في المنج الأدبي مع ما يمكن أن يغفل جوانب القرآن المتعددة من أسرار الاعجاز في معانيه وتشريعاته وأحكامه ومبادئه للحياة الإنسانية الفاضلة ويتخذ من النص القرآني مادة للدراسة الأدبية كالنص الشعري أو النثري. كما أن هناك تفسيرا ولون آخر من التفسير الأدبي يُعد أحدث وأرقى وهو بيان التناسق الفني وهي المحاولة الى فهم الصورة الفنية في القرآن وإبراز الصور الجمالية. وهذا النوع من أحدث تفسير صدر في العالم الإسلامي ويدعى من هذا اللون كُتب سيد قطب: (في ظلال القرآن) و (التصوير الفني في القرآن) و (مشاهد القيامة في القرآن)
ومما سبق يتضح أن تفسير الأدبي هو لون من ألوان التفاسير الحديثة والتي تجعل من الواقع موضوعا لتطبيق عليه فهم الآية.
وتتعدد استراتيجيات التفسير الأدبي للقرآن لتشمل:
<!--استراتيجيات فهم الدلالات البلاغية للآيات القرآنية: هذه الاستراتيجيات تختص بالدلالات البلاغية في الآيات القرآنية, وهي إحدى جوانب الإعجاز في القرآن الكريم, "فإن القرآن الكريم جاء في الفصاحة بالدرجة التي لا تبارى, وهو المعجزة لكل الأمم ولكل العصور, فإذا كان العرب الذين ملكوا ناصية البيان عاجزين عن الإتيان بمثله فغيرهم أعجز, يقول أبو بكر الباقلاني: . . . . ولا ريب في أن القرآن الكريم أدهش العرب لما سمعوه, وذلك لما وجدوا فيه من سحر البلاغة والتأثير في النفوس, سواء المنكرة له أو المؤمنة به ولهذا حار المشركون في وصفه وخافوا من أن يستميل إليه قلوب مستمعيه فصاروا يصدون عنه وينأون ويصفونه مرة بأنه شعر, ومرة بأنه سحر" .
<!--استراتيجية توضيح نوع البدء بالجمل وجماليتها: فالبدء بالجملة الاسمية يختلف عن البدء بالجملة الفعلية, ويختلف عنهما البدء بالاستفهام أو الجار والمجرور والظرف. . . .
فالبدء بالجملة الاسمية للتأكيد والثبوت, والبدء بالجملة الفعلية للتحقيق أو لاستحضار الصور أو للتجدد والاستمرار . . . . والبدء بالاستفهام يكون لغرض بلاغي, وكذلك البدء بالجار والمجرور أو الظرف أو المصدر.
<!--استراتيجية الموازنة بين جماليات كل من الأسلوب الخبري والأسلوب الإنشائي الوارد في الآيات: من الاستراتيجيات البلاغية الموازنة بين كل من الأسلوب الخبري والأسلوب الإنشائي, وبيان الغرض البلاغي لكل منهما, فالأسلوب الخبري يأتي لعلة بلاغية, وكذلك الأسلوب الإنشائي سواء أكان استفهاما أم نداء أم أمرا أم نهيا. . . . . على سبيل المثال: قوله تعالى: " وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اُتُّخِذْتُم الْعَجَلَ مِنْ بَعْدَه وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ " (البقرة: 92) الخبر هنا يراد به التبكيت والتوبيخ على عدم إتباع الرسول صلي الله عليه وسلم, وقوله تعالى: " قُلُّ أَتُحَاجُونَنَا فِي اللهِ هُوَ رَبُّنَا وَرْبِكُمْ " (البقرة: 139) الاستفهام في الآية لم يرد الله تعالى به حقيقته بل أراد التقريع والتوبيخ .
<!--استراتيجية تعرف صور الحذف ودواعيه: الحذف له صور متنوعة ذكرت في مظانها في كتب البلاغة, وله دواع متعددة وقد استقاها البلاغيون من الأساليب القرآنية والصور الشعرية, فمثلا قوله تعالى: "يوسف أعرض عن هذا" حذفت أداة النداء للتخفيف؛ وذلك لكثرة دورانه في الكلام, وقوله تعالى: "قال فرعون وما رب العالمين, قال رب السماوات والأرض. . . " فحذف المبتدأ صيانته عن ذكره تشريفا, والتقدير: "هو رب السماوات والأرض. . . " وقوله تعالى: "ولو شاء لهداكم" قصد البيان بعد الإيهام والتقدير ولو شاء هدايتكم لهداكم" .
<!--استراتيجية تذوق جماليات التقديم والتأخير: من استراتيجيات فهم الدلالات البلاغية للآيات القرآنية أساليب التقديم والتأخير, وذلك من أجل دواع بلاغية متعددة, منها: عظمة المقدم والاهتمام به مثل قوله تعالى: " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (البقرة 43) فذكرت الصلاة قبل الزكاة؛ وذلك لأهميتها, ومثله قوله تعالى: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول" (التغابن: 12), ومنها أن يكون الخاطر ملتفتا إليه والهمة معقودة به وذلك كقوله تعالى: " وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ " (الأنعام: 100) بتقديم الجار والمجرور على المفعول الأول؛ لأن الإنكار متوجه إلى الجعل لله, لا إلى مطلق الجعل ومها إرادة التبكيت والتعجب, كتقديم المفعول الثاني على الأول في قوله تعالى: " وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ (الأنعام: 100), والأصل الجن شركاء, وقدم لأن المقصود التوبيخ, وتقديم الشركاء أبلغ في حصوله.
<!-- استراتيجيات الفهم التحليلي للآيات: تسهم في الفهم التحليلي للآيات القرآنية, وهذا يجعل المتعلم أكثر فهما ووعيا وتتدبرا للنص القرآني, وقد تعدت استراتيجيات هذا المحور لتشمل جميع جوانبه, وهي تسهم في باقي المحاور الأخرى, ولذا على المعلم أن يهتم بها ويطبقها في مواقفه التعليمية المتنوعة, بحيث يهتم ببيان آيات القرآن الكريم بالتعرض لجميع نواحيها, والكشف عن كل مراميها, ذكرا سبب نزولها إن كان لها سبب نزول, ويربطها بالآيات السابقة ربطا مناسبا, وذلك بأن يمضي في شرحه للقرآن مع النظم القرآني على ما هو موجود في المصحف آية آية, متبعا معاني المفردات والألفاظ في شرحها, ذكرا ما تضمنته من المعاني في جملها, وما ترمي إليه في تراكيبها, منقبا عن المناسبات في مفاصلها, ذاكرا أوجه الربط بين مقاصدها. وسوف نعرض أهمها فيما يلي:
<!--استراتيجية تجزئة الآيات القرآنية إلى مقاطع أو جمل تامة: لكي يساعد المعلم الطالب على الفهم الصحيح للآيات عليه أن يجزئ الآيات القرآنية إلى وحدات صغيرة, أو مقاطع, أو جمل تامة, بحيث يحلل ألفاظ كل وحدة أو مقطع أو جملة, ويقف على معانيها والروابط بينها, وأسباب ورود اللفظ دون غيره. . . . . . وهكذا. ثم يسأل المعلم التلاميذ أن يعبروا عما فهموه من الآيات كلها أو بعضها, وإذا وجد المدرس منهم تهيبا أو عدم إقبال يمكنه أن يشجعهم على ذلك بأن يوجه إليهم أسئلة تحتاج إلى إجابة قصيرة أولا من الآيات . . . . أو أن يعبر هو أمامهم عن معاني بعض الآيات بأسلوب مبسط, ثم يطلب منهم محاكاته أولا, ثم الاستمرار فيما لم يضرب لهم فيه مثالا من الآيات ثانيا, وهكذا يستمر المدرس والتلاميذ في التعبير عن الأفكار الواردة في الآيات.
<!--استراتيجية ربط تفسير الآيات المفسرة بموضوع السورة القرآنية: المتأمل في القرآن الكريم يجد أن لكل سورة موضوعا تدور حوله, والآيات القرآنية كلها تدور حول هذا الموضوع, وعلى معلم التفسير أن ينبه طلابه إلى موضوع السورة التي هو بصددها مع تدريبهم على الربط واستنباط العلاقة بين موضوع السورة والآيات المفسرة موضع الدراسة؛ لأنه "على متدبر كتاب الله تعالى أن يضع نصب عينيه . . . التوصل إلى اكتشاف الموضوع الذي تدور حوله السورة القرآنية وهذا يستدعي منه أن يبحث بأناة وتفكير عميق بحثا كليا شاملا للسورة ويتتبع ارتباط آياتها, ومعاني جملها بهذا الموضوع, أو بما تفرغ عنه من عناصر وما اتصل به من موضوعات جزئية وأحكام وشواهد . . . وبالتتبع الطويل اهتديت –بتوفيق الله- إلى أن السورة القرآنية متعانقة الآيات والجمل في الآية حول موضوع كلي واحد, كما اهتدى آخرون معاصرون إلى هذه الحقيقة بفضل الله إذ أدمنوا النظر الثاقب في كتاب الله، واستبان لي أن مثل السورة من القرآن كمثل الشجرة من الأشجار البديعية المثمرة المشبعة بالتنسيق الجمالي وبالعناصر الجمالية المعجبة السارة الممتعة" .
<!--استراتيجية استنباط القيم والأخلاق والتوجيهات والأحكام من الآيات: القرآن الكريم كتاب جامع شامل لكل مناحي الحياة, فقد أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلي الله عليه وسلم هداية الناس وتهذيبهم وتربيتهم التربية الصالحة التي تؤدي إلى تقدم المجتمع ورقيه, والتناسق والتناغم بين أفراده, والارتقاء بسلوكياتهم وتصرفاتهم ومعاملاتهم حتى يعيشوا في أمن وسلام ورخاء, وعلى المعلم أن يراعي هذه القيم والتوجيهات والأحكام ويدرب طلابه على استنباطها من مظانها.
<!--استراتيجية الربط بين الآيات وخواتيمها: خواتيم الآيات يطلق عليها البلاغيون التذييل القرآني للآيات, وهو له قيمته في إتمام المعنى, وتوضيح الصورة, ولذا يأتي التذييل القرآني مستقرا في قراره, مطمئنا في مواضعه, غير نافر ولا قلق, يتعلق معناه بمعنى الآية كلها, بحيث لو نزع من الآية لأختل المعنى, ولما حقق الغرض المقصود من الآية, فهو في مكانه يؤدي جزءا من معنى الآية ينقص ويختل بنزعه, وقد يشتدّ تمكن التذييل في مكانه حتى إن السامع ليشعر به قبل نطقها.
المراجع : أمين الخولي (1996). مناهج تجديد في النحو والبلاغة القاهرة: الهيئة العامة المصرية للكتاب. أمين الخولي(1996). من هدى القرآن. القاهرة: الهيئة العامة المصرية للكتاب. أمين الخولي(1996). دراسات إسلامية. القاهرة: دار الكتب المصرية. أمين محمد محمد أبو بكر(2009). فاعلية استراتيجية قائمة على المدخل المعرفي لتنمية مهارات التذوق الأدبي الاتجاه نحو النصوص الأدبية لدى المرحلة الثانوية، رسالة ماجستير معهد الدراسات التربوية، جامعة القاهرة. بكري شيخ أمين(2004). التعبير الفني في القرآن الكريم، لبنان: دار العلم للملايين . جلال الدين السيوطي (2004)، الإتقان في علوم القرآن تحقيق أحمد بن علي القاهرة: دار الحديث.
ساحة النقاش