تنذر الأوضاع المالية الحالية لشركات الكهرباء بالخطر الداهم على صيانة محطاتها، ومستقبل العاملين فيها، وخطط التوسع المستقبلية، إذ ربما لن تسطيع هذه الشركات فى مرحلة ما.
الصمود أمام تراجع نسب تحصيل رسوم الكهرباء بسبب عزوف ملايين المستهلكين عن سداد الفواتير، علاوة على ديون الجهات الحكومية لشركات الكهرباء التى تجاوزت نحو 4٫1 مليار جنيه، فيما تجاهد الشركات لتوفير رواتب العاملين، والتى تقدر بنحو 1٫1 مليار جنيه شهرياً فى ظل نقص السيولة المالية، خاصة إجمالى الالتزامات الشهرية للقطاع تبلغ 3 مليارات جنيه، فيما تتراوح إيرادات شركات الكهرباء شهرياً بين 1.9 مليار جنيه ومليارى جنيه، وهو ما يعنى عجزا ماليا بين الإيرادات والمصروفات يصل إلى مليار جنيه.
وتتزامن أزمة نقص السيولة فى شركات الكهرباء، مع العديد من الحملات التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى ومنها بعض الصفحات على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مثل حملة «مش دافعين الفاتورة.. لو الكهرباء فضلت تقطع»، للتصدى لانقطاع التيار الكهربائى ، وحملة » مش دافعين« ELECTRICITYCAMPAIN، والتى تحرض المواطنين على عدم سداد فواتير الكهرباء، والتى تقودها بالطبع جماعة الإخوان الإرهابية قبل عدة شهوربزعم دعم الشرعية، بعد عزل محمد مرسي، حيث حرضت الجماعة أعضاءها وغيرهم من المواطنين، على عدم تسديد فواتير الكهرباء ، بدعوى فشل الحكومة فى حل مشكلة الكهرباء والطاقة، ونتيجه لعدم استشعار الحكومه الحرج من تحصيل فواتير الكهرباء من بيوت مصرية تسرب إليها الظلام معظم اليوم، وفسدت العديد من أجهزتها الكهربائية نتيجه للفصل المتكرر خلال اليوم الواحد، ولم يجد أبناؤها الوقت الكافى لتحصيل دروسهم قبل أيام الامتحانات, ونتيجة أيضا لتراكم نفايات القمامة فى كل الشوارع المصرية والتى يتم تحصيل رسومها على نفس الفاتورة، فإننا ندعو المواطنين إلى الامتناع عن دفع فواتير الكهرباء لحين حل الأزمة او الافصاح عن خطة زمنية محددة الأجل لحل هذه الازمة.
أزمة سيولة
ولمن لا يعرف، يبلغ عدد المشتركين فى خدمة توصيل الكهرباء نحو 30 مليون مشترك، من بينهم نسبة كبيرة من المشتركين يقعون تحت بند المغلق والمؤجل( الوحدات المغلقة المشتركة فى خدمة الكهرباء ولا تسجل نسب استهلاك)، وهؤلاء - بطبيعة الحال- لا ينتظمون فى سداد الرسوم المستحقة، حيث لا يستطيع المحصل العثور عليهم لتحصيل الفواتير التى تصدر بحقهم بقيمة رمزية لعدم الاستهلاك، بينما تكمن الأزمة كما يقول المهندس جابر الدسوقى رئيس الشركة القابضة للكهرباء- فى الديون المستحقة لشركات الكهرباء لدى الجهات الحكومية، والتى يتم صرف مستحقاتها المتعلقة برسوم استهلاك الكهرباء من وزارة المالية، وهذه المستحقات لا تكفى لسداد المبالغ المستحقة بالكامل، وتفاقمت الأوضاع ، حتى تجاوزت ديونها لدى شركات الكهرباء إلى نحو 4,1 مليار جنيه، مؤكداً أن الحملات التى أطلقها البعض لمقاطعة سداد فواتير الكهرباء فشلت فى تحقيق أهدافها نظراً لوعى المستهلكين، وعدم استجابتهم لهذه الدعاوى المغرضة، وإدراكهم مدى خطورة ذلك على قطاع الكهرباء، الذى غدا لم يتمكن من تحصيل الرسوم المستحقة، فإن ذلك سوف يترتب عليه انخفاض الموارد، ومن ثم ستواجه الشركات أزمة فى الصيانة، وتراجع مشروعات الخطة الاستثمارية، والعجز عن تدبير أجور العاملين، وهو ما كانت تسعتى جماعة الإخوان لتحقيقه، لشل القطاع، لكن وعى المستهلك وتصديه لهذه المخططات قد نجح فى إجهاضها.
لكن بعض المستهلكين يرفضون سداد الرسوم الكهرباء بسبب ارتفاع قيمتها، بالرغم من الانقطاع المتكرر والمستمر للتيار الكهربى ؟
- رئيس الشركة القابضة للكهرباء: ليس للفواتير أى علاقة بانقطاع التيار أو تخفيف الأحمال، فالفاتورة تصدر بقيمة كمية الاستهلاك، فكلما انخفض معدل الاستهلاك انخفضت القيمة المالية المطلوبة، وكلما زادت ارتفعت الرسوم، أما تخفيف الأحمال أوانقطاع الكهرباء، فذلك يتم بالتبادل بين مختلف المناطق حتى لا يضار مشترك دون آخر، أما تذرع البعض بعدم سداد الفواتير بسبب رسوم النظافة المقررة على الفاتورة، لتضرر بعض المناطق من القمامة، فلا ذنب لشركات الكهرباء فى ذلك، فالكهرباء لا علاقة لها برسوم النظافة والتى تؤثر بالسلب على نسب التحصيل، كما أنها تمثل عبئاً على الشركات، ولكن قناعاتنا تتمثل فى الالتزام بما تصدره الدولة من قرارات حتى لو أضير القطاع ، لأننا نعمل على تحقيق المصلحة العليا للدولة، مؤكداً أنه لا توجد نية لزيادة رسوم الكهرباء فى الوقت الحالى ، بالرغم من ارتفاع تكلفة الانتاج عن قيمة البيع للمستهلك، كما أن تلك القرارات من اختصاص مجلس الوزراء .
تشجيع المحصلين
وخلال الفترة الماضية، - كما يقول المهندس محمد مصطفى رحيم رئيس مجلس إدارة شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء- كنا نواجه مشكلة حادة فى سداد فواتير الكهرباء، لكننا نحاول التغلب عليها من خلال تشجيع المحصلين، ومحاسبتهم لتحقيق المستهدف من نسب التحصيل المطلوبة، وإذا حدث تقاعس من المشتركين فإننا نمنحهم مهلة للسداد، ونتفاوض معهم لتقسيط بعض المبالغ إذا تراكمت الفاتورة لعدة شهور للتيسير عليهم، لكن الأوضاع بدأت فى التحسن خلال الفترة الماضية، كما أن نسب تحصيل رسوم استهلاك الكهرباء بدأ ت فى التزايد.
وتكمن مشكلتنا الكبرى كما يقول رئيس شركة شمال القاهرة- فى محطات مياه الشرب والصرف الصحي، حيث تصل ديونها لدى الشركة فى القاهرة إلى نحو 1,1 مليار جنيه، أما الوزارات والجهات الحكومية ، فتقوم بسداد نسبة من الرسوم بشكل نقدي، والباقى يتم تحصيله بموجب تسويات، بحيث يتم تحصيل المبالغ المستحقة على فترات محددة، فيما يتم التحصيل من القطاع الخاص والاستثمارى دون أدنى مشكلة، مؤكداً أن رسوم بيع الطاقة تقل كثيراً عن تكلفة الإنتاج، وهو ما يستلزم تعديل هذه الأوضاع عندما تتحسن الظروف الاقتصادية للدولة، فالظروف الحالية لا تسمح بزيادة الرسوم على المستهلكين. .
حالات فردية
وتبدو الصورة مختلفة لدى شركة مصر الوسطى لتوزيع الكهرباء - كما يقول المهندس علاء عبد العزيز رئيس مجلس الإدارة- حيث ترتفع نسب التحصيل بالشركة عن غيرها، حيث لا توجد مشكلة فى نسب التحصيل بالمحافظات الخمس التى تقع فى نطاق الشركة ( الفيوم، والمنيا وأسيوط، والوادى الجديد) لعدم وجود رسوم نظافة على الفاتورة، حيث تصل نسبة التحصيل إلى 85 %، كما يجرى الاتفاق مع المستهلك على إجراء التسوية للمبالغ المستحقة فى حالة تأخره عن السداد، أما الامتناع عن السداد فهذا يمثل حالات فردية، والمحصلون لا يقصرون فى القيام بواجبهم.
تستوجب العقاب
وبشكل عام، فإن العلاقة بين المشتركين وشركة الكهرباء هى علاقة تعاقدية، فمن يخل بالالتزام وعدم سداد الفاتورة، فمن حق شركة الكهرباء- كما يقول الدكتور صلاح الدين فوزى أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة المنصورة- قطع الخدمة عنه، لأن الرسوم يتم تحصيلها عن قيمة استهلاك الكهرباء، ولكن إذا حدث ذلك بموجب تحريض للمقاطعة الجماعية للسداد ، فهذه تمثل من الناحية القانونية دعوة العصيان المدني، وهنا يقع المحرض والمشارك تحت طائلة قانون العقوبات، مشيراً إلى أن المادة 89 مكرر منه تنص على أنه » كل من خرب عمداً بأى طريقة إحدى وسائل الإنتاج أو أموالا ثابتة أو منقولة فحددت الجهات المنصوص عليها فى المادة رقم 119 (الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية التى تسهم فيها الدولة (القطاع العام أو قطاع الأعمال) والشركات التى تسهم فيها الدولة، ومنها شركات الكهرباء بطبيعة الحال، وبقصد الأضرار بالاقتصاد القومي، فعقوبة ذلك السجن المؤبد إذا ترتب على الجريمة ضرر جسيم بمركز البلاد الاقتصادى أو مصلحة قومية، ويعفى من العقوبة إذا بادر أى من الشركاء بإبلاغ السلطات، أما المادة رقم 361 مكرر «أ» فتنص على أنه كل من عطل عمداً بأى طريقة كانت وسيلة من وسائل خدمات المرافق العامة أو وسيلة من وسائل الانتاج فيعاقب بالسجن المشدد إذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار أو الإخلال بسير مرفق عام، وإذا كان هناك قصد جنائى لتعطيل مرفق عام مع توافر الركن المادى ، فلابد من تطبيق العقوبة لا محالة. ولكن إذا كان الكافة يتضررون من زيادة أسعار الفواتير، فإننى والكلام مازال للدكتور صلاح الدين فوزي- لا أؤيد اللجوء للجزاء المباشر، خاصة فى ظل اعتراض الكثير من المستهلكين على تكرار قطع التيار بحجة تخفيف الأحمال، وكذلك تحميل رسوم النظافة على الفواتير، والغلاء غير المبرر فى الرسوم ،وتضرر المستهلكين من فسد أجهزتهم الكهربائية بسبب الانقطاع المتكرر للتيار.
مخالفة شرعية
ويتعجب الشيخ محمود عاشورـ وكيل الأزهر سابقاً ـ من دعوة البعض لمقاطعة الفواتير بحجة الشرعية، إذ يرى أنه لا علاقة بين الأمرين، فالكهرباء خدمة تقدمها الدولة للمواطنين، ويجب أن يسددوا رسوما مقابل الانتفاع بالخدمة، ومن ثم فإن الاستفادة من الخدمة دون سداد المقابل المادى لها هو مخالف شرعاً، وأكل للسحت، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به« كما يقول نبينا الكريم، كما أن الدعوة للامتناع عن السداد فيه خروج على قواعد الإسلام الصحيح.
ساحة النقاش