اتقان العمل
اتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلوبًا فريدًا في تعليم الصحابة؛ فقد كان -صلّى الله عليه وسلّم- يُقرئ الصحابة عشر آياتٍ فلا يجاوزها إلى عشرٍ أخرى؛ حتى يتعلّموا ما فيها من العمل، فيعلمهم القرآن والعمل معًا، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- بهذا الأسلوب قدوةً حسنةً للصحابة الكرام وللمسلمين جميعًا في إتقان العمل.
تعريف إتقان العمل : هو القيام بالعمل المطلوب إنجازه، والانتهاء منه بإحسانٍ على أكمل وجهٍ وبأفضل صورةٍ، وذلك من خلال بذل الجهد والابتعاد عن المماطلة في العمل، وقد جاءت نصوصٌ شرعيَّةٌ كثيرةٌ من القرآن الكريم وأحاديث نبوية عن إتقان العمل، ومبيِّنةً لفضله.
فمن القرآن قوله تعالى: (وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)،
ومن السنة ما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إنَّ اللهَ تعالى يحبُّ إذا عملَ أحدُكمْ عملًا أنْ يتقنَه).
وتعدّ كلمة إتقانٍ مصدر لكلمة أتقن، بمعنى أنجز العمل بإحكامٍ وبدقَّةٍ متناهيةٍ
قصص الصحابة عن إتقان العمل
قصة عاصم بن كليب عن عاصم بن كليب عن أبيه قال إنّه: (شهد مع أبيه جنازةً شهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا غلامٌ أعقل وأفهم، فانتهى بالجنازة إلى القبر، ولم يمكن لها، قال: فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: سووا لحد هذا، حتى ظن الناس أنّه سنَّةٌ، فالتفت إليهم، فقال: أما إنَّ هذا لا ينفع الميت ولا يضرُّه، ولكن الله يحبُّ من العامل إذا عمل أن يحسن).
قصة عمرو بن العاص أوكل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصحابي عمرو بن العاص -رضي الله عنه- بإمارة ذات السلاسل، وجعل تحت إمرته العديد من الصحابة والسابقين في الإسلام، ولم يؤمّر النبيّ عليهم عمرو بن العاص؛ لأنّه يفوقهم علماً بأمور الدين، بل لأنّه يفوقهم علماً بأمور الحرب، وفنون القتال والنزال والمناورة، بالرغم من أنّه لم يمض على إسلامه أكثر من خمسة شهور، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: "لقد ولّيته؛ لأنّه أبصر بالحرب"