<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الخامس من أغسطس سنة 2012 م ، الموافق السابع عشر من رمضان سنة 1433 هـ .
برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيري ............. ............. رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / عدلي محمود منصور و عبد الوهاب عبد الرازق و محمد عبد العزيز الشناوي و ماهر سامي يوسف و محمد خيري طه و رجب عبد الحكيم سليم . نواب رئيس المحكمة
و حضور السيد المستشار / حاتم بجاتو رئيس هيئة المفوضين
و حضور السيد / محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الأتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 82 لسنة 26 قضائية " دستورية ".
المقامة من
السيد/ أحمد وحيد الدين علي .
ضد
1- السيد رئيس مجلس الوزراء .
2- الممثل القانوني للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي .
الإجراءات
بتاريخ الحادي عشر من شهر أبريل سنة 2004 ، أودع المدعي صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 بشأن زيادة المعاشات فيما تضمنته المادة الأولى منها من النص على أن تكون الزيادة بحد أقصى ستون جنيهاً شهرياً ، و إلزام المدعي عليه الثاني بأن يصرف للمدعي الزيادة السنوية كاملة بدون حد أقصى عن السنوات 2001 ، 2002 ، 2003 و ما يستجد من زيادات .
و قدمت كل من هيئة قضايا الدولة و الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
و بعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
و نُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، و قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، و المداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى و سائر الأوراق – في أنه سبق للمدعي أن أقام الدعوى رقم 1579 لسنة 2004 مدني كلي امام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المدعي عليه الثاني ، طلباً للحكم بتسوية معاشه وفقاً للزيادات السنوية التي تقررت في أعوام 2001 ، 2002 ، 2003 بواقع ( 10%) من قيمة المعاش بدون حد أقصى ، و صرف الفروق المستحقة و التي تقدر بمبلغ 2100 جنيه و ما يستجد من زيادات ، و بجلسة 20/3/2004 تقدم المدعي بمذكرة ضمنها دفعاً بعدم دستورية القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 بزيادة المعاشات لتقييدها الزيادة في المعاشات المدنية بحد أقصى قدره ستون جنيهاً ، في حين أن القوانين أرقام 20 لسنة 2001 ، 151 لسنة 2002 ، 92 لسنة 2003 بزيادة المعاشات العسكرية لم تتضمن حداً أقصى ، و بعد أن قدرت تلك المحكمة جدية الدفع صرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية ، فأقام دعواه الماثلة .
و حيث إن المشرع رغبة منه في تحقيق الرعاية لأصحاب المعاشات و إعانتهم على مواجهة الزيادة في تكاليف اعباء المعيشة ، أصدر عدة قوانين من بينها القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 مقرراً بموجب المادة الأولى منها زيادة سنوية تضاف إلى المعاش المستحق اعتباراً من 1/7/2001 ، 1/7/2002 ، 1/7/2003 ، مقدارها (10%) شريطة أن تكون الزيادة بحد أدنى عشرة جنيهات و حد أقصى ستون جنيهاً .
و حيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – و هي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها و بين المصلحة في الدعوى الموضوعية ، و ذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية ، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية ، و كان المدعي يستهدف بنزاعه الموضوعي أحقيته في صرف الزيادة في المعاش التي تقررت بالقوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 دون حد أقصى ، فإن مصلحته تتحدد فيما نص عليه البند (2) من الفقرة الثانية من المادة ا لأولى من القوانين المطعون فيها من أن تكون الزيادة في المعاش بحد أقصى ستون جنيهاً شهرياً ن و لا تمتد إلى غير ذلك من الأحكام التي شملتها تلك القوانين .
و حيث إن المدعي ينعي على النصوص المطعون فيها – محددة نطاقاً على النحو المتقدم – مخالفتها حكم المادة (40 ) من الدستور ، ذلك أن المشرع مايز بين الخاضعين لأحكام القوانين أرقام 18 لسنة2001 ، 149 لسنة 2002 ، 90 لسنة 2003 و هم العاملون المدنيون بالدولة ، و كذلك الخاضعون لأحكام القوانين أرقام 20 لسنة 2001 ، 151 لسنة 2002 ، 92 لسنة 2003 و هو أصحاب المعاشات العسكرية ، مقرراً منح الفئة الأولى علاوة خاصة شهرية بنسبة (10%) من الأجر الأساسي دون حد أقصى ، و منح الفئة الثانية زيادة شهرية مقدارها (10%) من المعاش المستحق دون حد أقصى ، في حين أن أصحاب المعاشات المدنية زيدت معاشاتهم بالقوانين المطعون فيها بالنسبة ذاتها مع تحديد حد أقصى لهذه الزيادة مقدارها ستون جنيهاً شهرياً ، و ذلك على الرغم من أن مقصود المشرع في تقرير هذه الزيادة في الحالات جميعها هو معاونة هؤلاء و أولئك على مواجهة أعباء الحياة و ارتفاع أسعار السلع و الخدمات .
و حيث إن الرقابة على دستورية القوانين التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا بمقتضى قانونها ، إنما تقوم بحسب الأصل على مدى اتفاق أو مخالفة النصوص التشريعية المطعون فيها لأحكام الدستور القائم وقت الفصل في الدعوى ، أي مقابلة النصوص المطعون فيها من الناحية الموضوعية بالنصوص الدستورية القائمة وقت الحكم في الدعوى الدستورية ، و من ثم فإن بحث دستورية النصوص المطعون فيها في الدعوى المعروضة يتعين أن يتم وفقاً للأحكام الواردة في الإعلان الدستوري الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتاريخ 30 /3/2011 .
و حيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحق في المعاش – إذا توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون – إنما ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها ، و هوما تؤكده قوانين التأمين الاجتماعي – على تعاقبها – إذ يبين منها أن المعاش الذي تتوافر بالتطبيق لأحكامها شروط اقتضائه عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقاً للنظم المعمول بها ، يعتبر التزاماً مترتباً بنص القانون في ذمة الجهة المدينة ، و إذا كان دعم التأمين الاجتماعي أصبح أمراً واجباً على الدولة ، فيتعين عليها أنتكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية بما في ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم ف الحدود التي بينها القانون ، فذلك لأن مظلة التامين الاجتماعي التي يمتد نطاقها إلى الأشخاص المشمولين بها ، هي التي تكفل لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية التي لا تمتهن فيها آدميته ، و تحفظ له كرامته ، و التي تعتبر في الوقت ذاته انعكاس طبيعي لكرامة الوطن و رفعة شأنه بين الأمم المتحضرة .
و حيث إن تنظيم الحقوق و إن كان يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يمارسها المشرع وفق أسس موضوعية و لاعتبارات يقتضيها الصالح العام ، إلا أن هذا التنظيم يكون مخالفاً لأحكام الدستور و للمبادئ التي قررتها هذه المحكمة ، إذا تعرض للحقوق التي يتناولها سواء بإهدارها أو بالانتقاص منها ، كما أنه يتعين لاتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد وفاء بمصلحة عامة لها اعتبارها ، و الوسائل التي اتخذها طريقاً لبلوغها ، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع هذا الموضوع عن أهدافها ، بل يتعين أن تُعد مدخلاً إليها ، متى كان ذلك ، و كان المشرع قد أصدر القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 مقرراً زيادة المعاشات التي تستحق اعتباراً من 1/7/2001 ، 1/7/2002 ، 1/7/2003 بنسبة (10%) من معاش الأجر الأساسي ، هادفاً – طبقاً لما ورد بتقارير اللجنة المشتركة من لجنة القوى العاملة و مكتب لجنة الخطة و الموازنة بمجلس الشعب – إلى زيادة دخول أصحاب المعاشات و المستحقين عنهم بحسبانهم الفئة الأكثر احتياجاً للرعاية ، و باعتبار أن دخل كل مهم لا يجاوز ما يتقاضاه من معاش ، و هو ما يتطلب رفع المعاناة عن كاهلهم لمواجهة متطلبات الحياة اليومية في ضوء ارتفاع الأسعار ، وهو ذات ما هدف إليه المشرع في إصداره القوانين أرقام 18 لسنة 2001 ، 149 لسنة 2002 ، 90 لسنة 2003 بمنح العاملين بالدولة علاوة خاصة بنسبة (10%) من الأجر الأساسي لكل منهم في 30 /6/2001 ، 30/6/2002 ، 30/6/2003 ، على نحو ما نطقت به الأعمال التحضيرية لهذه القوانين من أن تقرير هذه العلاوة الخاصة تستهدف زيادة دخولهم بما يكفل لهم مواجهة متطلبات و أعباء المعيشة ، بيد أن المشرع وضع بالنصوص المطعون فيها حداً أقصى للزيادة في المعاشات لا يجاوز ستين جنيهاً ، في حين أطلق الحد الأقصى لقيمة العلاوات الخاصة التي منحت للعاملين بالدولة بالرغم من وحدة الهدف من إصدار هذه القوانين جميعها ، و هو معاونة الفئتين معاً على أعباء المعيشة المتزايدة نتيجة الغلاء و ارتفاع اسعار السلع و الخدمات ، و كان الأولى بالمشرع أن يطلق الحد الأقصى للزيادة التي قررها لأصحاب المعاشات حتى يحفظ لهم كرامتهم و يحميهم من العوز سيما من بلغ منهم من الكبر عتياً ، خاصة و أن أغلب الأعم من اصحاب المعاشات ليس له مورد رزق سوى معاشاتهم التي يتقاضونها من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ف الوقت الذي تعاظمت فيه متطلبات معيشتهم و احتياج بعضهم إلى الدعم الصحي من علاج و دواء ، و الذي صار الجميع يئن من وطأة تكلفته ، و إذ تنكب المشرع هذا الطريق وجاوز نطاق سلطته التقديرية التي يملكها في مجال تنظيم الحقوق بتقريره الزيادة في المعاشات مع وضع حد أقصى لها ، فإنه يكون قد أهدر الحق في المعاش على النحو الذي يكفل للمستفيدين منه حياة كريمة ، كما أن الوسيلة التي لجأ إليها المشرع في منح العلاوة لا ترتبط بالهدف الذي أعلنه بعلاقة منطقية تبررها ، فضلاً عن مخالفته مبدأ المساواة ، مما تكون معه النصوص المطعون فيها مخالفة لحكم المادة (7) من الإعلان الدستوري .
و حيث إن حماية الحق في الملكية تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها ، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية ، سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية ، و كان الحق في صرف الزيادة التي تقررت لأصحاب المعاش المستحقة من 1/7/2001 ، 1/7/2002 ، 1/7/2003 ، دون وضع حد أقصى ، ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها و عنصراً إيجابياً في ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه ، فإن النصوص المطعون فيها تنحل – و الحال هذه – عدواناً على حق الملكية بالمخالفة لنص المادة (6) من الإعلان الدستوري .
و حيث إن هذه المحكمة تقديراً منها للآثار المالية التي ستترتب على الأثر الرجعي للقضاء بعدم دستورية النصوص المطعون فيها ، فإنها تقرر إعمال الرخصة المخولة لها بنص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، و تحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخاً لسريانه ، و ذلك دون إخلال باستفادة المدعي من ذلك الحكم .
و حيث إنه عن طلب إلزام المدعي عليه الثاني بأن يصرف له الزيادة السنوية كاملة بدون حد أقصى عن السنوات 2001 ، 2002 ، 2003 ، و ما يستجد من زيادات ، فإن ذلك الطلب لا يعدو أن يكون أثراً من آثار الحكم بعدم دستورية النصوص المطعون فيها ، و هو ما يخرج عن اختصاص هذه المحكمة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم دستورية ما نص عليه البند (2) من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 بزيادة المعاشات من أن تكون الزيادة في المعاش بحد أقصى ستون جنيهاً شهرياً ، و ألزمت الحكومة المصروفات و مبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ثانياً – بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره .
أمين السر رئيس المحكمة
( منشور في الجريدة الرسمية العدد 32 مكرر (أ) في 15 أغسطس 2012 )
ساحة النقاش