باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة المنعقدة يوم الثلاثاء السابع عشر من ينايرسنة 2012 م ، الموافق الثالث و العشرين من صفرسنة 1433 هـ .
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان ......... رئيس المحكمة
و عضوية السادة المستشارين / ماهرالبحيري و عدلي محمود منصور و على عوض محمد صالح و عبد الوهاب عبد الرازق و محمد عبد العزيزالشناوي و محمد خيري طه ................. نواب رئيس المحكمة
و حضورالسيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو.....رئيس هيئة المفوضين
و حضورالسيد/ ناصرإمام محمد ...............................أمين السر
الاجراءات
بتاريخ الخامس من ينايرسنة 2012 ورد إلى المحكمة الدستورية العليا كتاب السيد المشيررئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرفقاً به مشروع مرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية ، طالباً عرضه على المحكمة لتقريرمدى مطابقته للإعلان الدستوري الصادرفي الثلاثين من مارس سنة 2011 إعمالاً لحكم المادة (28) منه .
و بعد تحضيرالطلب أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
و نظر الطلب على النحو المبين بمحضرالجلسة ، و قررت المحكمة إصدارالقرارفيه بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادرفي الثلاثين من مارس سنة 2011 ،
و على مشروع المرسوم بقانون المعروض و المداولة قانوناً ،
و حيث إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالرقابة السابقة على مشروع المرسوم بقانون المعروض يجد سنده في نص المادة (28) من الإعلان الدستوري الصادرفي الثلاثين من مارس سنة 2011 ، و هذه الرقابة و إن كانت تقف عند حد التأكد من مطابقة نصوص المرسوم المعروض لأحكام الإعلان الدستوري المشارإليه ، باعتباره الوثيقة الدستورية التي تحكم البلاد بعد تعطيل العمل بأحكام الدستور الصادرعام 1971 ، إلا أن هذه الرقابة كان من الممكن أن تكون أكثرفاعلية لو وردت على مشروع مرسوم بقانون يعيد تنظيم الانتخابات الرئاسية برمتها في ضوء الأحكام التي انتظمها الإعلان بما فيها نص المادة (28) منه ، يؤكد ذلك أن المرسوم بقانون المعروض حين عالج الأمرعلى نحو جزئي شابته مثالب عدة تجتزئ المحكمة منها ما نصت عليه المادة (10) من القانون رقم 174 لسنة 2005 المشارإليه من أن ( يُحدد ميعاد بدء إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية و يوم الانتخاب و يوم الإعادة بقرارمن لجنة الانتخابات الرئاسية ، و ذلك بمراعاة المواعيد المنصوص عليها في الدستور) ، و الدستورالمشارإليه في هذه المادة هو الدستورالصادرعام 1971 الذي عُطل العمل بأحكامه ، و كان يقتضي الأمرتعديل هذه المادة على نحو مغايرأو إلغاء عبارة ( و ذلك بمراعاة المواعيد المنصوص عليها في الدستور) منها .
و حيث إنه بناءً على ما تقدم فإن هذه المحكمة تؤكد على ما سبق أن قررته من ضوابط لممارسة رقابتها السابقة على دستورية مشروع قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية ومايخرج عن اختصاصها السابق تحديده في دستورعام 1971 و ردده الإعلان الدستوري الصادرفي الثلاثين من مارس عام 2011 و الذي يتمثل فيما يلي :
1- مراجعة الصياغة القانونية للمشروع .
2- النظر في أي تناقض بين نصوص المشروع بعضها البعض أو تعارضها مع أية نصوص قانونية أخرى ما لم يرقَ هذا التناقض إلى مخالفة دستورية .
3- تقرير مدى ملاءمة بعض الأحكام التي حواها المشروع باعتبارأن ذلك الأمريدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع .
و حيث إنه في ضوء ما تقدم فقد استبان للمحكمة ما يلي :
أولاً : تضمنت المادة (5) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع تشكيل لجنة الانتخابات الرئاسية ، و عقدت رئاستها لرئيس المحكمة الدستورية العليا ، وعضوية كل من : رئيس محكمة استئناف القاهرة ، و أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ، و أقدم نواب رئيس محكمة النقض ، و أقدم نواب رئيس مجلس الدولة ، و نصت على أنه : " في حالة وجود مانع لدى رئيس اللجنة يحل محله من يليه في تشكيلها ، و التالي في تشكيل اللجنة بعد رئيسها رئيس محكمة استئناف القاهرة " ، و النص على هذا النحو يخالف نص المادة (28) من الإعلان الدستوري الصادرفي الثلاثين من مارس عام 2011 و الذي أفصح عن أن رئاسة اللدنة المشارإليها منوطة برئيس المحكمة الدستورية العليا بصفته هذه ، للاعتبارات التي قدرها ، و ترتيباً على ذلك فإن صفة رئيس المحكمة الدستورية العليا – عند وجود مانع لديه – تنتقل إلى الأقدم من نوابه ، فيحل محله طبقاً لنص المادة (3) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادربالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، يؤيد ذلك أن المحكمة الدستورية العليا طبقاً للمادة (49) من الإعلان الدستوري هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ، و النص المعروض يحجب من يتولى رئاسة المحكمة الدستورية العليا (الأقدم من أعضائها ) عن رئاسة اللجنة بما يخالف نص المادتين (28 ، 49 ) من الأعلان الدستوري ، و من ثم يتعين تعديل هذا النص على نحو يسمح بأن تؤول رئاسة اللجنة إلى أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا الذي هو عضو في اللجنة ذاتها ، على أن يضم إلى عضوية اللجنة – حال قيام المانع – أقدم نواب رئيس المحكمة بعد نائبها الأول .
هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى فقد نصت المادة ذاتها في فقرتها الأخيرة على أن : ( و تنعقد اللجنة فورالعمل بهذا القانون لوضع القواعد اللازمة لإجراءات الترشيح و الانتخابات ، و يتعين تفسيرهذه العبارة على نحو لا يعطي اللجنة المذكورة الحق في إضافة أية قواعد جديدة تخالف الأحكام المنصوص عليها في الإعلان الدستوري .
ثانياًَ : نظمت المادة (11) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض الإجراءات المتعلقة بإثبات حصول طالب الترشيح لرئاسة الجمهورية على النصاب الذي حددته المادة (27) من الإعلان الدستوري الصادرفي الثلاثين من مارس سنة 2011 ، سواء ما كان متعلقاً بتأييد أعضاء مجلسي الشعب و الشورى أو من المواطنين ممن لهم حق الانتخاب ، و نصت على أن يكون تأييد الطائفة الأخيرة و هو المواطنون على النموذج الذي تعده لجنة الانتخابات الرئاسية ، و يلتزم المؤيد بالتوقيع على هذا النموذج بما تضمنه من بيانات ، و أن يثبت صحة هذا التوقيع ، بغير رسوم ، بمعرفة أحد مكاتب التوثيق بمصلحة الشهر العقاري و التوثيق وفقاً للضوابط التي يصدربشأنها قرار من وزير العدل ، و إذ ناط هذا النص بوزيرالعدل - و هو أحد أعضاء السلطة التنفيذية – إصدارقرار بالضوابط التي تتبعها مكاتب التوثيق لدى إثباتها صحة توقيعات المؤيدين للمرشح من الناخبين ، فإنه يكون بذلك قد خالف حكم المادة (28) من الإعلان الدستوري الذي خص لجنة الانتخابات الرئاسية بمهمة الإشراف على هذه الانتخابات بجميع مراحلها بدءاًَ من الترشيح و حتى إعلان النتيجة ، و بدهي أن الإجراءات المتعلقة بضوابط إثبات صحة توقيع المؤيدين للمرشح تعد جزءاً من إجراءات الترشيح مما يدخل في اختصاص اللجنة المذكورة ، الأمرالذي يتعين معه النص على أيلولة الاختصاص بوضع ضوابط صحة توقيع المؤيدين إلى لجنة الانتخابات الرئاسية شريطة ألا تخالف هذه الضوابط أياً من أحكام الإعلان الدستوري .
ثالثاً : تنص المادة (13) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع في فقرتها الثانية على أن : ( و يجب أن يرفق بالطلب المستندات التي تحددها اللجنة ، و على الأخص : 1- النماذج الخاصة بتأييد طالب الترشيح أو مستخرج رسمي منها ) ، و يتعين تفسير عبارة ( المستندات التي تحددها اللجنة ) على نحو لا يعطيها الحق في إضافة شروط جديدة للشروط الواردة بنص المادتين 26 من الإعلان الدستوري الصادرفي الثلاثين من مارس سنة 2011 ، و المادة (1) من القانون رقم 174 لسنة 2005 و التي أضيفت إليها فقرة ثانية بالمادة الثانية من مشروع المرسوم بقانون المعروض .
رابعاً : أشارت المادة (13) في فقرتها الثانية مستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض إلى بعض المستدات التي يجب ان ترفق بطلب الترشيح و منها ما ورد بالنبد رقم (3) الخاص بإقرار طالب الترشيح بأنه مصري من أبوين مصريين و بأنه أو أي من والديه لم يحمل جنسية أخرى . و النص على هذا النحو يتفق و حكم المادة (26) من الإعلان الدستوري الذي اشترط فيمن ينتخب رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين ، و أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية و السياسية ، و ألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخرى ، في حين أن نص المادة (1) فقرة ثانية الواردة بالمشروع المعروض نص على أنه : ( يشترط فيمن ينتخب رئيساً للجمهورية أن يكون مصري الجنسية من أبوين مصريين و أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية و السياسية و ألا يكون قد حصل هو أو أي من والديه على جنسية دولة أخرى ... ) ، و النص الأخيراستبدل كلمة ( حصل ) بكلمة ( حمل ) المرددة في المادة (26) من الإعلان الدستوري ، و البند رقم (3) من الفقرة الثانية من المادة (13) من المشروع المعروض ذاته ، لذا يجب توحيد المصطلح بحيث يُعبربكلمة ( حمل ) بدلاً من ( حصل ) كي تتفق ونصوص الإعلان الدستوري من ناحية ، و من ناحية أخرى فإن كلمة ( حصل ) تعني أن الجنسية كانت بالاكتساب في حين أن كلمة ( حمل ) أشمل و أعم ، إذ تعني أن الجنسية تم حملها إما أصلياً بواقعة الميلاد مثلاً أو بالاكتساب .
خامساً : نصت المادة (30) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض على أن يجري الاقتراع في يوم واحد ، و أجازت عند الضرورة إجراء الاقتراع على يومين متتاليين ، و في بيان كيفية إدلاء الناخب بصوته في محافظة غير المحافظة المقيد اسمه في قاعدة بيانات الناخبين بها ، أجازت المادة ( 33) من القانون مستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض أن يدلى ذلك الناخب بصوته أمام أية لجنة من لجان الاقتراع بالجهة التي يوجد بها ، و أن يثبت اسمه و رقم بطاقة الرقم القومي في كشف مستقل يخصص للوافدين ، على أن يقوم بالتوقيع بخطه أو ببصمة إبهامه قرين اسمه ، و غرس إصبعه في مداد غيرقابل للإزالة قبل أربع و عشرين ساعة على الأقل . و إذ أجاز المشروع المعروض إجراء الاقتراع على يومين ، و هو ما يجاوز مدة بقاء المداد المذكور، فإن الأمريقتضي تعديل النص بتخويل لجنة الانتخابات الرئاسية – عند إجراء الاقتراع على يومين – وضع الوسيلة المناسبة ، كي لا يستطيع الناخب أن يدلي بصوته أكثرمن مرة لمرشح واحد ، تحقيقاً للقاعدة الدستورية المرتبطة بحق الانتخاب و هي أن يكون للناخب الواحد صوت واحد ( one man .. one vote).
سادساً : نصت المادة الثالثة من المشروع المعروض على إلغاء بعض مواد القانون رقم 174 لسنة 2005 ، و ورد من بينها نص المادة (18) من ذلك القانون والتي تنظم حالة خلومكان أحد المرشحين لأي سبب غير التنازل عن الترشيح ، و إلغاء هذا النص على إطلاقه يشوبه عدم الدستورية ، إذ قد يخلو مكان مرشح أحد الأحزاب بسبب قوة قاهرة كالوفاة مثلاً ، ففي هذه الحالة يُحرم ذلك الحزب – و قد يكون ممثلاًَ لأغلبية شعبية – من ترشيح آخر لسبب لا دخل له فيه ، الأمرالذي يتصادم و حكم المواد (1، 3، 27 ) من الإعلان الدستوري التي تنص أولاهما على أن : جمهورية مصرالعربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة ، و تقرر ثانيهما أن : السيادة للشعب و أنه مصدرالسلطات ، و تقضي ثالثتهما بأحقية الحزب كشخص اعتباري في ترشيح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية .
سابعاً : غني عن الإشارة أن يقتصرنص المادة الرابعة من المشروع على نشرالمرسوم بقانون في الجريدة الرسمية و العمل به اعتباراً من اليوم التالي لنشره ، مع حذف عبارة ( بعد عرضه على المحكمة الدستورية ... ) ، و إضافة عبارة تفيد عرض المشروع بقانون على المحكمة الدستورية العليا في ديباجته .
لذلــــــــــــك
قررت المحكمة أن المواد ( 5 ، 11 ، 33 ) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض ، و المادة الثالثة فيما تضمنته من إلغاء المادة (18) من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية غيرمطابقة لأحكام الإعلان الدستوري الصادرفي الثلاثين من مارس سنة 2011 ، و ذلك على النحو الوارد بالأسباب .
أمين السر رئيس المحكمة
أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
.
ساحة النقاش