باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الاحد الموافق الثالث عشر من نوفمبرسنة 2011 ، الموافق السابع عشر من ذي الحجة سنة 1432 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاورق أحمد سلطان ..................رئيس المحكمة
و عضوية السادة المستشارين / عدلي محمود منصور و محمد خيري طه و سعيد مرعي عمرو و تهاني محمد الجبالي و بولس فهمي إسكندر و محمود محمود غنيم ..................................................نواب رئيس المحكمة
و حضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو............رئيس هيئة المفوضين
و حضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع .............................أمين السر
أصدرت الحكم الآتي :
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 113 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من :
السيد / نسيم جوزيف فرنسيس .
ضد :
1- السيد رئيس الجمهورية .
2- السيد رئيس مجلس الوزراء .
3- السيد وزير المالية .
4- السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات .
الإجراءات
بتاريخ الثاني و العشرين من يونيو سنة 2006 ،أقام المدعي هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طالباً للحكم بعدم دستورية نص المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادربالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2009 ، فيما تضمنه من تفويض وزير المالية مد ميعاد تعديل الإقرار الضريبي ، و سقوط قراري وزير المالية رقمي 231 لسنة 1991 و 143 لسنة 1992 .
و قدمت هيئة قضايا الدولة أربع مذكرات بدفاعها ، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
و بعد تحضيرالدعوى ، أودعت هيئة المفوضين ثلاثة تقارير برأيها.
و نظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضرالجلسة ، و قررت المحكمة إصدارالحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمـــــــــة
بعد الاطلاع على الوراق ، و المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى و سائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان قد تم تسجيله لدى مصلحة الضرائب على المبيعات بالإسكندرية عن نشاطه في بيع الذهب ، و قام بتقديم إقراراته الضريبية عن المدة من شهر سبتمبرسنة 2002 إلى شهرديسمبرسنة 2004 ، و سدد ضريبة المبيعات المستحقة من واقع تلك الإقرارات ، و بتاريخ 21 /11/2005 ، أخطرته مصلحة الضرائب بالنموذج (15 ضرائب عامة مبيعات ) ، و طالبته بسداد مبلغ ( 44ر7110 ) جنيه ، فروق ضريبة المبيعات المستحقة على نشاطه خلال المدة المشارإليها ، بعد التعديلات التي أدخلتها المصلحة على إقراراته الضريبية ، كما طالبته بسداد الضريبة الإضافية على النحو المقرر قانوناً ، فتظلم المدعي من تلك المطالبة ، ثم طالب إحالة الأمر إلى لجان التوفيق بالمصلحة ، و التي أصدرت قرارها بتاريخ 19/3/2006 بعدم اختصاصها بنظرالطلب ، فأقام المدعي الدعوى رقم 91 لسنة 2006 مدني جزئي أمام محكمة العطارين بالإسكندرية ، بطلب الحكم ببراءة ذمته من المبلغ المالي محل المطالبة ، و بطلان إخطاره بالنماذج الضريبية ، و حال نظر الدعوى ، دفع بعدم دستورية المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادربالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، و إذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع ، و صرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
و حيث إن نص المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادربالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، مقروءاً في ضوء الحكم الصادرمن هذه المحكمة بجلسة 6/1/2001 في القضية رقم 65 لسنة 18 قضائية " دستورية " كان يقضي بأن :
للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه في المادة السابقة ، و يخطرالمسجل بذلك بخطاب موصى عليه مصحوباً بعلم الوصول خلال ستين يوماً من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة .
و للمسجل أن يتظلم لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسليم الإخطار.
و في جميع الأحوال يجوز مد هذه المدد بقرار من الوزير.
و يعتبرتقديرالمصلحة نهائياً إذا لم يقدم التظلم خلال المواعيد المشارإليها ".
و استناداً لنص الفقرة الثالثة من النص المتقدم ، فقد أصدروزير المالية قراره رقم 231 لسنة 1991 ، بمد مدة الستين يوماً التي يجوز فيها للمصلحة تعديل الإقرار المقدم من المسجل ، إلى مدة سنة ، ثم أصدر قراره رقم 143 لسنة 1992 بمد هذه المدة إلى ثلاث سنوات .
و حيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية ، و هي شرط لقبولها ، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، و ذلك بـأن يؤثرالحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها و المطروحة على محكمة الموضوع ، و يتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع شرطين ، أولهما : أن يقيم المدعي – في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون عليه – الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به ، و ليس ضرراً متوهماً أو نظرياً أو مجهلاً ، ثانيهما : أن يكون مرد الأمرفي هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه .
متى كان ذلك ، و كان رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدورحول مدى أحقية المدعي في طلب الحكم ببراءة ذمته من فروق مبلغ ضريبة المبيعات ، و ما يستحق من ضريبة إضافية ، التي تطالبه مصلحة الضرائب بسدادها عن نشاطه في بيع الذهب ، خلال المدة من سبتمبرسنة 2002 إلى ديسمبرسنة 2004 ، وفقاً للتعديلات التي أجرتها على إقراراته ، بعد انقضاء مدة الستين يوماً المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (17) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشارإليه ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، تأسيساً على أن تلك المدة ، ثم مدها إلى ثلاث سنوات بموجب قرار وزير المالية رقم 143 لسنة 1992 ، الذي صدر استناداً للفقرة الثالثة من النص ذاته ، و ترتيباً على ذلك فإن الفصل في دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة المذكورة ، سوف يرتب انعكاساً على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع ، و من ثم تتوافرللمدعي مصلحة شخصية و مباشرة ف الطعن بعدم دستوريته ، و يتحدد نطاق الدعوى الماثلة فيما تضمنه هذا النص من تخويل وزيرالمالية سلطة مد المدة التي يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل ، و لا يمتد إلى باقي أجزاء المادة المذكورة .
وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون عليه – محدداً نطاقاً على النحو المتقدم – أنه إذ ناط بوزيرالمالية مد المدة التي يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار الضريبي المقدم من المسجل ، فإنه يكون قدخوله سلطة تعديل ميعاد يتعلق بقواعد ربط الضريبة ، التي لا يجوزتنظيمها إلا بقانون ، و ذلك بالمخالفة لأحكام المواد 38 و 86 و 119 و 120 من دستورسنة 1971 .
و حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن " حماية هذه المحكمة للدستور، إنما تنصرف إلى الدستورالقائم ، إلا أنه إذا كان الدستورليس ذا أثر رجعي ، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستورالسابق الذي صدرالقانون المطعون عليه في ظل العمل بأحكامه ، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور" ، متى كان ذلك ، و كان نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشارإليه ( النص المطعون عليه ) ، قد تم تعديله بموجب القانون رقم 9 لسنة 2005 ، قبل نفاذ الإعلان الدستوري الصادربتاريخ 30 مارس سنة 2011 بعدة سنوات ، و من ثم فإنه لا يمكن الاحتكام إلى ما ورد بأحكام ذلك الإعلان الدستوري فيما يتعلق بالنص المطعون عليه ، و إنما يتعين الاحتكام بشأنه إلى ما ورد بدستورسنة 1971 ، الذي صدر القانون المشتمل على النص المطعون عليه في ظل العمل بأحكامه ، و تم العمل بذلك النص إلى أن تم استبدال نص آخر به ، خلال مدة سريان ذلك الدستور.
و حيث إن المادة (86) من دستورسنة 1971 نصت على أن : " يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ...... " ، و نص في المادة 119 منه على أن " إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أوإلغاؤها لا يكون إلا بقانون ، و لا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ، و لا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون " . و كان هذا النص ترديداً لذات الأحكام التي تبنتها الدساتيرالمصرية السابقة .
و مؤدى هذا النص الأخير- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه مايز بين الضريبة العامة و غيرها من الفرائض المالية من حيث أداة إنشاء كل منها ، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، و أن ثانيتهما يجوز إنشاؤها في الحدود التي يبينها القانون ، بما مفاده أن السلطة التشريعية هي التي تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدرعنها ، متضمناً تحديد نطاقها ، و على الأخص من خلال تحديد وعائها و أسس تقديره ، و بيان مبلغها ، و الملتزمين أصلاً بأدائها ، و المسئولين عنها ، و قواعد ربطها و تحصيلها و توريدها ، و كيفية أدائها ، و غيرذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة ، عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر في الأحوال التي يبينها القانون .
و حيث إن المشرع ، بموجب أحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 المشارإليه ، بعد أن ألزم المسجل بتقديم إقرار شهري عن الضريبة المستحقة ، نص في الفقرة الأولى من المادة (17) من ذلك القانون – قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 – على أنه " للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه في المادة السابقة و يخطرالمسجل بذلك ..... خلال ستين يوماً من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة " ، و أجازت الفقرة الثانية من تلك المادة للمسجل التظلم من ذلك التعديل لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استلامه الإخطار، و رتبت الفقرة الرابعة منها جزاء مخالفة المواعيد المشار إليها ، بنصها على أن " و يعتبرتقديرالمصلحة نهائياً إذا لم يقدم التظلم خلال المواعيد المشارإليها " ، و لازم ذلك أن الميعاد الذي يجوز لمصلحة الضرائب خلاله تعديل إقرار المسجل و إخطاره بذلك التعديل ، إنما يتعلق بقواعد ربط الضريبة ، خاصة و أن عدم التظلم من التعديل الذي يتم خلاله ، يترتب عليه حتماً – وبنص القانون – اعتبار تقديرالمصلحة نهائياً .
متى كان ذلك ، وكانت الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون ذاته قد أجازت لوزير المالية إصدارقرار بمد هذا الميعاد ( مدة الستين يوماً ) ، دون تحديد سقف زمني لهذه الرخصة ، بما مؤداه أن هذا المد قد صارطليقاً بيد القائمين على تنفيذ القانون ، وهوما حدا بوزير المالية لإصدارقراريه رقمي 231 لسنة 1991 و 143 لسنة 1992 بمد مدة الستين يوماً إلى سنة ، ثم إلى ثلاث سنوات ، و إذ كان هذا الميعاد يتعلق – و على ماسلف – بقواعد ربط الضريبة ، و هو الأمر المحجوز للسلطة التشريعية ، و لا يجوز تنظيمه إلا بقانون يصدرمنها ، و ليس بأداة أدنى ، و إلا عد ذلك إعراضاً من جانبها عن مباشرة ولايتها التشريعية في هذا الشأن ، فإن ما ورد بالنص المطعون عليه من تخويل الوزيرسلطة مد هذا الميعاد بقرار يصدر منه ، يكون قد وقع في حمأة مخالفة نص المادة (119) من دستورسنة 1971 ، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستوريته .
و حيث إنه لا يقيل النص المطعون عليه من عثرته ، التحدي بأنه لا يخول وزيرالمالية غير إصداراللوائح التنفيذية اللازمة لتنفيذ هذا القانون ، فذلك مردود بأن الأصل في هذه اللوائح التنفيذية التي تصدروفقاً لنص المادة (144) من دستور سنة 1971 ، أنها تفصل ما ورد إجمالاً في النصوص القانونية ، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها إو إعفاء من تنفيذها ، و لا كذلك النص المطعون عليه ، إذ خول وزيرالمالية سلطة مد الميعاد الذي حدده القانون على نحو ما سلف بيانه .
و حيث إن القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشارإليه ، يستتبع بحكم اللزوم سقوط قراري وزير المالية رقمي 231 لسنة 1991 و 143 لسنة 1992 الصادرين استناداً إليه .
فهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً – بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادربالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، فيما تضمنه من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التي يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل .
ثانياً – بسقوط قراري وزير المالية رقمي 231 لسنة 1991 و 143 لسنة 1992 .
ثالثاً – إلزام الحكومة المصروفات و مبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة
( الجريدة الرسمية – العدد 47 مكرر – بتاريخ 27 /11/2011 )
أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
ساحة النقاش