الدكتور أحمد عبد الظاهر أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

الحقوق الرياضية للمعاقين

 

مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر

أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة

 

يحرص المشرع الدستوري لدولة الإمارات العربية المتحدة على أن يشمل المجتمع برعايته الأشخاص العاجزين عن رعاية أنفسهم لأي سبب من الأسباب، وسواء كان ذلك راجعاً إلى المرض أو العجز أو الشيخوخة أو لغير ذلك. فوفقاً للمادة السادسة عشرة من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، «يشمل المجتمع برعايته الطفولة والأمومة ويحمي القصر وغيرهم من الأشخاص العاجزين عن رعاية أنفسهم لسبب من الأسباب، كالمرض أو العجز أو الشيخوخة أو البطالة الإجبارية، ويتولى مساعدتهم وتأهيلهم لصالحهم وصالح المجتمع». ولا شك أن المعاقين هم من الأشخاص العاجزين عن رعاية أنفسهم، والذين ينبغي أن تمتد إليهم يد المجتمع بالرعاية والاحتضان والحماية. فالمعاق وفقاً لما ورد بالمادة الأولى من القانون الاتحادي رقم (29) لسنة 2006م بشأن حقوق المعاقين هو «كل شخص مصاب بقصور أو اختلال كلي أو جزئي بشكل مستقر أو مؤقت في قدراته الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية إلى المدى الذي يقلل من إمكانية تلبية متطلباته العادية في ظروف أمثاله من غير المعاقين».

 

        وإدراكاً لأهمية توفير الرعاية للمعاقين، واتساقاً مع النص الدستوري آنف الذكر، أصدر المشرع الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة القانون الاتحادي رقم (29) لسنة 2006م في شأن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، والذي تغير مسماه إلى «في شأن حقوق المعاقين»، وذلك بموجب القانون الاتحادي رقم (14) لسنة 2009م. ولا تقتصر أوجه الرعاية المقررة في هذا القانون على كفالة الخدمات الصحية وخدمات إعادة التأهيل والتعليم والعمل، وإنما تمتد إلى كفالة المشاركة الرياضية والترفيهية. بيان ذلك أن الفصل الرابع من الباب الثاني من القانون الاتحادي رقم (29) لسنة 2006 المشار إليه يعنى بتحديد السبل اللازمة لمشاركة المعاق في الحياة الثقافية والرياضية والترفيهية. وقد ورد هذا الفصل تحت عنوان «الحياة العامة والثقافية والرياضية»، ويتضمن مادتين هما المادة (20) والمادة (21). ووفقاً للمادة العشرين، «تتخذ الدولة التدابير اللازمة لتحقيق مشاركة المعاق في الحياة الثقافية والرياضية والترفيهية وذلك على النحو التالي: 1- تنمية قدرات المعاق الإبداعية والفنية والفكرية واستثمارها من أجل إثراء المجتمع. 2- توفير المواد الأدبية والثقافية للمعاق بجميع الأشكال المتيسرة، بما فيها النصوص الالكترونية ولغة الإشارة وطريقة (برايل)، وبالأشكال السمعية والمتعددة الوسائط وغيرها. 3- تمكين المعاق من الإفادة من البرامج والوسائل الإعلامية والعروض المسرحية والفنية وجميع الأنشطة الثقافية وتعزيز مشاركته فيها، وقواعد الإعفاء من الرسوم الخاصة بها. 4- تعزيز مشاركة المعاق في الأنشطة الرياضية المنظمة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي. 5- رفع تقارير دورية إلى الوزير تمهيداً لرفعها إلى مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه مناسباً». أما المادة الحادية والعشرون، فتنص على أن «تشكل بقرار من مجلس الوزراء لجنة تسمى (اللجنة المتخصصة بالرياضة والثقافة والترويح للمعاقين) برئاسة الأمين العام لهيئة الشباب والرياضة وعضوية ممثلين عن جهات الاختصاص، ويصدر مجلس الوزراء نظام عمل اللجنة واجتماعاتها، وتمارس اللجنة على وجه الخصوص ما يأتي: 1- وضع السياسات التي تكفل النمو المتكامل للمعاق وإتاحة فرص ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية والترويحية التي تتميز بالمتعة والأمان ومناسبتها لقدرات وتهيئة الظروف لممارستها بشكل أساسي كأقرانه من غير المعاقين. 2- توسيع قاعدة ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية والترويحية بين المعاقين، وضمان احتواء رياضة المعاقين بشقيها: (رياضة المعاقين عقلياً ورياضة المعاقين حركياً وحسياً) في صلب البرامج التعليمية المتبعة في المؤسسات المتخصصة. 3- وضع برامج إعداد الكوادر البشرية المؤهلة للعمل مع المعاقين في المجال الرياضي والثقافي والترويجي. 4- تشجيع دمج المعاقين مع أقرانهم من غير المعاقين في المراكز والأندية الرياضية والثقافية والمخيمات وتوفير الألعاب والأنشطة المناسبة لهم. 5- رفع تقارير دورية إلى الوزير تمهيداً لرفعها إلى مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه مناسباً».

 

        كذلك، يلاحظ أن الاتفاقية الدولية الشاملة والمتكاملة لحماية وتعزيز حقوق المعاقين وكرامتهم قد حرصت على كفالة مشاركة المعاق في الحياة الثقافية وأنشطة الترفيه والتسلية والرياضة. بيان ذلك أن المادة (30) من الاتفاقية تنص على أن «1- تقر الدول الأطراف بحق المعوقين في المشاركة في الحياة الثقافية على قدم المساواة مع الآخرين، وتتخذ كل التدابير المناسبة لكي تكفل للمعوقين ما يلي: أ. التمتع بالمواد الثقافية بأشكال ميسرة. ب. التمتع بالبرامج التلفزيونية والأفلام والعروض المسرحية وسائر الأنشطة الثقافية بأشكال ميسرة. ج. التمتع بدخول الأماكن المخصصة للعروض أو الخدمات الثقافية، من قبيل المسارح والمتاحف ودور السينما والمكتبات وخدمات السياحة، والتمتع، قدر الإمكان، بالوصول إلى النصب التذكارية والمواقع ذات الأهمية الثقافية الوطنية. 2- تتخذ الدول الأطراف التدابير الملائمة لإتاحة الفرصة للمعوقين لتنمية واستخدام قدراتهم الإبداعية والفنية والفكرية، لا لخدمة مصلحتهم فحسب وإنما لإثراء المجتمع أيضاً. 3- تتخذ الدول الأطراف جميع الخطوات الملائمة، وفقاً للقانون الدولي، للتأكد من أن القوانين التي تحمي حقوق الملكية الفكرية لا تشكل عائقاً تعسفياً أو تمييزياً يحول دون استفادة المعوقين من المواد الثقافية. 4- يحق للمعوقين، على قدم المساواة مع الآخرين، أن يحظوا بالاعتراف بهويتهم الثقافية واللغوية الخاصة وأن يحصلوا على دعم لها، بما في ذلك لغات الإشارات وثقافة الصم. 5- تمكيناً للمعوقين من المشاركة، على قدم المساواة مع الآخرين، في أنشطة الترفيه والتسلية والرياضة، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة من أجل: أ. تشجيع وتعزيز مشاركة المعوقين، إلى أقصى حد ممكن، في جميع مجالات الأنشطة الرياضية العامة. ب. ضمان إتاحة الفرصة للمعوقين لتنظيم الأنشطة الرياضية والترفيهية الخاصة بالإعاقة وتطويرها والمشاركة فيها، والعمل، تحقيقاً لهذه الغاية، على تشجيع مدهم، على قدم المساواة مع الآخرين، بالقدر المناسب من التعليم والتدريب والموارد. ج. ضمان إتاحة الفرصة للأطفال المعوقين للمشاركة، على قدم المساواة مع الأطفال الآخرين، في أنشطة اللعب والترفيه والتسلية والرياضة، بما في ذلك الأنشطة التي تنظم في إطار النظام المدرسي. هـ. ضمان إمكانية حصول المعوقين على الخدمات المقدمة من المشتغلين بتنظيم أنشطة الترفيه والسياحة والتسلية والرياضة». وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن المشرع الإماراتي قد صادق على الاتفاقية آنفة الذكر، وذلك بموجب المرسوم الاتحادي رقم (116) لسنة 2009م بشأن التصديق على الاتفاقية الدولية الشاملة والمتكاملة لحماية وتعزيز حقوق المعاقين وكرامتهم.

 

المصدر: الدكتور أحمد عبد الظاهر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 752 مشاهدة
نشرت فى 1 فبراير 2012 بواسطة law

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

155,804