ما أشبه اليوم بالبارحة
***************
وأنا أصفح كتابا ل"موزيس فينلي"بعنوان "ابتكار السياسة"L invention de la politique"، شد انتباهي هذا التماهي الكامل مع السياسات المتبعة ،من فجر التاريخ في وأد المعارضة أو أولئك الذين يقضون مضجع القائمين على أمور الدولة .
فنفس الاواليات والمناهج التي استخدمها الرومان قبل قرن من الميلاد هي التي نعاينها اليوم في العالم اجمع .وبالأخص في عالمنا العربي الذي أصبح يشكل بؤرة اهتمام العالم لأ سباب عديدة .فكلما اشتدت وطاة الشعوب على سياسييها ابتكر السياسيون بدهاء مركوز فيهم طرائق وحيل لالتفاف عليهم ولو بالتعنيف الشديد المؤدي الى الموت .ولا يهم العدد .ما دام التخلص من المناوئين هو الهدف .فكلما فقدت الطبقة المسيطرة "مقدرتها على الحكم بالوسائل التقليدية هيات نفسها لابتكار قاعدة جديدة " .فتركن القوانين في رفوف الاهمال ،و يبدا منطق القوة في السريان .وهو ما اصطلح عليه المؤرخون المعاصرون ب"Senatus consultum ultimum"وهو قرار يتخذ في مجلس الأعيان الروماني ،يتم بموجبه تكليف القضاة باتخاذ جميع الاجراءات الدفاعية الضرورية لسلامة الأمة في حالات الخطر..."وهو المبررر الأشد فتكا بلأمة نفسها التي يتم الدفاع عنها بنفس الخطاب .
من هنا يتوضح بجلاء ان القضية ،ليست وليدة اليوم ،او وليدة العصر الحديث ،بل هي تعود الى القرون الأولى للحضارة الانسانية ،بعد أن بدا الانسان يسن لنفسه قوانين ،تضمن مشاركته الشعبية في تدبير الشان العام..وهي مصطلحات درج القائمون على تمريرها كأقراص منومة ،للاستئثار بمنافع السياسة وقيادة الناس .فلا غرو أن نشاهد اليوم هؤلاء الحكام وهم ينحدرون الى ادنى مستويات الانسانية ،بقتلهم لشعوبهم ،الا لأنهم طالبوا بأبسط الأمور..حقهم في التعبير عن مطالبهم المتمثلة أساسا في الكرامة الانسانية .
ساحة النقاش