<!--<!--<!--

من الجميل أن تري الشباب المتطوع ينظف مدينته ويجمع القمامة .. رأيتهم بالأمس وتعاطفت معهم وقررت المشاركة  في المبادرة ، بأن أنظف أمام منزلي ،احترامًا لمبدأ الإيجابية ،علي الرغم من أن بلدتي التي يقترب عدد سكانها من 150 ألف نسمة  لا يوجد بها صندوق قمامة واحد  .. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه .. هل هذا هو الحل لمشاكل النظافة والقمامة ؟

بالطبع الإجابة ستكون لا ؛ فمجهود  الشباب المتطوع سيضيع بعد يوم أو أيام قليلة ، وستنتشر القمامة من جديد في كل مكان ، اللهم  إذا تفرغ هؤلاء الشباب لجمع القمامة وتركوا دراستهم واهتماماتهم المختلفة .

وقد يتوهم البعض من كارهي النقد أن كلامي هذا يدعو لتثبيط الهمم لهؤلاء الشباب ، والحقيقة أنه مناقشة لقضية ومشكلة تهم جميع المصريين ؛ وهي مشكلة النظافة ، وكل ذلك في إطار النقد البناء .

وإذا تأملنا إقبال هؤلاء الشباب علي التطوع، سنجده مبنيا علي العاطفة ؛ وأقصد بها العاطفة الحزبية (الإخوانية) التي هي بالطبع جزء من العاطفة الوطنية ، والدليل علي ذلك أن معظم المتطوعين من شباب الإخوان أو حزبهم الجديد (طبقا لبعض المقالات التي غطت المبادرة علي الانترنت) حتي أن السلفيين لم يشاركوا في هذه المبادرة ! ، تري لماذا لم يشترك معظم الشباب من جميع التيارات في هذه المبادرة ؟!.. هذا سؤال جدير بالتأمل!

إن مشكلة النظافة مشكلة ذات أبعاد متنوعة ومتداخلة إلي حد بعيد ؛ منها البعد الثقافي ومنها الديني ومنها الإداري والتخطيطي ، ومنها الاقتصادي أيضًا ، وقد تحدث كثيرون عن كيفية حل مشكلة النظافة ، وهي – في نظري –  منظومة تتكون من طرفين أساسيين ؛ الطرف الأول هو المواطن ،  والطرف الثاني هو المسئول عن جمع القمامة ، ولكل طرف حقوق وواجبات علي الطرف الآخر ، فالمواطن عليه أن يلقي بالقمامة في الأماكن المخصصة لها وأن يحافظ علي الصناديق المخصصة للنظافة في الشوارع ، وعلي المسئول  أن يوفر الصناديق الكافية ، وأن توضع  في  أماكن متعددة داخل المنطقة أو المدينة الواحدة ؛ حتي يتيسر علي المواطن إلقاء ما لديه ، ثم يستكمل هذا المسئول دوره في جمع هذه القمامة بشكل دوري بحيث لا تتراكم في الصناديق وتنبعث الروائح الكريهة في شوارعنا ، وعليه أن يخصص مقالب للقمامة ، تكون خارج المدن ، وينشئ مصانع لتدوير هذه القمامة حتي يتم الاستفادة منها .
وبذلك تتضح لنا أسباب فشلنا في تحقيق النظافة المنشودة في شوارعنا ، فالسبب الرئيس هو الخلل المترسخ في طرفي المنظومة (المواطن والمسئول) فالمواطن لا يوجد لديه الوعي الكافي بأهمية النظافة وسبل تحقيقها والحفاظ علي صناديق القمامة ؛ مما يؤدي للعديد من المشكلات بالنسبة للمسئول ،  والمسئول لا يفي بواجباته في توفير صناديق القمامة الكافية والمعدات الحديثة لجمعها ، وتدخل في  خلل المنظومة بعض الأطراف الثانوية الأخري ، مثل الشرطة ؛ حيث تمثل جانب الردع والعقاب للمخالف ، والإعلام الذي يوجه  ويراقب مستوي النظافة ويعمل علي تحسينه بشكل مستمر .
إذن .. الموضوع متداخل إلي حد بعيد – كما ذكرنا- ولن نستطيع حله من خلال مجموعات صغيرة من الشباب المتطوع .. وإنما يكون حله من خلال التخطيط الجيد بحيث يؤدي كل طرف من أطراف المنظومة دوره كما ينبغي أن يكون .
أما إذا كنت داخل منطقة لا يجد أهلها ماءًا نظيفًا للشرب ، والكهرباء متكررة الانقطاع عنهم ، ولا يتوفر لهم رغيف خبز آدمي .. فمن الأفضل ألا تسأل عن موضوع النظافة هذا ... فمن الحكمة أن تلتزم الصمت .. وتعرف أن هناك أمورًا أهم كثيرًا من موضوع (وطن نظيف).

المصدر: خالد وطلابه اون لاين
khaledonline

خالد وطلابه اون لاين

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 533 مشاهدة

خالد إسماعيل محمد

khaledonline
موقع موجه لطلابي بمدرسة برديس التجريبية للغات وأولياء أمورهم والمجتمع المحيط »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

207,204