تونس، ذلك البلد الذي أشعل شرارة الربيع العربي، هو الوجهة التى أمضيت فيها اليومين الماضيين. وهناك عقدت اجتماعات رسمية مع القادة الجدد، الذين تحدثوا عن “ثورة الحرية والكرامة” ـ التسمية المحببة لدى التونسيين ـ وعن اهتمامهم بتحقيق التحول السلس إلى الديمقراطية والرخاء.

ورغم مرور عام على الثورة، فإن شعوراً غامراً بالإعجاب يملأ نفوسنا حين ننظر بعين الذاكرة إلى هذا التحول الجذري النابع من حركة جماهيرية عارمة، وكيف تحقق له الانتقال إلى بلدان أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وإلى جانب زياراتي الرسمية، فقد استمتعت للغاية بتناول الغداء مع مجموعة من السيدات تضم رائدات أعمال وأستاذات جامعيات وناشطات شابات، حيث تحدثن بحماس كبير عن حياتهن والتزامهن وآمالهن لوطنهن.

وكنت قد بدأت منذ تعييني مديراً عاما لصندوق النقد الدولي في أواخر يوليو الماضي سلسلة من الزيارات لجميع مناطق العالم، حتى أستمع إلى شواغل بلداننا الأعضاء وأتعرف على القضايا التي تواجه البلدان المختلفة. وتونس هي أول بلد عربي أقوم بزيارته بعد تولى المنصب، وسأقوم بزيارة أيضاً إلى المملكة العربية السعودية خلال اليومين القادمين.

إضاءة الشعلة للآخرينً

وتمر تونس حالياً بعملية تحول شاملة، لكنها تواجه بعض التحديات الاستثنائية في هذا السياق. وقد استمعت إلى القادة هناك وهم يشرحون كيف كانت تونس النموذج الذي مهد السبيل لحلول الربيع العربي، ويعربون عن إيمانهم بأنها لا تزال قادرة على إضاءة الطريق أمام البلدان الأخرى التي تشهد تغيرات تاريخية في المنطقة.

وقد استمعت بعناية إلى القادة وإلى السيدات. ولا يسعنا إلا أن نشعر بالاحترام تجاه القادة وأبناء الشعب على حد سواء، لما يتصفون به من عزيمة قوية وحماس متقد في سعيهم الدؤوب لإنجاح هذا التحول التاريخي.

وكل الثورات لا بد أن تمر بفترة من عدم الارتياح ونفاد الصبر عقب النجاحات الفارقة الأولى. وقد أضاف اضطراب الاقتصاد العالمي بُعدا جديداً من عدم اليقين إلى عام كان عصيباً في الأصل.

الشباب تحت وطأة المشكلات

وقد أخبرت الرؤساء التنفيذيين وممثلي القطاع المصرفي أن تونس تواجه تحديات تدهور المالية العامة، واتساع عجز الحساب الجاري، واستمرار مشكلات القطاع المصرفي، كما يُلاحظ أن هناك حالة من القلق العام حول تكلفة المعيشة والنشاط التجاري.

وقد تجددت الحاجة الملحة لمواجهة مشكلة البطالة المزمنة، ولا سيما بطالة الشباب، بعد الاضطرابات التي شهدها العام الماضي. فقد شهدت تونس ارتفاعاً حاداً في معدل البطالة صعوداً من مستوى مرتفع في الأصل. ويقدر هذا المعدل حاليا بنحو 18%، بينما يصل بين الشباب إلى أكثر من 40%. ويجب أن نتذكر أن التنمية الاقتصادية ليست غاية في ذاتها، إنما هي وسيلة لإثراء حياة الشعوب، وليس هناك ما يثري الحياة سوى العمل المجزي. إنه مكمن الشعور بالكرامة ومصدر الحراك وباعث الأمل.

ويجب أن تتناغم جهود الحكومة والقطاع الخاص لتعزيز الاستثمار ورفع الإنتاجية وتوفير فرص العمل. وتواجه تونس، مع الأسف، تحديات إضافية نابعة من أزمة الديون التي تلوح في أفق منطقة اليورو.

تحديات العام المقبل

إن أهم التحديات في العام القادم هو ضمان التجانس الاجتماعي مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي. ولتحقيق هذا الغرض، تُعلَّق أهمية قصوى على ضمان التمويل الكافي، إذ يُرجح ألا تقدم أسواق رأس المال سوى نسبة بسيطة من التمويل المطلوب ـ وبتكلفة أعلى. ومن ثم فسوف يُدعى الشركاء الإقليميون والمجتمع الدولي بشكل أوسع إلى المساهمة في تقديم الدعم المالي اللازم. وصندوق النقد الدولي على استعداد لأداء دوره في هذا الخصوص.

وسيكون الطريق طويلاً وشاقاً في المرحلة المقبلة. لكنني لا أزال أشعر بالأمل. فالبلد الذي يشتهر بالتنوع وحب الحرية لا بد أن ينجح في تخطي الصعاب.

إن النقوش الخزفية التي تكتسي بها الأبنية في العاصمة التونسية، تلك الفسيفساء التي يرجع تاريخها إلى مئات السنين والتي ظلت صامدة عبر فترات الحروب والصراعات، ما هي إلا انعكاس لهذا التنوع الحضاري الذي يتعين الحفاظ عليه واحترامه. هذه صورة لمستها وسوف أحملها معي من تونس، إلى جانب ما لمسته من قوة صديقاتي التونسيات!


إبعث المدونة للأصدقاء
  

التصنيفات: آفاق الاقتصادآفاق الاقتصاد الإقليمي (REO)أزمة منطقة اليوروأسواق رأس المالأوروباالأزمة الاقتصاديةالأزمة الماليةالأسواق الصاعدةالاستقرار الاقتصاديالاقتصادالبطالةالبوعزيزيالتضخمالربيع العربيالركودالشرق الأوسط,الصندوقالمؤسسات الماليةالموازنة العامةالناتج المحلي الإجماليالنمو الشاملبطالة الشبابتوظيف العمالةثقة المستثمرينرأس المالشبكات الأمان الاجتماعيشمال أفريقياصندوق النقد الدوليعجز الموازنةعدم المساواةعدم اليقينفرص العملمنطقة اليوروميزان المدفوعات | بدون تعليق »

كريستين لاغارد، مدير عام صندوق النقد الدولى، في أول زيارة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

تاريخ التسجيل 1 فبراير 2012

تقوم كريستين لاغارد اليوم بأول زيارة لها إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد توليها منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي، تقوم خلالها بزيارة تونس – حيث نقطة البداية للربيع العربي قبل عام من الآن – خلال 1 – 2 فبراير تليها زيارة للمملكة العربية السعودية من 3 إلى 4 فبراير. وسوف تجتمع خلال الزيارتين بالقادة وممثلى المجتمع المدني في كلا البلدين فضلاً عن عدد من الجماعات الأخرى، حيث تعد هذه الزيارة فرصة بالنسبة لسيادتها لسماع آرائهم وشواغلهم.

وفي كلمة ألقتها في ديسمبر، بمناسبة الذكرى الأولى لانطلاق الثورات في العالم العربي، قالت لاجارد أن الربيع العربى “سيؤدى لإطلاق العنان للإمكانات الكبيرة المحتملة للشعوب العربية”.

وهذه قائمة بمجموعة من المدونات والمقالات والنشرات ذات الصلة بالزيارة:

السيدة كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولى أثناء زيارتها لتونس (بالفرنسية)

 

استقبل الرئيس التونسى محمد المنصف المرزوقي مساء اليوم كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولى التى صرحت عقب اللقاء بسعادتها بزيارة تونس. وقد أثنت السيّدة كريستين لاغارد على ثورة الشعب التونسي، مؤكدة أنّ قيّم الحرية والديمقراطية هى الطريق الحقيقى للنموّ الإقتصادى والإجتماعى.

وأفادت رئيسة صندوق النقد الدولى أنّها استعرضت مع الرئيس مختلف الملفات الاقتصادية والمالية، مؤكدة على أهمية العلاقات الوثيقة بين تونس وصندوق النقد الدولى . كما أعربت عن رغبة المنظمة الدولية فيى مواصلة هذا التعاون وتدعيمه، و ذلك فى إطار مراعاة الظروف الإقتصادية والإجتماعية للدول الأعضاء فى صندوق النقد الدولى، ومنها تونس.
(ترجمة presidenceTN)

kevok

kevok

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 85 مشاهدة
نشرت فى 6 فبراير 2012 بواسطة kevok

Yasser kevok

kevok
موقعنا بيقدم كل حاجه انت عايزه واخر الاخبار الطازه »

ابحث عندنا

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

235,184

عندنا فى احلى موقع

هتلاقى فى موقعنا كل اللى انت عايزه ولو ملقتش شوف انت عايز ايه واحنا نجبهولك لغاية نتك