صباح الجمعة الماضى قتل الجيش الإسرائيلى ثلاثة مسلحين قال انهم انطلقوا من الأراضى المصرية فى سيناء وقتلوا جنديا إسرائيليا.
فى هذا اليوم أصدر الجيش الإسرائيلى 11 تصريحا بشأن الحادث، وحتى أمس عصر أمس الاثنين لم يصدر عنا أى تصريح يشرح لنا ما حدث.
فى اليوم التالى نشرت الصحف الإسرائيلية تصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يهدد فيها باقتحام سيناء ومطارة المسلحين وتنفيذ عمليات مخابراتية فى المنطقة. ورغم ذلك لم يخرج مسئول مصرى يرد على هذه الوقاحة.
قبل أسابيع اتخذت القوات المسلحة قرارا طال انتظاره من وسائل الإعلام بتعيين متحدث رسمى باسمها.
الخطوة جيدة وتستحق الإشادة، لكن آن الأوان لنخبر المسئولين فى إدارة «الشئون المعنوية» بأن تجربة الأيام الماضية لم تكن مبشرة.
فى يوم 3 سبتمبر الجارى وبدعوة كريمة من اللواء محمد العصار نائب وزير الدفاع واللواء أحمد أبوالدهب مدير إدارة الشئون المعنوية ناقش الاثنان مع رؤساء تحرير الصحف ثم فى اليوم التالى مع مقدمى البرامج الكبار بالفضائيات أفضل السبل للتواصل بين الجيش والإعلام. واتفق الجميع أن المطلوب فورا هو تعيين ناطق باسم القوات المسلحة للرد على اسئلة واستفسارات الإعلام أولا بأول حتى يتم القضاء على الإشاعات والتسريبات والتكهنات.
بعدها بأيام قليلة تم تعيين العقيد أحمد محمد محمد على ناطقا رسميا وعقد مؤتمرا صحفيا موسعا مع المحررين العسكريين أجاب فيه على «معظم» أسئلتهم بشأن آخر تطورات عمليات مطاردة الخارجين على القانون فى سيناء.
استبشر الناس خيرا بتعيين العقيد لكنه للأسف بدأ فى الاختفاء.
عندما تحاول الصحف الاتصال به للاستفسار عن معلومة لا تتلقى ردا، والأغرب أنه تم الطلب من الصحفيين إرسال أى اسئلة لديهم عبر البريد الإلكترونى وعليهم انتظار الرد.
«أن تنتظر الرد» أسلوب قد يكون صالحا قبل عشرين أو ثلاثين عاما لكن فى عصر تويتر وسباق المواقع الإلكترونية على من ينشر قبل الآخر بثانية واحدة، لا يمكن الاعتماد على هذه الطريقة.
عدم الرد على الاشاعات لن يقضى عليها، خصوصا إذا كان عدوك ينشر أولا بأول وبالتالى يتحول ما يقوله إلى الرواية الوحيدة المتاحة أمام الناس، والأكثر بؤسا أن وسائل إعلام مصرية قد تتبنى التصريحات الإسرائيلية باعتبارها حقائق.
هل نلوم هؤلاء أم نعتب على أولئك الذين لا يوفرون لهم المعلومات فى الوقت الصحيح؟!، هل فكر أصحاب هذا المنطق فى خطورة ترك الساحة مباحة أمام المعلومات الإسرائيلية المتدفقة ومعظمها «مدسوس فيه السم بالعسل» وهم ماهرون جدا فى هذا الأمر؟!.
لا نريد من قواتنا المسلحة ــ وهى تخوض معركة صعبة فى سيناء ــ أن تقدم للإعلام معلومات تفيد العدو. كل ما نريده أن تكون هناك إجابات على أسئلة الإعلام فى وقتها، حتى لو خرج الناطق الرسمى ليقول للصحفيين: سندرس الأمر ونصدر بيانا لاحقا يوضح الحقائق».
عندما يتبجح نتنياهو أو غيره بالتهديد باقتحام سيناء فالمطلوب أن يكون هناك رد قوى من الجيش أو الرئاسة.
مرة أخرى لا نريد أن يخرج المتحدث الرسمى أو غيره ليعلن الحرب على إسرائيل، فقط ليقول إننا نرفض هذه التصريحات، وإننا قادرون على حماية حدودنا.
نتنياهو يختبر أعصابنا وكيفية ردودنا.. وكل ما نريده ألا نسمح له بالاستمرار فى هذه «البجاحة».
نناشد الفريق أول عبدالفتاح السيسى واللواء محمد العصار واللواء أبوالدهب إعادة تفعيل دور المتحدث الرسمى ليمارس وظيفته التى تعنى ببساطة أن يكون جاهزا هو أو من ينوب عنه للرد على أى استفسار فى أى وقت.