جاء عبد الناصر إلى المشهد السياسي لإقامة عدالة اجتماعية بعد أن عانى المصريون من سيطرة مجتمع النصف بالمائة على مقدرات البلاد، مما أدى إلى تفشي الفقر والفساد والمحسوبية
مصطفى الأسواني
ستون عامًا تمر على اندلاع ثورة 23 يوليو عام 1952 بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر؛ الذي استطاع القضاء على النظام الملكي وأعلن الجمهورية الأولى في تاريخ البلاد.
جاء عبد الناصر إلى المشهد السياسي لإقامة عدالة اجتماعية بعد أن عانى المصريون من سيطرة مجتمع النصف بالمائة على مقدرات البلاد، مما أدى إلى تفشي الفقر والفساد والمحسوبية.
وجاءت ثورة 23 من يوليو بطموح البناء والتنمية في مختلف القطاعات بدعم شعبي داخلي ودعم سوفيتي تجلى في بناء السد العالي وإقامة المصانع وتسليح الجيش؛ حسبما ورد في تقرير أذاعته قناة "روسيا اليوم" الفضائية.
واليوم تأتي ذكرى ثورة 23 يوليو هذا العام وسط جدل سياسي، بعد أن عبر عددًا من شباب الثورة، ضمنهم منسق حركة "6 أبريل" أحمد ماهر، عن رفضهم لأحياء ذكراها كونها تمثل بداية لحكم العسكر لمدة 60 عام، واعتبار الثورة هي 25 يناير فقط.
كما طالب ماهر بأن يكون النزول في هذا اليوم ليس للاحتفال بالثورة، وإنما للمطالبة بإنهاء "حكم العسكر"؛ الذي تعتبر بعض القوى السياسية بأنه مازال مسيطرًا على مقاليد الحكم بالإعلان الدستوري المكمل، في حين يطالب مؤيدو المجلس العسكري بالنزول بتظاهرات حاشدة كبيرة للاعتراض على "حكم المرشد"؛ بالإشارة لمرشد جماعة الإخوان المسلمين.
وكان خطاب شهير للرئيس محمد مرسي، ألقاه بميدان التحرير، قد أحدث غضبًا بين قطاعًا كبيرًا من المصريين، حين قال جملته الشهيرة «ما أدراك ما الستينات»؛ وذلك في إشارة لما تقوله جماعة الإخوان المسلمين عن تعرضها للظلم والاعتقال في تلك الحقبة من تاريخ مصر.
وقال الخبير العسكري اللواء سامح سيف اليزل، إن المطالبات بإلغاء الاحتفال بثورة يوليو، «يدخل في نطاق العيب، حيث لا يمكن تجاهل تاريخ مصر القائم والموجود والمؤرخ، كما لا يمكن لأحد أن يعود بالتاريخ إلى الخلف، إذ غيرت ثورة يوليو الحياة بمصر من الملكية إلى الجمهورية، وحققت عدالة اجتماعية وقضت على الإقطاع، وساعدت حركات التحرر في إفريقيا والدول العربية».
وأضاف الخبير الاستراتيجي؛ أن ثورة 1952 «قام بها مجموعة من الضباط الأحرار بالقوات المسلحة، في ظل غياب كامل للقوى المدنية والجماعات الدينية، على الرغم مما يقال عن اتصالات بعض الضباط الأحرار، بجماعة الإخوان، إذ أنها كانت في الإطار العام فقط، كما لا يمكن لضباط يخططوا لعمل ثورة بإفشاء سرها لأفراد من خارجها».
وقال عضو مجلس الشعب عن حزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، صابر أبو الفتوح، «لا ينبغي أن يلغى التاريخ حتى وإن كان مسيئًا أو أدخل عليه ما ليس فيه من قبل مؤرخين تواطئوا في كتابة التاريخ بإنكار دور الجماعة في نجاح ثورة يوليو، واختزالها في بعض العسكر الذين استولوا على السلطة»؛ على حد تعبيره في حواره مع CNN العربية.
وحول خطاب مرسي بميدان التحرير والذي قال فيه جملته الشهيرة «ما أدراك ما الستينات» قال أبو الفتوح: «أعتقد أنه كان يشير إلى حكم العسكر الذي سرق الثورة التي نجحت بجهود الإخوان، وما حدث من اعتقالات وتعذيب لأعضاء الجماعة ومصادرة الحريات في ذلك الوقت» على حد قوله.
وقال عبد الغفار شكر، وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، لـCNN بالعربية، «إن أحمد ماهر أو غيره؛ لا يستطيعون إلغاء انجازات مصر، كما لا يمكن اختزال ثورة يوليو بأنها كرست لحكم العسكر وإقامة حكم سلطوي»، مشيرًا إلى أنها «قضت على الركود الاقتصادي في ذلك الوقت والظلم الاجتماعي للفلاحين والعمال».
ووصف القيادي اليساري فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر بـ«المجيدة»؛ والتي «لم يشوبها سوى عدم وجود تعددية حزبية وحياة ديمقراطية سليمة، ولكنها في المقابل حققت انجازات عظيمة وأوجدت حلول سريعة للعديد من المشكلات الاجتماعية والوطنية للبلاد».
وأشار شكر إلى «قانون الإصلاح الزراعي وتوزيع أراضي كبار الملاك على الفلاحين؛ وإنشاء مصانع وتوسيع نطاق التعليم المجاني؛ واستقلال البلاد عن الاستعمار الأجنبي والتصدي للعدوان الثلاثي؛ وعقد قمة عدم الانحياز» وغيرها.
وكانت مجموعة من السياسيين قد رفضوا تصريحات ماهر عبر صفحاتهم الشخصية بموقع (تويتر) للتدوين القصير، أبرزها للنائب السابق مصطفى النجار الذي قال: «تعقلوا يا شباب الثورة.. كفانا عداء للمجتمع».
كما قال الاستشاري ممدوح حمزة على حسابه: «للأسف ثورة يناير جعلت من بعض الجهلة يتطاولون على ثورة يوليو؛ التي بدونها ما كانوا قد تعلموا من الأساس»؛ كما طالب بالاحتفال بها في ميدان التحرير، كما قال الإعلامي القدير حمدي قنديل: «أطلب من عمال المحلة أن يعطوك درسًا في التاريخ».