البرادعي يفتح نيرانه: الإخوان أرادوا الكعكة كاملة.. والثوار رفضوا القيادة المؤسسية وتركوا العسكر يخطط للانقلاب
كتب: أحمد شهاب الدين
البرادعي لـ الجارديان: أرجح فوز شفيق .. ولا يمكن إجراء انتخابات نزيهة تحت قبضة المجلس العسكري
رغبة الإسلاميين في الاستئثار بالكعكة كاملة مكن العسكر من التخطيط للانقلاب
الثوار رفضوا أن يمثلهم أحد واعتبروا كل واحد فيهم الثورة فانتهى الأمر لسحقهم بالمدرعات وقتلهم أمام ماسبيرو
المصالحة الوطنية أمر ضروري لقيادة الثورة إلى الأمام فالزخم الثوري انتهى والناس تعبت من الاشتباكات
نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية حوارا مع محمد البرادعي الحائز على جائزة نوبل، حذر فيه مصر من السماح لإمبراطور جديد بتولي السلطة، وألقى باللوم على الإخوان وشباب الثورة لأنهم تركوا الجنرالات يخططون لانقلابهم.
يقول البرادعي للصحيفة أن مصر الآن تعاني من ظروف أسوأ مما كانت تعيشه تحت ديكتاتورية حسني مبارك، وأضاف أن البلاد الآن على وشك السماح لـ"الامبراطور الجديد" بإقامة سيطرة كاملة على البلاد.
وفيما يتعلق بجولة الإعادة بين مرسي مرشح الإسلاميين وأحمد شفيق وزير الرئيس السابق يقول البرادعي إن الإسلاميين السياسيين حاولوا أن يأخذوا الكعكة كاملة لأنفسهم، بعد الإطاحة بمبارك في فبراير، ونتيجة لذلك تمكن الجنرالات في مصر من تخطيط هجومهم على الثورة.
وأضاف البرادعي أننا نعيش في فوضى تامة وبإزاء عملية مرتبكة، وعلى افتراض حسن النية، لم يذهب بنا إلا إلى ما كنا عليه قبل 18 شهرا، ولكن تحت ظروف أكثر سلبية، وأكد البرادعي أنه لا يمكن إجراء انتخابات نزيهة والبلاد لاتزال في قبضة المجلس العسكري، وأضاف "إننا ذاهبون لانتخاب رئيس جديد في اليومين المقبلين من دون دستور أو برلمان، سيكون إمبراطورا جديدا، يمسك السلطة التشريعية والتنفيذية وله الحق في سن القوانين وتعديل الدستور على النحو الذي يراه مناسبا"
وقال البرادعي أن النظر إلى شفيق كرئيس لمصر الجديدة هو تناقض لفظي لأنه – كما يرى البرادعي – في هذا السيناريو سيكون الرئيس الجديد مدعوما من قبل المجلس العسكري، وأضاف أن السلطة السياسية في البلاد ستستمر في قبضة المجلس العسكري، ويرجح البرادعي فوز شفيق.
وأكد البرادعي للصحيفة البريطانية أنه لن يدلي بصوته، ورفض في ذات الوقت تأييد حملات المقاطعة رسميا، حتى لا يعطي دعاية للنظام يفشل تلك التحركات الجماهيرية.
وفي تقييم البرادعي لمسار الإخوان بعد الثورة يرى أنهم لم يخدموا أنفسهم جيدا، وأضاف أن الإخوان أخافوا الناس سواء في اليمين أو الوسط أو اليسار بطرحهم بعض الآراء المتطرفة وغيرهم من الجماعات الإسلامية الأخرى.
وفيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية التي حصدوا فيها ما يقارب من ثلثي البرلمان، يقول البرادعي "كان على الإخوان أن يدركوا أن الأصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات البرلمانية ليست انعكاسا حقيقيا لدعم الشارع – كان نتاجا لمجموعة محددة من الظروف السياسية في ذلك الوقت، كان ينبغي أن يصلوا إلى قطاعات أخرى من المجتمع، وبناء تحالف أوسع ولكنهم لم يفعلوا ذلك- هم بدءوا يقولون أنهم يريدون أن يكونوا جزءا من الكعكة الكبيرة، ولكن انتهى بهم الأمر إلى رغبتهم بالكعكة كلها لأنفسهم، وذلك خلق ردود فعل تصادمية، ستتضح في اليومين المقبلين."
ويتساءل البرادعي " الشعب دعاهم إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، لكنهم يصرون على الاستمرار لماذا ؟"
وينتقل البرادعي إلى الحديث عن شباب الثورة، أشار إلى توقف الزخم الثوري بسبب فشل المتظاهرين الشباب في احتضان قيادة مؤسسية، وبدلا من ذلك خاضوا في جدل شائك حول المزايا النسبية لإحداث تغيير سياسي أفقي "بلا قيادة" والذي جعل العديد من النشطاء يشعرون بالقوة.
ويرى البرادعي أن الشباب ارتكبوا خطأ فادحا عندما لم يتفق أيا منهم على مطلب موحد، ولم يتفقوا أبدا على تفويض السلطة لمجموعة أشخاص تتحدث عنهم، وأضاف "إنهم كانوا سعداء للغاية، ونحن نفهم ذلك، أن نقول على كل واحد منا أنه هو الثورة، ولكن الأمر انتهى إلى سحقهم بمدرعات ناقلات الجنود، وقتلوا في ماسبيرو"
ويأمل البرادعي أن يكون الثوار قد تعلموا الدرس، ويعتقد أن الناس يتحدثون الآن حول أن يكون لهم منظمة تحت قيادة موحدة، وإشراك الرئيس الجديد لإيجاد طريقة للعمل معا، وإعداد أنفسهم للانتخابات المقبلة، والضغط من أجل المصالحة الوطنية.
وترى الصحيفة أن دعوة الشبان الراديكاليين للتعامل مع الرئيس الجديد – وخاصة إن كان شفيق – يرجح أن يقاطعها العديد من الثوار، وبعضهم يعتقد أن الحل الوحيد هو العودة إلى تعبئة الشارع، ولكن البرادعي يرى أن قطاعا واسعا من الشعب مرهق من الاشتباكات العنيفة ويصر البرادعي على أن عملية المصالحة الوطنية أمر ضروري لقيادة الثورة إلى الأمام.
ويشير البرادعي إلى صعوبة عدم التعاون مع الرئيس الجديد، بحجة أنه لايملك شرعية، وعلل البرادعي ذلك بأن الرئيس الجديد اختير عن طريق الاقتراع.
ويقول البرادعي مكملا "إما أن نفعل ذلك أو ندخل في عملية مصالحة وطنية، ويقول الشعب "حسنا هذا مالم نكن نريده، وقد لعب بنا، ولكن من أجل هذا البلد نحن بحاجة إلى إيجاد صيغة للتعايش معا" ويؤكد البرادعي على هذه النقطة باعتبارها المسألة التي سيواجهها الثوار في الأسابيع المقبلة.
ويتابع البرادعي في نهاية حديثه لـ"الجارديان" متحدثا عن الشعب الرازح تحت خط الفقر والذي قامت من أجله الثورة بقوله "الناس تعبوا، ولست متأكدا من أن الاحتجاجات في الشوارع ستحصل على الكثير من الدعم بعد الانتخابات – الناس تريد ما يسمى بالاستقرار، وأعتقد أننا بحاجة للمصالحة الوطنية من أجل الشعب الذي قامت من أجله الثورة، وخمسين في المائة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر ولم يروا شيئا جيدا أتت به الثورة، في الحقيقة، الأمور تسوء بالنسبة لهم"