الشريف: سيناريو «محمد محمود» سيطبق على «العباسية» والانتخابات فى موعدها
خبراء سياسيون يستبعدون تأجيل انتخابات الرئاسة أو عودة العنف بعد أحداث العباسية
رباب المهدى مصطفى كامل السيد نبيل عبدالفتاح آيه أمان وريهام سعود
استبعد عدد من المحللين السياسيين، اتجاه المشهد الحالى إلى تأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية عن موعدها، مطالبين القوى السياسية بوقفة جادة للحيلولة دون تسليم السلطة إلى رئيس مدنى منتخب له كل الصلاحيات. «الشروق» استطلعت رأى عدد من المحللين السياسيين، للوقوف على احتمالات أن تتسبب أحداث العباسية، التى خلفت 11 شهيدا ومئات المصابين، فى اندلاع موجة من العنف بعد زيارة محمد الظواهرى، شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى، لمسرح الأحداث للتضامن مع المعتصمين الأربعاء الماضى.
قالت أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة رباب المهدى، أن «ظهور محمد الظواهرى، فى ميدان العباسية عقب المذبحة، لا يعنى عودة التيارات الجهادية أو أن تتحول ثورة 25 يناير لثورة مسلحة».
مؤكدة، فى تصريحات لـ«الشروق»، أن «عدم استرداد الحقوق، وأهمها حق الدم لكل من استشهدوا بداية بيوم 28 يناير 2011، وانتهاء بشهداء موقعة العباسية الثانية، سيدفع الثوار جميعا، وليس السلفيين وحدهم ممن لاقى زملاؤهم حتفهم الأربعاء الماضى، للعنف لعدم إيمانهم باللجوء للتغيير بالطرق السلمية».
وشنت المهدى هجوما حادا على المجلس العسكرى «الذى جعل نفسه طرفا فى الصراع، ونسى أنه سلطة حاكمة عندما استخدم أعضاؤه، فى مؤتمرهم الصحفى أمس الأول، مصطلح الدفاع عن وزارة الدفاع بعد إعلان نشطاء عن نيتهم الزحف بمسيرات نحوها أمس الجمعة».
وواصلت هجومها «نسى المجلس العسكرى أن وزارة الدفاع معنية بحماية المصريين جميعا، وعلى المجلس إدراك أن دماء المصريين العزل الذين ماتوا فى العباسية أهم كثيرا من الدفاع عن المنشآت».
واستبعدت المهدى فى الوقت نفسه «أن تسفر مسيرات الزحف الثلاث، التى لم تصل لوزارة الدفاع وقت مثول الجريدة للطبع، عن سقوط شهداء جدد، فموجة العنف والدماء التى تمر بها الثورة انتهت فى هذه المرحلة».
متوقعة «إجراء انتخابات الرئاسة فى موعدها يومى 23 و24 مايو الحالى، إلا أن تسليم السلطة سيكون شكليا ولن يتحقق من الناحية الفعلية، دون ضغط جماهيرى قد يستغرق شهورا وسنوات حال فوز مرشح ينتمى لمعسكر الثورة فى الانتخابات».
واتفق معها أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، الذى استبعد سيناريو تأجيل الانتخابات الرئاسية، قائلا: إن «الخلافات القائمة حاليا بين الإخوان والمجلس العسكرى، قد تؤخر عمل الجمعية التأسيسية للدستور ولكن لا أتصور أنها ستحول دون إجراء انتخابات الرئاسة فى موعدها».
وأشار السيد إلى أن «ما حدث فى العباسية لن يكون له تأثير على المشهد السياسى، رغم أنه يدعو إلى القلق، لأنه كان اعتصاما لا يشارك فيه سوى عدد محدود من المواطنين والقوى السياسية، واعترض عليه الكثير لعدم دعم فكرة التظاهر أمام وزارة الدفاع، وهو ما تمثل فى دعوات الكثير بمناشدة المتظاهرين بالعودة إلى ميدان التحرير».
«المجلس العسكرى يبحث عن بديل دستورى لتسليم السلطة إلى رئيس منتخب، فى الوقت الذى تقوم فيه اللجنة العليا للانتخابات بوضع الترتيبات الخاصة بإتمام الانتخابات»، يضيف السيد.
وأكد السيد أن «إتمام الانتخابات فى موعدها سينتج رئيسا مدنيا منتخبا»، موضحا أن «الإعلان الدستورى يضع فى يد الرئيس صلاحيات واسعة، بعد أن نص أيضا على صلاحيات رئيس الجمهورية المدرجة فى دستور 1971، ويمكننا بعدها مناقشة تفاصيل كتابة الدستور والاتفاق على وضع مجلس الشعب».
بينما رأى أستاذ العلوم السياسية، أشرف الشريف، أن «المشهد السياسى الآن يتجه فى مسارين، كلاهما ينطوى على استمرار وصاية العسكر على حكم مصر، الأول يتجه إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية، والمسار الثانى إتمام الانتخابات فى موعدها، ولكن ستكون النتيجة هى أن الرئيس القادم أيا كانت هويته، سيكون بلا صلاحيات حقيقية، لأن سلطة المجلس العسكرى على الحكم ستظل كما هى».
وأوضح الشريف أن «تلميحات وإشارات غير مباشرة أوحى بها المجلس العسكرى من البداية، تؤكد رغبته فى تأجيل الانتخابات الرئاسية، بإصراره على كتابة الدستور أولا، فضلا عن الرغبة الأصيلة للمجلس العسكرى فى تأجيل تخليهم عن السلطة التنفيذية، حتى لا ينتهى الأمر بمحاسبتهم على أخطاء الفترة الانتقالية».
لكن الشريف يرجح أن «سيناريو محمد محمود قد يعود مرة أخرى، حيث يرى المجلس العسكرى أنه لا خروج من مأزق ما شهدته منطقة العباسية من أحداث دامية فجر الأربعاء، إلا بإجراء الانتخابات فى موعدها كما حدث أثناء أحداث محمد محمود وإجراء انتخابات البرلمان بعدها».
واستبعد الشريف أن «يكون المجلس العسكرى هو السبب وراء الدفع باعتصام أنصار المرشح المستبعد من انتخابات الرئاسة، حازم صلاح أبوإسماعيل، لإحداث الفوضى، قائلا: «المجلس العسكرى قد يستغل ملفات الفوضى لكنه لا يخلقها، ومصلحته فى الهدوء لترتيب ملفاته».
ويرجح الشريف أن التصعيد بين الإخوان والمجلس العسكرى، هى مناورة سياسية من الإخوان، بعد شعورهم بقلة فرص مرشحهم للرئاسة، محمد مرسى، لذلك يتجهون إلى الخروج الآمن من انتخابات الرئاسة، وحفظ ماء وجههم بالحصول على حق تشكيل الحكومة، ولكنها خطوة غير محسوبة منهم لأن المجلس العسكرى لن يمكنهم من ذلك وبالتالى فلن يستفيدوا شيئا».
«المشهد السياسى فى مصر الآن هو نوع من الفوضى النسبية، التى تميل إلى سياسة حافة الهاوية المتبعة من جميع الأطراف التى لا تزال تمارس الضغوط المتبادلة لتحقيق أهداف سياسية، بعيدا عن التعامل الجاد والمسئول مع تراكم مشاكل المرحلة الانتقالية، والتى نتجت عن ضعف الخبرات السياسية لدى جميع أطراف الصراع من القوى الإسلامية حيث الإخوان المسلمون والسلفيون والقوة الليبرالية والمجلس العسكرى نفسه»، هكذا يصف الباحث بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، نبيل عبدالفتاح المشهد السياسى.
ويوضح أن «هذا المشهد تتحكم فيه قوى سياسية تحاول تعبئة الشارع المصرى لصالحها،فى غياب القوى الثورية الشابة التى قامت بالثورة ثم تركت الساحة السياسية».
ويقول عبدالفتاح إن الأوضاع الحالية تشير إلى حالة من الغموض والفوضى فيما يتعلق بمستقبل الحياة السياسية، خاصة فيما يتعلق بعلاقة المجلس العسكرى بالحكم، وهو ما يتعين على جميع الفرقاء السياسيين اتخاذ وقفة سياسية تتسم بالمسئولية لمواجهة الاشتباكات الدائرة على الساحة.
مؤكدا أن «استمرار الجدال السياسى حاليا، لن يكون نتيجته سوى مزيد من الاشتباكات واستكمالاَ للصورة الضبابية التى تسيطر على المشهد السياسى».
وأضاف «أنه فى الوقت الذى نتحدث فيه عن ضرورة تسليم صلاحيات رئيس الجمهورية إلى رئيس منتخب فى ظل انتخابات حرة نزيهة، يظهر غياب التعامل المسئول من مرشحى الرئاسة مع المشكلات المصرية المعقدة».
ويرى عبدالفتاح، أن اللغة التى تتعامل بها القوى السياسية أصبحت لغة الاستحقاقات السياسية، التى تمارس بـ «خفة» نادرة تكشف عن غياب الخبرات والطفولة السياسية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى وصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عمرو هاشم ربيع، دعوات الزحف نحو وزارة الدفاع، احتجاجا على أحداث العباسية بـ «اللعب بالنار والمخاطرة غير محسوبة العواقب».
مقللا من خطورة «عودة التيارات الجهادية التى تلجأ للعنف للأخذ بالثأر ممن قتلوا معتصمى ميدان العباسية، وهى التخوفات التى طفت على السطح بعد زيارة شقيق زعيم تنظيم القاعدة مسرح الأحداث للتضامن مع المعتصمين».
واستبعد ربيع أن تتسبب أحداث العباسية فى إجراء الانتخابات الرئاسية فى موعدها، مطالبا فى الوقت نفسه بمحاكمة حازم صلاح أبوإسماعيل الذى لم يدع أنصاره لإنهاء اعتصامهم»، حسب قوله.