في الحلقة الخامسة من كتابه "مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان" الذي تنشره جريدة "الشروق" فجر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل مفاجأة، بكشفه أن مبارك أخبره في بداية حكمه عام 1981 بأنه إذا تعب من كثرة التخبط في البلد سيترك البلد ويسلمها للقوات المسلحة قائلا: هسيبهم ياكلوا في بعضهم وأخلص نفسي".
وأوضح هيكل أن الأمر كان أشبه بنبوءة مبكرة من الرئيس السابق حيث إن هذا ما حدث بالفعل بعد قيام ثورة 25 يناير، مبارك ترك الحكم للقوات المسلحة وأطراف كثيرة الآن تأكل في بعضها.
وواصل هيكل في تلك الحلقة عرض تفاصيل لقاء الست ساعات مع مبارك حيث قدم مبارك سيجارا إلى هيكل وسأله : سيجار كويس؟...فكانت المفاجأة أن هيكل أجابه بالنفي، فاستنكر مبارك قائلا:"ايه؟..ده روميو وجولييت!!"
ففال له هيكل "إن الشركة التي تنتج سيجار روميو وجولييت تنتج أكثر من 75 نوعا بعلامتها وكل نوع مختلف عن الآخر".
فسأله مبارك: " أمال إيه بقى السيجار الكويس؟"، فأحضر له هيكل علبة سيجار كان قد تركها في سيارته معتقدا أن مبارك لا يدخن السيجار، وأعطى منها سيجارا لمبارك فأشعله وقال له :" والله أحسن فعلا، غريبة جدا"، ثم حكى مبارك لهيكل كيف أنه وزملاؤه حينما كانوا يتدربون في الاتحاد السوفييتي يشترون السيجار الذي لم يعجبه هذا ويرسلونه لقادتهم في مصر وكانوا يرون أنه قمة الفخفخة، ثم طلب من هيكل أن يملي لأحد ضباط حرس القصر الرئاسي جميع أنواع السيجار "الكويس" وقال له "يامحمد بيه عايزين نتعلم العز".
ثم انتقل الحديث بين هيكل ومبارك بعد ذلك إلى الكلام عن لعبة الجولف حيث أخبره مبارك بملاحظته أنه كل الرؤساء الأمريكان يدخنون السيجار ويلعبون الجولف وأنت أيضا تلعب الجولف"، فقال هيكل: " نعم ألعب الجولف ولكن بدون رئاسة".
فقال مبارك:" والله أحسن يا أخي، الناس تتصور أن الرئاسة شيء عظيم، والحقيقة أنها بلوة"، وأوضح مبارك أنه لا يفضل لعبة الجولف وغنما يمارس لعبة الإسكواش لأنها لعبة موصوفة للطيارين لشحن قدرتهم على الاستجابة السريع".
ثم تابع مبارك قائلا لهيكل:" الآن، لا وقت عندي حتى للإسكواش، لأن العبء ثقيل، وطلبات الناس لا تعرف الحدود"، ثم تساءل :" الناس كده ليه؟، ما عندهمش غير الطلبات، يحفظون الحقوق وينسون الواجبات، والمصيبة إنهم جميعا متخانقين، وطلباتهم متعارضة، لا أعرف كيف تحمل الرئيس جمال أو الرئيس السادات؟..أنا شخصيا طلعت روحي رغم أني لم أقض في الرئاسة إلا شهورا".
وبعدما أوضح مبارك أن هناك تخبطا بين القوى السياسية وصخب الصحافة والصحفيين قال:" والله لو تعبت من كثرة الطلبات والخلافات، سوف أتركها لهم، وأسلم كل شيء للقوات المسلحة وأترك الجميع ياكلوا في بعضهم وأخلص نفسي"، فترجاه هيكل أن لا يفكر بهذه الطريقة.
وانتقل الحديث مرة أخرى إلى خلاف هيكل مع السادات وقال موجها كلامه لهيكل:" السادات كان على حق، فأنا لا أعرف لماذا اختار جمال صداقة السوفييت وهم ناس فقراء، أما السادات فاختار الأمريكان وهم ناس متريشين، فأكبر خطأ وقع فيه الرئيس عبد الناصر هو الخلاف مع أمريكا، أما الرئيس السادات فاختار السلام مع إسرائيل، والرئيس جمال كان لابد أن يعرف أنه لا فائدة من الحرب مع إسرائيل، لأن اليهود مسيطرين على الدنيا كلها فلا أحد يستطيع أن يختلف مع أمريكا".
وشدد مبارك على أن من لا يعترف بان أمريكا هي أقوى قوة في العالم "يعك"، وحينما حاول هيكل أن يقنعه بأنه لا بد من التعامل مع أمريكا على أنها تحتاج إلينا كما نحن نحتاج إليها كي تستقيم العلاقة ولا تكون عبئا على مصر، فلم يقتنع مبارك بهذا الأمر جازما بأن أمريكا لا تحتاج إلينا بل نحن الذين نحتاج إليها.