جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
ثنــــاء رســـــتم
العدل أساس الملك.. جملة شهيرة حفظتها العيون.. لم يشعر بها منذ سنوات طويلة المصريون.. الذين اعتادوا علي تلاعب أهل السلطة والحكم بهم.. حتي بعد أن انتظروا نتائج حكومة الجنزوري كانت النتيجة إعلانه لحالة »التقشف« لنقص الموارد وتوقف عجلة الإنتاج وإغلاق المصانع التي لا أحد يسأل من هم أصحابها ويتحمل الشعب المصري هموم نظام مبارك..
وينسي القائمون علي الأمر أن الإنتاج والاقتصاد الذي يتحدثون عنه لم يكن له وجود من الأصل، فماذا تنتج مصر بعد أن تم
بيع مصانع الدولة وخصخصتها وماذا تنتج مصر وهي كانت تستورد حتي فانوس رمضان من الصين؟!
وكل ما يحدث الآن من حكومة الجنزوري هو محاولة لتخويف الشعب المصري وتصدير مشكلة القروض والمنح والمعونات التي ترفض الدول منحها لمصر بدون إبداء الأسباب الحقيقية التي تتلخص في غياب الديمقراطية والممارسات العنيفة خلال الشهور الماضية وسقوط مئات الشهداء بطلقات الرصاص.. وفي النهاية ترمي الحكومة برئاسة كمال الجنزوري إلي التخويف حتي يعتقد البعض أن استمرار مطالب الثورة هي هدم الاقتصاد وانهيار للأمن..
ولايكون هناك حل سوي التقشف وشد الحزام، وطبعا الحزام سيخنق الشعب وحده ولن يشعر به أصحاب مرتبات الحد الأقصي الذين لم يقترب منهم أحد.. لاهم ولا الرئيس المخلوع مبارك الذي يعيش كالملوك المتوجين، فتكلفة نقله من مستشفي المركز العالمي إلي المحكمة تبلغ نصف مليون جنيه في كل مرة، هذا غير ماينعم به في جناحه الملكي فهو يقيم في جناح مكون من إحدي عشرة غرفة وفي خدمته طاقم تمريض وحراسة مكونة من سبعة رجال والجناح مجهز بساونا وجاكوزي وصالون زيتي اللون شديد الفخامة يستقبل فيه زواره ويشاهد التليفزيون ويتصل بابنيه ويطمئن عليهما..
ولا أحد يفكر في تطبيق إجراءات التقشف عليه وعلي ابنيه ووزير داخليته السابق ورجاله الذين يتوافدون علي المحكمة في سيارات مصفحة مؤثثة بكراسي من الجلد الفاخر وليست كسيارات الترحيلات التي يلقي بها المتهمون حتي لو كانوا جرحي أو مصابين..
ونسي الكثيرون ماحدث في سيارات الترحيلات منذ عدة سنوات والتي مات فيها متهمون كان من بينهم (انشراح أحمد معروف) التي لقيت حتفها داخل سيارة الترحيلات في 2005 أثناء نقلها من سجن الخليفة إلي سجن القناطر بعد أن حصلت علي جلسة علاج كيماوي لإصابتها بسرطان الرحم.. وفي 2004 كانت كارثة مقتل ثلاثة من الشباب الذين تم ترحيلهم من علي الحدود الليبية وماتوا داخل سيارة الترحيلات من الجوع والعطش والاختناق..
ومن سيارات الترحيلات الفاخرة التي تقل نظام الرئيس المخلوع إلي سيارات الوزراء والمسئولين ومرتباتهم ومعاشاتهم ومرتبات المستشارين في الوزارات ويبقي أن يتقشف الشعب حتي تعيش الحكومة، والغريب أن رئيس الوزراء الحالي الذي سبقته دعاية هائلة عن مواهبه الاقتصادية الفذة نسي أن يبحث عن موارد أخري للدخل.. في حين أن الدكتور صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية وجد عددا من الحلول التي من الممكن أن يتم الاستعاضة بها عن فرض ضرائب جديدة ورسوم جديدة
مثل (التي تم فرضها علي الحديد والأسمنت والسجائر)
وهذه الموارد هي:
يوجد لمصر (183) سفارة في دول العالم بعدد دول العالم في (الأمم المتحدة) فإذا علمنا أن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وهي تعد (أكبر دولة في العالم) وتعد بمثابة (رئيس مجلس إدارة الدنيا) يوجد لها حوالي (73) سفارة في العالم، فأمريكا لها سفير واحد مثلا في كل من (النمسا ولوكسمبورج وألمانيا) ولها سفير واحد فقط في الدول الاسكندنافية (مثلا) (السويد والنرويج وفنلندا) علي عكس مصر التي لها في كل بلد سفارة فلو تم تقليص عدد السفارات في الدول التي لها أهمية قصوي لمصر فهذا سيعمل علي توفير (3) مليارات دولار أي مايعادل حوالي (18 مليار جنيه مصري).
وهذا البند في موازنة العام الماضي يبلغ (76 مليار جنيه مصري) ورغم ذلك توجد شكوي كبيرة من نقص الأجور وزيادة الأسعار وفي الموازنة الجديدة التي أقرها مجلس الشعب يوم الاثنين الموافق ٧١/٥/٠١٠٢ فإنه تم رفع قيمة الأجر إلي (94 مليار جنيه) وهناك اقتراح ودراسة تم عملها، وهذه الدراسة أسفرت عن أنه في حالة عمل حد أدني للمرتبات في مصر لايقل عن (1100 جنيه) (فقط ألف ومائة جنيه شهريا) وكذلك عمل حد أقصي بمالايزيد عن 30000 جنيه (ثلاثون ألف جنيه شهريا) تحت أي مسميات (مرتبات + حوافز + عمولات + بدلات + أرباح نهاية العام + مكافآت خاصة + مكافآت شاملة + بدل حضور جلسات) أي أن المبالغ التي يقوم الموظف باستلامها لاتكون أكثر من 30000 جنيه شهريا (ثلاثون ألف جنيه شهريا) أي مايعادل (1000 جنيه) يوميا أي أن الحد الأدني للأجور هو ما يعادل مرتبا من الحد الأقصي شهريا وهو (30 ألف جنيه) وسيعمل ذلك علي أن تكون تكلفة بند الأجور والمرتبات في الموازنة العامة للدولة (٦٥مليار جنيه) فقط أي أنه سيكون هناك وفر بما يعادل حوالي (٠٣مليار جنيه مصري) وفي ذات الوقت يكون هناك عدالة لتوزيع الأجور.
وهناك بند السيارات التي تمتلكها الحكومة وكذلك بنود الصيانة وأجور السائقين والأمن وخلافه والتي تكلف الدولة حوالي (٣١مليار جنيه سنويا) من الممكن ترشيد هذا البند ليصل إلي (٤مليارات جنيه فقط) وذلك عن طريق بيع كافة السيارات وقطع الغيار الموجودة بالمخازن والقيام بالتعاقد مع شركات خاصة للنقل لتوصيل المسئولين وهذا يوفر حوالي (٠١مليارات جنيه) أخري ويحافظ علي عدم إهدار المال العام في استخدام السيارات وعدد السائقين والصيانة وقطع الغيار المركونة وغيرها.. كما أن هناك بنودا في الموازنة العامة للدولة مثل الإعلانات للتهاني والتعازي والاحتفالات وغير ذلك وفي حالة ترشيد هذا البند يتم توفير ما يقارب (٥١مليار جنيه مصري) أو أن يتم عمل هذه الإعلانات علي حساب من يقوم بالإعلان عنها وفي هذه الحالة لن يجدوا مسئولا كبيرا أو صغيرا ينشر إعلانا.
وهناك بنود أخري من الموازنة العامة للدولة مثل الإنفاق علي وزارة الإعلام وعلي الجرائد والمجلات الحكومية وليست القديمة وهذا البند يكلف الدولة سنويا حوالي (٩٢مليار جنيه) ومع العلم بأننا لابد أن نعترف بأن الشعارات مثل (الريادة الإعلامية وسيادتنا علي السموات المفتوحة) وأن مصر لها كتيبة إعلامية كبيرة كل هذا أصبح غير ذي معني وخاصة أن قناة صغيرة مثل (الجزيرة أو العربية) لها ثقل إعلامي أكثر من كافة قنوات مصر (الحكومية الأرضية والفضائية) وأكثر تأثيرا من كافة (الجرائد والمجلات الحكومية) وفي حالة ترشيد هذا البند يتم توفير ما يعادل حوالي (٠٢مليار جنيه) أي أن هناك بنودا في الموازنة العامة للدولة من الممكن أن يتم ترشيدها واستخدامها في بنود أخري أكثر احتياجا مثل (الصحة والتعليم والبحث العلمي) وغير ذلك حتي نجعل الموازنة العامة للدولة ليست موازنة فقر بل موازنة دولة نامية ودولة تمر علي النيل وتكون موازنة دولة غنية وليست دولة فقيرة.
ولو بدأنا بذلك ومنذ الموازنة القادمة وهي ٠١٠٢/١١٠٢ والتي أقرها مجلس الشعب لو بدأ هذا الترشيد سيتم توفير ما يقرب من (٣٩) مليار جنيه وهو يمثل نسبة (٠٩٪) من قيمة العجز في الموازنة.. كما أنه يعمل علي تحرير الموازنة العامة للدولة مما يكبلها ومن القيود التي تجعلها لا تنطلق كما أن ذلك بداية استخدام الأساليب العلمية لإدارة الأموال.
وإذا كان الدكتور صلاح جودة قد بحث عن مصادر جديدة للدخل.. فالدكتورة نيفين عبدالخالق الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة تؤكد علي أن ما جاء في خطاب رئيس الوزراء هو محاولة واضحة للتخويف وتسأل عن الصناديق الخاصة لمصر وعن الأموال المنهوبة لسجناء طرة.
وتري أن مصر ليست في حاجة إلي الاقتراض من أساسه.. فمصر غنية بمواردها ولنسأل عن جبل الذهب وأين يذهب إنتاجه.. وأين فرق سعر الغاز..؟!
ولكن القصة في رأيها لا علاقة لها بالأزمة الاقتصادية ولكن لها علاقة بإشاعة حالة من الرعب داخل المجتمع.. بنشر أقاويل عن رفض الدول مد مصر بالمعونات والمنح والقروض ولم يشرحوا السبب وراء ذلك من حالة الضباب التي تعيشها مصر وغياب الديمقراطية والشفافية ولذلك نجد أن تونس حصلت علي المنح والقروض وهو حقها لأن الوضع بها مستقر وواضح ويسير في خطي محددة نحو الاستقرار والديمقراطية.. وتظل العقبة الرئيسية في حالة التأزم الاقتصادي في مصر وحالة الارتباك والتخبط وعدم الدراية لا تطمئن الخارج عن حالة الاقتصاد في مصر ولا يجب أن ننسي أنه ليس من حق الحكومة الحالية ـ
لأنها مؤقتة ـ الحصول علي »قروض« ولا يمكن للجهات التي تمنح القروض أن توافق علي إعطاء مثل هذه الحكومة أموالا لا تعرف كيف سيتم إنفاقها في ظل حكومة مؤقتة وارد إنهاء عملها في أي لحظة.
وأضافت.. بأن ما زاد من صعوبة الأمر علي السلطة الحاكمة نتائج الانتخابات التي أقصت فلول الوطني، فكانت التوقعات أن فلول الحزب الوطني سينجحون في الوصول إلي البرلمان بحكم العصبيات والقبليات التي كانت تحكم العملية الانتخابية لتنفيذ خطة محددة تجهض مطالب الثورة التي رفعت شعارها منذ البداية (عيش ـ حرية ـ عدالة اجتماعية)..
وفشل المخطط بعد أن أثبت الشعب بوعيه أنه قادر علي اختيار ممثليه ولم يتبق سوي إشاعة الرعب بانهيار اقتصاد لم يكن موجودا من الأصل والحديث عن دوران عجلة الإنتاج التي لم تكن أيضا تدور من الأصل.. فكان (التقشف) كلمة السر لإشاعة الرعب والهلع.
المصدر: hov shum