بقلم: عصام متولي:
تفتحت أعيننا فى هذه الدنيا وقد ترسخت في أذهاننا وفي ضمائرنا فكرة واحدة هي أن إسرائيل عدونا الأول، وأزعم أن هذه الفكرة لا تزال متأصلة فينا. فعلى الرغم من الحروب التى انتهت، ومعاهدات السلام التى أبرمت، إلا أن كراهية إسرائيل لا تزال تحتل 
المكانة الأولى في قلوب الشعوب العربية.
لطالما سألت نفسي سؤالاً ربما لم يسأله الكثيرون... لماذا أكره إسرائيل؟ ولكني 
لا أسأله بصيغة الاستنكار ولكن بُغية بناء أسس راسخة لأي شاب عربي باحث عن الحقيقة لابد أن يعرف متى يكره.. ومتي يحب.. ولماذا؟... هو سؤال يدعو إلى التفكير بشكل موضوعي.. بعيد عن العصبية والمزايدة من ناحية، وعن دعوات التطبيع المفرِّطة من ناحية أخرى، وقبل أن نعرف بعض أسباب هذا الكره لابد أن نعرف أولا.. من نكره ؟ وما هي إسرائيل ؟ وكيف صُنعت...؟ 
بنظرة سريعة لتاريخ بني إسرائيل.. بل ولحاضرهم أيضاً... نجد أن صفاتهم لم تتغير على مر العصور فهم لم يكونوا في يوم من الأيام أصحاب حضارة مستقلة... فلم نسمع مثلا عن الحضارة الإسرائيلية أو العبرية أو اليهودية أو الصهيونية. - وإن كانت بعض تلك التعبيرات تدس في بعض وسائل إعلامهم حالياً- نجدهم دائماً تابعون للحضارة الأقوى في كل زمان.. يتخفون تحت عرشها، ويستمدون قوتهم من قوتها، يتصنعون الضعف ليستدروا عطفها وحمايتها.. مازجين ذلك بأشياء أخرى بارعون فيها، من شأنها أن تقوى شوكتهم... 
فهم مثيرو الفتن على مر العصور يقلبون أمماً على جيرانها، وشعوباً على حكامهم، لكنهم في الوقت نفسه يظهرون ترابطاً فيما بينهم.. فلا تنفذ جماعة منهم مخططاً منفرداً وإنما يتبعون استراتيجية مبنية على أسس بعيدة المدى يلعب فيها كل شخص دوره ببراعة في مجاله 
حيث تشتمل تلك الاستراتيجية على كافة مجالات الحياة (ثقافية، اقتصادية، علمية، 
اجتماعية، إلــخ... ) .
فمنذ زمن بعيد يتطلع بنو إسرائيل إلى الحضارات الواعدة. يتوددون إليها، ويفرشون الأرض لها بالفتن والخلافات لتجد الطريق ممهداً أمامها - حين كانت الحضارة تقاس باتساع ما تسيطر عليه من أراض وأمصار – وكانوا يَظهرون بمظهر المستضعفين في الأرض حيث كانوا يروجون إلى أن أية حضارة سابقة كانت تضطهدهم وأية حضارة آتية سوف تحميهم وتؤمنهم ويلات الاضطهاد. 
ونذكر مثالاً لذلك... أفران الغاز المعروفة باسم محارق الهولوكوست والتى أعدها النازيون للتخلص من بعض فئات المجتمع الأوروبي من ضمنها اليهود والغجر وغيرهم.. وذلك بغرض التطهير العرقي.. حيث لا تزال إسرائيل تتاجر بها على حكومات وشعوب العالم وخاصة في أوروبا لتستدر عطفهم وتعاطفهم في بعض المواقف الدولية. 
ولعل الدارس لتاريخ بني إسرائيل يجد أن استراتيجيتهم تتركز في صنع مكان لائق لهم في التاريخ، كما يسعون لإزالة تلك الصورة العالقة في أذهان الجميع عن بني إسرائيل... فطالما ادعوا أنهم هم أصل معظم الحضارات، ولولاهم لانهارت تلك الحضارات بل وما كانت لتظهر من الأصل... هادفين من وراء ذلك إلى إرساء أسس واهية مستخدمين في ذلك أبواقهم الإعلامية النفاذة التى - وللأسف الشديد - تلقى رواجاً كبيراً لما فيها من وسائل جذب للفئة المستهدفة من شباب العرب ليجعلوها أرضاً خصبة لنفث أفكارهم السامة في عروق مجتمعنا.
مما سبق بدأت تتضح لنا بعض أسباب كراهيتنا لهذا الكيان، فهو مبني على أسس واهية. والعجيب أن لهذا الكيان وسائله للإقناع والتى يستجيب إليها البعض، فمنهم 
من لا يعرف تاريخ بني إسرائيل، ومنهم الذي قرأ تاريخهم المدون بأيديهم والمنسوجة أحداثه من وحي خيالهم، ومنهم من لا يريد أن يعرف الحقيقة إنما هو فقط مع الفرس الرابح.
والخوف كل الخوف أن تنشأ أجيال عربية جديدة لا تعرف شيئاً عن تاريخ إسرائيل، يكرهونهم إرثاً عن آبائهم وأجدادهم دون معرفة لأسباب هذا الكره.
أما الخوف الأعظم أن نظل نجهل أسباب الكره إلى أن لا نجد له معنى فيتبدل الكره إلى تعاطف وتنجح استراتيجيتهم في قتل الضمير العربي.
ولن يحول دون ذلك إلا صحوة فكرية وثقافية عربية، والتى تتطلب منا جهد وفكر وتخطيط على المدى البعيد، ولن يكون ذلك فعالا إلا بالتذكير دائماً بتاريخ بني إسرائيل –الصحيح- وطرحه للنقاش دون حرج أو إبراز لأجزاء دون أخرى، وتقبل كل الآراء والأسئلة، والرد عليها وإجابتها إجابات شافية لا تترك مكاناً خالياً في عقول أبنائنا للعبث والتضليل.
ولكي لا تنسى إسرائيل أبداً أنهم قوة تابعة تصنعها الحضارات المسيطرة على العالم، وضعف مصطنع يرسمونه على وجوههم ليثيروا شفقة وتعاطف الذين يجهلون تاريخهم !!!

janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 81 مشاهدة
نشرت فى 13 ديسمبر 2017 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

329,409
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية