بقلم محمد سعيد أبوالنصر
المقصود بالأديان السماوية :هو النور القادم من السماء ، والوحي المشتمل على التشريع والأحكام ، المتنزل على الأنبياء والرسل الذين اصطفاهم الله لهداية المجتمعات البشرية من أجل تحقيق سعادة وخير الإنسان في حياته الدنيا والآخرة .
ومصدر الأديان السماوية واحد وهو الله سبحانه وتعالى، الذي نزل الوحي على رسله وأمرهم بالتبليغ لصلاح الناس ومعالجة الداءات التي كانت في المجتمع وعبادة الخالق العظيم ، ورعاية مصالح الخلق ودفع المفاسد عنهم .
ولقد قرأت مقالًا يتكلم عن حقيقة الأديان ونحا بهذه الحقيقة منحًا معينًا فأردت أن أناقش هذه الحقيقة معه تقول صاحبة المقال { حقيقة الأديان الإلهية واحدة ، وأن الاختلاف منحصر في التقاليد ، وهكذا يكون تحرى الحقيقة سببًا في اتفاق جميع البشر .}
القول بأن حقيقة الأديان الإلهية واحدة....قول نكاد نتفق عليه فالأديان جاءت لإسعاد البشر والأخذ بأيديهم الى طريق النور.
أما قولك بأن الاختلاف منحصر في التقاليد ...فهو الأمر الذي لا نوافق عليه
لأنكم خلطتم بين التقاليد والتشريع.
فما هي التقاليد ؟ التَّقَالِيدُ : هي العادات المتوارَثة التي يقلِّدُ فيها الخلفُ السلفَ
هذا تعريف التقاليد كما جاء في القواميس وما أحب ذكره هو أن الأديان جاءت بالعقائد والتشريع والأخلاق .
أما العقائد فهي أمر متفق عليه بين الأديان جميعًا
أما التشريع الذي اسميته تقاليد فهو أمر مختلف من ديانة الى أخرى .
وسبب اختلافه ليس لنقص التشريع إنما لتغير الزمان فالله يبعث مع كل نبي من الأنبياء من التشريعات ما يناسب زمان التشريع ، حتى جاءت الشريعة الخاتمة ، وجاء عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "وَكَانَّ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً "( ) ولذا جاء تشريعات الإسلام متناسبة مع كل زمان ومكان وتخاطب العالم أجمع .
وعلى هذا ما قلتيه إن الاختلاف في التقاليد عباره نرفضها ..،نرفض أن تسمي التشريعات بالتقاليد ،ما جاءت به الديانات :شرائع وليست تقاليد ... قد تختلط التقاليد ببعض الشرائع ويضل الناس عن الأخذ بمصادر النور الإلهي هنا تتدخل السماء وتبعث نبيًا آخر بشرع جديد ليصحح الخطأ ويأتي بشرع جديد لا بتقليد جديد .
وأما قولك {يجب أن يتحرى الإنسان الحقيقة وأن يترك التقاليد لأن كل ملة من ملل العالم لها تقاليدها ، والتقاليد مختلفة ، واختلافها سبب الحروب وما دامت هذه التقاليد باقية فإن وحدة العالم الإنسانى مستحيلة ، إذن يجب تحرى الحقيقة حتى تزول هذه الظلمات بنور الحقيقة . لأن الحقيقة واحدة لا تقبل التعدد والانقسام . وما دامت لا تقبل التعدد والانقسام فإن جميع الملل لو تتحرى الحقيقة فإنها لا شك تتحد وتتفق .}
أما الدعوة الى تحرى الحقيقة فهو مطلب الديانات وشرائعها ونحن نقرأ في القرآن الكريم { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64)} [النمل: 64]
واما قولك بأنَّ كل ملة من ملل العالم لها تقاليدها ...فالعبارة الصحيحة أن كل مله لها شرائعها وليس تقاليدها ،فالتقاليد من صنع جماهير الناس وجموع البشر وحشود الخلق أما الشرائع فقد أتى بها الأنبياء والرسل من عند الله وفرق بين ما جاء به الأنبياء والرسل وما صنعته التقاليد الجائرة
وأما قولك{ فإن جميع الملل لو تتحرى الحقيقة فإنها لا شك تتحد وتتفق .}
فهذا معناه وبوضوح الدعوى إلى انصهار الأديان جميعًا في دين واحد وهذا أبعد عن الحق والحقيقة والا لماذا لم يرسل الله الأنبياء جملة واحده أو لماذا لم يكتفى بديانة واحده!!!!
إن الأديان تتحد في العقائد لكنها تختلف في الشرائع وليس التقاليد كما سميتها ...
وأما قولك {وعندما قامت جماعة في إيران بتحري الحقيقة اتحدت واتفقت في نهاية الأمر ، والآن تعيش هذه الجماعة في منتهى الألفة والمحبة في ما بينها وليست هناك أبدا بين أفرادها رائحة الاختلاف}
أولًا من حقنا أن نسأل ما هي هذه الجماعة التي اتحدت في إيران .......وكيف تعيش في منتهى الألفة والمحبة .... وإذا كانت إيران بكل هذه المحبة فلماذا تحارب الوطن العربي والحضارة العربية ، ولما تريد أن تغير الهوية العربية حتى في عالم الجغرافيا بتسميتها للخليج العربي بالخليج الفارسي
ولماذا تحارب المسلمين في العراق واليمن وتناغش السعودية وتريد أن تفرض سيطرتها على الوطن العربي ...هل إيران هي نموذج المحبة!!!!!!!!!!
وأين هذه الجماعة في إيران ولو كان تأثيرها واضحًا فلماذا كل هذه الحروب التي تخوضها ايران على المسرح العربي
لماذا تريد أن تهد الحضارة العربية وتقيم بدلًا منها الحضارة الفارسية .
فمن هي هذه الجماعة التي تعيش في هذه الدولة الشرسة والتي لا يوجد بين أفرادها رائحة الاختلاف ..... وهل توجد جماعة بهذا التصور ...إنه وصف أقرب ما يكون إلى الخيال منه الى الواقع ..
وقولك {فهذه التقاليد جعلت العالم الإنساني ظلمانيًا وهذه التقاليد صارت سبب الحروب وهذه التقاليد صارت سبب العداوة والبغضاء إذًا يجب ان نتحرى الحقيقة حتى ننجو من جميع المشاق وتتنور بصائرنا ونصل الى سبيل الملكوت الإلهي .}
مرة أخرى تسمية الأشياء بغير أسمائها يجعل الأمور مختلطه ،والأحكام جائرة .. فقولك التقاليد جعلت العالم الإنساني ظلمانيًا أبدلت كلمة التشريع بالتقاليد وهذا من باب اللبس ،وأنى للتشريع و للشرائع أن تكون داعية من دعاة العدوانية والعداوة والبغضاء .
وقولك {إن الأديان الموجودة حاليا أسيرة التقاليد وقد ولّت حقيقة الأديان وحلّت محلها تقاليد لا تتعلق بأساس الأديان الإلهية}
الأديان ليست أسيرة التقاليد ...والأديان الأسيرة للتقاليد هي التي حرفت وغيرت أما الإسلام فطهور نقى وقد بعث الله له من العلماء من يَنْفُون عَنْهَا تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ فبينوا الصحيح من الضعيف ليظل الإسلام الدين الخاتم والكلمة الأخيرة لأهل الأرض .
نشرت فى 29 يناير 2017
بواسطة janjeel