ينخرط مئات من العمال على مدار اليوم في العمل في قاع البحر الواقع غرب سنغافورة بغرض إنشاء شبكة من الأنفاق والكهوف الصخرية لتوفير مخازن ضخمة لحفظ النفط بعد أن ضاقت المساحات في تلك الجزيرة الصغيرة.
وفرغ هؤلاء العمال حتى الآن من بناء أنفاق بطول 2,1 كلم (1,3 ميل) بعمق يصل إلى 120 مترا (400 قدم) تحت حوض نهر “بانيان” قبالة جزيرة جورونج المكونة في معظمها من أراض صناعية تضم أغلب مصانع البتروكيماويات العاملة في سنغافورة. كما بدءوا العمل في أول خمسة كهوف التي تمثل المرحلة الأولى من المشروع التي من المقرر أن ينتهي العمل فيها بحلول العام 2014.
وبوصفها واحدة من أكبر موانئ التموين ومراكز تجارة النفط، وأكثر الخطوط البحرية ازدحاماً في العالم، تستفيد سنغافورة دوماً من الطلب المتزايد على مرافق تخزين النفط حيث يعود الفضل في ذلك إلى انتعاش التجارة والنمو الاقتصادي في قارة آسيا.
لكن لم تعد هناك مساحات متبقية لتفي بهذا الغرض مما دفع بالبلاد البحث عن طرق بديلة للاستمرار في توفير ما هو مطلوب من مرافق للتخزين.
ويؤكد مانوهار خايتاني المدير التنفيذي لمؤسسة “جورونج” المسؤولة عن المشروع، أن وسائل التخزين في قاع البحار أكثر أماناً وأكبر سعة من تلك الخزانات التي على سطح الأرض. كما أن بناء مرافق تخزين مماثلة على سطح الأرض تتطلب مساحة قدرها 60 فدانا ليس من السهل توفيرها في سنغافورة. ويقول “سنغافورة هي دولة في شكل مدينة صغيرة وعلينا البحث عن طرق خلاقة للاستفادة المثلى من مصادر الأرض المتاحة لنا”.
ويذكر أن سنغافورة تملك الآن سعة تخزينية للنفط قدرها 20 مليون متر مكعب (700 مليون قدم مكعب)، تعود ملكية 8 ملايين متر منها لمشغلي موانئ النفط المستقلين ليذهب ما تبقي لمحطات التكرير، وذلك حسبما ذكره كيلفين وونج مدير البرامج في “مجلس التنمية الاقتصادية السنغافوري”. وبدأت فكرة مشروع “كهوف جورونج الصخرية” في العام 2001، ليشرع العمل فيها في 2007. ويجدر بالذكر أن تكلفة المرحلة الأولية تبلغ نحو 950 مليون دولار سنغافوري (743 مليون دولار أميركي) بسعة تخزينية قدرها 1,47 مليون متر مكعب أو ما يساوي 9 ملايين برميل من النفط السائل أو من المنتجات الكثيفة مثل النافتا. ومن المتوقع أن تضيف المرحلة الثانية التي تضم ستة كهوف والتي لم تتضح تكلفتها بعد، نحو 1.32 مليون متر مكعب أخرى.
ويتم حفر ونسف كل كهف صخري باستخدام المتفجرات ومن ثم يُطلى بطبقة من الإسمنت. وتضم الكهوف غرف تخزينية عرض كل منها 20 مترا وارتفاعها 27 مترا وطولها 340 مترا، تحيطها مجموعة من الأنفاق والآبار المليئة بالمياه التي تعمل كساتر مائي لمنع النفط من التسرب باستخدام الضغط الهيدروستاتيكي الذي يعمل على توازن السوائل.
وذكر خايتاني أن المستخدمين المحتملين قاموا بالفعل بتوقيع خطابات إبداء الرغبة لإيجار 30% من سعة المرحلة الأولى. وبالإضافة إلى الكهوف الصخرية، فرغت مؤسسة “جورونج” من دراسة جدوى فنية لإنشاء “مرفق عائم ضخم” لتخزين النفط تقوم فكرته على نفس فكرة موانئ تخزين الوقود المستخدمة في اليابان. ويقول هياسوون بوه المدير المسؤول عن عمليات التصنيع الكيماوية في المؤسسة “نحن بصدد التفاوض مع اثنين من الشركات لمعرفة مدى رغبتهم في هذا المرفق الذي نقوم بإنشائه لأغراض تجارية وليس لأنفسنا”.
ويذكر أن السعة التخزينية لهذا المرفق العائم تصل إلى 300,000 متر مكعب والذي من المرجح أن يرسو بالقرب من واحدة من الجزر الصغيرة الواقعة قبالة سنغافورة مثل بولاو سيباروك التي تستغلها الآن “شركة سنغافورة للنفط”. وأعلن هياسوون أن قرار البناء سيتم اتخاذه خلال هذا العام والذي على ضوئه يبدأ العمل في العام القادم لينتهي في غضون عامين على الأرجح.
وفي غضون ذلك، كشفت مؤخراً ماليزيا عن عزمها زيادة سعتها أيضاً. وأعلن رئيس وزرائها عن خطط ترمي لإنفاق نحو 20 مليار رينجيت (6.6 مليار دولار) على إنشاء مشاريع للنفط والغاز الطبيعي. وتشمل هذه الخطط إنفاق 5 مليارات رينجيت على بناء مشروع لتخزين النفط الخام في أعماق المياه وميناء للإنتاج في مدينة بينانج على الحدود مع سنغافورة. وتصل سعة هذا المشروع التخزينية نحو 5 ملايين متر مكعب ليكون بذلك واحدا من أكبر المرافق التخزينية في آسيا بعد الانتهاء منه في العام 2017. وذكر فرع شركة “ديالوج جروب” في ماليزيا الذي يتولى المشروع أنه يأمل البدء في العمل في شهر أبريل القادم فور حصوله على موافقة دائرة البيئة بوزارة الموارد الطبيعية. وتعمل هذه الشركة في خدمات النفط والغاز من مقرها في العاصمة الأيرلندية دبلن. وسيكون هذا المرفق قادراً على استيعاب حاملات النفط الخام الضخمة، حيث تسع المرحلة التخزينية الأولى منه نحو 1.3 مليون متر مكعب والتي من المنتظر أن ينتهي العمل فيها بحلول العام 2013.
ويقول أمير مافاني أحد كبار المخططين الاقتصاديين في ماليزيا “من المتوقع أن تشهد هذه المنطقة طلباً قوياً في مجال التخزين للمنتجات النفطية وللخام خلال العقد القادم. وبما أن شهية آسيا للنفط في زيادة مستمرة، فربما يشهد الطلب ارتفاعا سنويا قدره 420,000 برميل في السنوات القليلة القادمة.
وببلوغ سنغافورة أقصى سعة تخزينية لها، أصبح بناء مرافق تخزينية في دول أخرى أمر تقتضيه الضرورة وليس دواعي المنافسة فحسب.
ويضيف أمير “ستسهم هذه المنطقة بنحو 50% في نمو الإنتاج النفطي في الفترة بين 2010 إلى 2020. كما يمكن أن تكمل ماليزيا سنغافورة لتخلقا مركزاً تعاونياً شبيه بمركز أمستردام – روتردام – أنتويرب. وتتمتع منطقة جوهر الجنوبية بموقع مثالي للقيام بهذه المهمة نسبة لما تتميز به من القرب وتوفر المساحات على الأرض وفي قاع البحار”.
ويتفق مانوهار خايتاني وأمير في الرأي ليعترف الأول بأنه ليس في وسع سنغافورة تلبية طلب المنطقة بأكملها. ومن المؤكد تحسن الوضع في حالة زيادة الشركات المحلية في ماليزيا من سعاتها التخزينية.

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 344 مشاهدة
نشرت فى 2 مارس 2011 بواسطة investmarine

ساحة النقاش

maha karamallah

investmarine
ماجستير فى العلاقات الدولية - كلية الحقوق جامعة عين شمس »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

35,148