ـ موقف اتفاقية جمايكة لعام 1982 من الجرف القاري (المواد 76-85): توسعت هذه الاتفاقية في تحديد نطاق الامتداد القاري بأن طرحت جانباً معيار العمق حتى مئتي متر وإمكانية الاستغلال. فوفقاً للمادة 76 من الاتفاقية المذكورة يشمل الامتداد القاري ما وراء بحر الدولة الإقليمي في جميع أنحاء الامتداد الطبيعي لإقليم تلك الدولة البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية أو إلى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس فيها عرض البحر الإقليمي إذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية Outer edg of the continental margin يمتد إلى تلك المسافة.
أما الدول المتقابلة أو المتجاورة فإنه وفقاً لنص المادة 83 من اتفاقية جمايكة يتم التوصل إلى تعيين حدود الجرف القاري لها عن طريق الاتفاق على أساس القانون الدولي توصلاً إلى حل منصف.
ويتبين مما تقدم أن الامتداد القاري في ظل اتفاقية جمايكة لن يوجد فعلياً إلا في الأحوال التي يمتد فيها إلى مسافات تتجاوز امتداد المنطقة الاقتصادية. أي في الحالات التي يمتد فيها إلى أكثر من مئتي ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس ابتداء منها البحر الإقليمي. وفيما عدا هذا التحديد الذي ورد في اتفاقية جمايكة فإن النظام القانوني لمنطقة الجرف القاري يبقى كما كان سائداًً في ظل اتفاقية جنيف لعام 1958 فلا مساس بالطبيعة القانونية للمياه التي تعلو الجرف (الامتداد) القاري باعتبارها جزءاً من البحر العام.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مفهوم الجرف القاري حديث نسبياً، إذ يعود إلى إعلان الرئيس الأميركي ترومان الصادر في 28/9/1945 سياسة بلاده تجاه الموارد الطبيعية الكائنة في قاع البحر وما تحته من طبقات أرضية محاذية للشاطئ وواقعة وراء حدود الثلاثة أميال؛ وهو عرض المياه الإقليمية في الولايات المتحدة وتؤلف الجرف القاري لها. وتضمن اعتبار الجرف القاري امتداداً لكتلة الأرض للدولة الساحلية، وقد صدر هذا الإعلان ـ على ما يبدوـ خشية المزاحمة التي بدأها الصيادون اليابانيون بوصولهم إلى خليج البريستول في ألاسكة وتجنباً لخطر افتقار الولايات المتحدة إلى المواد الهيدروكروبونية الذي بدا ممكناً إبّان الأزمة التي عرفها العالم نتيجة نفاد مخزون المواد الأولية خلال الحرب العالمية الثانية.
وأعقبت هذه النزعة شبه التملكية من قبل واشنطن للمناطق البحرية نزعات مماثلة أشد لدى بعض الدول التي اتخذت منفردة مجموعة من القواعد والتشريعات المتعلقة بالجرف القاري، يُذكر منها البيرو (1947)، والتشيلي (1949)، والدومنيكان (1949) والكويت والسعودية (1949).
3) قاع أعالي البحر العام
أتت اتفاقية جمايكة لعام 1982 بمجموعة مبادئ تشكل نظاماً قانونياً جديداً كل الجدة يحكم قاع أعالي البحر Sea Bedوباطن تربته فيما وراء حدود الولاية الإقليمية للدول الساحلية. إن هذا النظام يتصدى لمحاولات الاستيلاء على هذه المنطقة واستخدامها من جانب الدول، إما لأغراض اقتصادية بالنظر إلى ما يحتويه قاع البحر العالي وباطن تربته من ثروات، وإمّا لأغراض عسكرية بفرض الوجود العسكري للدول المختلفة وما يجلبه ذلك من أوضاع متميزة استراتيجياً، لذلك كله جاء النظام القانوني الجديد لهذه المنطقة ليوفر قدراً من التوافق بين المصالح المتعارضة لشتى الدول. وقد كرست اتفاقية جمايكة موادها من 132 إلى 191 لتفصيل هذا النظام.
ـ نطاق النظام القانوني: يتم إعمال النظام القانوني لقاع البحر والمحيطات وباطن أرضه في المنطقة التي تجاوز حدود الولاية الإقليمية لكل دولة من دون المساس بالطبيعة القانونية لما يعلو قاع البحر والمحيطات وباطن أرضه من مسطحات بحرية. ويترتب على ذلك نتيجتان:
أولاهما: أن استغلال موارد المنطقة المذكورة لا يمس بحقوق الدول الساحلية وسلطاتها على الموارد الكامنة في مناطق تدخل في ولايتها؛ المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري، لذلك لابد من اتخاذ التدابير اللازمة لمنع التعارض بين النظام الدولي لقاع البحر ومصالح الدول الساحلية المقررة وفقاً للاتفاق.
وثانيهما: أن الاستغلال الدولي لهذه المنطقة لا يمس الحريات التقليدية المقررة في هذا النطاق فيبقى قائماً مبدأ حرية أعالي البحار وما يتفرع عنه من ضرورة تمتع كل دولة بحرياتها المعروفة. ولدى وجود أي تعارض ينبغي التنسيق بين النظام القانوني لقاع البحر العالي والنظام القانوني لما يعلوه من مسطحات مائية.
المصدر: http://sarab.cz.cc/t5236-topic
نشرت فى 7 فبراير 2011
بواسطة investmarine
maha karamallah
ماجستير فى العلاقات الدولية - كلية الحقوق جامعة عين شمس »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
34,811
ساحة النقاش