د.ايمان مهران

أعمال تهتم بالإبداع والمبدع والتواصل الإنساني عن طريق الفن

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} </style> <![endif]-->

الشعر عند العرب

 

     الشعر عنوان الثقافة العربية، ومرآة العقل العربي، وهو كلام ذو معنى موزون مقفى، ينتمي للفنون الشفاهية ، يصور الحياة، ويعتمد على الإيقاع ، والعاطفة، والخيال .
     والشعر أعرق الفنون في تاريخ الأمم , وعند العرب هو تاريخهم، حيث سجلوا تراثهم وتجاربهم في الحياة , واعتبروه مجالاً للتعبير عن العواطف و الحوادث التي تحدث على كل المستويات.
     هو ديوان العرب وسجل أحسابهم وأنسابهم وأيامهم ، قال عنه الجرجاني إنه: "فيه الحق والصدق والحكمة وفصل الخطاب، وأنه مجنى ثمر العقول والألباب، ومجتمع فرق الآداب، والذي قيد على الناس المعاني الشريفة، وأفادهم الفوائد الجليلة، وترسل بين الماضي والغابر، ينقل مكارم الأخلاق إلى الولد من الوالد"

    وقال معاوية رضى الله عنه يجب على الرجل تأديب ولده،والشعر أعلى مراتب الأدب وقال" اجعلوا الشعر أكبر همِّكم، وأكثر دأبكم.
وللشعر خصائص تتركز في: الإيقاع، الأسلوب الشعري، المضمون، الوجدان.

       ويعتمد الشاعر على خياله ليضع صوراً فنية يعبر بها عن المعاني التي يريد إخراجها للناس، و يستطيع المبدع تكوين الصور الفنية، والتعبير بها عن أفكاره و مشاعره، وهناك أنواع متعددة وأقسام مختلفة، فهناك: الشعر العاطفي ، الشعر القصصي ، الشعر التمثيلي ، الشعرالتعليمي.
      ويقسم العلماء المهتمون بالبحث في سيكولوجية الشعوب، يقسمون الذاكرة المتحكمة في مصائر المجتمع والأفراد إلى نوعين أساسيين يؤثران معًا في تكوين الشخصية، ماضيها وحاضرها ومستقبلها على الرغم من انفصالها شكلاً، وهما الذاكرة الحضارية والذاكرة التواصلية .

      والأولى وهي الذاكرة الحضارية وهي تختص بالماضي البعيد، ومن خلالها نتواصل مع الأجداد عن طريق ما خلفوه لنا من أشياء ونقوش وكتابات.ومعنى هذا أن وسائل التواصل الحضاري لا تقتصر على لغة الحروف التي قد لا يكون لها صلة بلغة حروفنا ، بل يشاركها في ذلك في أداء وظيفة التواصل ما يقترن بها من أشياء ورموز، تكشف عن كنه هذه الحضارات عندما تجد من يفك شفراتها. وعندئذ تشترك اللغة مع الأشياء في أداء وظيفة التواصل الحضاري التي تُعد أساسية في الكشف عن كنه كل شعب من الشعوب.

 

     وفي ذلك تختلف الذاكرة التواصلية عن الذاكرة الحضارية في أنها تعتمد أساسًا على التواصل اللغوي، الإبداعي والإخباري، إلى جانب تواصلها عن طريق ما تخلفه من أشياء عادية.([1])

 

وعن فن الشعر يذكر محمد يونس القاضي في مقدمته التالي:

      الشعر لسان يترجم عمَّا فى فؤاد الخيال ، ولكنه لا يتحرك بإرادة صاحبه كباقى الألسنة حيث له سلطان امتدت سلطته من دولة الأمانى، وأوجد فى نفس المنفذ إرادته والناظم مفرداته وجدانا طاهراً ونفسا عالية وجلالا يهابه كل من عرف قدره ، وكفى بالشعر فخراً أن يسمع النبى عليه السلام قول الشاعر:

ويأتيك بالأخبار ما لم تزوَّد

 

ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً

     (فيقول إن هذا من كلام النبوة) وأن تقول عائشة رضي الله عنها "رووا أولادكم الشعر تعذب ألسنتهم" .

     (وبعث) زياد بولده إلى معاوية فكاشفه عن فنون من العلم فوجده عالماً بكل ما سأله عنه ثم استنشده الشعر فقال لم أروِ منه شيئاً فكتب معاوية إلى زياد (ما منعك أن ترويه الشعر إن كان العاق يرويه فيبر، وإن كان البخيل يرويه فيسخو، وإن كان الجبان يرويه فيقاتل) وكم رفع الشعر قبيلة ووضع أخرى .

     لقدعاش يونس القاضى من عام 1888م حتى عام 1969م أى حوالى واحد وثمانين  عاماً كتب خلالها حوالى (ثمانى وخمسين) مسرحية وآلاف الأزجال والأغانى، كما صحح مسار الإبداع المصرى فى مجال المسرح والأغنية من خلال توليه منصب أول رقيب على المسارح والملاهى والأغانى المصرية كانت كتابات يونس القاضى فى المسرح السياسى والاجتماعى هى أعمق الكتابات الموجودة فى ذلك العصر بل وأهمها.. أما أغانيه فما زالت تتردد حتى الآن وتغنيها أجيال تلو الأخرى.

     لقد عبرت كلمات الشيخ يونس القاضى عن المجتمع وانتقدت الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بأسلوب فكاهى، أسهم فى استمراره داخل الوسط الصحفى والفنى حتى عام 1942م حتى دخل ساحة الرقابة الفنية.

     إن شخصية محمد يونس القاضى شخصية دءوبة وغزيرة الإنتاج الفنى منذ كان أديباً مُلماًّ بأسس كتابة الرواية والشعر والزجل والمسرحية الغنائية.

الصحافة فى حياة الشيخ يونس القاضى([2])

       بدأ الشيخ يونس فى مراسلة الصحف منذ عام 1905، وكان الشيخ أزهرياً فى الثامنة عشرة من عمره ، وقد أرسله والده ليتعلم فى الأزهر،  وأرسل معه خطاب توصية إلى الشيخ على يوسف صاحب (المؤيد) ليسمح له بالعمل فى جريدته، وبدأ بعد مقابلة على يوسف فى نشر مقالات كان أغلبها يُنشر فى الافتتاحية بأسماء مستعارة مثل (جرير)، و(الأخطل).. وكلما طلب من على يوسف بأن يذَيل هذه المقالات بإمضائه الحقيقى، كان يصده ويرد عليه بنفس العبارة: "أنت فاكر يا ابنى أن المؤيد لعبة.. أنت لسة عيل فى الصحافة!"..

      وظل الشيخ يونس على هذا الحال إلى أن كتب فى يوم من الأيام إلى الشيخ على يوسف هذا الخبر "فلانة الفلانية" مات أبوها وأرادت عمل وصية، فتقدمت إلى مجلس حسبى شربين الذى يرأسه المأمور "فلان الفلانى"، ولكن صاحب الأمر والنهى فى هذا المجلس ظل يساومها وفى النهاية أجل القضية ثلاثة شهور فمطلوب من المسئولين وقف المأمور عند حده!

      وما أن قـرأ على يوسف هذا الخبر، حتى ثار وضرب المكتب بيده، قائلاً "انته عايز تودينا فى داهية.. انته عايز تورط المؤيد فى قضايا.. اطلع بره!!"..خرج الشيخ يونس القاضى من المؤيد بعد أن قرر ألا يعود إليها مرة أخرى.لقد ذهب للزعيم/ مصطفى كامل وعمل باللواء منذ 1905م وظل بها فترة طويلة.

        فى عام 1910 صدر كتاب اسمه (تسالى رمضان) جاء فيه بيتان من الزجل للشيخ يونس القاضى، وقد أثاروا إعجاب الأستاذ (أحمد عباس) صاحب مجلة (السيف) فاتصل بالشيخ يونس، وطلب منه أن يكون زجال هذه المجلة.

        ويذكر الشيخ يونس أنه ظل يرفض العمل بمجلة (السيف) لأنها كانت بذيئة، حتى وافق تحت إلحاح صاحبها على نشر أزجاله ولكن دون إمضاء ومقابل جنيه واحد عن كل زجل ينشر بالمجلة.

       وكان نتيجة نشر أزجاله فى (السيف) تضاعف توزيعها، وقد عرفوه فى الوسط الصحفى رغم عدم توقيعه باسمه تحت هذه الأزجال حيث كان (أحمد عباس) صاحب المجلة يذكر اسمه لمن يود معرفة صاحب هذه الأزجال مقابل جنيه واحد متصوراً أن هذا لن يضره لأنه لن يجد مجلة أخرى يحصل منها على ما يحصل عليه فى (السيف). وأعطى أزجاله لمجلات أخرى بالفعل مثل (المسامير) و(المجنون).

      وقد ارتفع توزيع (السيف) من ثلاثة آلاف نسخة إلى سبعين ألف نسخة ووقع خلاف بين الشيخ يونس ومجلة الناس التى كانت تصدر فى نفس اليوم، وانتقل للعمل فيها ليرتفع توزيعها ويهبط توزيع (السيف) مرة أخرى.

      ثم حرر فى مجلة الكشكول مع الهلباوى وسليمان فوزى، ولم يكن فى مصر من زجال سوى يونس القاضى وحسين شفيق المصرى ورمزى نظيم.

فى عام 1910م عمل صحفيًا بجريدة العفاف والمسامير وإياك أما اللطائف المصورة فقد عمل بها منذ عام 1912م وحتى عام 1942م.

      كما عمل فى جريدة (مصر الفتاة) لصاحبها (سيد على) حيث كان يكتب فيها محكمة اللغة والأدب 1910م..

     لقد كتب الشيخ يونس القاضى قرابة عشرين مجلة وجريدة من الصحف السياسية والأدبية والفكاهية (اللواء) و(المؤيد) و(مصر الفتاة) و(النيل) و(الرشيد) و(السيف) و(العفاف) و(مصر) وغيرها.

      كانت دار اللطائف تُصدر مجلات (اللطائف المصورة) و(العروسة) و(الأولاد) طوال 27 عاماً ، وكانت اللطائف المصورة توزع فى كل الأقطار العربية ، وقد أحب الشيخ يونس العمل بها كاتباً وزجالا، وكان ضمن فريق التحرير فيها وقد شغل منصب رئيس تحرير القسم الفنى بها،  وكانت أزجاله أسبوعية منذ عام 1915م وحتى عام 1942م وكان زجل الشيخ يونس السياسى ينشر تحت رسوم كاريكاتير الأستاذ صاروخان.

       كمـا شغل الشيخ يونس منصب رئيس تحرير (مجلة مصر) عام 1919م.

      لم يدخل الشيخ يونس القاضى المؤيد بعد ذلك وتتلمذ فى العمل الصحفى على يد الزعيم/ مصطفى كامل ومن بعده تلميذه سيد على صاحب (مصر الفتاة) وزميله محمد لطفى جمعه.

        ذكر الشيخ يونس القاضى أن الباب الذى لفت إليه الأنظار فى جرائد الحزب الوطنى لم يكن سياسياً بل كان محكمة (الأدب والفن) وكان يبحث فى أخطاء اللغة لكبار الكتّاب.. ومن الذين حاكمهم (محمد سليمان عنارة) وكيل المحكمة الشرعية ود. طه حسين والأستاذ/ لطفى السيد..

      وبعد وفاة الزعيم/ مصطفى كامل ، ظل يعمل فى اللواء تحت رئاسة تحرير عبد العزيز جاويش ثم انتقل إلى جريدة (مصر الفتاة).

       وعمل الشيخ يونس القاضى كرئيس تحرير جريدة (مصر) بعد عام 1918م من أجل تدعيم معانى الوحدة الوطنية بين الهلال والصليب..

       لقد أسهمت الصحافة فى توطيد علاقاته بالفنانين والأدباء وهو ما ظهر جلياً فى صداقته لهم ومتابعته للإنتاج الفنى الذى استفاد منه بعد ذلك.

الشيخ يونس القاضى والتأليف المغنى للنص الزجلي

     نُشرت أزجال يونس القاضى فى أغلب المجلات والجرائد التى عاصرها وقدم فى بواكير الإذاعة المصرية برنامجاً أسبوعياً يُعرض فيه أزجاله.

    وفى الحقيقة أن الصحافة كان لها دور كبير فى شهرة أزجال الشيخ محمد يونس القاضى استمرت فى نشره حتى عام 1942م.

      وقد لُقب محمد يونس القاضى (بشيخ المؤلفين) و(زجال الشعب) لكن بدأ ناظماً للشعر وأصدر ديواناً فى عام 1911م.

     كتب الشيخ محمد يونس القاضى أزجالاً حين لم يكن سوى:

(رمزى نظيم) و(حسين شفيق المصرى) ينظمون الزجل.. وكان قبلهم الأستاذ الكبير/ محمد النجار صاحب مجلة (الأرغول).

     بعد محمد يونس القاضى جاء المبدع/ بديع خيرى ثم الأستاذ/ بيرم التونسى ولتستقر الخطوط العريضة لفن الزجل على قدم راسخة فى مصر.

     كتب الشيخ محمد يونس القاضى ، آلاف الأزجال والتى يصعب جمعها بشكل كامل وسنحاول تخصيص كتاب لهذه الأزجال الصحفية.

    كما كتب الشيخ يونس الزجل والبليق والحماق والمزبلج والمكفر، فنجد أن الكثير من أزجاله احتوى على الغزل والهزل والخلاعة والهجر والنكت والمواعظ والحكم.

    وعَّبر بكل الطرق عن الوطن والوطنية والعمل، كما عَّبر عن الحب والهيام، وسار على درب الهوى فى زجل به مفردات حب عفيفة أحياناً وصريحة وخليعة فى أحيان أخرى..حالات عديدة تحتويها المشاعر فى أزجاله تنتقل من حالة إلى أخرى فى ذكاء من المؤلف لإدارة الدفة حول معنى يريد إيصاله بطريقة غير مباشرة وهو معنى غالباً سياسى ، وهذه الطريقة فى كتابة الأزجال كانت فى أثناء تشديد الرقابة على كتاباته، وهو ما يستلزم أن تتحول فى أحيان كثيرة إلى الأزجال العاطفية الصريحة للبعد عن أية مشكلات.



.[1]من مقدمة .د. نبيلة إبراهيم ، إيمان مهران، يونس القاضي .. مؤلِّف النشيد الوطني  المصري .. وعصر من التنوير، الهيئة العامة لقصور الثقافة ،2012 .

1.          إيمان مهران، يونس القاضي مؤلِّف النشيد الوطني  المصري .. وعصر من التنوير، الهيئة العامة لقصور الثقافة ،2012 .

المصدر: إيمان مهران، ديوان القاضي ..مؤلِّف النشيد الوطني المصري ، مكتبة الأنجلو المصرية، 2015 .
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 191 مشاهدة

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

61,064

د.إيمان مهران

imanmahran
فنانة تشكيلية وكاتبة »