استخدم النوبيون منتجات البيئة حسب خبرة تراكمية تؤكد أنها ممتدة لآلاف السنين، سواء في الأطعمة أو في الأدوات أو في وسائل العلاج أو في عموم الحياة اليومية، واستخدام منتجات البيئة في التداوي يعد من أقوى الأدلة على الحضارة القديمة التي توارثها النوبيون في معاشهم، ولم يقتصر استخدام القرض للتداوي فقط، بل كانت كل عمليات دباغة الجلود تتم بالقرض بعد طحنه بعد إضافة بعض الملح إليه، ومن الملاحظ أن القرض به نسبة من المواد الكاوية التي تزيل الدهون من باطن الجلد وكذلك الشعر أو الصوف الي يكتسي به الحيوان.
(والقرض) اسم يطلق على الثمار التي تنتجها أشجار السنط الشوكية التي تنبت بتلقائية، وهي بنية اللون وشكلها أقرب إلى ثمار الخروب، إلا أنها مبططة وليست سميكة مثل الخروب، وهي تعد من الغذاء المفضل للإبل التي تلتهمها كلما وجدتها في طريقها، مع أنها لها مذاق مر لا يستساغ بسهولة.
أما بالنسبة للإنسان، فإن للقرض شأنا آخر، فقد استخدمها النوبيون ضمن الأعشاب الطبية التي لها أكثر من فائدة، في علاج بعض الأمراض الباطنة أو التنفسية، حتى في المعتقدات كان للقرض نصيب، مما جعل النوبي يهتم باقتنائه وحفظه في البيت لاستعماله عند الحاجة، ففي بعض الأمراض المعوية ينصح أهل الخبرة المريض بنقع بعض ثمار القرض في الماء لمدة ثلاث أو أربع ساعات، وشرب ما يعادل نصف كوب من ماء القرض عند اللزوم.
واستخدم النوبيون ثمار القرض كنوع من أنواع البخور في حالات ضيق التنفس، كما كان يتم توجيه مرضى الجهاز التنفسي للجلوس في أوقات الضحى والطهيرة تحت ظلال شجرة السنط لاستنشاق الهواء المعبق بروائح أشجار السنط، وفي بعض المعتقدات النوبية القديمة كان للقرض استخدام آخر بحيث يضاف إليه قليل من الملح، ويوضع الخليط على جمرات ملتهبة وذلك ظنا أن رائحة هذا الخليط يطرد الأرواح الشريرة من المكان، كما كان يضاف القرض في البخور الذي تتبخر به السيدات الوالدات حديثا، أو المتزوجات حديثا.