نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)

نتلقى من الناس نظرات وكلمات وأشياء قد تسبب لنا جراحا عميقة، ويمنعنا أدبنا أو خوفنا من رد الصاع صاعين..

نحاول أن نداوي جروحنا، قد نزرف الدموع، وقد ننتقم أشد انتقام وقد نلقي بالشخص في سلة المهملات .

ثم نبدأ معالجة النفس، نظن أننا نعالجها وفي الحقيقة هي التى تراوضنا، لأن النفس تكتشف قدراتها وملكاتها الحقيقية الكامنة بداخلها في حالتين :

أولا : حالة الحب

كل من عاش هذه الحالة قد عاش ولمس وعرف الإنجازات الكبيرة التى حققها عندما كان الحب منتعشا، وحيا، يمدنا بما نحتاج من طاقة وحيوية لتحقيق كل ما استطعنا تحقيقه في حياتنا.

( وهنا يعمل الشيطان جاهدا ليحول حبنا الكبير إلى كراهية قاتلة)

لنفشل وتسري العداوة بيننا.

لكي نعرف خطورة الكراهية علينا أن نقارن كل أعمالنا وعلاقاتنا عندما نحب وعندما نكره ..

ستجد عدد من الناس عندهم نفس ما عندك سواء في حالة الحب أو في حالة الكراهية.. الذي تحبه سيشعر نحوك بنفس شعورك وربما أكبر، وكذلك الذي تكرهه..

مثلا ولله المثل الأعلى .. أنت تحب فلان، وتتذكره في وقت معين فإذا به يتصل بك تليفونيا ليقول لك نفس الكلمات التى كنت تتمنى أن تقولها له  ..

وأحيانا ننقطع تماما عن بعض الناس، نتجنب رؤياهم ونحاول أن ننساهم، ولكن بحكم الظروف والقرابة أو الزمالة نجتمع معهم في مناسبة من المناسبات، وتتملق الأنفس، وتستعد الألسن، وتتصارع الأفكار، وتتضارب المشاعر، وقد نقول أو نتصرف بسلبية مطلقة، لهذا قال ربنا تبارك وتعالى :

وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ

إذا المولى عز وجل لم يتركنا لأنفسنا ثانية واحدة، هو معنا يعلم سرنا وجهرنا، فهل تركنا معاملة الناس وتفرغنا لمعاملة ربنا الرحمن المستعان؟

وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)

نعم نحن في حاجة أن نسارع إلى مغفرة من ربنا، لعل وعسى نستطيع أن نمحو أثار الكراهية من قلوبنا، فالكراهية والبغضاء ظلمة وظلام حيث تعيش شياطين الإنس والجن مجتمعين.

لكن هناك سؤال يجيبنا عليه ربنا الرحمن وهو كيف نسارع إلى مغفرة من ربنا؟.. والإجابة تأتينا في الآيات التالية:

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ ‏الْمُحْسِنِينَ (134).

إذا أول خطوات الإسراع إلى مغفرة الرحمن الرحيم هي أن ننفق في السراء والضراء..ننفق من حلمنا ومن صبرنا، ومن قوة احتمالنا، ومن أموالنا إن استطعنا، ننفق مما علمنا الله من الكلام الطيب، أو على الأقل نٌلّجّم ألسنتنا عن الكلام الخبيث والنوايا الغير طيبة، ولدينا تدريب عملي في أول نداء من ربنا لمن به آمن:

( من أخلاقيات النداء الأول)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ( 104 البقرة).

****

ألا نقول ما يغضب ربنا، ونكظم غيظنا ونُلّجّم لساننا.

وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ‏وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)

وهكذا نرى أن الله تبارك وتعالى لم يتركنا وحدنا نواجه حدة مشاعرنا وتقلبها وزلة ألسنتنا، ولكن حذاري من الإصرار على الإنتقام أو المقاطعة أو السب واللعن أو كل ما يغضب ربنا، فقد نهانا عن ذلك في نداءه الأول، فحرم علينا أن نقول كلمة ظاهرها لا بأس به وباطنها فيه حقد وضغينة وكراهية ورعونة وميوعة ونفاق..والحمد لله أن ترك لنا المولى عز وجل باب التوبة مفتوحا ما لم نغرغر.

الآن نأتي إلى أجمل مرحلة .. مرحلة الأمل والرجاء فيما عند الله

أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ ‏مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ

سنعيش هذه الحالة هنا في حياتنا الدنيا قبل الآخرة، لأن كظم الغيظ يحتاج لعفو حتى لا ننفجر بكلمات ومشاعر وأفكار سلبية مظلمة، فإذا ما كظمنا وعفونا سترتاح قلوبنا وتهمد وتخمد نار البغضاء والكراهية، لأن عفو الله بلسم القلوب التقية الطاهرة.

وهذا العفو عن الناس سيجعل قلوبنا جاهزة لنعيش في رحاب الرحمن بسلام مع أنفسنا ومع الناس، لأن النفس ستتعود تلقائيا ومع الوقت الحياة في كنف الرحمن بعيدا عن العداوات والمنغصات والكذب والغش والخداع والمراوغة..( وهذا نوع من تزكية النفس ) بأن يغلفها الإنسان بغلاف التقوى، فيتقي الله في نفسه وكلامه وأهله وعياله وعمله وجيرانه.

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأخرجنا اللهم من ظلومات الجهل والوهم إلى أنوار العلم والمعرفة بفضلك وكرمك يا كريم.

والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

 

 

 

 


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 81 مشاهدة
نشرت فى 17 مارس 2016 بواسطة ibrahimelmasry

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

238,381

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »