<!--<!--<!--
النداء الثالث
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة
الآن مع النداء الثالث من نداءات الرحمن لعباده الكرام... مع خلق آخر من أخلاقيات لا إله إلا الله، وكأن من يؤمن بالله عليه أن يتحلى بأخلاق الإيمان... فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، وفي هذا الخلق الجليل، يدرب الإنسان نفسه ويسمو ويرقى بها عن ما كل هو دنيئ... فيكون المؤمن مثلا يحتذى به بين الناس،
وإن أردت أخي في الله أن تعرف الفارق بين كيفية مخاطبة المولى عز وجل لمن به آمنوا وبين مخاطبته لغير المؤمنين، تابع معي النداء التالي من الله لعامة الناس:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) البقرة.
لقد قال لكافة الناس من دون المؤمنين كلوا مما في الأرض حلالا طيبا... كيف سيعرفون هم الحلال الطيب إلا إذا اتبعوا من آمن بالله، وكأن بي أرى أمر الله لهم بأن لا يتبعوا خطوات الشيطان فيما يأكلون وفي عموم حياتهم، وعليهم أن يتبعوا الذين آمنوا بربهم لأن الله سبحانه وتعالى قد رزقهم الطيبات. هذا والله أعلى وأعلم.
إذا هناك فارق كبير بين المؤمن وغير المؤمن... المؤمن يتبع توجيهات ربه وأوامره، ويبتعد كل البعد عن كل ما نهاه رب العالمين.
ولكن هناك مسألة في منتهى الخطورة.. وهي أن من لا يتبع سبيل المؤمنين، من لا يأتمر بأمر الله وينتهي عن نواهيه، فقد خرج من النور إلى الظلومات، خرج من عبادة ربه بمعصيته، فتتلقاه شياطين الإنس والجن، وهم ممن قد سبقوه بالمعصية، فيستقبلوه استقبالا حارا في بداية الأمر، ثم بعد ذلك إذا ما إنغمس وغرق في المعاصي سخروا منه...
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) البقرة.
***
قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) المائدة
***
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ
***
أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ { الزمر }.
***
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) غافر.
هل رايت معي الفارق بين من آمن بالله واتبع رسوله صلى الله عليه وسلم، وبين من اتبع هواه فتلقفه الشيطان فاصبح له وليا من دون الله ... وفي هذه النقطة بالذات قد أوضحها لنا المولى عز وجل في محكم آياته:
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) الأعراف.
أرأيت معي هناك دائما فريقان... فريقا هداه الله فهو في النور، وفريقا عصى ربه واتبع هواه فتولته الشياطين، وأخطر ما في الأمر أنهم يحسبون أنهم مهتدون.
وهكذا على كل منا أن يختار بدقة الفريق الذي ينتمي إليه... وقد نبهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه النقطة الخطيرة بقوله: {{ المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل }} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وفي مجموع الدروس المستفادة من النداءات الثلاث، كما استخلصتها بمجهودي المقصر، سأدونها لحضراتكم، والباب مفتوح لكل مجتهد ليستخلص من نداءات ربه قدر ما يستطيع، ويعمل على نشرها.
النداء الأول:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)البقرة.
1. تلبية نداء الرحمن بالسمع والطاعة.
2. الإنتماء والإنضمام لفريق المؤمنين. يفرح بفرحهم ويألم بآلامهم، فيصبح كل المجتمع الإسلامي كالجسد الواحد، وهذا في حد ذاته سبب نكستنا وتدهورنا وتخلفنا عن الأمم الكافرة.
3. تعلم أدب الكلام، فيرقي من آمن بالله إلى أعلى مستوى اخلاقي وذلك بأن يتقي الله فيما يقول.
4. أن يتعلم المؤمن لغة عدوه وأساليبه الملتوية في اللعب بأفكار المسلمين، عن طريق الكلمات الرنانة والتى تحمل بريقا لامعا، وهي في الحقيقة تدعو إلى الفساد وإلى تدمير المجتمع، مثل ذلك ما قدموه لنا تحت اسم الثقافة الجنسية. هذه الثقافة الجنسية قد وضعها الله سبحانه وتعالى في فطرة شقت طريقها بنجاح منذ خلق آدم عليه السلام وحتى الآن... وإلا فمن علم الحيوان ثقافته الجنسية؟ وهل نسينا أو تاه عنا قول الله عز وجل { اتقوا الله ويعلمكم الله ؟}.
5. أن هذا الخطاب موجه للمؤمني ليعلمهم كيف يحطاطون في مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن كلمة راعنا عند اليهود تعني شيئا من الرعونة، أو هي كلمة نابية غير لائقة، فلما سمعها اليهود من المسلمين يخاطبون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، استعملوها هم ليسخروا من رسول الله، سخر الله منهم وأحط من قدرهم، وشتت شملهم.
6. معنى أن يجيئ هذا النداء في عصرنا هذا وفي العصور المقبلة وحتى قيام الساعة، هذا معناه أنه أمر من الله سبحانه وتعالى أن ننظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه يعيش بيننا، ويكفينا دليلا على ذلك أمر الله لجميع المسلمين والمسلمات بأن يتخذوا رسول الله أسوة حسنة، وبأن يتبعوا ما أمرهم به وينتهوا عن ما نهاهم عنه.{ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7).الحشر.
7. أن نستمع لكلام الله سبحانه وتعالى سمع الواعي المنفذ لأمر الله في عموم حياته وخاصتها، وفي هذا يوضح لنا مولانا ذلك في قوله:{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) الأنفال}.
ساحة النقاش