أجبرت هبة عندما كان عمرها 11 عاما، على الزواج من قريبها. وفي اليوم التالي تمّ نقلها من بغداد إلى الحدود مع سوريا وبيعت لتجّار الجنس. وفي دمشق، أجبرت على الرقص في النوادي الليلية والمنازل الخاصة. وبعد أربع سنوات من ذلك، ألقت السلطات السورية القبض عليها بتهمة البغاء وكانت حاملا آنذاك.
وعندما وجدتها المفوضية السامية للأمم المتحدة، كانت هبة على وشك أن ترحل إلى العراق. فتولت المفوضية ترتيبات توطينها في كندا حيث وضعت مولدا ذكرا أسمته زمان. وقالت عن اختيارها لهذا الاسم: لقد اسميه كذلك نسبة إلى الزمان الذي لم أنعم به..
هذا لسان حال 27 مليون إنسان، 80% منهم من النساء والأطفال يعيشون في ظلّ العبودية الحديثة أو ما يعرف بتجارة البشر، إذ أصبحت تجارة البشر أكبر تجارة لا شرعية في العالم، حيث تقدّر منظمة العمل الدولية قي آخر تقرير لها أرباح استغلال النساء والأطفال جنسيا بـ28 مليار دولار سنويا، كما تقدر أرباح العمالة الإجبارية بـ32 مليار دولار سنويا، وتؤكد المنظمة أن 98% من ضحايا الاستغلال التجاري الإجباري للجنس هم من النساء والأطفال. ويتعرض حوالي 3 ملايين إنسان في العالم للاتجار بهم، بينهم 1.2 مليون طفل. ويتمّ الاتّجار بطفلين على الأقل في الدقيقة للاستغلال الجنسي أو العبودية. كما يتنقل ما يتراوح بين 45 ألف - 50 ألف من الضحايا إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنويا.
إن الاتجار بالبشر ليس جديدا ولكنه مشكلة تتصاعد بشكل سريع، إذ شهد المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة ازديادا في وتيرة حدوثها. وفي هذا الإطار يشير السيد بينوار لاتشي، رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات ومنع جريمة الاتجار بالبشر، إلى أن "هذه الجريمة هي أسرع أشكال الجريمة المنظمة نموا، وإن الاتجار بالبشر هو من أكثر الأسواق عالمية على الأرض، وأنه ليس هناك دولة في العالم بمنأى عنها في الغالب". فانهيار الكتلة الشيوعية وتنامي بؤر الصراعات المسلحة، سواء الداخلية أو الدولية، ووجود العديد من مناطق العالم التي تعاني من الاضطرابات الداخلية، وعدم الاستقرار، هذا كله شكل عاملا مساعدا على نمو الظاهرة، كما شكل موردا متجددا من الضحايا تنهل منه عصابات الجريمة المنظمة من أجل تحقيق مبالغ طائلة من وراء استغلال هؤلاء الضحايا، سواء عن طريق تجنيدهم أو نقلهم قسرا أو اختطافهم أو الاحتيال عليهم بغرض استغلالهم في نشاطات غير مشروعة، كأشكال الاستغلال الجنسي أو الرق أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو نزع الأعضاء.
إن الاتجار بالبشر عملية معقدة ومتعددة الوجوه ترتبط بكثير من العوامل المختلفة ذات الصلة بالتركيبة الاقتصادية والاجتماعية السائدة، كما ترتبط وبشكل جوهري بالتغيرات العالمية التي تطال ليس فقط الأوضاع الاقتصادية بل أيضا تماسك الأسر وطبيعة العلاقات المعقدة التي تربط أفرادها.
ساحة النقاش