كان الإعلام في عهد مبارك موجهاً بحيث لا يظهر فيه خلاف أخبار وصور وتحركات الأسرة الحاكمة والمقربين من النظام ... دون اعتبار للشعب ومشاكله ومعاناته الدائمة.
ظهر مؤخراً على مواقع بعض المؤسسات التعليمية على الإنترنت حملة تهدف إلى بروزة شخصيات نرجسية بعينها في مناطق متفرقة من مواقعها بدرجة تجعلك في ارتياب من خروج تلك الشخصيات ، إذا استعملت أي شيء في منزلك كالصنبور والدش ..... وخلافه ، أصدر بعض المسؤولين صفحات على "الفيسبوك" ، وبصرف النظر لما لها من إيجابيات أو سلبيات فهي تمثل محاولة للانتشار لم تكن موجودة قبل 25 يناير 2011 لتلميع أو إظهار شخصية بعينها أو حتى التقليل من شخصية على حساب أخرى ، يتم هذا بشكل بعيد عن الواقعية وعن الغرض الأساسي من إنشاء تلك المواقع في تلك المؤسسات والتي يجب أن تفيد جميع الأطراف المعنية بها (أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والعاملين وطلاب مرحلتي البكالوريوس أو الليسانس و الدراسات العليا إضافة للمستفيدين الخارجيين إضافة للإعلام عن خدمات المؤسسة "تعليمية ، بحثية ، خدمية").
استغلال الإعلام في أغراض شخصية دون النظر لمصلحة المؤسسة: يرى البعض أن هذا النوع من الإعلام امتداد إلى فكرة الإعلام البديل بعد الثورة فقبل قيام الثورة لم يكن مسموحاً بهذا الأسلوب إلا لشخصيات لها درجة قرب من السلطة ، مما دفع إلى استخدام سلاح المدونات الإلكترونية بشكل قوي في محاولة للظهور الإعلامي بشكل كبير والضغط على المرؤوسين وإيهامهم بكبر حجم المسؤول أمام مرؤوسيه.
بعد ثورة 25 يناير استمر هذا النوع من الإعلام بل وازداد شراسة نظراً لما فعله الإنترنت من انتشار وتوضيح للحقائق .... فذهب البعض وخاصة الانتهازيين للثأر من هذه الفكرة بالإعلام البديل .... ذهب البعض إلى تكوين مجموعات على الإنترنت ، وتم استخدامه على نطاق أوسع في الحشد والتوثيق عن طريق الصور والإعلانات والمدونات الشخصية أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي " الفيسبوك " و "تويتر" أو توثيق الأحداث الخاصة عن طريق الربط بين التصوير والموقع الشهير "اليوتيوب" أو حتى إنشاء مواقع إلكترونية كاملة للتغطية الإعلامية والسياسية .... هذا ما حدث بالفعل مع عدد من أعضاء هيئة التدريس والشباب في إنشاء مواقع بديلة محاولة منهم لنقد أداء المواقع الرسمية للمؤسسات في التغطية الإعلامية والمهنية .... خاصة محاولة إيضاح وجهة النظر الأخرى ، التي يتم التغاضي عنها باستمرار.
نتيجة اشاعة استخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة ظهر جيل جديد غير تقليدي يتعامل مع الأحداث بطريقة منطقية عقلانية مما أدى إلى وجود نقلة نوعية في المفاهيم لدي كثير من أطياف المجتمع المؤسسي حيث أظهرت مجموعة من الإحصائيات والتقارير إلى زيادة مستخدمي "الفيسبوك" ... تلك المواقع انتشرت بدرجة أقلقت تلك الشخصيات مما دفعها إلى إطلاق إشاعات بأن من يقومون بهذا العمل هم أعداء للنجاح ... وأن من يتابعون تلك المواقع قليلون حاقدون ... مع أننا أذا نظرنا إحصائياً لأعداد الزائرين لتلك المواقع سنجد أنها ليست بالقليلة ، وإلا إذا كانت المحتويات بالضآلة المزعومة والرداءة المزعومة .... لما زارها هذا العدد الضخم ... فإذا كان المستمع عاقل إذن المتكلم ... ،،،،، كان عدد مستخدمي الانترنت قبل 25 يناير 21 مليون شخص ووصل إلى 23 مليوناً بعد الثورة بزيادة ما يعادل 2 مليون مستخدم جديد. كما تزايدت فترات استخدام شبكة الإنترنت حيث أصبح المستخدم في مصر يقضى ما يقرب من 1800 دقيقة شهرياً على الشبكة بعد أحداث الثورة مقارنة مع 900 دقيقة قبلها. رصدت التقارير اختلاف سلوك المستخدم المصري على الإنترنت بعد الثورة ، فقد كان قبل قيامها يتم استخدام الإنترنت في "الترفيه" أما بعد أحداث الثورة أصبح المستخدمون "أكثر وعياً" بالبحث عن الأخبار والمعلومات ذات المصداقية والتركيز على إيجاد مصادر للمتابعة الجادة.
لا شك أن هذا النوع من الإعلام أحدث طفرة نوعية وفكرية واستطاع أن يجذب الأنظار إليه بفضل تغطية الأحداث والحصول على لقطات حصرية للأحداث الساخنة والمباشرة .... بمجرد وجود صفحة على "الفيسبوك" وعدد من المقاطع على "اليوتيوب" يستطيع عدد قليل أو حتى فرد واحد فقط بتوصيل رسالته والظهور والتأثير في بعض الأحيان ،،، قد يكون لهذا الأسلوب سلبيات منها على سبيل المثال .... المعلومات المنقولة قد تكون غير موثقة ، أو قد تكون التفاصيل غير كاملة لبعض الأحداث ، أو يكون هناك فبركة إلكترونية عن طريق استخدام البرامج الخاصة بتغيير الصوت أو الصورة. لذلك يري البعض أن فكرة الإعلام البديل أسلوب ناجح في التعبير والتوثيق .... بشرط أن يتم استخدامه بحيادية وأمانة إذا كان إعلامياً .... أو يكون بالشكل السلمي في حالة النقد أو النصح .... ويمكن استخدامه في عدد من المجالات لتطوير الوعى وإيجاد بديل في حالة الفساد .... ليس فقط في الشؤون السياسية أو الإعلامية ، بل من الممكن استخدام هذا الأسلوب في المجال الاجتماعي والثقافي والعلمي والبحثي أو حتى الرياضي .... أيضاً على الجانب الدعوى عن طريق التركيز على الأشياء النافعة والقضاء على الأفكار السلبية ومحاولة وجود حلول لها. فالأمة وحالها لا يخفى على عاقل أو مهتم ، كما أنها أحوج ما تكون إلى سلوك سبيل تطويع وسائل التكنولوجيا الحديثة والدعوة إلى الإصلاح.
وعلى من يتبع هذا السلوك ألا ينفصل عن التقدم الحادث في وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة ، فعليه أن يستفيد من هذه التقنيات لأن التقوقع دون الاستفادة من تلك الوسائل ينفق الكثير من الوقت والجهد الذي يمكن توفيره ..... المفكر مطالب أن يطور ذاته وأن يطور من وسائله ، إن لم تزد شيئاً على الدنيا .... كنت أنت زائداً عليها.