سلسلة: ( كن معتدلا )
(الفئة العمرية الثانية، من6: 9 سنوات)
**الخـــــدعـة!!! **
بعد ظهر أحد الأيام، كانت سلوى عائدة من مدرستها، وعند باب الحديقة، وقفت مذهولة، فهناك في ركن الحديقة رأت منظرًا مفزعًا...
أفاقت سلوى من دهشتها على صوت صراخ أختها الصغيرة سارة.
كانت سارة معلقة بين أفرع شجرة كبيرة، وقد تدلى رأسها إلى أسفل، وتشابكت أرجلها بين أفرع الشجرة. انطلقت سلوى تجري نحوها مسرعة، في نفس اللحظة التي خرجت فيها الجدة فضيلة مسرعة نحوهما.
حاولت سارة أن تنزل سارة، لكنها كانت عالية جدا. تقدمت الجدة فضيلة وحاول أيضا، لكنها لم تستطع. كانت أرجل سارة متداخلة تماما بين أفرع الشجرة، وتعالت صرخاتها وتصاعدت، فزاد فزع سلوى والجدة فضيلة.
جرت سلوى، وعادت تحمل سلما خشبيا صغيرا، وساعدتها الجدة فضيلة في تثبيت السلم تحت الشجرة؛ لتساعدا سارة على النزول.
فجأة انتبهت سلوى والجدة فضيلة إلى أن صرخات سارة قد توقفت تماما، فرفعا بصرهما نحوها..
كانت سارة تجلس معتدلة على أحد أفرع الشجرة، وهي تضحك ضحكات عالية، وتمسك بفرع أعلى، ثم تقفز بسرعة في الهواء إلى الأرض، وتنطلق تجري وهي تقول: كنت أمزح معكما.
وظلت سارة والجدة فضيلة واقفتان تمسكان بالسلم الخشبي، وقد أصابتهما دهشة ممزوجة بغضب.
ثم انتبهتا على صوت فرقعة كبيرة تأتي من ذلك الاتجاه الذي جرت نحوه سارة، مع صرخة تبعها صوت سارة تستغيث: النجدة،، أغيثوني.
أسرعت سلوى تجري نحو سارة..
وما إن رأتها سارة قادمة حتى شد حبلا كانت تمسك طرفه في يدها، فاشتد الحبل وارتفع عن الأرض، فاصطدمت به قدم سلوى، ووقعت على الأرض.
تركت سارة الحبل من يدها، وانطلقت تجري بعيدا وهو تضحك ضحكات عالية.
جلست سلوى على الأرض، وحاولت أن تتخلص من الحبل الملتف حول قدميها، حتى أزاحته جانبا، وهي تتوعد سارة بالعقاب على ما فعلت بها، ثم قامت وهي تقول بلهجة غاضبة: آهٍ من مزاحك يا سارة.. لقد زاد عن حده. وأصبحت مؤذية.
كانت الجدة فضيلة قد وصلت إلى حيث وقفت سلوى، فسألها في لهفة: ماذا حدث لأختك؟؟ ماذا حدث؟
فأجابت سلوى: بل قولي ماذا حدث لي أنا يا جدتي.. كان من الممكن أن تنكسر ساقي أو يصيبني أذى.
قالت الجدة: هذه البنت .. ألن تكف عن مزاحها المزعج هذا..
سلوى: لقد تجاوزت في مزاحها، حتى أصبحت تفزعنا وتروعنا.
قالت الجدة: وترويع المسلم غير جائز، فمن حقنا أن نمزح، ولكن لا نؤذي غيرنا، فقد نهانا النبي r عن إفزاع الآخرين وتخويفهم حين قالr: " لا يحل لمسلم أن يروع مسلما" [ أبو داوود].
نظرت سارة إلى حيث جرت سارة ، وقالت بلهجة متوعدة: إذًا.. لابد أن أعلمها كيف تكف عن هذا.
قالت الجدة: كيف يا سلوى؟؟
قالت سلوى: سترون جميعا.
وفي مساء ذلك اليوم،
هناك في الطابق العلوي،
فتحت سارة باب غرفتها، فتسمرت في مكانها، وفتح عينيها، في دهشة وذهول محدقا فيما أمامها.
كان يقف أمامه وحش ذو رأس كبير، وقرون طويلة، وفم كبير مفتوح، يخرج من خزانة ملابسها، ويتجه نحوها مباشرة، يخرج من فمه صوتا عجيبا مفزعا.
أفاقت سارة من ذهولها، فأطلقت صرخة كبيرة، واستدارت تجري مسرعة نحو الدرج، وهبطت إلى أسفل بسرعة كبيرة، وهي تلتفت خلفها، وقلبها يدق ويدق ويدق.
والطابق الأسفل، كان الأم والجدة فضيلة يجلسان ، شاهدا سارة وهي تهبط مندفعة نحوهما، وهي تصرخ: الوحش.. الوحش.. إنه يتبعني.
قالت الجدة: أهي مزحة جديدة.. أم لعبة من ألعابك المخيفة؟
قال سارة وهي يلهث من شدة الخوف: بل.. بل حقيقة يا جدتي ..
ثم أكملت بصوت يرتعد: إنه وحش حقيقي.
قالت الأم: كفي عن هذا المزاح السخيف.. كفاك ما فعلته بأختك اليوم.
التفتت سارة نحو الدرج وهي يشير إلى أعلى وتقول: أقسم لكما أنه الوحـ...
قطعت سارة كلامها، وهي تحدق ، صارخة: الوحش.. الوحش إنه قادم ليأكلني.
ثم ألقي بنفسه بين ذراعي جدتها ، وهي تبكي بشدة وفزع: أرجوك يا جدتي.. صدقيني انا لا أكذب.
جدتي أرجوك أبعدي عني هذا الوحش المخيف.
في تلك اللحظة كانت سلوى تهبط الدرج وتمسك في يدها قناعا ، وترتدى ملابس كأنها جسم وحش كبير..
وما إن رتها الجدة حتى فهم ما الأمر.
فقالت : قومي يا سارة لا تخافي إنه عادل.
توقف سارة عن البكاء، ورفعت رأسها بسرعة، إلى سلوى ثم انطلقت تركلها بقدميها الصغيرتين، وتقول غاضبة: لقد أفزعتني، وأخفتني وكاد الخوف يقتلني.
قالت سلوى ضاحكا: أعرفت الآن كيف أنك تفزع غيرك بمزاحك ؟؟
قالت الأم مستنكرة: أنت يا سلوى تفعلين ذلك؟؟ أنت تفزعين سارة الصغيرة؟
قالت سلوى: أردت أن ألقنه درسا عمليا.
توقفت سارة عن ركل سلوى، وهي تقول: معك حق يا سلوى، لقد عرفت.. ولن أفزع أحدا بعد ذلك أبدا.. لقد أصابني خوف شديد.. بل رعب..
قالت الأم: المهم أن تكون قد وعيت الدرس جيدا، وتعلمت أنه لا يجوز ترويع المسلم ولا إفزاعه وإخافته، لا جادًا ولا مازحا، فهذا لا يجوز.
ضحكت الجدة فضيلة وقالت: ولتعرف أيضا.. أنك "كما تدين تدان".
قالت سارة: عرفت يا جدي.. لا مزاح إلا فيما يباح..
******
تمــت
تأليف د . هيام عباس الحومي