محمد شهاب- المزارع السمكية Mohamed Shihab -Aquacultures

يعرض الموقع الأحدث من ومقالات و صور و مواقع تخص الاستزراع السمكى

تاريخ ظهور الأسماك على كوكب الأرض و تطورها

محمد شهاب

       منذ نحو 5000 مليون سنة مضت وهى عند نشأة كوكب الأرض، فإن الماء كان يغطى سطح الكرة الأرضية، وكان من المألوف حدوث زلازل وبراكين عنيفة فى ذاك الوقت، ولقد حدث يبخير لهذا الماء المغطى للقشرة الأرضية، مع غيره من الغازات وتركم لها فى الغلاف الجوى الأولى فى ذلك الوقت وكونوا طبقة سمكها عشرات الكيلومترات غطت السماء، ثم حدث تكاثف للمطر، ولكن نظرا للأرتفاع الكبير فى درجة حرارة القشرة الأرضية فى ذلك الوقت، كان يحدث تبخر سريع للأمطار، وفى مرحلة تالية من عمر كوكب الأرض حدث أنخفاض فى درجة الحرارة بها، مما سبب قلة تبخر الماء، وهطول مستمر للمطر لمئات السنين، وقد كان هذا أكبر تساقط  يتم على الإطلاق، وعندما توقف او قل تساقط المطر فإن مايزيد على على 75% من الكرة الأرضية كان قد غطى بالماء.

ولقد ظهرت أولى شواهد الحياة على الأرض فى المحيطات، حيث لعب الماء دورا حيويا فى ذلك، فتكونت نباتات وحيدة الخلية نتيجة لوجود شحن كهربى ناتج من الصواعق، وفى وجود غاز النتروجين ودرجة الحرارة المرتفعة نسبيا  ، فنتجت أحماض أمينية ، ومنها تكونت صورة أولية من البروتينات، والتى كونت فيما بعد نبات أولى وحيد الخلية (بروتوزوا) ثم نشأت البكتيريا والطحالب الأولية والفطريات،  ثم النباتات المائية ثم اللافقاريات، كان أول ظهور للفقاريات فيما بعد بما يقرب من سبعمائة مليون سنه وأكثر تقريبا،  وذكر فرانكو دى كارلى فى كتابه عالم السمك (The World of Fish): ومن المحتمل أنها قد أنسلخت من مخلوقات تشبه فى شكلها الديدان من نوع شوكية الجلد Echinoderms، ثم تكون نخاع شوكى  Neural خيطى، ثم تلا ذلك تطور آخر بتكون أنسجة محيطة بهذا النخاع، وكانت هذه المنطقة المقدمة لظهور الفقاريات، والتى عرفت بأسم Notochord، والحيوانات التى منها واحدة تسمى الحبليات Chordates، وهذه شملت الأسماك والطيور والزواحف والبرمائيات والثدييات. كان أول هذه الحبليات نوع سمى  Ainiktozoon، وهى حيوانات ذات راس مندمج فى الجسم، وهذه كانت من الفقاريات الأوليه، ومن المحتمل أن تكون هى الجد الأول Ancester للأسماك المدرعة التى ظهرت فى العصر الأوردوفيشى، وهى التى أنشق عنها ليس فقط أسماك اليوم، ولكن أيضا الفقاريات الآخرى (البرمائيات) Amphibians،  وبتطورها أعطت الزواحف  Reptilesوالطيور Birds والثدييات Mamals.

لا يعرف بدقة متى انتقلت اللافقاريات إلى فقاريات، لأن هذا الانتقال تم منذ عهد سحيق، يتجاوز أربعمائة و خمسين مليون سنة، أي في الالعصر السلّوري الأدنى، والمعروف أن الأسماك هي الفقاريات الأولى التي ظهرت على سطح الأرض، وكانت جميعها في أول الأمر تنتمي لمجموعة الأسماك المدرعة. وحتى العصر السلّوري الأعلى، كانت أنواع الأسماك لا تزيد في الطول على عشرة سنتيمترات، ثم بدأت تظهر بعد ذلك أنواع من الأسماك المدرعة أرقى و أكبر حجماً، وقد أمكن العثور على بقايا الهياكل العظمية الخارجية من هذه الأسماك، و قلّما عُثر على هياكلها الداخلية، و يمكن اعتبار الأسماك مستديرة الفم المعاصرة من أحفاد تلك الأسماك المدرعة القديمة.

و لا يمكن على وجه الدقة تحديد أصل الأسماك المدرعة، بيد أن هناك احتمالاً يشير إلى فصيلتين يمكن أن تكون إحداهما أصل هذه الأسماك، وهما الجرابتوليتا وهي من صف الهِيدرَوَانيات التي تنتمي إلى شعبة الجوفمعويات مثل الهيدرا والمران وغيرهما، و الفصيلة الثانية هي التريلوبيتا " أو ثلاثية الفصوص، و هي حيوانات قشرية تنتمي إلى شعبة المفصليات. و مما يرجح هذا الاحتمال أن كلاً من الجرابوليتا والتريلوبيتا و صلتا إلى أقصى مراحل تطورهما في العصر السلّوري. قد تكون فصائل أخرى تفرعت عن هاتين الفصيلتين، إلا أنه من الأرجح أن المفصليات كانت هي الأصل في نشأة الأسماك، فلكيّ يعيش كائن حي في الماء على شكل سمكة، ينبغي أن تتوافر فيه بعض الشروط لكي يتلاءم مع هذه البيئة المائية، حتى يضمن سرعة الحركة في الوسط المائي الثقيل، و طبيعة الجوفمعويات لا تؤيد احتمال وجود هذه الشروط، لكن ثبت أن المفصليات منذ العصر الكامبري في أول الحقب القديمة كانت تتحرك و تزحف على قاع البحر، فمن المحتمل لذلك أنها عاشت على أكثر من صورة، كما يفعل بعض أنواع سرطان البحر حتى الآن في المحيط الهندي.

ولكي يعيش الكائن الحي بطريقة سليمة، يجب أن يزود جسمه بما يساعده على الإحساس بالوسط المحيط به. وقد نتج عن هذه الحاجة نمو أعضاء الحس، و هي أجسام عضوية يمكن أن تتأثر بالجاذبية و الطاقة الضوئية و الحرارية و غير ذلك. حلقة الانتقال الاولى بين الفقاريات واللافقاريات لابد أنها كانت كائناً يشبه إلى حد كبير حيوان السهم، و لم يكن لهذا الكائن هيكل داخلي، لكنه كان مزوداً تحت النخاع الشوكي بجهاز عصبي مركزي، عبارة عن خيط من الخلايا المرنة يسمى الحبل العصبي، و من هذا الكائن البدائي الذي يشبه السهم نشأت الأسماك الغضروفية الأولى ، التي تطورت فيما بعد إلى الأسماك العظمية، و تكونت فقرات حول الحبل العصبي لحمايته من الأخطار التي تنتج عن الحركة السريعة، التي كانت تقتضيها حياة هذه الأسماك في الماء، ثم تضخم الجزء الأمامي من حبلها العصبي ليكوّن المخ. و نشأت الخياشيم فيما بعد متطورة من الجزء الأمامي من القناة الهضمية في السهيم البدائي، الذي كان يعمل كجهاز للتنفس يمتص الأكسجين المذاب في الماء و يحوله إلى الدم .

بسبب التطور الفجائي العظيم الذي مرت به اللافقاريات خلال العصر السلوري، يرجح أن التريلوبيتا أو ثلاثية الفصوص اضطرت إلى أن توسع مجال حياتها، وأن تزيد من سرعة حركتها، حتى يتسنى لها ضمان البقاء في صراعها مع غيرها من الكائنات البحرية، و يبدو أن بعضها نجح في التلاؤم مع الظروف الجديدة. وتتطلب سرعة الحركة في الماء شكلاً خاصاً للجسم، يحقق أقل قدر من المقاومة، وتتطلب أيضاً جهازاً يساعد على الاندفاع في الماء ، فكان شكل السمكة نتيجة حتمية لظروف البيئة التي عاشت فيها الأسماك الأولى. وهكذا تطورت اللافقاريات إلى هيئة الأسماك المعروفة برؤوسها المدببة التي تتصل بالجسم اتصالاً مباشراً دون عنق. كما بدأ الجزء الخلفي يتدرج في الانحدار عند الوسط، حتى يصل إلى نهاية مدببة عند الذنب، وتطلب الأمر وجود قائمة على نهاية الجسم تساعد سرعة الحركة، فكان لابد أن تتشابه الزعنفة الذيلية، كما دعمت الزوائد الزعنفية الصدرية بأشعة قوية قصيرة تساعد السمكة على السباحة السريعة.

و خلال العصر الديفوني - أي منذ حوالي ثلاثمائة و خمسين مليون عام- حدثت في القشرة الأرضية تغيرات هائلة ، نتج عنها أن تطورت الكائنات الحية التي كانت موجودة حينذاك ؛ حتى تتلاءم مع ظروف الحياة الجديدة ، و حين تعاقبت على الكرة الأرضية فترات من المطر الشديد، و فترات من الجفاف و الحرارة ، كان على الأسماك أن تتطور حتى تتلاءم مع الظروف المحيطة بها ، فكان أن تطورت إلى أسماك رئوية تستطيع أن تبني لنفسها في الطين جحراً تعيش فيه، وبها ثقب يدخل منه الهواء الجوي، و كانت تبقى في جحورها حتى تجتاز الجفاف، ثم تعاود حياتها في الماء عند هطول الأمطار . و كانت هذه الأسماك الرئوية تنتمي إلى صف الأسماك المصلبة الأجنحة وفيها نشأت البرمائيات، كالضفدع والسلمندر.

وقد كانت هناك عدة أنواع من ذوات الخياشيم الكيسية، منها صفّان عاشتا خلال العصرين السلّوري و الديفوني، هما الأناسبيدا و كانت تعيش على القاع، و لها درع عظمي صلب يغطي جزءها الأمامي عند الرأس. وهناك صفات مميزة في تركيب الجسم تدعو إلى الاعتقاد بأن سمك الجلكي والسمك المخاطي - وهما من الأسماك عديمة الفكوك- هما السلالة المباشرة الباقية لهذه الكائنات البائدة التي بدأ حجمها صغيراً لا يتجاوز بضعة سنتيمترات ، ثم ازدهرت في العصرين الديفوني و العصر الكربوني الأدنى ، حيث عثر على حفريات من الأسماك المدرعة الرؤوس يبلغ طولها أكثر من ستة أمتار ، يرجح أنها أسلاف سمك القرش الذي وجدت له حفريات منوعة مبعثرة في العصرين السلّوري الأعلى و الديفوني الأدنى، مما يدل على أن أسماك القرش جاءت بعد الأسماك ذات الخياشيم الكيسية.

من المعتقد أن الأسماك العظمية ، كانت امتداداً لتطور أحد فروع سمك القرش في أوائل العصر السلّوري، و وصلت إلى أوج نموها خلال العصر الكربوني، و بقيت حتى نهاية العصر الجوراسي و مازالت هناك فصائل قليلة تنتمي إلى هذه الحفشيات الأولية تعيش حتى وقتنا هذا. إلا أن الرتب التي تكون معظم الأسماك العظمية الباقية للآن لم تظهر في الحقب المتوسطة ، و كان تطورها سريعاً و يتمثل معظمها في العصر الإيوسيني و في بداية الحقب الحديث . و تعرف العصور الثلاثة المتأخرة في الحقب القديم بعصر الأسماك ، و هي العصر السيلوري و الديفوني و الكربوني ، و لكن الأسماك الحقيقية أو العظمية لم تبلغ أوج حياتها إلا في العصر الكربوني و لم تظهر أنواع يمكن مقارنتها بالأسماك الموجودة الآن إلا في عصر الزواحف الذي جاء بعد ذلك، كما لم تظهر الفصائل السائدة للآن إلا في عصر الزواحف الذي جاء بعد ذلك، كما لم تظهر الفصائل السائدة للآن إلا في عصر الثدييات و هو أحدث هذه العصور الجيولوجية.

هناك من أنواع الأسماك العظمية الآن ما يفوق في العدد أي شعبة من شعب الحيوانات الفقارية الأخرى، و تتعدد فيها الأشكال والأحجام والألوان كما يختلف بعضها عن بعض في كثير من الأحيان اختلافاً كبيراً في تركيبها الداخلي، و تعيش في جميع البيئات المائية.

والأسماك التى تعيش الأن فى البحار والمحيطات الآن تختلف فى مظهرها عن الأسماك الأولى نظرا لأختلاف الظروف البيئيه ، فالمحيطات كانت دافئة وغير عميقة ، وكانت مأهولة بالقشريات والبروتوزوا والعديد من أشكال الحيوانات والنباتات الهائمة Zooplankton and Phytoplankton

المصدر: من كتاب (أسماك فرعونية) - تأليف محمد شهاب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2122 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

2,308,826