إضاءة مدن فرنسية ببكتيريا وفطريات وطحالب والأسماك.بحرية المضيئة
إعداد/ محمد شهاب
في غرفة جانبية هادئة في مركز لتلقي لقاح «كورونا» في رامبوييه، وهي مدينة فرنسية صغيرة تقع جنوب غربي باريس، ينبعث ضوء أزرق ناعم من عدد من الأنابيب الأسطوانية. وقد تمت دعوة أفراد الجمهور الذين تلقوا اللقاح العام الماضي للتعرض لهذا الوهج لبضع دقائق قبل مغادرة المركز. وقريباً، سيستخدم هذا الضوء الأزرق في إضاءة طريق أندريه تومي وجاكلين تومي - باتينوستر الشهير بالمدينة، قبل أن تطبق التجربة نفسها على كل شوارع رامبوييه، وعدة مناطق بفرنسا، بما في ذلك مطار رواسي شارل ديغول بالعاصمة، وفقاً لشبكة «بي بي سي» البريطانية .ولكن على عكس مصابيح الشوارع العادية، والتي غالباً ما ينبعث منها وهج شديد وتحتاج إلى توصيلها بشبكة الكهرباء، فإن هذه الأضواء الزرقاء يتم تشغيلها بواسطة «بكتيريا بحرية» تتمتع بميزة تسمى (الإضاءة الحيوية).
هذه الظاهرة - حيث تنتج التفاعلات الكيميائية داخل جسم الكائن الحي الضوء - يمكن ملاحظتها في كائنات حية متنوعة مثل اليراعات (حشرات منيرة) وبعض الفطريات والطحالب والأسماك المضيئة. ويأتي التوهج الأزرق الذي ستستخدمه رامبوييه في شوارعها من بكتيريا بحرية تم جمعها قبالة سواحل فرنسا تسمى Aliivibrio fischeri. ونظراً لأن هذا النوع من الإضاءة يتولد من خلال العمليات الكيميائية الحيوية الداخلية التي تعد جزءاً من التمثيل الغذائي الطبيعي للكائن الحي، فإن تشغيله لا يتطلب أي طاقة تقريباً غير تلك اللازمة لإنتاج الطعام الذي تستهلكه البكتيريا. ويتم تخزين البكتيريا داخل أنابيب مملوءة بالمياه المالحة، ويُضاف مزيج من العناصر الغذائية الأساسية إليها، كما يُضخ الهواء عبر الماء لتوفير الأكسجين لهذه الكائنات الحية.
ولإغلاق الإضاءة، يتم قطع الهواء عن الأنابيب، وبالتالي إرسال البكتيريا إلى حالة لاهوائية لا تنتج إضاءة حيوية.
وتقول ساندرا راي، مؤسسة شركة «Glowee» الفرنسية الناشئة، المسؤولة عن هذا المشروع: «هدفنا هو تغيير الطريقة التي تستخدم بها المدن الضوء. نريد خلق أجواء تحترم بشكل أفضل البيئة والتنوع البيولوجي، وفرض هذه الفلسفة الجديدة للضوء كبديل حقيقي. وأشارت راي إلى أن «الإضاءة الحيوية» التي تنتجها البكتيريا يمكن أن تكون وسيلة مستدامة وموفرة للطاقة لإضاءة شوارعنا وبيوتنا. وكان مجلس مدينة رامبوييه قد وقع في عام 2019 عقداً مع شركة Glowee لتحويل المدينة إلى (مختبر إضاءة حيوية واسع النطاق)
والإضاءة الحيوية ليست جديدة. ففي عام 350 قبل الميلاد، وصف الفيلسوف اليوناني أرسطو التلألؤ الحيوي في الديدان المتوهجة واليراعات كنوع من الضوء(البارد). ويستخدم الكثير من عمال مناجم الفحم اليراعات لإضاءة المناجم حيث يمكن لأي نوع من اللهب - حتى شمعة أو فانوس - أن يؤدي إلى انفجار مميت.
ساحة النقاش