الأستاذ الدكتور حسن محمد حسن على حمزة

ذكرت فى كتابى الإعجاز البيولوجى فى القرآن الكريم أنه تم ذكر العنكبوت فى القرآن الكريم فى سورة بإسمه لنأخذ دروس وعبر كثيرة وأطرح هنا تفسيراً ألهمنى الله إياه لن تجده فى كتاب سابق فلله الفضل والمنه - فالعنكبوت من مفصليات الأرجل وهى شعبة تحوى الحشرات وعديدة الأرجل والقشريات

إختلف كثير من الباحثين فى وصف بيت العنكبوت بأنه أوهن البيوت وفسرها كل أو معظم مفسروا القرآن أنها أضعف البيوت ثم بدأ باحثون آخرون بغرض ما أن يوظفوا الحقائق العلمبية ضد معانى القرآن فمنهم من قال أن بعض انواع العنكبوت يصل غزلها والخيط الناتج فى الطول إلى عديد من الأمتار التى تغطى عرض نهر وأن قوة شد أو تحمل ضغط هذه الخيوط تفوق الفولاز وأن مرونة الخيط تسمح بشد نحلة تطير بسرعة حوالى 30 كم / ساعة  وهذه حقائق علمية استخدموها لإنكار انه ليس بأوهن البيوت وفكر البعض الآخروقال أنه يقصد ببيت العنكبوت الحالة الأسرية حيث تقتل الأنثى الذكر بعد الجماع وأن بعضها يتغذى على الصغار ليقولوا أن أوهن هنا بمعنى التفكك الأسرى وبعدوا عن السياق القرآنى فى الآيات السابقة  قال الله تعالى فى سورة العنكبوت " وعاداً وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين *وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا فى الأرض  وما كانوا سابقين * فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليهم حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم  ولكن كانوا أنفسهم يظلمون * مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لوكانوا يعلمون* صدق الله العظيم

ونبدأ فى التفسير بسم الله الرحمن الرحيم "وعاد وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم أى أنهم هلكوا ولم تبقى إلا أطلال سكناهم وارسل هود لقوم عاد وارسل صالحا لقوم ثمود فيقال أن شداد ابن عاد لما سمع من هود عن الجنة قال ابنى مثلها فشيد قصورا ومدنا عظيمه وكذلك ثمود الذين شيدوا من الصخر بيوتا

وعلاقة ذلك بالعنكبوت أن عاد وثمود وقارون وفرعون وهامان الذين إستكبروا فى الأرض وبنوا واتعبوا أنفسهم فى البناء  لا يضاهى  بناؤهم فن بناء العنكبوت ذلك الحيوان المفصلى الضعيف  لبيته والذى أيضا يأخذ منه تعباً أكثر  لو كانوا يعلمون بذلك 

وبالبحث فى المعاجم وجد  أن أوهن تأتى بمعنى أتعب أو أنهك أو أجهد أى أن بيت العنكبوت يعد من الأتعب فى بناءه من أى بيت  ومنها قوله تعالى فى سورة لقمان الآية 14 "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن " أى جهداً على جهد فعمل البيت  يأخذ من العنكبوت مجهودا وتعباً وإرهاقاً وأنه يبنى على أساس مخطط سابق كما هو الحال فى المبانى الحديثة التى نسمع عنها بالطباعة ثلاثية الأبعاد ( يحتاج العنكبوت إلى 0.08 كالورى لبناء البيت مع العلم بأن وزن العنكبوت  0.1 جم) 1975 David B. Peakall and Peter N. Witt  فبناء بيت العنكبوت بصورة رهيبة غريبة يعجز اكبر مهندسى البناء فى تصميمه  يأخذ فيها كل إحتياطات هبوب الريح وغيرها من العوامل التى تؤثر على البناء فعنكبوت الحدائق يجعل من بعض خيوطه  التى يزداد لمعانها على شكل زجزاج وعلى شكل حرف  X كوسيلة إنذار للطيورأى ممنوع من الدخول  فلا تدخل الطيور فى هذا البيت وتهدمه-- ففن بناء بيت العنكبوت أتى فى سياق الحديث عن العتاه المتجبرين حيث إتبعهم موالى وعبيد جعلوا هؤلاء المتجبرين آلهة وأولياء لهم من دون الله فهم كمثل العنكبوت التى أتعبت نفسها ( كما نقول على الفاضى) فى بناء البيت والذى يدمر ويهلك فى لحظة كما أهلك الله مدائن صالح وغيرها  ومن العجيب أن يذكر فى الآيات السابقة لذكر بيت العنكبوت  هامان وهو رئيس المعمارين والبنائين فى عصر فرعون  ومن الغريب فإن العنكبوت  يأكل بيته ويلتهمه والذى تعب فيه فلن يصبح له أثر ليبنى بيتاَ آخر ولذلك سميت سورة العنكبوت لأهمية هذا الحيوان وما نأخذ منه من عبر ودروس

المصدر: كتاب الإعجاز البيولوجى فى القرآن الكريم -تأليف الأستاذ الدكتور حسن محمد حسن أستاذ علم الحيوان كلية الزراعة -جامعة المنيا -رقم الإيداع بدار الكتب المصرية :2640 /2015

عدد زيارات الموقع

36,533