الإنسان كائن غريب. لأنه مفهوم وغير مفهوم في نفس الوقت. إنه يبدو أحياناً بسيطاً, واضحاً, منطقياً فيما يريد. وأحياناً أخرى يبدو غامضاً, معقداً عن المنطق فيما يريد. وحتى الوسائل التي يعتمد عليها الإنسان في تحقيق الأشياء التي يريدها, تتفاوت من تلك التي تتسم بالوضوح والصراحة والنزاهة إلى ذلك النوع المستمد من مفاهيم الغش والخداع والطعن من الخلف.

ولكن ما الذي يريده الإنسان؟ ما لذي يريده من نفسه لنفسه؟ وما الذي يريده من الآخرين ولهم؟ وما الذي يريده من الحياة ولها؟ وكيف يحدد الإنسان ما يريده أو ما لا يريده؟ أم أن الإنسان يريد كل الأشياء دون حدود ودون تفرقة؟ أيريد كل الأشياء وعلى حساب كل شيء دون النظر إلى الأمس أو التفكير في الغد!!

إن محاولة الإجابة على هذه الأسئلة أو حتى على أحدها قد يأخذ الباحث في رحلة طويلة وبعيدة إلى عالم غريب ذي متاهات لا تنتهي, رحلة إلى "النفس البشرية". وتتجسد أمامنا إحدى متاهاتها كتبت عليها عبارة: "دوافع الإنسان". ونسير وراء دوافع الإنسان بحثاً عن بعض الحقيقة علها تضيء جوانب من تلك التساؤلات الرهيبة. ولكن سرعان ما نجد أنفسنا في دروب أخرى مختلفة ومتشابكة في نفس الوقت. دروب تعكس احتياجات الإنسان ورغباته وطموحه وآماله وأحلامه وأمانيه. وتقف برهة لتتساءل: هل يمكن اعتبار احتياجات الإنسان هي المصدر الأول والمنبع الأساسي لدوافعه؟ إن العلاقة تبدو أحياناً بديهية لا تحتاج إلى كثير من الإثبات وخاصة إذا تخيلنا الدافع الإنساني في صورة المحرك للطاقة الإنسانية الباعث على تجميعها وحثها على التصرف والعمل والحركة.

ونعود إلى دروب الاحتياجات الإنسانية لنجد أحدها يتصدر القائمة ويسمى "بالغرائز البشرية". ولكن احتياجات الإنسان لا تقتصر على غرائزه. وبالتالي لا يمكن اعتباره الغريزة البشرية ومنها الاحتياج إلى الطعام والجنس والمأوى والملبس هي المصدر الوحيد لدوافعه. و إلا لما كان هناك فارق بين الإنسان وبين الحيوان. إن الإنسان يخلق ومعه استعدادات واسعة المدى للارتقاء بغرائزه وتهذيبها, ولتنمية واكتساب احتياجات جديدة.

وهذه الاحتياجات تنمو وتزدهر عندما تجد التربة الصالحة, وعندما تتوفر لها العناصر الضرورية للنمو والازدهار. ويبدو لي أنه كلما ارتقى الإنسان باحتياجاته عن مدار غرائزه كلما نضج فكريا ونفسياً, وتتعدد جوانب الإنسان وتتسع عندما يكتشف نفسه, ويكتشف قدرات الخير الهائلة التي تكمن بداخله. هنا يشهد الإنسان مولد دوافع جديدة. دوافع تحلق به بعيداً عن ساحات التقاتل من أجل إشباع غرائز الإنسان المادية. إنها دوافع الانطلاق والعطاء والإبداع, دوافع التعبير عن النفس.

وعندما تصبح هذه الدوافع هي القوى المحركة للإنسان في تصرفاته وسلوكه وأفكاره, يصبح من المستحيل عليه أن يتخلى عن آفاقه البعيدة التي يكون قد توصل إليها ليعود إلى ساحة التقاتل على لقمة العيش. لأنه يكون قد توصل إلى المعرفة المثبتة عن تجربة بأن رغيف الخبز وإن كان ضرورياً للحياة إلا أنه ليس كل شيء.

يقول أرسطو ( الإنسان يحمل ذاته تحت لسانه)!!!!

hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 21 فبراير 2013 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,653,679