الهيموفيليــــــــا ( مرض الناعور ) :
تخثر الدم
ما هو تخثر الدم؟
تخثر الدم هو ردة فعل الجسم على إصابة الأوعية الدموية والنزيف، وهو يشمل جهداً متناسقاً بين الصفيحات وعدد كبير من بروتينات التخثُّر في الدم (أو العوامل) من ضمن ذلك " العامل النسيجي" الذي يؤدي إلى حدوث تجلط الدم.
العامل النسيجي هو عبارة عن بروتين يتعرّض للدم عندما يتعرض وعاء دموي ما إلى إصابة ( تسبب النزيف). وتبدأ عملية تخثر الدم عندما يتّحد العامل النسيجي مع نوع معيّن من بروتين التخثّر يسمى العامل السابع المفعل(FVIIa) . وبالتالي يشكّل الاتحاد بين العامل النسيجي والعامل السابع المفعل هو الخطوة الأولى في عملية تؤدي في الواقع إلى تشكل خثرة دموية قوية ومستقرة من شأنها أن توقف وتمنع أي نزيف آخر.
و بشكل عام، تتم السيطرة على النزيف بسرعة كبيرة من دون الحاجة إلى تدخل طبي عند الأشخاص الأصحاء. وفي حالات الرض الشديد أو العملية الجراحية، على الأطباء مساعدة المرضى على تحقيق تخثر دموي كافي – بهدف تقليص خسارة الدم والإصابات المتعلقة بها.
غير أنّ بعض الأشخاص يولدون وهم مصابون باضطراب نزفي خلقي يؤدي إلى تدهور قدرتهم على تكوين خثرة دموية، وتكون أغلب هذه الاضطرابات النزفية وراثية أو شائعة في العائلة، مثال على ذلك الهيموفيليا (الناعور).
كما أنّ بعض الأشخاص الذين لم يعانوا قط من مشاكل نزفية يمكن أن يصابوا بحالة تسبّب لهم النزيف تٌعرف بـ "الهيموفيليا المكتسبة". وفي هذا النوع من الاضطرابات، تتطلب أصغر الجروح والكدمات تدخلا ً طبياً.و تشكل الهيموفيليا و الأمراض المشابهة لها عبئاً طبياً و اقتصادياً ثقيلاً على كاهل المرضى و المجتمع بشكل عام.
ما هو مرض الهيموفيليا؟
الهيموفيليا أو مرض الناعور هو عبارة عن اضراب نزفي خلقي يصيب الذكورونادراً جداً النساء. ويصيب الهيموفيليا نوع "أ" و"ب" حوالى ٢٠٠٠٠٠ إلى ٣٠٠٠٠٠ ألفشخص في العالم.
يعاني المرضى المصابون بالهيموفيليا نوع "أ" من نقص جزئي أو تام أو خلل في إنتاج بروتين التخثّر في الدم أو العامل FVIII، أما المصابون بالهيموفيليا نوع "ب" فيعانون من نفس المشكلة مع العامل (FIX). وتكون درجة الهيموفيليا "شديدة" عندما تقل فعالية عامل التخثّر المصاب (FVIII أو FIX) عن ١% من المعدل الطبيعي. في حين أنّ الهيموفيليا "الخفيفة" تكون عندما يكون معدل فعالية عامل التخثّر المتأثر أكبر من ٢٥% لكن أقل من المعدل الطبيعي. أما الهيموفيليا "المعتدلة" فتكون عندما تتراوح فعالية عامل التخثّر بين ١-٥ % من المعدل الطبيعي. ويعاني حوالى ٥٠ % من المرضى من الهيموفيليا الشديدة الذين يحتاجون للمعالجة من النزيف مرات عديدة في الشهر.
وتظهر أعراض الهيموفيليا الشديدة عادةً في السنة الأولى من حياة الشخص المصاب – وغالباً بمجرد أن يبدأ الطفل بالحركة. ويحدث النزف عادة ًفي المفاصل (لاسيما في مفاصل التي تتحمل الوزن كالركبة والكاحل) وقد يؤدي المرض إذا لم تتم معالجته إلى آلام مبرحة وتلف دائم وإعاقة. (وثمة نزيف خفيف أو معتدل أو مهدّد بحدوث إعاقة قد يصيب العضلات أو الأنسجة الداخلية أو القناة الهضمية أو حتى الدماغ). كما أنّ أي رض أو عملية جراحية بسيطة أو كبرى أو خلع الأسنان عند المصابين بالهيموفيليا قد يتطلب تدخلاً طبياً لمنع أو معالجة النزيف الذي قد ينشأ.
ما الذي يسبب مرض الهيموفيليا ؟
إن مرض الهيموفيليا هو مرض وراثي وهذا يعني أن هناك جينات لا تعمل بشكل طبيعي هي التي تسبب هذا المرض. ومثل أي مشكلة صحية وراثية أخرى فإن الهيموفيليا يمكن أن تنتقل من جيل إلى آخر، وفي كل الحالات تكون الجينات تقريبا هي المسؤولة عن انتقال مرض الهيموفيليا من الأم إلى الأبناء أثناء فترة الحمل .
ومع ذلك، فإن من بين كل 10 حالات هناك 3 حالات ولادة لطفل مصاب بالهيموفيليا في عائلات ليس لديها تاريخ إصابة بهذا المرض ، وهناك 3 أسباب لحدوث ذلك :
1- ربما يكون مرض الهيموفيليا موجود في العائلة لعدة أجيال ، ونظرا لعدم ظهور علامات زيادة في نزيف الدم لدى الذكور فلا أحد يعرف أن مرض الهيموفيليا موجود. وربما يوجد في العائلة فتيات يحملن مرض الهيموفيليا ولكن إذا لم يكن من بين تلك الفتيات أي واحدة قد أنجبت أولادا ، أو ليس هناك أي واحد من الأبناء كان مصاباً بالمرض فلن يعرف أي أحد بأن مرض الهيموفيليا ينتقل بين هذه الأجيال حتى يولد طفل ذكر مصاب بهذا المرض.
2- قد تكون أمهات الأولاد قد حدثت لديهن طفرة جينية عند حدوث الحمل ، فالأم هي الشخص الأول الذي يحمل المرض في العائلة وربما يحملن بناتها المرض أيضا وربما يصاب أبناءها بهذا المرض.
3- ربما تكون الطفرة الجينيه التي تسبب الهيموفيليا قد وقعت عند حدوث الحمل بأحد الأولاد. وفي هذه الحالة فإن الطفرة قد حدثت في بويضة الأم وانتقلت إليه، وبالتالي فإن الأم في هذه الحالة ليست حاملة للمرض. لمزيد لمعلومات عن الوراثة انظر فصل "كيف يصاب الأطفال بمرض الهيموفيليا".
ما هي الأسماء الأخرى للهيموفيليا- أ و الهيموفيليا- ب ؟
هيموفيليا- أ لها اسمان آخران هما :
• هيموفيليا تقليديه أوكلاسيكية لأنها هي الأكثر انتشارا من بين هيموفييليا نقص العوامل
• هيموفيليا نقص عامل 8 لأنها تحدث بسبب نقص بروتين عامل 8 في الدم الذي يسبب مشكلة في التخثر .
الهيموفيليا- ب أيضا لها اسمان هما :
• مرض كريستماس : سمي كذلك لان ستيفن كريستماس وهو كندي كان أول مريض تم تشخيص إصابته بهذا المرض بشكل مؤكد سنة 1952م
• هيموفيليا نقص عامل9، لأنها تحدث بسبب نقص عامل 9 في الدم والذي بفقدانه تصبح عملية التخثر الطبيعية بطيئة.
ما هو مدى انتشار مرض الهيموفيليا ؟
أن النوعين من هذا المرض (الهيموفيليا- أ والهيموفيلبيا- ب) كلاهما نادر الحدوث ولله الحمد فمرض هيميوفيليا- أ يصاب به شخص واحد من بين 10000 شخص ،
أما الهيموفيليا- ب فهو أقل شيوعا، حيث يصاب تقريباً شخص واحد من بين 35000 شخص.
من الذي يصاب بمرض الهيموفيليا ؟
إن مرض الهيموفيليا يصيب الناس من كل الجنسيات والألوان والأصول العرقية حول العالم.
ومعظم أشكال الهيموفيليا الشديدة تصيب الذكور فقط ، أما إصابة الإناث بالنوع الشديد من المرض فإنها تحدث فقط إذا كان الأب مصاباً بهذا المرض والأم حاملة له وهذا شيء نادر الحدوث. ومع ذلك ، فإن العديد من النساء الحاملات لهذا المرض تظهر عليهن أعراض طفيفة لمرض الهيموفيليا ، ونحن الآن نعرف تماماً أن حاملات المرض يمكن أن يصبن بمشاكل النزيف وهذا يمكن أن يؤثر على نوعية حياتهن.
وبما أن الهيموفيليا مرض وراثي فالأطفال يصابون به منذ لحظة الولادة، وفي الحقيقة فإن مرض الهيموفيليا يتم تشخيصه في السنة الأولى من الحياة، إنها مشكلة تستمر مدى الحياة، وحتى الآن لا توجد طريقة لتصحيح العيب الوراثي.
ما مدى خطورة مرض الهيموفيليا ؟
يمكن تقسيم هيموفيليا- أ وهيموفيليا- ب إلى 3 أنواع من ناحية الخطورة حسب الجدول التالي :-
نسبه الحالات المصابة ( 40% من حالات الهيموفيليا ) مستوى عامل 8 أو 9 في الدم * ( أقل من 1% ) تصنيف الحالات ( شديدة )
نسبه الحالات المصابة ( 20% - 25% من حالات الهيموفيليا ) مستوى عامل 8 أو 9 في الدم * ( 1- 5% من النسبة الطبيعية) تصنيف الحالات ( متوسطة)
نسبه الحالات المصابة ( 35% - 40% من حالات الهيموفيليا ) مستوى عامل 8 أو 9 في الدم * ( 5- 30% من النسبة الطبيعية ) تصنيف الحالات ( بسيطة )
*نشاط عامل التخثر لدى الشخص الطبيعي يعتبر 100% ويتراوح ما بين 50% -150%
المرضى المصابون بالهيموفيليا الشديدة يكون لديهم مستوى عامل 8 أو عامل 9 أقل من 1% من المستوى الطبيعي في الدم ، وبدون علاج وقائي يمكن أن يصابوا بالنزف عدة مرات في الشهر، وليس هناك سبب واضح للنزيف ، وهذا يدعى النزيف التلقائي.
والمصابون بالهيموفيليا متوسطة الدرجة عادة ينزفون بدرجة أقل في معظم وهذا النزف يتكرر بسبب الإصابة برضة غير خطيرة مثل جروح الرياضة ، ومع ذلك فبعض المصابين بالهيموفيليا متوسطة الدرجة خصوصا أولئك الذين لديهم مستوى عامل 9 أو عامل 8 حوالي 2% أو أقل يمكن أن يتكرر عندهم نزف الدم العفوي وبنفس الطريقة التي تحدث عند الأشخاص المصابين بمرض الهيموفيليا الشديدة.
أما الأشخاص المصابين بالهيموفيليا البسيطة فإنهم يصابون أيضا بالنزيف ولكن بدرجة أقل بكثير، وربما يدركون وجود مشكلة النزيف فقط في حالة إجراء جراحة أو خلع سن أو إصابة خطيرة. والخطر بالنسبة للمرضى المصابين بالهيموفيليا البسيطة يتمثل في أنهم يصابون بحالات نزيف قليلة جدا وبالتالي فهم عادة لا يعرفون ماذا يفعلون عندما يحدث النزيف ، والنساء الحاملات لهذا المرض ربما ينزفن أكثر خلال الدورة الشهرية ، ولهذه الأسباب فالأشخاص المصابون بالهيموفيليا البسيطة هم أيضا بحاجة لمتابعة حالتهم في مركز علاج الهيموفيليا. لمزيد من المعلومات أنظر الهيموفيليا البسيطة والمتوسطة
هل هناك علاج فعال لمرض الهيموفيليا ؟
نعم ، ولله الحمد ، يوجد علاج فعال، والأدويه الحالية لهيموفيليا- أ و هيموفيليا- ب فعالة جدا ، وأساس العلاج لهذا المرض هو استخدام عامل التخثر المركز حيث يتضمن هذا العلاج إدخال عامل التخثر المفقود إلى الدم عند الأطفال المصابين بهذا المرض، وهي طريقة آمنة وفعالة لإيقاف النزيف ، وحتى هذا العلاج يمكن أن يستعمل كطريقة وقائية لمنع النزيف من الحدوث كليا.
وفي هذه الأيام فإن الأطفال الذين يولدون مصابين بهذا المرض يمكن أن تنتظرهم حياة صحية ونشطة كغيرهم من الاطفال .
المضاعفات يمكن أن تحدث فعلا، ومن أخطرها ظهور المثبطات فبعض المصابين بالهيموفيليا لا يستجيب جهازهم المناعي بشكل فعال لعامل التخثر المركز الذي يتم تزويدهم به لوقف أو منع النزيف نتيجه لتكون المثبطات ، فالعامل المركز يتعرف عليه الجسم كمادة غريبة عليه ولأن دفاعات الجسم لا تميزه فإن أجهزة المناعة في الجسم تقاوم هذا الجسم الغريب بتكوين أجسام مضادة وهي مواد طبيعية تسبح في الدم ، والأجسام المضادة التي تكونت في الجسم تبطل مفعول العامل المركز المحقون في الوريد ومن ثم تمنعه من القيام بعمله أي وقف النزيف، وهذه الأجسام المضادة تسمى المثبطات ، ولحسن الحظ هناك علاجات فعالة للأطفال الذين تتكون لديهم المثبطات.
كيف يتخثر الدم في الوضع الطبيعي؟
ينتقل الدم في أنحاء الجسم داخل شبكة من الأوعية الدموية، وعندما تجرح الأنسجة يحدث ضرر في الأوعية الدموية يسبب تسرب الدم من خلال ثقوب في جدران تلك الأوعية ، وقد تنفتح أو تجرح الأوعية القريبة من سطح الجلد كما في حالة جروح الجلد أو قد تجرح في أماكن عميقة داخل الجسم ما ينتج عنه كدمة أو نزيف داخلي ، لمزيد من المعلومات وللتعرف على أنواع النزيف المختلفة أنظر التعامل مع حالات نزف الدم .
أن الجلطة أو التخثر هي عملية معقدة تجعل من الممكن إيقاف نزف الأوعية الدموية المجروحة وحالما تجرح جدران الأوعية الدموية تعمل البروتينات معا لتكوين جلطة تشكل سدادة للجرح وهناك عدة خطوات تساهم في تكوين هذه السدادة في مكان الإصابة.
والمتأمل في الخطوات والمراحل التاليه التي يتخذها الجسم في التعامل مع النزيف خير دليل على أعجاز الخالق سبحانه وتعالى
المرحلة الاولى : تتقلص الأوعية الدموية لتبطئ تدفق الدم للمنطقة المجروحة. وهذا يدعى انقباض الأوعية .
المرحلة الثانيه : الصفائح الدموية ، وهي عبارة عن قطع صغيرة جدا من الخلايا تكون أول من يصل إلى مكان الإصابة حيث تلعب الصفائح دورا هاما في عملية وقف النزيف عن طريق تجمعها معا وبذلك يبدأ إصلاح وعلاج الأوعية الدموية المجروحة. وهذا يدعى التصاق الصفائح.
المرحلة الثالثه : تبعث هذه الصفائح إشارات كيميائية تدعوا فيها الصفائح الدموية الأخرى وعوامل التخثر لمساعدتها مثل عامل ويلبراند، وهذه الصفائح المنتشرة تطلق المواد التي تنشط الصفائح المجاورة الأخرى والتي تتجمع معا في مكان الجرح وتشكل سدادة من الصفائح، وهذه العملية تسمى تجمع اوتكدس الصفائح .
المرحلة الرابعه : يشكل سطح هذه الصفائح المنشطة مكانا ملائما لحدوث الجلطة حيث تتحد مع عوامل التخثر الموجوده في تيار الدم لتكوين سلسلة تسمى الفيبرين حيث تنتظم حزم الفيبرين معا لنسج شبكة حول الصفائح الدموية وهذا يمنع الصفائح الدموية من الانزلاق والعودة في تيار الدم. وهذه البروتينات اوالعوامل 1، 2، 5، 7،8، 9، 10،11، 13 تعمل مثل قطع الدومينو في التفاعل المسلسل وهذه العملية تسمى حاجز التخثر.
ما هي مشكلة التخثر في حالة الإصابة بمرض الهيموفيليا ؟
عندما يُفقَد أحد البروتينات (على سبيل المثال عامل 8 ) فإن سلسلة التفاعل تنقطع ولا يحدث التخثر، أو يحدث بصورة أبطأ بكثير من الوضع الطبيعي. والصفائح الدموية في مكان الجرح لا تتشابك في مكان الإصابة لتكوين جلطة دموية دائمة ، وتكون الجلطة طرية حيث تسهل إزاحتها من مكانها ، وبدون علاج يمكن أن يستمر النزيف لعدة أيام وأحيانا عدة أسابيع ويتكرر عادة حدوث النزيف.
الثلاسيميــــــــا //
الانيميــــا المنجليـــــة //
انيميــــــــا الفـــــول //
الهيموفيليــــــــــــا //
ساحة النقاش