الزواج ليس مجرد أقدس رابطة بين شخصين فحسب وإنما هو ظاهرة اجتماعية تنشأ على أثرها مجموعة من العلاقات يشترك فيها المجموع العائلي ( عائلة الزوج وعائلة الزوجة ) والأقارب والأحساب والأنساب ذو الصلة بالطرفين ، والأبناء الذين يمثلون ثمرة هذه العلاقة وتتحقق بهم قرة العين التي هي الغاية الأسمى للزواج وصدق الله في كتابه الكريم : ( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ) وكذا حفظ السلالة واستمرارية الخلافة في الأرض .
فإن وجود هذا المجموع العائلي – الأقارب والأنساب – الذين لهم علاقة مباشرة بشريكي الحياة الزوجية من متغيرات تؤثر سلبا أو تأتي سببا لهدم بيت الزوجية وانهيار العلاقة بين الزوجين .
وغالبا ما يحدث هذا بسبب عدم التكيف الزوجي والانسجام الروحي أو لخلل ما في إحدى الأسرتين كوفاة أحد الوالدين فإن الرابطة الزوجية تكون متينة بمحيطها الاجتماعي وقوة أواصر المودة بين المجموع العائلي الذي هو بمثابة عمق استراتيجي للحياة الزوجية يمتص الهزات ، ويتقلب على العقبات وتنصهر فيه الخلافات وتثبت به دعائم العلاقات خاصة في مجتمعاتنا الإسلامية التي تدعو للتكافل الاجتماعي فقوة الترابط الأسري بين العائلتين ، يكون هو الضمان الأمثل والتضامن الأكمل للحياة الزوجية إذا ما اعتراها أي خلل .
والأسرة الحديثة لا بد لها من مقومات لحفظ بقائها أهمها مراعاة التوافق بين الجوانب المادية والنفسية والاجتماعية حتى يمكن أن تكون أسرة واحدة قائمة على المشاركة الفعلية بين الزوجين ..
وبعيدا عن المفاهيم الخاطئة التي توحي بتغلب الرجل على المرأة إذ من الواجب أن يتقاسم الزوجان الحياة الزوجية بشتى صنوفها وحتى لا يحدث أي إجحاف بحق كل منهما يجب أن يقوم هذا التقاسم على الاحترام المتبادل وسيادة مبدأ التضحية بينهما .
وحتى يجسد للأبناء قيم هذه التضحية المبنية على التآزر والتعاون لأن الطفل لن تكون له أسرة بمعنى الكلمة إلا إذا كان له أبوان متعاونان ، ولا يكفي أن يكون الوالد أبا عاقلا أو حارسا أمنيا ، أوأن تكون الأم والدة محبة أو مربية ممتازة ، وإنما يجب أن يكون الوالدان متحدين متعاونين وبذلك تكون أسرة مترابطة قوية البنيان يعيش الطفل فيها سعيدا ويشعر بالأمان ..
ولا بد من أن يكون الجو الذي ينشأ فيه الطفل جوا عاطفيا دافئا بالحب لأن جو الخصام والمشاحنة قلما يلائم الصحة النفسية للطفل وليست الأسرة المتكاملة هي التي تضمن لأبنائها أسباب الرعاية الاقتصادية والاجتماعية والصحية فحسب ، بل هي تلك التي تهيئ لهم الجو النفسي الملائم أيضا .
وقد لاحظ بعض علماء النفس أن الرعاية التي يتلقاها الطفل من جانب والديه ومن جانب أمه على وجه الخصوص هي العامل الرئيسي في تكوين شخصية الطفل وصحته النفسية والعقلية وليس في استطاعة أية مؤسسة اجتماعية أو أية هيئة تربوية أن تنهض بهذا العبء الهام الذي يقع على عاتق الوالدين خصوصا في السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل ..
وهنا يجب أن يكون الآباء على قدر المسؤولية وأن يحبوا أبناءهم على قدر الإمكان وبطريقة موضوعية لا نرجسية بمنحهم أكبر قدر ممكن من الحرية واحترام شخصياتهم وأن يدركوا أنهم يربون أبنائهم حتى يصيروا يوما شخصيات مستقلة قادرة على الاعتماد على نفسها ..
ولا يغيب عنهم أن الشخصية المستقلة للطفل الآن هي الشخصية المستقلة لرجل الغد ..
والأسرة التي تعلم أبناءها معنى الحق والتمسك بالشرع الحنيف هي التي تساهم في خلق جيل محب لأسرته ومجتمعه ، فالأسرة إذن هي بمثابة موطن يتعلم فيه الطفل قواعد السلوك التي سيطبقها لاحقا في علاقاته مع الآخرين في المجتمع ..
فإذا كانت هذه العلاقات مبنية على التنافس والنزاعات والمشاحنات المستمرة بين الأخوة فإن صداها سيكون له نتائج سلبية على حياته مستقبلا أما إذا كانت العلاقات مبنية على المحبة والتعاون والإلفة والتضحية المتبادلة فإنها ستؤدي بالتأكيد إلى نجاحه في الحياة وفيما يعود بالنفع على الأسرة والمجتمع كله ..
ولا يغيب عن الأذهان أنه يجب أن يوحد الأسرة مثل أعلى يمر باتحاد المشاعر بين الأبناء ولا يكون تعاونهم مبنيا على المنفعة المادية أو المصلحة الخاصة فقط بل يجب أن يجمع بينهم هدف مشترك قائم على المحبة والتفاني الصادق لأن صلاح الأسرة يعني صلاح المجتمع ..
وللزواج مكانة مقدسة عند المجتمعات بشكل عام والمجتمع العربي والإسلامي بشكل خاص ..
وللزواج أهداف متعددة غير الجنس والإنجاب منها :
1/ إقامة العلاقات العاطفية المتبادلة وتحقيق السكن والمودة .
2/ الرعاية المتبادلة للزوجين من خلال تنظيم الحياة المهنية أو العمل .
3/ تنظيم الأنشطة الترفيهية المناسبة لوقت الفراغ .
4/ إيجاد العلاقة المناسبة لتحقيق الدعم والتشجيع والتأييد .
5/ الصلة الجنسية .
6/ إنجاب الأولاد .
7/ تكوين الأسرة .
8/ إتاحة المجال المناسب لتجاوز رحل مشكلات وتحديات حياة الإنسان التي عاشها قبل زواجه .
9/ تحقيق الاستقلال الذاتي ضمن علاقة زوجية عاطفية .
10/ تنمية القدرة المتجددة على حسن التكيف مع المتغيرات الحياتية.
11/ إتاحة الفرصة لمتابعة التعلم واكتساب الخبرة في الحياة .
ويتوقف نجاح الزوجين في تحقيق هذه الأهداف عل عوامل متعددة نذكر منها :
1/ ثقافة المجتمع والأعراف والتقاليد .
2/ عمل الزوجين وطبيعة خلفيتهما التعليمية والثقافية .
3/ خبرتهما السابقة عن العلاقة الزوجية بين الجنسين .
4/ علاقتهما الخاصة بأبويهما .
5/ طبيعة قيمهما في الحياة ونظرتهما إلى هذه القيم والمبادئ .
6/ شخصيتهما وطبيعة تطورها ونموها .
7/ قدرتهما على إقامة العلاقات الإجتماعية والحفاظ عليها .
8/ عمرهما عند الزواج ومدة زواجهما .
9/ معرفتهما للفروق بينهما وقدرتهما على تحمل هذه الفروق .
10/ قدرتهما على التكيف وتعلم مهارات جديدة.
11/ أفكارهما عن الزواج وتوقعاتهما منه .
12/ طبيعة التحديات والمشكلات التي تعترض حياتهما الزوجية .
13/ طبيعة شبكة العلاقات الاجتماعية المحيطة بهما .
نشرت فى 10 ديسمبر 2012
بواسطة hany2012
هـانى
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,768,123
ساحة النقاش