اعتدنا كآباء وأمهات لسنين طويلة على وجود أطفالنا حولنا، نقدم لهم الرعاية والحب، ونحميهم من كل ما يمكن أن يتسبب في إيذائهم، اعتدنا ضجيجهم من حولنا، وطلباتهم، وأصوات ضحكاتهم، وزيارات أصدقائهم، وحل مشاكلهم الصغيرة والكبيرة.
وتمر الأيام ويكبر الأطفال، ويصبحون شبابا وصبايا يتهيئون لصنع مستقبلهم، والاستقلال بحياتهم، فلا نألوا جهدا في سبيل حصولهم على قبولات في جامعات راقية، ونفرح ونرقص عندما يتزوجون ويبدؤن بتكوين أسرهم الصغيرة، ونسعد بحصولهم على فرص عمل جيدة في دول أخرى.
ورغم كل السعادة والفخر الذي نشعر به وهم يكبرون متميزين يصنعون غدهم بكل ما غرسناه فيهم وعلمناهم من الأخلاق الحميدة والجد والمثابرة، إلا أن تجربة مغادرة الأبناء تكون مؤلمة جدا. فمن الصعب أن يضحي المنزل فجأة بلا أطفالك الذين كانوا دوما بحاجة لرعايتك ومحبتك. وستفتقد كونك جزءا من حياتهم اليومية، فضلا عن رفقتهم المستمرة. كما يمكن أن تقلق بشكل كبير على سلامتهم، وما إذا كانوا قادرين على رعاية أنفسهم بأنفسهم.
وتبرز هذه المشاعر المؤلمة ساعة انطلاقهم إلى غاياتهم، ويكون خروج الابن الأخير أكثرها إيلاما، ويمكن أن يكون الألم أكبر بسبب انتقال ابنك في وقت سابق لما كنت تتوقعه، وسيكون لديك وقتاً عصيباً للتأقلم مع حقيقة العش الخالي من الأبناء.
وقد تصيب متلازمة العش الخالي كلا الوالدين، لكنها أكثر شيوعاً بين الأمهات، خاصة الأمهات اللواتي يلازمن البيت ولا يزاولن عملا. بالإضافة إلى أن مغادرة الأبناء للمنزل تتزامن مع سن اليأس عند المرأة.
ومتلازمة العش الخالي ليست حالة مرضية؛ بل هي ظاهرة عامة يعاني فيها الآباء والأمهات الحزن والكآبة عند مغادرة الابن الأصغر للمنزل.
ما هو تأثير متلازمة العش الفارغ؟
تشير البحوث إلى أن الآباء والأمهات الذين يتعاملون مع متلازمة العش الفارغ يعانون شعوراً عميقاً بالخسارة قد يجعلهم عرضة للاكتئاب، والإدمان على بعض أنواع المهدئات أو الحبوب المنومة بسبب صعوبة النوم، وكذلك نشوب الصراعات الزوجية.
كيف يمكنني التعامل مع متلازمة العش الخالي؟
*التركيز على ما يمكنك القيام به لمساعدة الابن على النجاح عندما يغادر المنزل، فمن المهم بدء التخطيط والحديث معه عن المستقبل. وتحضيره للمرحلة الانتقالية، أعطه بعض الخبرات الحياتية الضرورية التي تتطلبها المرحلة القادمة، فهذا يفيده في الاعتماد على نفسه، ويجعلك تطمئن إلى قدرته في الاعتماد على الذات.
* البقاء على اتصال، ويمكنك استمرار التواصل مع الأبناء حتى لو كنت تعيش بعيدا، حافظ على اتصالات منتظمة من خلال الزيارات والمكالمات الهاتفية ورسائل البريد الالكتروني.
* انظر إلى الناحية الايجابية، فهذا هو الوقت المناسب للزوجين لاستعادة علاقتهما الدافئة التي غالبا ما تكون قد خبت نتيجة الانشغال الدائم بتربية الأبناء، ويمكن الاستفادة من هذا الوضع باستعادة الصداقات القديمة وممارسة بعض النشاطات الرياضية والاجتماعية.
* لا بد أنك كنت خلال سنوات حياتك ترغب بعمل أشياء كثيرة، لكن انشغالك بتربية الأطفال منعك من ذلك، قد يكون ذلك الكتابة، أو القراءة، أو تعلم العزف على آلة موسيقية، أو ممارسة الرياضة، أو حتى العودة للدراسة، فليس هناك وقت متأخر للتعلم.
*تجنب القيام بتغييرات كبيرة في حياتك، وامنح نفسك الوقت الكافي للتأقلم مع الوضع الجيد.
* تقبل الدعم والمساندة والنصائح من الأصدقاء أو الأقارب الذين مروا بتلك التجربة.
وفي النهاية؛ هي رسالة أوجهها إلى الأبناء، لا تدع انشغالك بأمور حياتك الجديدة تمنعك من التواصل مع والديك، احرص دائما على خلق فرصة للتواصل معهما والاطمئنان عليهما سواء بالزيارات أو الاتصال الهاتفي أو البريد الالكتروني، فهذا يعني لهما أكثر مما تعتقد. "وقل ربِ ارحمهما كما ربياني صغيرا".
هـانى
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,767,470
ساحة النقاش