بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في أبريل (نيسان) 2003 بدأت بعض الإثنيات العرقية والأقليات الدينية العراقية، البحث عن دور لها في العملية السياسية، التي بدأت ملامحها في الاكتمال، مع التصويت على الدستور العراقي الجديد.
وتعتبر طائفة اليزيديين، إحدى تلك الطوائف، التي برزت في المشهد السياسي والإعلامي العراقي في الفترة الأخيرة، وذلك على خلفية سوء الفهم الذي نشب بين رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري، وكاميران خيري أحد ممثلي طائفة اليزيديين في البرلمان العراقي. ويعتبر ابناء الطائفة اليزيدية من ابناء الشعب الكردي الذين صوتوا بـ«نعم» على مسودة الدستور العراقي الجديد لانه يضمن حقوقهم السياسية والدينية، بحسب كاهنهم الاكبر بابا شيخ. «الشرق الاوسط» زارت معبد لالش الذي يعود الى 900 عام مضت الخاص بديانة اليزيديين اثناء عيد «الجماعية» والتقت حبرهم الاعظم الكاهن بابا شيخ، وهو من عائلة خدمت اليزيدية، الذي اجاب عن الكثير من التساؤلات التي القت الضوء على طائفة اليزيديين وموقفهم من دستور العراق الجديد. قال بابا شيخ انه راهب حتى الموت ولا يغادر المعبد الا لاسباب قهرية لحضور عزاء او زواج، ويوجد راهبان فقط يساعدانه في اداء الصلوات يوم الاربعاء.
وقال بابا شيخ ان دماء اليزيديين صافية لانهم يتزوجون من بعضهم البعض، ولا يقبلون احدا من الديانات الاخرى، ولفظ «معتنقي» الدين الجديد لا يوجد لديهم، لانهم لا يقبلون ابناء الديانات الاخرى، ومن يخرج عن ملتهم نصيبه القتل، واشار الى انه لا تحديد لعدد الزيجات، وكل من لديه القدرة المالية يتزوج باكبر عدد من النساء، اما هو شخصيا فمحرم عليه متعة الزواج او الاقتران بالنساء. ولاحظت «الشرق الاوسط» ان جميع الحراس على مداخل ومخارج معبد لالش بقضاء شيخان شمال شرقي الموصل في العراق، في منطقة الحكم الذاتي الكردية التي أقيمت عام 1991 ، هم من ابناء الطائفة اليزيدية المدججين بالسلاح . وتعود العقيدة اليزيدية بأصولها إلى القرن الثاني عشر الميلادي، مع الشيخ عدي بن مسافر الأموي الذي ولد في دمشق، وتوفي في لالش التي تبعد حوالي10 كم عن شيخان، ويعتبر قبره أهم المزارات اليزيدية.
وقال الكاهن بابا شيخ انهم يصومون ثلاثة ايام فقط وهي ايام 13 و 14 و 15 في شهر ديسمبر (كانون الاول) من كل عام، ويتوجهون في صلواتهم الى الشمس والقمر «لانهما مصدر التقوى والعطاء» بحسب بابا شيخ ، وعيدهم يبدأ يوم 6 اكتوبر (تشرين الاول) من كل عام لمدة اسبوع ويسمى عيد «الجماعية» ويذهب الآلاف من ابناء الطائفة الى معبد لالش في قضاء نينوى (الموصل) ليبيتوا هناك ويزوروا قبر الشيخ عدي. وقال بابا شيخ ان ديانتهم من اقدم الديانات، ويزعم انها ظهرت قبل اليهودية والمسيحية والاسلام ، وابرز اعيادهم عيد الجماعية الذي يستمر سبعة ايام، وعيد راس السنة اليزيدية الذي يصادف شهر نيسان، وعيد الصيف، وعيد الصوم، وعيد الروح . ويتجول اليزيديون بدون احذية داخل معبد لالش ويمنع الزوار من ارتداء احذيتهم او جواربهم او وضع اقدامهم على «عتبة الباب» لانه من المحرمات. ويمنع على ابناء طائفة اليزيديين تناول لحم الخنزير او اكل الخس او القرنبيط او محشي الكرنب بحسب معتقدات الطائفة الدينية».
واليزيدون طائفة دينية، تضم خليطًا من الأكراد والأتراك والفرس والعرب. ويتركز وجودها في منطقتين : الأول شيخان، فيما تعيش الطائفة الثانية في سِنْجار التي تقع في منطقة معزولة قرب الحدود السورية.
وحول أصل اليزيديين هناك بعض المصادر ترجع أصولهم إلى الآشوريين، أما الرأي السائد لدى المؤرخين وعلماء الأجناس فهو أن اليزيديين ينحدرون من العنصر نفسه الذي ينتمي إليه الأكراد، وأنهم كانوا من أتباع العقيدة الزرادشتية ويعبدون «الطاووس»، ونظرا لأنه لم يجر إحصاء دقيق لتعداد السكان في العراق، فإن المصادر المتاحة اختلفت حول تعداد اليزيديين فبعضها يشير إلى أن عددهم لا يتجاوز الـ 300ألف نسمة، فيما تؤكد مصادر أخرى أن عددهم يصل إلى نحو 750 ألفا في العراق إضافة إلى 1.5 مليون في شتى أنحاء العالم، فيما يذهب باحثون آخرون إلى أن اليزيديين ينتسبون إلى مدينة يزد، أو يزدان، الفارسية، ومعنى التسمية «الله» وهو الأمر الذي يؤكده اليزيديون أنفسهم الذين يقولون إنهم اشتقوا اسمهم من اسم كردي أصلي يعني «أتباع الله». كما ينسب البعض التسمية إلى مكان مقدس لديهم في شمال العراق يدعى «يزدم»، وينسبهم بعض المؤرخين إلى السومرية، وتعني كلمة «أزيدا» بالسومرية الروح الخيرة النقية.
أما عقائد وأفكار هذه الطائفة فيمكن وصفها بأنها تضم خليطا من العادات المحلية، وبعض الأساطير الأخرى المرتبطة ببداية خلق الله لآدم، وموقف إبليس الذي يسمونه بـ«طاووس ملك» من السجود لآدم. ويعتمد تقديسهم لـ «طاووس ملك» على قصة مؤداها أن الله بعدما خلق آدم دعا الملائكة للسجود له، فسجدوا إلا إبليس الذي نجح ـ حسب زعمهم ـ في الاختبار بعدم السجود لأحد إلا لله، لذا سماه الله «طاووس الملائكة».
ساحة النقاش