ثعبان المواقع الإباحية
لقد فهم الملك سليمان بعمق قوة الإغراء الجنسي بالنسبة للشاب. وكان هذا في ذهنه عندما كتب الأصحاح الخامس من سفر الأمثال: "يَا ابْنِي،أَصْغِ إِلَى حِكْمَتِي. أَمِلْ أُذُنَكَ إِلَى فَهْمِي، لأَنَّ شَفَتَيِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ (الزانية) تَقْطُرَانِ عَسَلاً، وَحَنَكُهَا أَنْعَمُ مِنَ الزَّيْتِ" (أمثال 1:5-3) هاتان الجملتان تصفان بشكل ممتاز القوة والسموم في الإغراء الجنسي. لقد فهم الملك الحكيم أنه ليتمكن الشاب من تحمّل سحر الإغراء عليه أن يكون على استعداد مسبق.
الوقت الذي تقضيه في قراءة الكلمة (الكتاب المقدس) يومياً يبني جهاز المناعة لديك لمقاومة سموم الأمور الإباحية. الكتاب المقدس هو ببساطة يمثّل فكر الرب ومنظوره. عندما ينغمس الرجل أكثر وأكثر في الكتاب المقدس سوف يتبنى تدريجياً فكر الله تجاه الحياة والناس وأيضاً الجنس. الرجل الذي يكرّس وقتاً يومياً لقراءة الكتاب المقدس يكتسب بعد نظر روحي تجاه الإغراءات وكيفية عملها.
لاحظ ما يقوله سليمان عن الخطية الجنسية. إنه يجسّدها بشكل امرأة زانية ذات شفاه كالعسل تمثّل الإشباع الموعود به. يبدو الإغراء لا يقاوَم لأنه مرتبط بالخداع، وعلى وجه التحديد أن فعل الخطية هذا سوف يجلب مقداراً هائلاً من المتعة والرضى. هذه الفكرة الجذابة تظهر ويختفي معها كل أفكار المقاومة. يبدو فعل الخطية الجنسية مُسكراً وبالتالي لا يقاوَم. الزيت يرمز إلى مهارة العدو الذي يكون ماكراً للغية متنكّراً (مموّهاً) بشكل. يمثّل الخداع والوهم الأمثل الذي يحدد توقيت كل هجوم ليسرق ويقتل ويخرّب ما هو لله.
الرجل الحكيم الذي قد حصّن قلبه بكلمة الله، يرى الشيطان وراء الإغراء المُسكر. في جنة عدن قدّم الشيطان نفسه بشكل الحيّة الماكرة. تخيّله مثل ثعبان الكوبرا المعروف عنه الغطاء الشنيع الذي يمدّه استعداداً للهجوم، إنه يبصق في عين ضحيّته قبل أن يضرب. عندما تصبح الفريسة عمياء وعاجزة يتمكن الثعبان من أن يتلوّى مبتعداً في الأدغال. ولكن هذا الثعبان السام لا يكتفي بالهرب فهو يستمتع بالقتل. يقوم بطعن الضحية بأنياب عارية حاقناً سُمّه القاتل في جسمها.
هذه صورة مناسبة لرجل وقع في شرك مشاهدة المناظر الإباحية. يبدأ الإغراء عادة عندما يلقي نظرة خاطفة على جسد عاري أو موقع جنسي. هذا سمُّ كافي ليعميه مؤقتاً عن الخطر الوشيك.
النظرة الأوليّة مثيرة وتخلق مناخاً شهوانياً جعله عاجزاً روحياً.
يهجم الثعبان الآن ليقتل فريسته. تلك النظرة الخاطفة لمنظر إباحي تطلق سمّاً ينطلق كالصاروخ في روح الرجل وينتشر فوراً في كيانه تماماً مثل ضحية لسعة الثعبان يدخل في حالة إغماء من السم: نشوة جنسية يهرب معها كل تفكير منطقي. تنطلق الرغبة الجنسية في جسده، يحمرّ وجهه من الإثارة، وتتعرّق قبضتا يديه. وصف سليمان هذا الخدر الروحي كالتالي: "أَغْوَتْهُ بِكَثْرَةِ فُنُونِهَا، بِمَلْثِ شَفَتَيْهَا طَوَّحَتْهُ. ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ، كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ، أَوْ كَالْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ الْقِصَاصِ،حَتَّى يَشُقَّ سَهْمٌ كَبِدَهُ. كَطَيْرٍ يُسْرِعُ إِلَى الْفَخِّ وَلاَ يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ."
(أمثال 7 : 21-23)
على النقيض من هذا فإن الرجل الذي "يقبل الكلمة المزروعة بتواضع" يميّز مصدر الإغراء الذي يعترض طريقه. إنه يفهم أن خلف الوهم الجميل عن اللذة هناك ثعبان ملتفّ وجاهز للهجوم.
لقد لدغه هذا الثعبان سابقاً وقد تعلّم بعد تجربة قاسية ما هو الثمن الذي يدفعه في كل مرة يتساهل فيها وينغمس في الشهوة. لديه المعرفة القلبية (وهي تختلف عن المعرفة العقلية) ليكون "عاملاً بالكلمة" ويهرب من الإغراء.
في كتاب الأمثال الأصحاح الخامس، ذهب سليمان ليتكلم عن نهاية الخطية الجنسية: "لكِنَّ عَاقِبَتَهَا مُرَّةٌ كَالأَفْسَنْتِينِ، حَادَّةٌ كَسَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ. قَدَمَاهَا تَنْحَدِرَانِ إِلَى الْمَوْتِ. خَطَوَاتُهَا تَتَمَسَّكُ بِالْهَاوِيَةِ." إنه يصف النتيجة الحتمية لكل خطية. ويكتب بعد ذلك قائلاً: "تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ." (أمثال 14 : 12)
عندما يلدغ الثعبان فإن فريسته عندئذ تصبح عرضة لحيوانات مفترسة أخرى. منذ مدة شاهدت برنامجاً على قناة ناشونال جيوجرافيك يُظهر لبوة (أنثى الأسد) قد لدغها ثعبان الكوبرا. كانت تعاني لأيام من تأثير سمّه القاتل. كانت ضعيفة لدرجة أنها تهاوت وكانت عرضة للخطر من مجموعة من الضباع الضارية وكانت عاجزة عن الدفاع عن نفسها ضد هجومهم المتوحش.
إنه أمر ينطبق على الرجل الذي يشاهد مشاهد إباحية. إذ أن سمّها بدل أن يزول بعد أن ينتهي هو من فعله الشهواني فإن هذا السم يبقى ليلوّث قلب الرجل خلال الأيام اللاحقة. يبقى السم في جسمه مغيّرا نظرته وملوّثا عقله وناشراً الظلام في روحه. إن الشهوة التي أغرته في البداية فهي الآن تشعله برغبة حارقة. بدل أن ترضي شغفه الجنسي فهي تؤدي إلى إشعاله أكثر.
إن الرجل المصاب عليه أن يتعامل ليس فقط مع ما بعد اللدغة بل هو الآن ضعيف روحياً أمام الأعداء روحياً. إنه يحاول أن يقوم بروتين حياته اليومية ولكن ذكريات فاسقة تستمر في التأثير عليه. هذه المناظر تشبه الشحاتين في بلدان العالم الثالث الذين يتكاثرون حول الشخص يطالبون بالمزيد. مهما أعطيتهم لن يكونوا راضين أبداً. في الحقيقة إن كل عطية منك تجعلهم أكثر جرأة على طلب المزيد.
لا عجب أن سليمان قد حذّر قائلاً: " َبْعِدْ طَرِيقَكَ عَنْهَا، وَلاَ تَقْرَبْ إِلَى بَابِ بَيْتِهَا، لِئَلاَّ تُعْطِيَ زَهْرَكَ لآخَرِينَ، وَسِنِينَكَ لِلْقَاسِي." ( أمثال 5 : 8-9). إن بيت الزانية تماماً مثل المواقع الجنسية ليس إلا وكراً للثعابين. من الحكمة تجنب مكان كهذا!
إن الأمل الوحيد للضحية المسمّمة في سبيل الحرية هي الإنسحاب التام. تماماً مثل مدمن المخدرات الذي عليه أن يعزل نفسه إلى أن يخلو جسمه تماما من المخدّر، فإن سمّ الإباحية يأخذ وقتاً كي تزول قوّته. إن كل دقة ساعة قد تخبئ ثعباناً سامّاً جاهزاً لكي يسحبك إلى الخطية. وبنفس الطريقة فإن كل دقيقة تمربدون هزيمة فإنها تحرر المرء خارج متناول السم. بالنسبة لإدمان الإباحية فإن الرجل الذي يبقى فترة أطول بعيداً عنها تزداد لديه فرص النجاة من مخالبها الشريرة بشكل نهائي.
تماماً كما تقوم كلمة الله في تهيئة الرجل ليواجه الإغراء فإنها أيضاً تشكل الدواء الوحيد للرجل فور أن يلدغه ثعبان الشهوة. إن الجرعات المنتظمة من الكلمة المقدسة هي تماماً ما يحتاجه الرجل ليبني نفسه روحياً وبالتالي يُبطل مفعول السم الإباحي "لأَنَّهُ أَمْرٌ عَلَى أَمْرٍ. أَمْرٌ عَلَى أَمْرٍ. فَرْضٌ عَلَى فَرْضٍ. فَرْضٌ عَلَى فَرْضٍ. هُنَا قَلِيلٌ هُنَاكَ قَلِيلٌ" (أشعياء 28 : 10) كل كلمة وآية وأصحاح يتأمل فيه يمدّه بالقوة.
يجب أن يقوم الرجال المسيحيون بكل ما هو في مقدورهم حتى يتجنبوا "بيت" الزانية. هناك أمران عمليان على الشاب أن يقوم بهما الأول هو استخدام فلتر الإنترنت على كمبيوتره وأن يتحكم بما يشاهده في التلفزيون. ومع ذلك فإن الحقيقة تبقى أننا نعيش في عالم مليء بالثعابين. في يومنا وفي عصرنا هذا فإنه من شبه المؤكد أن الشباب سيواجهون هذا الإغراء في وقت ما. إن المؤمن الحكيم يجهّز نفسه لهذا اليوم من خلال كلمة الله. إنها "سيف الروح" الوحيد الذي يمكنه أن يقطع رأس ثعبان المواقع الإباحية.
ساحة النقاش