مراهقة الرجال

إن تعبير المراهقة يطلق على الفترة التي يصاحبها اضطراب من نوع معين إما من الناحية الفسيولوجية أو النفسية والعاطفية. لذلك يطلق هذا التعبير على الشخص الذي ينتقل من مرحلة الطفولة إلى النضج، ويصاحب هذا الانتقال هذا النوع من عدم الاتزان والاضطراب إلى حد معين ولا يلبث أن يزول في وقته المعين أيضاً. ولكن ما هذا الذي نسمعه عن مراهقة الرجل في سن الخمسين؟ هل هو حقيقي أم نوع من الافتراء على الرجل الناضج في هذا السن؟

لا بد أن للموضوع هذا شيئا من الواقعية والاختبار الذي عبره العديد من الرجال حتى أصبح حقيقة واقعة ومعروفة لدى الكثيرين. فنسمع بعض السيدات المتزوجات يشتكين من أزواجهن وينعتوهم بلقب المراهق، ويذهبن في الوصف إلى حد القول: "إن زوجي قد تغير وهو يتصرف برعونة ويظن نفسه شابا صغيراً.. إنه يلبس ملابس جميلة ويهتم بنفسه وأنا أصبح الشك يراودني أنه على علاقة غرامية أو ما شابه ذلك."

نعم، عزيزي الرجل.. لربما يكون في هذا الاتهام بعض الصحة فلا تغضب أو تحتد, إن طبيعة الجنس البشري هو الدفاع عن نفسه في وجه أي خطر يواجهه، وأي خطر أشد من الشعور بأن الشيخوخة قادمة. إن الاطفال الذين ربيتهم أصبحوا رجالاً أمام عينيك. أنت تنظر في المرآة لتجد رجلا يتقدم نحو الشيخوخة لا محال وليس بيده أي سلاح سوى محاربة هذا الهجوم القادم بالتصرف بطريقة عكسية محاولاً إثبات العكس. ويظهر هذا للبعض على أنه مراهقة أو رعونة.

إذا لا تهرب من نفسك إذا واجهك هذا الشعور ولا ترتع من التقدم في العمر، فالله قد أعطى لكل عمر نوعاً من الخصوصية التي لا تخلو من الفرح والسعادة. فهذا هو عمر الإنجاز ورؤية الثمار التي تعبت في غرسها سواء على مستوى العمل أو البيت؛ وهو وقت للراحة والاستمتاع وممارسة نوع جديد من النشاطات والأعمال؛ بل وأكثر من هذا، فإنه وقت لتمضي مع زوجتك وقتاً اكثر بعد أن تناقصت المسئولية وتربية الأطفال. ولا داعي لأن نربط هذه الفترة بالمرض والشيخوخة، بل حاول أن تحافظ على لياقتك بممارسة التمارين الرياضية البسيطة فهي تساعد على لياقة وصحة وفرح أيضاً.

ويذكر الكتاب المقدس آيات مشجعة للإنسان الذي يتقدم في العمر فيقول: "أيضا يثمرون في الشيبة، يكونون دساما وخضرا" (مزمور 92: 14). واعلم أن العمر المديد هو هبة وبركة من الله الذي وضع خطة لحياتك فيها يتجدد كالنسر شبابك إذا اتكلت عليه وجعلت له مكانا في قلبك.