«الأم قمر يضيء الليل المظلم.. وهي مصدر للحياة والرعاية والعطاء دون مقابل، تزرع الدفء والطمأنينة والمودة والحب والسكينة في القلوب، وتخفف الآلام.. كلنا يعي هذه الحقائق، إلا أن دراسة علمية صدرت حديثاً أضافت حقيقة أخرى، وهي أن حنان الأم على أطفالها الصغار ينعكس عليهم حين يكبرو.
ويتجسد ذلك من خلال تمتعهم بحياة زوجية مستقرة.. فماذا لو افتقدنا هذا الحنان والحب؟ وإلى أي مدى تؤثر تعاملات الطفولة على حياتنا مستقبلا؟ وكيف يمكن تعويض الحرمان ومأساة الطفولة؟ تساؤلات عديدة نتعرف إلى أجوبتها من خلال علماء النفس والاجتماع وأساتذة التربية، فإلى التفاصيل.
«فاقد الشيء لا يعطيه».. هكذا بدأت د.زينب حسن، أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس، حديثها، موضحة أن الطفل الذي لا يتربى على الحب والحنان والرعاية والاهتمام تحت مظلة أسرة يسودها الاستقرار والهدوء، غالبا ما ينشأ وبداخله شعور جارف بالحرمان، والطبيعي أن الأم هي التي تعطي دون مقابل، فهي مصدر العطاء والحنان والحب والخير؛ لذلك فحينما يفتقد الطفل هذا الحنان قد يتحول إلى إنسان عدواني، وقد لا تظهر هذه العدوانية على سلوكياته إلا حينما يكبر.
وتضيف: على الجانب الآخر لا ينبغي الإفراط في تدليل الأبناء حتى لا يتحولوا إلى شخصيات اتكالية، ضعيفي الشخصية، فالاعتدال في كل الأمور هو الأفضل.
ذكاء الزوجة
وافقتها الرأي د.نادية جمال، أستاذ أصول التربية، مؤكدة أن أول ثلاث سنوات في عمر الطفل تعد مشتل الشخصية، تزرع فيها الأم وتحصد ثمار زرعها مستقبلا، مضيفة أن الشخص الذي يعاني من حرمان الحب والحنان ليس بالضرورة أن يكون لذلك تأثير على علاقاته بزوجته وأولاده حينما يكبر، فمن الممكن أن يعوض هذا الحرمان من زوجته التي تغدق عليه بعطفها وحنانها وتحتويه وتحتضنه بذكائها؛ لأن الرجل طفل كبير من السهل بالكلمة الطيبة التأثير عليه.. وقد تنشب بينهما مشاجرات عديدة لا تتسبب في انفصالهما بل قد تكون المخرج إلى حلول عديدة.
تعويض الحرمان
بينما أشارت د.عزيزة السيد، أستاذ علم النفس الاجتماعي، إلى أن ليس كل أم لديها القدرة على إظهار هذه المشاعر النبيلة وإعطاء الحنان الفياض، فقد يتربى الطفل على يد مربية أو زوجة أب أو زوج أم، ويكون عطاؤها لا محدوداً، لكن على الرغم من ذلك يظل بداخله عقد؛ لأنها ليست أمه، وعندما يكبر يصطدم بهذا الواقع الذي يعد بالنسبة له أليما، وقد تكون أمه ليس لديها الحنان الذي يلبي عواطفه، خصوصاً إذا جاء إلى الحياة على غير رغبتها، أو لطبيعة جافة بداخلها، وفي الحالتين النتيجة سلبية، وتؤثر في علاقاته الاجتماعية سواء مع زوجته وأولاده أو أقاربه وأصحابه.
وترى أن عملية تعويض هذا الحرمان غاية في الصعوبة، خصوصا أن كان لها تأثير عميق بداخله فستظل تلقي بظلالها على شخصيته وعلاقاته ما لم يكن ذا شخصية ناضجة لديها الرغبة في إصلاح الذات، ورفض الخضوع والاستكانة لهذه الظروف..
وهنا عليه أن يلجأ لآخرين يساعدونه على تصحيح الخلل في شخصيته، وإكسابه الصفات الإيجابية التي حرم منها، وبالطبع وجود زوجة متفهمة وناضجة وحنونة سيصب في صالحه لامتصاص انفعالات مترسبة جراء حرمانه العاطفي في فترة الطفولة.
شخصيات مضطربة
بينما ترى د.نهلة ناجي، أستاذ الطب النفسي، أن أسلوب التعامل مع الطفل في أول خمس سنوات له تأثير كبير على شخصيته وسلوكياته، فمثلا إساءة التعامل معه يؤثر عامة على مستوى ذكائه، ويجعل شخصيته تتسم بالضعف، وهذا يؤثر في كفاءته النفسية ويجعل شخصيته مضطربة ومكتئبة تعاني القلق بشكل دائم.
وتشير إلى أن علاقة الطفل بأمه يجب أن يكون قوامها الحنان والحب والأمان، وهذا أول درس في العلاقات الاجتماعية يتعلمه الطفل تلقائيا من معاملات الآخرين معه خاصة أمه، ومن هذا المنطق يتعامل في المدرسة مع أصدقائه، فيحترم زميلته ولا يحاول الإساءة إليها؛ لأن والده يحترم زوجته ولا يضربها أو يهينها.
وعلى الجانب الآخر إساءة التعامل معه قد يخلق منه شخصيتين احداهما قوية ويكون سلوكها عدوانيا مع الآخرين، والأخرى ضعيفة وتكون منطوية ومعزولة عن العالم، والفيصل الوحيد في هذا الإرادة والرغبة في التغير.
الحنان الفياض
وكان للآباء والأبناء آراء أخرى، فيقول رأفت عبدالرحمن، موظف، إن لحنان الأم على أطفالها نتائج إيجابية عديدة ولا تقتصر فقط على الحياة الزوجية للأبناء حين يكبرون، وإن كانت الأهم، حيث تؤدي به إلى أبناء مسؤولين لديهم القدرة على تكوين أسرة ناجحة، وبناء عليه وجود لغة حوار مع الأبناء، وتكوين صداقات معهم، خاصة البنات، فمثلما رأى المعاملة الحانية من والده لأخواته البنات، سينعكس ذلك بالإيجاب على علاقته ببناته وأولاده عموما.
سلاح ذو حدين
أما سناء نوح، ربة منزل، فتؤكد أن حرمان الطفل خاصة من الحب والحنان والأمان والدفء الأسرى يخلق شخصية غير سوية، ويتجلى هذا من خلال سلوكياته العدوانية، هذا إلى جانب أنه سيكون غيورا وحقودا وغيرها من السلبيات.. والذي يزيد الأمر تعقيدا أن هذه الشخصية غير قابلة للإصلاح ورافضه للحوار والمناقشة؛ لأنه طبع متأصل فيه منذ الطفولة.
وتضيف أن الحنان سينعكس تأثيره الإيجابي على الأبناء الذكور أكثر من البنات؛ لأنهن بطبيعتهن يتميزن بالحنان والرقة والحب خاصة في حياتهن الزوجية.
نشرت فى 26 ديسمبر 2011
بواسطة hany2012
هـانى
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,789,796
ساحة النقاش