قام مركز أبحاث مدينة يوليش الألمانية بالاشتراك مع شركة سيمنز العملاقة بتطوير جهاز لكشف القصور في المخ، هو الأول من نوعه في العالم لجمعه بين تقنية أشعة الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية بالانبعاث البوزيتروني.
طور علماء ألمان جهازا عالي التقنية لتصوير المخ، يعمل بشكل أدق من الأجهزة المعروفة حتى الآن. ويأمل العلماء الألمان عبر هذا الجهاز في التمكن من رصد الأمراض التي تصيب المخ مثل ألزهايمر والخرف، فالجهاز يعمل على تشخيص الحالات المرضية في بداياتها المبكرة، بحيث يتيح الفرصة لاتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة في الوقت المناسب. وأعلن مركز أبحاث مدينة يوليش بولاية شمال الراين ويستفاليا حيث يعمل العلماء، أن الجهاز يقدم أيضا صورة للهيكل النسيجي للمخ وللعمليات الكيميائية الحيوية التي تتم فيه، الأمر الذي يتيح للعلماء إمكانية رصد القصور المرضي في المخ.
تحسين فرص العلاج قد يستغرق وقتا
دقة الجهاز تمكنه من رصد تفاصيل بحجم أقل من عُشر مليمتر غير أن الباحثين في المركز أكدوا في الوقت نفسه أن تحسن فرص التشخيص من خلال هذا الجهاز الجديد لا يعني بالضرورة تحسن فرص العلاج، كما أن تطوير طرق علاجية جديدة اعتمادا على هذه التقنية المتطورة قد يستغرق سنوات عديدة.
لكن الأطباء يأملون في تحقيق تقدم فيما يتعلق على سبيل المثال برصد استجابة المخ للأدوية، أو بعلاج حالات الإدمان والصداع. ومن المقرر أن يبدأ استخدام الجهاز المستحدث بشكل رسمي اعتبارا من اليوم الأربعاء 29 أبريل/نيسان 2009. ويجمع الجهاز الذي قامت بتطويره شركة سيمنس الألمانية بين تقنية أشعة الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية بالانبعاث البوزيتروني "بي.إي.تي" P.E.T.
أمل جديد لتلافي احتمال الإصابة بألزهايمر
ويعتبر مركز أبحاث يوليش أن هذا الجمع بين التقنيتين هو الأول من نوعه على مستوى العالم. فجهاز الرنين المغناطيسي يعد بالفعل أحد أقوى أربع أجهزة للأشعة في العالم حتى الآن بقوة مجاله التي تصل إلى 9.4 تسلا (وحدة قياس المجال المغناطيسي) والذي يقدم صورا دقيقة لأنسجة المخ. ويتوقع البروفيسور يون شاه، مدير المعهد الطبي للدراسات العصبية في مدينة يوليش أن ترصد صور الجهاز تفاصيل بحجم أقل من عشر مليمتر، الأمر الذي يتيح للأطباء التعرف على التغيرات التي طرأت على أنسجة المخ في وقت مبكر للغاية.
يتم إدخال المريض في أسطوانة واسعة
ويعتمد الأطباء على تقنية الأشعة المقطعية بالانبعاث البوزيتروني "بي.إي.تي" المستخدمة في الطب النووي في معرفة التغيرات المرضية في العمليات الكيماوية الحيوية بالمخ، حيث يقوم الأطباء بحقن سكر مشع في مسار الدم، ويستطيعون من خلال ذلك معرفة ما إذا كان انتقال السكر للمخ يتم بشكل طبيعي أم لا كما هو الحال لدى مرضى ألزهايمر الذين يفرز المخ لديهم بروتينا يطلق عليه اسم أميلويد وهو بروتين لا يفرز سوى بنسبة قليلة لدى الأصحاء. ويقوم العلماء من خلال دراسة حالية بمحاولة رصد هذه المادة باستخدام نظائر مشعة لكي تظهر في صور الأشعة. ويستطيع الإنسان المريض أن يعيش 10 إلى 15 عاما دون أن تظهر عليه أعراض المرض حسبما شرح البروفيسور أندرياس باور المسئول بالمعهد والذي أشار أيضا إلى أن المخ يقوم ببعض العمليات الإضافية التي تتطلب جهدا خاصا لموازنة القصور الذي أصاب بعض وظائفه. ورغم أن الأطباء لا يستطيعون حتى الآن وقف الإصابة بالزهايمر، إلا أنهم قادرين على الأقل على تأخيرها، وذلك عن طريق العقاقير المتوفرة في الوقت الحالي.
الجهاز أنتج بالاشتراك مع شركة سيمنز الألمانية العملاقة ويمتلك هذا الجهاز الـ"هجين" مغناطيسا كبيرا يزن 60 كيلوجرام، احتاج الباحثون إلى 879 كيلوجراما من الحديد لصناعته. ويتم إدخال المرضى المطلوب عمل أشعة لهم باستخدام هذا الجهاز ببطء في أسطوانة واسعة حتى لا يسبب لهم المجال المغناطيسي القوي شعورا بالدوران. أما عن كلفته فقد أعلن مركز الأبحاث أن مساهمته في تطوير الجهاز الجديد بلغت 20 مليون يورو، بينما لم تعلن شركة سيمنس عن حجم استثماراتها في المشروع.
ساحة النقاش